وسط أزمة ثقة داخلية كبيرة.. هل تنهار حكومة نتنياهو بدلاً من الدخول البري المؤجل لغزة؟

تم النشر: 2023/10/23 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/23 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
لماذا يؤخر نتنياهو الهجوم البري على غزة؟ (تعبيرية)

لماذا يؤخر نتنياهو الهجوم البري على غزة؟ لعل هذا السؤال هو الأكثر إلحاحاً داخل إسرائيل اليوم، بعد 17 يوماً من بداية الحرب وفشل تل أبيب حتى اللحظة في تحقيق أي هدف من أهدافها في هذه المعركة، المتمثلة في "تدمير حماس بالكامل" واجتياح غزة وتهجير معظم أهلها إلى سيناء، والأهم استعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة الذين لا يعرف عددهم بالدقة، لكنهم يتجاوزون 200 أسير.

"نتنياهو جبان".. ما الذي يحدث داخل "غرفة الحرب" الإسرائيلية؟

وفقاً لشهادات المسؤولين السياسيين والعسكريين في إسرائيل، تستعر أزمة ثقة كبيرة بين رئيس الوزراء نتنياهو وقادة الجيش حيال إدارة الحرب. وتقول صحيفة يديعوت أحرونوت إن حكومة نتنياهو تواجه اليوم صعوبة في التوصل إلى قرارات متفق عليها بشأن القضايا الرئيسية مثل قضية الدخول البري وقضية الأسرى، وأن هناك خلافات بين نتنياهو وكبار المسؤولين في الجيش حول التقييمات والخطط والقرارات.

تقول صحيفة يديعوت إنه مع عدم وضوح موعد للاجتياح البري لغزة، وفي مواجهة معضلة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة وعددهم يتجاور 200 أسير، تواجه الحكومة اليوم صعوبة في التوصل إلى قرارات واضحة أو متفق عليها بشأن القضايا الرئيسية، وفق شهادات مسؤولين سياسيين وعسكريين.

غالانت نتنياهو إسرائيل الأسرى
نتنياهو وغالانت وقادة الجيش الإسرائيلي خلال الاطلاع على سير العمليات في غلاف غزة/ رويترز

مصادر "يديعوت أحرونوت" قالت إن نتنياهو غاضب من كبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي، الذين يتحملون المسؤولية عن تصوره لكل ما حدث، ويتفاعل بفارغ الصبر مع الآراء والتقديرات التي يعبر عنها الجنرالات، وليس في عجلة من أمره لتبني خططهم، وأنه هو وغالانت "يجعلان من الصعب العمل معاً".

كما قالت وسائل إعلام إسرائيلية، الأحد 22 أكتوبر/تشرين الأول، إن نتنياهو هو من يؤجّل الهجوم البري على قطاع غزة. وبحسب موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، فقد قال وزير طلب عدم الكشف عن هويته إن "نتنياهو يقمع أي فكرة، إنه ببساطة جبان"

فيما رد مكتب نتنياهو قائلاً: "هذا الادعاء كاذب، رئيس الوزراء يقود الحكومة إلى النصر، لن نتطرق إلى تفاصيل إضافية لا تؤدي إلا إلى الإضرار بأمن جنودنا".   من جانبها، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جيش الاحتلال أكد استعداداته، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي يؤخر الاجتياح البري لقطاع غزة، حسب تعبيرها.

هل تنهار حكومة نتنياهو بدلاً من الدخول البري لغزة؟ 

صحيفة يديعوت أحرونوت كشفت صباح يوم الإثنين 23 أكتوبر/تشرين الأول، عن أن ثلاثة وزراء على الأقل في حكومة نتنياهو يفكرون في الاستقالة، لإجبار نتنياهو على تحمل المسؤولية عن الفشل الذريع جراء هجوم حماس المباغت على غلاف غزة.

وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو رفض الاعتذار أو التصريح بتحمله مسؤولية ما حدث. وهو ما يؤكده تقرير لصحيفة "هآرتس"، التي قالت إن نتنياهو يسعى إلى التهرب وإعفاء نفسه من المسؤولية عن الفشل في التنبؤ بما حدث.

وقالت هآرتس إن نتنياهو يشن حملة لإلقاء اللوم على جيش الاحتلال الإسرائيلي، ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري لم تذكر اسمه قوله إن "نتنياهو يدير حملة، ويجمع الأدلة ضد الجيش، ويشرح بشكل خاص لماذا لا ينبغي تحميله المسؤولية، وهو يكرر باستمرار أنه لم يتلقّ المعلومات الاستخباراتية".

ولتوضيح ذلك، قالت الصحيفة إن نتنياهو عيّن متحدثاً باسمه للتنسيق مع المراسلين العسكريين الإسرائيليين بعد أربعة أيام فقط من بدء الحرب. وبحسب ما ورد وصفت عدة مصادر التعيين بأنه غير عادي، خاصة في زمن الحرب عندما يحافظ وزير الجيش عادة على اتصالات مستمرة مع المراسلين العسكريين.

80 % من الإسرائيليين يُحملون نتنياهو مسؤولية الفشل في غلاف غزة

يتزامن هذا مع تظاهرات إسرائيلية غاضبة مستمرة منذ أيام أمام مبنى وزارة "الدفاع" الإسرائيلية، وكذلك منزل الرئيس الإسرائيلي، بعضها لأهالي الأسرى الإسرائيليين في غزة، تطالب بإقالة نتنياهو وتحميله الفشل الأمني الذريع يوم السابع من أكتوبر، وكذلك ضرورة عقد صفقة لتبادل الأسرى مع حماس على الفور. 

وأظهرت عدة استطلاعات إسرائيلية نشرت مؤخراً مثل صحيفة يديعوت أحرونوت ومعهد "لازار" للأبحاث (خاص) لصالح صحيفة "معاريف"، أن 75-80% من الإسرائيليين يُحملون نتنياهو مسؤولية ما حدث يوم السابع من أكتوبر.

وخلال الأيام الماضية، أعلن مسؤولون إسرائيليون تحمّلهم مسؤولية "الفشل الأمني" في منع أحداث 7 أكتوبر بغلاف قطاع غزة، منهم وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، ورئيس الاستخبارات العسكرية أهارون هاليفا.

وكذلك، رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحيا هانغبي، وقائد القوات الجوية تومر بار، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وقائد قيادة الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي رافي ميلو. لكن لم يعلن نتنياهو حتى الآن تحمّله المسؤولية عن الإخفاق الكبير والفشل كذلك في إدارة المعركة الحالية.

الطقس وعدم جاهزية القوات والأسرى والخوف من المجهول.. مبررات تأجيل العملية البرية تتواصل

بعد تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الأسبوع الماضي بأن الطقس هو سبب تأجيل العملية البرية في غزة، وكذلك التقارير التي تتحدث عن عدم جهوزية جنود الاحتلال للدخول إلى القطاع، والتحذيرات الأمريكية لتل أبيب بأن هذا أكبر فخ قد تقع فيه وحدات الجيش الإسرائيلي، قالت إذاعة الجيش، الإثنين 23 أكتوبر/تشرين الأول إن تل أبيب قررت "تأخير الحرب البرية" في قطاع غزة بانتظار وصول قوات أمريكية إضافية إلى المنطقة، خوفاً مما وصفته بـ"الهجمات الإيرانية ضد قواتها في المنطقة".

وبحسب إذاعة جيش الاحتلال فقد "أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل أنها تعتزم إرسال قوات أمريكية إضافية إلى الشرق الأوسط، استعداداً للمناورة البرية؛ بسبب الخوف من تزايد الهجمات الإيرانية ضد قواتها في المنطقة". كما قالت: "بحسب التقديرات، فقد اتفقوا في إسرائيل على الانتظار وتأخير الدخول البري حتى يتم إرسال القوات الأمريكية الإضافية".

ويكشف هذا التوجه عن مستوى الضعف الذي وصلت إليه إسرائيل عسكرياً ومدى خشيتها من اجتياح القطاع، من خلال البحث عن مبررات لعدم الدخول والتأجيل المستمر، والخلافات الشديدة بين نتنياهو وقادة الجيش حول ذلك.

ومن حيث أرادت أمريكا مساعدة إسرائيل، فقد كشفت عن ضعفها وخوفها من مواجهة قطاع غزة الصغير الذي يقاتل فيه فصائل مسلحة وليس جيشاً نظامياً يمتلك طائرات ودبابات وأنظمة دفاع جوي.

في الوقت نفسه، أوضح مسؤولون إسرائيليون لإذاعة جيش الاحتلال بأن الدعم الأمريكي ليس السبب الوحيد لتأخير العملية، وهناك أسباب أخرى، مثل شحذ الجاهزية العملياتية للقوات الإسرائيلية التي يتم حشدها على تخوم قطاع غزة، وهو ما يؤكد جاهزيتها لاقتحام القطاع والإطاحة بحماس كما يعد نتنياهو الإسرائيليين بذلك.

غزة
جنود من الجيش الإسرائيلي على تخوم غزة- رويترز

الخوف من المجهول في غزة

وكشفت صحيفة هآرتس عن معاناة المئات من جنود الاحتلال من أزمات نفسية بعد الهجوم الذي تعرضت له المعسكرات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة، وأن أكثر من يطلب الدعم النفسي هم الجنود الذين تعاملوا مع الوضع في فرقة غزة، وهم يعانون من نوبات بكاء وكوابيس.

فيما يحذر الخبراء الذين يتعاملون مع الصدمات من أن العديد من الجنود غير مهيئين للعودة إلى الخدمة في غياب خطوات فعالة لتزويدهم بالدعم العاطفي. 

تقول "ر"، وهي جندية احتياط في غزة: "لقد تلقيت أكثر من 20 مكالمة في الأيام الأخيرة". وتضيف: "أخبرني أحد القادة أنه تلقى طلبات كثيرة لكنه لم يتلقّ أي مساعدة، إنهم يشعرون بالضياع". 

وأصبحت جندية احتياط أخرى، دون أي تدريب، ضابطةً تتعامل مع عائلات الضحايا. في الأسبوع الماضي، كانت تبحث عن أرقام هواتف لعلماء النفس الذين سيقدمون لها بعض الاستعدادات الأولية لدورها. إنها تشعر بالقلق من أنه بدون مرافقة طبيب نفسي ذي خبرة، قد لا تتمكن من الصمود. 

يقول خبير في الصدمات إن الجيش لا يتخذ أي خطوات فعالة لمنع الصدمات، وينتظر أن يطلب الجنود المساعدة. و"هذا خطأ كبير" على حد قوله، فـ"هناك العديد من العلامات التحذيرية؛ لقد غمرتنا الطلبات. يجب أن يكون النهج مختلفاً -الجنود بحاجة إلى المساعدة من خلال مبادرة الجيش". ويرفض الجيش الانتقادات قائلاً إنه حشد المئات من ضباط الصحة النفسية المنتشرين في وحدات مختلفة، لأجل تجهيز هؤلاء الجنود للمعركة. 

تحميل المزيد