لأول مرة منذ عقود أصبح خطر الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين مرشحاً للانتقال إلى دول الجوار، وبات اندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط مسألة غير مستبعدة، في ظل تعرض الأمن القومي للعديد من الدول العربية للخطر جراء الأزمة الحالية، بل إن هناك معارك وقعت بالفعل ولو بشكل محدود في بعض دول الجوار.
ويأتي ذلك في ظل حديث إسرائيلي صريح أحياناً وضمني أحياناً أخرى عن عزم تل أبيب احتلال غزة، ودفع أهلها إلى الرحيل قسراً إلى مصر، فيما يبدو أنها حصلت على ضوء أخضر غربي في الحرب، كما بدا أنه لفترة من الفترات هناك قبول غربي لفكرة ترحيل المدنيين إلى سيناء بدعوى حمايتهم.
الحرب انتقلت بالفعل لبعض دول الجوار
وامتدت الحرب بين إسرائيل وحماس بالفعل إلى البلدان المجاورة في شكل احتجاجات بالشوارع وحتى ضربات عبر الحدود، حسبما ورد في تقرير لموقع Axios الأمريكي.
وتخشى الدول المجاورة لإسرائيل من احتمال حدوث اضطرابات داخلية وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين مع تفاقم الصراع. وفي الوقت نفسه، تخشى إسرائيل من إمكانية فتح جبهة ثانية على الحدود مع لبنان.
وانجرّت كل دولة من الدول المجاورة إلى هذا الصراع بالفعل بطريقة أو بأخرى.
لبنان.. حزب الله يده على الزناد، ويقول إنه لن يسمح بالقضاء على المقاومة الفلسطينية
إذا فُتحت جبهة ثانية في الحرب بين إسرائيل وحماس، فستكون في الغالب على الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وتحدث مناوشات يومية على طول الحدود، حيث يطلق مقاتلو حزب الله المدعوم من إيران في لبنان عشرات الصواريخ، ويشن الجيش الإسرائيلي ضرباته. وقُتل ما لا يقل عن ثلاثة مواطنين لبنانيين ومواطن إسرائيلي، إلى جانب عدد من الجنود الإسرائيليين ومسلحي حزب الله.
وكان حزب الله تعهد بدعم حماس، وهو يتمتع بقدرات عسكرية أكبر بكثير من حماس، ويناقش البيت الأبيض استخدام القوة العسكرية إذا انضم حزب الله إلى القتال في غزة.
يرى حزب الله الحرب بين إسرائيل وحماس من منظور أوسع، ويعتبر أن هزيمة المقاومة في غزة قد تعني سعي إسرائيل للقضاء عليه وعلى باقي حلفاء إيران بالمنطقة.
وعليه أصبح لبنان بشكل أو بآخر في قلب التصعيد الذي تشهده المنطقة انطلاقاً من عملية طوفان الأقصى، وإن لم تكن بالحرب العسكرية المباشرة والمفتوحة، وفتح الجبهات وإشعالها من لبنان وسوريا، إلا أنه بالمعنى السياسي والاستراتيجي هي معركة في سياق تكامل مسار وحدة الجبهات التي تحدّث عنها بشكل مستفيض مسؤولو حزب الله وقيادات إيرانية.
وفي الصورة الأوسع قد يجد حزب الله فيما يجري فرصة ذهبية، لا يمكن السماح بتضييعها في إطار واضح وهو إثبات جدية وقوة مشروع "وحدة الساحات"، وحتى لو كان الثمن الداخلي في لبنان كبيراً وغير متوقع، على اعتبار ما يجري لحظة تاريخية، عدم التفاعل معها سيؤدي إلى خسارات متعددة. كذلك فإن المشاركة الفاعلة في هذه الحرب ستؤدي إلى فرض شروط وتنازلات من إسرائيل لم يكن أحد من قبل قادراً على تحصيلها، خصوصاً أنه من وجهة نظر حزب الله، فإن إسرائيل في أسوأ مرحلة بتاريخها منذ 1948، أي إن إسرائيل مضطرة إلى التنازل في نهاية المطاف، حسبما ورد في تقرير لقناة "الجزيرة".
إلى جانب الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل، نُظمت مظاهرات كبيرة مؤيدة للفلسطينيين في بيروت، من ضمنها مظاهرةٌ مساء الأربعاء 18 أكتوبر/تشرين الأول، أمام السفارة الأمريكية، استخدمت فيها قوات الأمن اللبنانية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريقها.
مصر.. السيسي يحذّر من خطر وقوع حرب مع إسرائيل
تؤدي مصر منذ فترة طويلة دور الوسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي تشترك في الحدود مع غزة وكانت أول دولة عربية تعترف بدولة إسرائيل.
وضربت القوات الإسرائيلية معبر رفح بين مصر وغزة- نقطة العبور الوحيدة للمدنيين بغزة- في الأيام التي أعقبت هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وهذا الأسبوع، نجح الرئيس بايدن في الضغط على مصر وإسرائيل للموافقة على السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر المعبر. وبدأت شاحنات الإسعافات الأولية المرور إلى غزة يوم السبت 21 أكتوبر/تشرين الأول.
وترفض مصر فتح الحدود المحصنة للسماح للاجئين بالخروج. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي أيضاً، إنه يخشى دخول مسلحين بين المدنيين، كما تخشى مصر والفلسطينيون على السواء استغلال إسرائيل الأزمة لإجبار سكان غزة على الرحيل تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية.
وأكد الرئيس المصري أن فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء تعني جر مصر إلى حرب ضد إسرائيل، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتز.
وأوضح السيسي أنَّ "نقل المواطنين الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء يعني نقل فكرة المقاومة والقتال من غزة إلى سيناء"، مشيراً إلى أن شبه الجزيرة المصرية "ستصبح بالتالي قاعدة لانطلاق عمليات إرهابية ضد إسرائيل، التي من حقها الدفاع عن نفسها"، حسب تعبيره.
والأردن يعتبر طرد اللاجئين إعلان حرب
ويقول الأردن- الذي يضم بالفعل عدداً كبيراً من الفلسطينيين- إنه لن يسمح باستقبال مزيد من اللاجئين.
ومثل مصر، يخشى الأردن من أن يؤدي تدفق الفلسطينيين بأعداد كبيرة إلى تقويض المطالبة بإقامة دولة فلسطينية، وهي القضية التي يلتزم بها الأردن وأغلب سكانه.
كما يخشى الأردن أنه إذا نجحت خطط إسرائيل المزعومة لتهجير فلسطينيي غزة إلى مصر، فإنها سرعان ما ستطبَّق في الضفة التي تطمح إسرائيل إلى ضمها لأراضيها الخصبة.
وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، يوم الثلاثاء الماضي، إن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين تعني حرباً بالنسبة للأردن.
وأضاف الصفدي، في تصريحات إعلامية، أنه لن يتم السماح بنكبة جديدة وبنكسة جديدة، ولن يتم السماح بترحيل الأزمة إلى دول الجوار.
كما حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من أية خطوات تسعى لدفع سكان القطاع نحو التهجير القسري داخل الأراضي الفلسطينية أو إلى دول الجوار، معتبراً أن هذا الأمر مرفوض ويعد خطاً أحمر بالنسبة للأردن.
وتندلع احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين أمام السفارة الإسرائيلية في عمّان منذ بدء الحرب، خصوصاً بعد الانفجار الذي شهده المستشفى المعمداني في غزة.
وسرعان ما أدان العاهل الأردني، الملك عبد الله، إسرائيل لضربها المستشفى، وألغى قمة رباعية كانت مقررة مع بايدن والسيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وتزعم الولايات المتحدة أن إسرائيل ليست مسؤولة عن هذا الانفجار.
سوريا.. ساحة محتملة للقتال بين إسرائيل وأمريكا، وحلفاء إيران
أطلقت سوريا نيران مدفعية على الأراضي الإسرائيلية، وردّت إسرائيل بإطلاق النار بعد أيام قليلة من هجوم حماس.
ووفقاً لسوريا، قصفت إسرائيل مطاري دمشق وحلب السوريين بُعيد اندلاع الصراع، وخرجا من الخدمة. وذكرت رويترز أن الهدف من هذه الضربات هو تعطيل تدفق الإمدادات والأسلحة الإيرانية إلى سوريا.
وفي الوقت نفسه، تعرضت قاعدة عسكرية أمريكية في سوريا لهجوم بطائرة مسيرة يوم الخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول، حسبما قال مسؤولون أمريكيون لوكالة أسوشييتد برس، دون تسمية منفذ الهجوم. واستُهدفت القوات الأمريكية في هجمات مماثلة بالعراق، في إشارة إلى احتمال التصعيد بالمنطقة.
العراق.. قاعدة للمواجهة المحتملة مع الأمريكيين
تعرضت قاعدة عسكرية في غرب العراق تضم قوات أمريكية، لهجوم بطائرة مسيرة واحدة على الأقل، كما أفاد مصدر أمني عراقي وآخر عسكري، من دون تسجيل سقوط ضحايا أو أضرار، وذلك مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس.
وجاء الهجوم فيما هددت فصائل عراقية موالية لإيران مصالح الولايات المتحدة في العراق على خلفية دعم واشنطن لإسرائيل في الحرب مع حماس، في مواجهة أسفرت حتى الآن عن آلاف القتلى.
وتبنت "المقاومة الإسلامية في العراق" عبر قنوات تليغرام تابعة لفصائل شيعية موالية لإيران، هجوماً بطائرة مسيرة على قاعدة عين الأسد ظهر السبت. لكن البنتاغون أفاد بأنه ليس على علم بأي هجوم من هذا النوع.
وكانت فصائل عراقية موالية لإيران قد اتهمت إسرائيل والولايات المتحدة بارتكاب "مجزرة" في غزة، من بينها كتائب حزب الله- أحد أبرز فصائل الحشد الشعبي- التي شددت في بيان على ضرورة "مغادرة هؤلاء الأشرار البلاد"، في إشارة إلى الأمريكيين، وتوعّدتهم في حال لم يفعلوا ذلك بـ"أنهم سيذوقون نار جهنم في الدنيا قبل الآخرة".
ويعتبر الحشد الشعبي العراقي أكبر وكلاء طهران في المنطقة من حيث العدد، إذ تصل بعض التقديرات بعدد قواته إلى مئة ألف مقاتل، ويمكن أن يهاجم الأهداف الأمريكية في العراق، كما يمكنه العمل من سوريا المدمرة أصلاً ضد إسرائيل، خاصةً أن سلطة بشار الأسد بالبلاد محدودة، كما أن روسيا التي تشارك إيران في السيطرة على سوريا معنية بالتصعيد؛ للانتقام من الدعم الأمريكي لأوكرانيا.
وقال مصدران مقربان من الجماعات العراقية الموالية لإيران لـ"راديو فردا" الناطق بالفارسية، إن "اجتماعاً عقد في بغداد يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول، بعد هجوم حماس على إسرائيل، وحضر هذا الاجتماع مسؤولون إيرانيون، ورؤساء بعض الجماعات العراقية التي تدعمها طهران".
ووفقاً للمعلومات فقد دعا المسؤولون الإيرانيون في الاجتماع، إلى إنشاء مركز لتسجيل المتطوعين للحرب ضد إسرائيل، وطالبوا الجماعات المسلحة العراقية بالاستعداد، لكنهم أكدوا ضرورة الحرص على عدم اتخاذ أي إجراء "حتى إعطاء الأمر".
ودخول حلفاء إيران في المعركة قد يؤدي إلى تدخل أمريكي ضدهم أو حتى إيران، الأمر الذي قد يفجر حرباً إقليمية واسعة قد تشمل الحوثيين أيضاً، بل قد تدعم روسيا إيران نكاية في أمريكا.
اليمن.. الحوثيون قادرون على التسبب بمشكلة للأمريكيين والإسرائيليين بالبحر الأحمر
يبدو أن المقاتلين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن قد انضموا إلى الصراع بين إسرائيل وحماس مع إعلان البنتاغون أن المدمرة التابعة للبحرية الأمريكية "يو إس إس كارني" في البحر الأحمر تمكنت من اعتراض وإسقاط عدد من صواريخ كروز والطائرات المسيّرة التي ربما كانت متجهة نحو إسرائيل يوم الخميس.
ومع أن الحوثيين بعيدون جداً ليكونوا مؤثرين في الصراع، ولكن في الوقت ذاته فإن موقع اليمن الاستراتيجي على مدخل البحر الأحمر، يمكنهم من استهداف السفن الأمريكية والإسرائيلية أو حتى تعطيل الملاحة العالمية، خاصةً أنهم متحصنون في جبال اليمن الوعرة، واستهدافهم مسألة صعبة كما تبين من الحملة العسكرية الطويلة التي نفذها الطيران الحربي السعودية والإماراتي لسنوات بالبلاد.