تحولت مبادرة الحزام والطريق الصينية لهاجس يؤرق الدول الغربية بقيادة أمريكا، ولذا يبدو أنها تتجه لإطلاق سلسلة من المشروعات لمنافسة الحزام والطريق منها مبادرة الممر الهندي، فهل تستطيع حقاً أن تتفوق على المبادرة الصينية التريليونية.
وتحاول الولايات المتحدة عرقلة المشروع الصيني وتدفع بمبادرات لإبعاد العديد من حلفائها عن المشاركة في هذا المشروع، من خلال طرح واشنطن شريكاً ومستثمراً بديلاً أمام الدول النامية، في ظل تنافس القوة والنفوذ السياسي والاقتصادي بين الطرفين.
ويرى تقرير لوكالة Reuters أن أمام الدول الغربية فرصة سانحة للتوصل إلى خطة ذات مصداقية للبنية التحتية في العالم النامي. لأن مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار تغرق في الديون المعدومة، وربما تكون على وشك خسارة إيطاليا، الدولة الديمقراطية الغنية الكبيرة الوحيدة التي هي عضو فيها. وتواجه الصين مشاكلها المالية الخاصة أيضاً، مما يعني أنها ستواجه صعوبة في ضخ المزيد من الأموال في الاستثمارات الخارجية.
مبادرة للدول السبع الصناعية بقيادة أمريكا بقيمة 600 مليار دولار لمنافسة الحزام والطريق
ومن بين أبرز الخطط المنافسة للحزام والطريقة، الخطة التي تبلغ قيمتها 600 مليار دولار، والتي أطلقتها مجموعة الدول السبع ذات الديمقراطيات الغنية.
والشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII) هي جهد تعاوني لمجموعة السبعة أعلن لأول مرة في قمة السبع التي عقدت في يونيو/حزيران 2022 وتهدف لتمويل مشاريع البنية التحتية في الدول النامية بناءً على مبادئ الثقة لشبكة النقطة الزرقاء.
ويعتبر بمثابة مواجهة الكتلة لمبادرة الحزام والطريق الصينية وتوصف بأنها عنصر رئيسي في "مبدأ بايدن"، والذي يؤكد على إصلاح تحالفات الولايات المتحدة، التي يقول بايدن إنها تضررت خلال إدارة ترامب.
وفي قمة مجموعة السبع لعام 2023 في هيروشيما باليابان، أكد قادة مجموعة السبع على رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن التزامهم بتحديد فرص جديدة لتوسيع نطاق الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII)، والتي يقول البيت الأبيض إنها اجتذبت كبار المستثمرين للاستجابة بشكل أفضل لتحديات البنية التحتية العالمية وتحسين الطلب العالمي على تمويل البنية التحتية عالي الجودة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وظلت المبادرة مجرد خطابة إلى حد كبير، حيث يتلخص العمل الملموس الوحيد في إنشاء فريق عمل يعمل على "وضع مقترحات عملية".
وتتضمن مبادرة دول مجموعة السبع الصناعية بعض المخططات المبهرة التي تشمل السكك الحديدية والطاقة الخضراء، وممراً عبر أفريقيا يربط زامبيا بأنغولا عبر جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ والشراكات لمساعدة إندونيسيا وفيتنام وجنوب أفريقيا والسنغال على التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.
ولهذه المشاريع منطق جيوسياسي مشترك. إذ تريد الديمقراطيات المتقدمة، بقيادة الولايات المتحدة، تحسين العلاقات مع البلدان النامية لمنعها من الوقوع في أحضان الصين مع انقسام العالم على نحو متزايد إلى معسكرات متنافسة.
وفي الوقت نفسه، يمكن لمشاريع الطاقة الخضراء – المعروفة باسم شراكات التحول العادل للطاقة – أن تساعد في المعركة ضد تغير المناخ. وإذا تجنبت البلدان النامية مسار النمو الكثيف الكربون الذي سلكته بلدان العالم المتقدم والصين، فإن التوقعات بالنسبة لكوكب الأرض سوف تكون أفضل.
ومن الممكن أن يكون لخطة مجموعة السبع مبررات اقتصادية أيضاً. فمن الممكن أن تعمل الممرات على ربط البلدان الفقيرة بعملاء جدد، مما يسمح لها باستغلال مواردها بشكل أكثر كفاءة. ومن المفترض أن يساعد الاستثمار في البنية التحتية في دعم النمو.
ومع ذلك، لا يزال أمام PGII الكثير لتثبته. وقد وعدت بحشد 600 مليار دولار بحلول نهاية عام 2027، لكن الحكومات لم تقدم حتى الآن سوى القليل من الأموال. كما أنهم لم يسحبوا بعد الكثير من رأس المال الخاص. ومن غير الواضح أيضاً كيف ستتجنب البلدان الفقيرة السحق بالديون الإضافية أو الفساد. خاصة أن مبادرة الحزام والطريق الصينية قد ابتليت بكلا العيبين.
الممر الهندي بالشرق الأوسط بديلاً عن الطريق الصيني
أبرز المشروعات الغربية المنافسة للصين هو ممر اقتصادي يربط الهند بأوروبا عبر شبه الجزيرة العربية، وقد يشمل إسرائيل، وأعلن المشروع خلال قمة العشرين الأخيرة بالهند بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
إذ وقّعت الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي في نيودلهي على مذكرة تفاهم لإنشاء هذا الممر الذي يشمل سككاً حديدية وربط موانئ ومد خطوط وأنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين، بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات.
وفي قمة العشرين بنيودلهي التي انعقدت في شهر سبتمبر/أيلول 2023، تعهد بايدن بوجود المزيد من الممرات في المستقبل.
ومن الواضح أن المبادرة الأمريكية الهندية هدفها جذب السعودية والإمارات بعيداً عن الصين، خاصة أن الدولتين عضوان بارزان في مبادرة الحزام والطريق وانضمتا مؤخراً لتجمع بريكس الذي تشارك به نيودلهي، ولكن ينظر له على أنه تجمع تقوده الصين وبصورة أقل روسيا.
ويفترض أنه مبادرة الممر الهندي "IMEC"، ستكون الطاقة بمثابة الركيزة الأساسية، ولكنها ليست الركيزة الوحيدة، حسبما ورد في تقرير لموقع al-monitor الأمريكي.
مبادرة IMEC أو الممر الهندي هي مظهر من مظاهر التكامل العميق بين الهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتقارب الجيوسياسي والاقتصادي الأوسع بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا وغرب آسيا. تتميز الهند بكونها ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، حيث وصل حجم التجارة الثنائية إلى 52.75 مليار دولار خلال الفترة 2022-2023، مما يرفع المملكة العربية السعودية إلى رابع أكبر شريك تجاري للهند. علاوة على ذلك، ارتفعت التجارة بين الهند والإمارات العربية المتحدة إلى 85 مليار دولار في عام 2022، مما يجعل الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند للعام 2022-2023 وثاني أكبر وجهة تصدير لها. ويسلط IMEC الضوء أيضاً على الحالة المتطورة للعلاقات الباكستانية الخليجية، حيث حولت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الحليفتان القديمتان لإسلام أباد، موقفهما الاقتصادي والجيوسياسي تجاه الهند. ويعكس هذا التحول اعترافهم بنهضة الهند ويدل على تطلعاتهم في عالم ناشئ متعدد الأقطاب. وفي هذا المشهد الجديد، لا بد من إعادة تقييم العلاقات القديمة وتكييفها لتتماشى مع الحقائق الجيوسياسية والفرص الاقتصادية.
الهدف الأمريكي من الممر الهندي هو تغيير المسار في الخليج، وتحويله من هيكل هرمي مزدوج حيث تكون الولايات المتحدة الشريك الأمني المهيمن والصين هي الشريك الاقتصادي المهيمن من خلال إدخال الهند إلى المزيج الجيوسياسي والاقتصادي. وفي حين تدرك الولايات المتحدة أن الهند لن تتماشى إلا جزئياً مع مصالح واشنطن في الشرق الأوسط وآسيا على نطاق أوسع، فمن غير المرجح أن تؤدي غزوات دلهي في الشرق الأوسط إلى تقويض المصالح الأمريكية كما تفعل الصين. والأهم من ذلك هو أن نجاحات نيودلهي في المنطقة تعمل على تخفيف الحقائق الهرمية المزدوجة في الشرق الأوسط بمجرد التكامل مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهو ما يقوض نفوذ الصين الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل.
ويمثل IMEC ممر عبور متعدد الوسائط يمتد لأكثر من 3000 ميل ويتكون من ممرين. ويربط الممر الشرقي الهند بالخليج العربي، بينما يربط الممر الشمالي الخليج العربي بأوروبا، وتقول إسرائيل إنها ستكون طرفاً رئيسياً بها.
عند اكتماله، على النحو المبين في مذكرة التفاهم التي وقعها البيت الأبيض، سيعمل مشروع الاتصال هذا على إنشاء شبكة نقل عبر الحدود يمكن الاعتماد عليها وفعالة من حيث التكلفة من السفن إلى السكك الحديدية. وستعمل على استكمال طرق النقل البحري والبري الحالية، مما يسهل الحركة السلسة للسلع والخدمات بين الهند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا.
وتقول دلهي إن الممر الجديد للشرق الأوسط سيشمل قطارات إلى الهند.
وفي ظل غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قمة مجموعة العشرين، سارعت إدارة بايدن إلى تحقيق ما اعتبر في العرب "انتصاراً" من خلال وضع الممر كبديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية، التي ركزت بقوة على دول الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، مثل اليونان وإيطاليا.
ومع ذلك، من المهم عدم النظر إلى IMEC على أنها مجرد منافس لمبادرة الحزام والطريق. وترفض السعودية والإمارات، وهما الركيزتان الأساسيتان للممر، فكرة النظام العالمي ثنائي القطب الذي سيجبرهما على الاختيار بين الصين والولايات المتحدة أو العكس.
فيتنام من العدو اللدود الذي أذل أمريكا لحليفها المفضل
وإضافة للهند تسعى الولايات المتحدة للتعاون مع فيتنام جارة الصين الجنوبية التي يوجد بينهما خلافات الحدودية لمواجهة الصين، حتى مع ادعاء بايدن أن هذا ليس هدفه.
وبعد حضوره لقمة مجموعة العشرين بالهند سافر بايدن إلى فيتنام، حيث كانت المنافسة الأمريكية مع الصين محور مناقشاته.
وأثناء جولته هذه في آسيا، أبرم بايدن العديد من الاتفاقيات في العلوم والتكنولوجيا وأمن سلسلة التوريد المصممة لتعزيز علاقات الولايات المتحدة مع الهند وفيتنام.
السعي لإصلاح البنك الدولي
وخلال قمة مجموعة العشرين في الفترة من 9 إلى 10 سبتمبر/أيلول في نيودلهي، تعهدت الولايات المتحدة بالمساعدة في إصلاح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لجعلهما أكثر مرونة في إقراض البلدان النامية لتمويل الطاقة المتجددة، وتخفيف آثار تغير المناخ، ومشاريع البنية التحتية الحيوية.
وقد تعهد بايدن بأول 25 مليار دولار أمريكي لجعل هذه الإصلاحات ممكنة وحصل على تعهدات مالية إضافية من دول أخرى يبلغ مجموعها 200 مليار دولار أمريكي في شكل تمويل جديد للدول النامية على مدى العقد المقبل.
مبادرة الحزام والطريق الصينية تحاول إصلاح نفسها
و"الحزام والطريق"، هي مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية عبر مسارات متعددة.
وانطلقت مبادرة "الحزام والطريق" الصينية في عام 2013، وكانت محطة تحولٍ مهمة في السياسة الخارجية للصين، ثم أصبحت من أكثر مبادرات التنمية طموحاً وتطلعاً إلى التوسع في التاريخ. ويرى كثيرون في الغرب، ولا سيما في الولايات المتحدة، أنها محاولة صينية غير مستترة لإعادة تشكيل الأنظمة السياسية الإقليمية على نحو يخدم مصالح بكين، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
وتطمح الصين لإحياء طريق الحرير القديم عبر مبادرة "الحزام والطريق"، ذلك الطريق الذي مثَّل للعالم شرياناً رئيسياً للتفاعل الثقافي والتجاري في مناطق أوراسيا المختلفة، حتى منتصف القرن الخامس عشر.
والطريق الصيني من المفترض أن تشارك فيه نحو 100 دولة، حيث تريد الصين من خلاله تسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والوسطى. ووفقاً لخطة عمل مشروع "الحزام والطريق" تشمل المبادرة الطُّرق البرية (أي الحزام) والطُّرق البحرية (أي الطريق) بهدف تحسين العلاقات التجارية في المنطقة من آسيا الوسطى لأوروبا، من خلال استثمارات البنية التحتية.
ولكن يبدو أن مبادرة الحزام والطريق تخضع الآن لمراجعة جذرية بسبب مسألة الديون الائتمانية.
تتمثل إحدى العقبات الرئيسية للصين أمام العمل على المبادرة في أن بعض البلدان النامية أصبحت غير قادرة على سداد ديونها، الأمر الذي دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ العام الماضي إلى الإقرار بأن مشروع الحزام والطريق دخل مرحلة حساسة تجبره على التعامل مع مجموعة من القضايا "المتزايدة التعقيد".
وتفيد تقارير بأن قروض الصين لدول العالم الثالث مهددة بالضياع، في ظل موجة التعثر لدى العديد من الدول النامية، لدرجة أن بكين اتجهت لصندوق النقد الدولي فيما يبدو أنه محاولة ضمان حصولها على أموالها أو جزء منها.
وصارت الحكومة الصينية أكبر دائن حكومي في العالم للدول النامية، إلا أنها قد تضطر حالياً إلى إعادة هيكلة الديون المستحقة لها لدى بلدان عديدة.
ووفقاً لوزارة الخارجية الصينية، قدمت الصين في غضون عقد واحد فقط نحو تريليون دولار في شكل قروض واستثمارات ومنح وأموال أخرى لمشروعات التنمية في ما يقرب من 150 دولة؛ مثل الإكوادور وأنغولا. وصارت الصين، لأول مرة، أكبر دائن رسمي في العالم.
وغيَّرت الصين مسار مبادرة الحزام والطريق بالشرق الأوسط حيث ابتعدت عن دولة عربية كبرى واقتربت من أخرى.
فبعد الأزمة المالية التي سببتها الحرب الأوكرانية، يبدو أن الصين تتخلى عن الدول التي تعاني من مشكلات وتتجه للدول التي ازدادت ثراءً جراء ارتفاع أسعار النفط.
إذ تحظى السعودية صاحبة أكبر اقتصاد بالمنطقة والدولة التي استضافت القمة العربية الصينية عام 2022، بأهمية خاصة على ما يبدو في مبادرة الحزام والطريق الصينية.
بينما تراجعت استثمارات مبادرة "الحزام والطريق" في النصف الأول من 2022 مع نشوب الحرب الأوكرانية ليصل الإنفاق إلى الصفر في كل من روسيا وسريلانكا ومصر، وهي دول رئيسية في المبادرة، وذلك وفقاً لـ"بلومبرغ".
ويسعى "طريق الحرير الرقمي" الجديد ضمن المبادرة الصينية إلى بناء جسر رقمي يعتمد على ترويج صيغة جديدة من العولمة القائمة على التجارة الرقمية، والبنية التحتية الرقمية، والتجارة الإلكترونية المتجاوزة للحدود، والأدوات المالية المتنقلة عبر الهواتف ووسائل الاتصال، وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة (البيانات الضخمة، والعملات الرقمية، والحوسبة السحابية).
الكثير من الوعود، قليل من التنفيذ.. أين المال الذي وعدت به مجموعة السبع؟
حتى الآن تبدو مبادرات الدول الغربية بها كثير من الوعود والتخويف من الصين مقابل القليل من الأموال التي ترصد في الميزانيات.
هناك سبب وجيه لبطء تدفق الأموال. ومن المفترض أن تكون مبادرة مجموعة السبع أفضل من مبادرة الحزام والطريق من خلال الإصرار على معايير بيئية واجتماعية وإدارية عالية. ولذلك، فقد يستغرق الأمر وقتاً لبناء مجموعة من المشاريع عالية الجودة، كما يقول هونج تران، زميل مركز أبحاث المجلس الأطلسي.
والآن بعد أن تم التخطيط لبعض المشاريع الضخمة، فمن الممكن أن ينتعش الاستثمار بسرعة. لكن الديمقراطيات المتقدمة مترددة في فتح محافظها في وقت حيث تعاني الموارد المالية العامة من ضغوط شديدة.
وبدلاً من ذلك، تأمل الحكومات تحفيز القطاع الخاص على توفير قدر كبير من الأموال النقدية ــ على سبيل المثال من خلال ضمان جزء من رأس مال المستثمرين، والعمل مع البلدان النامية لتحسين الظروف المحلية للاستثمار.
وإذا نجح هذا النهج فإنه من شأنه أن يزيد من تمييز مبادرة مجموعة السبع الصناعية عن مبادرة الحزام والطريق، التي حصلت على أغلب تمويلها من البنوك التي تسيطر عليها الدولة الصينية.
وإذا تولى القطاع الخاص زمام المبادرة في المشاريع، فلن يؤدي ذلك إلى تقليل الحاجة إلى المال العام فحسب. ولكن سيحرص المستثمرون أيضاً على التأكد من تحقيق الأرباح.
بل ويمكن للاستثمار الخاص أن يتجنب فخ الديون السيادية التي تتهم به مبادرة الحزام والطريق الصينية بأنها أسقطت كثيراً من الدول النامية فيه، رغم نفي تقارير غربية هذا الإدعاء.
ففي نهاية المطاف، غالباً ما تدعم الشركات والمستثمرون المشاريع الخاصة بدلاً من المشاريع التي تديرها الدولة. وبعض الأموال النقدية ستكون أيضًا على شكل أسهم. وحتى تمويل الديون ليس من الضروري أن يظهر في الميزانيات العمومية للحكومات المضيفة إذا تحولت المشاريع إلى الخسارة.
والعقبة هي أنه من الصعب الحصول على التمويل، حسب تقرير رويترز.
لنأخذ على سبيل المثال المشروع الإندونيسي JETP، الذي من المفترض أن يحشد 20 مليار دولار لمساعدة البلاد على التحول من الطاقة التي تعمل بالفحم إلى الطاقة المتجددة.
وقد تم تأجيل خطة الاستثمار، التي كان من المقرر نشرها في أغسطس/آب، بسبب مساومات الدول الغربية على التمويل، الذي تم تخصيص نصفه للقطاع الخاص.
وعلى الرغم من الحديث الكثير عن الكيفية التي قد تكون بها مبادرة مجموعة السبع الصناعية أكثر شفافية من مبادرة الحزام والطريق، فإن دول مجموعة السبع تخجل من الحديث عن حجم الدعم الذي ستقدمه كل دولة لدعم المشاريع المختلفة.
في المقابل، تعمل مجموعة السبع على تكثيف جهودها لإشراك القطاع الخاص. وفي الأسبوع الماضي، استضافت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين ووزير الخارجية أنتوني بلينكن منتدى للمستثمرين في نيويورك.
وأنشأ الاتحاد الأوروبي مجموعة استشارية للأعمال. وتجري هذه المبادرات بالتوازي مع الجهود الرامية إلى جعل البنك الدولي يتعاون بشكل أكبر مع القطاع الخاص.
هل يمكن للغرب تحويل الخطابة الرنانة إلى مشروعات على الأرض؟
ولكن على الرغم من كل الخطابات الرنانة حول الممر الاقتصادي الجديد بين الهند وأوروبا، فإن الاتفاق الواضح الوحيد يتكون من مذكرة تفاهم مكونة من 326 كلمة. ولا توجد معلومات مؤكدة حول التكلفة، ومن سيوفر الأموال، أو كيف سيجني الممولين عائداً على استثماراتهم، على الرغم من أن المملكة العربية السعودية تعهدت على ما يبدو بمبلغ 20 مليار دولار.
ولا يبدو أن المشروع يتضمن بناء الكثير من البنية التحتية في البلدان النامية. وعلى الرغم من أن الهند والأردن سوف تستفيدان من الروابط الوثيقة مع الأسواق الكبيرة، فمن المحتمل أن تذهب معظم الاستثمارات إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكلاهما ليستا من الدول الفقيرة.
وقد يقدم الشركاء الغربيون، الذين وعدوا بوضع خطة عمل في غضون شهرين، إجابات جيدة على هذه الأسئلة. ولكن حتى ذلك الحين، ستكون هناك شكوك حول جدواها.
وفي الوقت نفسه، على الرغم من ضعف مبادرة الحزام والطريق، فإن الصين لن تتخلى عنها. ومن المقرر أن يجمع الرئيس الصيني شي جين بينغ الشهر المقبل ممثلين عن 110 دول، بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لحضور منتدى الحزام والطريق في بكين. وتؤكد الصين أيضاً مثل الغرب على موضوعات مثل التنمية الخضراء والاتصال الرقمي، مما يمثل تحولًا عن التركيز السابق على محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
يقول تقرير رويترز "من الجيد بالنسبة للبلدان النامية أن تكون هناك مبادرتان متنافستان في مجال البنية الأساسية تتنافسان على جذب اهتمامهما. ولكن إذا كان الغرب راغباً في منافسة الصين فيما يتصل بالاستثمارات الخارجية في البلدان الأكثر فقراً، فيتعين عليه أن يحول خطاباته إلى واقع ملموس".