خلّف الزلزال الذي ضرب المغرب، في 8 سبتمبر/أيلول 2023، خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات، وأخرى مالية كبيرة، سترخي بظلالها على الاقتصاد المحلي. واختلفت تقديرات الاقتصاديين للأضرار المالية للزلزال المدمر، بينما لم تعلن السلطات المغربية عن أي رقم حتى تاريخ 19 سبتمبر/أيلول.
وأسفر الزلزال، وهو "الأعنف منذ قرن"، عن مصرع 2946 شخصاً وإصابة 6125 آخرين، بالإضافة إلى دمار مادي كبير، بحسب أحدث بيانات لوزارة الداخلية.
ما التداعيات الاقتصادية المتوقعة لزلزال المغرب؟
قال عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط (حكومية)، إن "الكلفة الاقتصادية المتوقعة للزلزال تعادل ميزانية بناء مدينة صغيرة، يبلغ عدد سكانها نحو 600 ألف نسمة، تضم نحو 30 ألف وحدة سكنية".
وزاد الكتاني في تصريح للأناضول: "أقدر أن الكلفة ستتراوح ما بين 10 و15 مليار دولار، سيحتاج الأمر نحو 5 سنوات من القيمة المضافة التي ينتجها المغرب". وزاد: "البلد يحتاج لنحو 5 سنوات لاستيعاب الوضعية الحالية من ناحية الكلفة، شرط تعبئة الموارد المالية والبشرية، مع إقرار سياسة التقشف وترشيد النفقات".
وتابع: "لديّ الثقة بأن الشعب المغربي من خلال ثقافة التضامن التي يتحلى بها، سيُسهم بشكل جيد في التقليل من الكلفة الاقتصادية للزلزال، بما يسمح بالتعافي السريع من تبعاته".
وأوضح أن "600 مهندس مستعدون للمساهمة في إعمار وتأهيل المناطق المتضررة، بدون مقابل، وهذا ربح مادي ومعنوي كبير ينعكس على المردودية الاقتصادية وإنتاجية الإنسان".
خسائر مباشرة وغير مباشرة
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي المغربي محمد جدري إنه "توجد كلفة مباشرة وأخرى غير مباشرة للزلزال المدمر على الاقتصاد المحلي، حيث إن الكلفة المباشرة تتمثل في عدد المساكن التي ضاعت، وكل ما يتعلق بالبنى التحتية والطرق وشبكة الهاتف والماء والكهرباء".
وتابع: "بينما الكلفة غير المباشرة تشمل نفقات مختلف عناصر التدخل في المنطقة (الجيش والدرك والأمن والوقاية المدنية)"، دون احتساب الإنتاج المتوقع للضحايا في الاقتصاد المحلي في حال بقائهم على قيد الحياة.
ولفت أن "البلد مطالب بتوفير نحو 10 مليارات درهم (مليار دولار) تخص فقط الدعم المالي المباشر للأسر المتضررة، والدعم الخاص بإعادة بناء المنازل أو تأهيل المتضررة منها".
وكان الديوان الملكي المغربي أعلن، الخميس الماضي، أن 50 ألف مسكن انهارت كلياً أو جزئياً إثر الزلزال. ولفت إلى استعداد الدولة لتقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئياً".
ولإعادة تأهيل البنية التحتية، يقول جدري: "نحن في حاجة لنحو 20 مليار درهم (2 مليار دولار)، و10 مليارات درهم (مليار دولار) للإيواء المؤقت".
وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن المملكة "في حاجة لنحو 30 مليار درهم (3 مليارات دولار) للإعمار وإعادة الإعمار، وهي كلفة تشكل عبئاً على الاقتصاد المحلي".
وأطلق المغرب حساباً بنكياً مخصصاً لدعم ضحايا ومتضرري الزلزال، حيث أسهم فيه العديد من الشركات والهيئات الحكومية وغير الحكومية والأفراد، إلا أنه لم يعلن عن الرقم الذي وصلت إليه المساعدات حتى الآن.
كيف سيتأثر القطاع السياحي بالزلزال؟
يرى الكتاني أن "الفاجعة جاءت مع نهاية الموسم السياحي الصيفي، وإلا لكانت الكلفة الاقتصادية كبيرة جداً". وزاد: "السياحة في مدينة مراكش ستتأثر قليلاً، وبعد بضعة أشهر ستعود المدينة إلى وضعها الطبيعي من الناحية السياحية".
والإثنين، أكد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووزارة الاقتصاد والمالية المغربية، أن اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين ستعقد في مراكش المغربية، التي تعرضت إلى زلزال مؤخراً.
وذكر بيان مشترك، أنه ومنذ "الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر/أيلول الجاري، عمل موظفو البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالتنسيق مع السلطات المغربية، لإجراء تقييم شامل لقدرة مراكش على استضافة الاجتماعات السنوية لعام 2023".
وفي إجراء هذا التقييم "كانت الاعتبارات الرئيسية هي أن الاجتماعات لن تعطل جهود الإغاثة وإعادة الإعمار الحيوية، وأن سلامة المشاركين يمكن ضمانها".
وزاد البيان المشترك: "وبناء على مراجعة متأنية للنتائج، اتفقت إدارتا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إلى جانب السلطات المغربية، على المضي قدماً في عقد الاجتماعات السنوية لعام 2023 في مراكش، في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل".
وتابع الكتاني: "مدينة مراكش بالخصوص لم تتأثر من الزلزال كثيراً، لكن العامل النفسي للسائح سيستمر لبضعة أشهر". وأوضح أنه "في آن واحد، ما حدث سيشكل فرصاً لتنال مناطق أخرى بالمملكة حظها من التنمية السياحية، بما في ذلك احتضانها لمؤتمرات الأعمال والمهرجانات".
وعادت الحركة تدريجياً إلى مدينة مراكش وسط المغرب، بعد أسبوع من الزلزال. وظهر السياح، السبت، بأعداد كبيرة في أغلب المناطق السياحية بمراكش، كبرى المدن التي تضررت من الزلزال، وعاصمة السياحة المغربية.
تقديرات دولية
وقال معهد المسح الجيولوجي للولايات المتحدة الأمريكية (USGS)، إن "أضرار زلزال الحوز قد تكلف المغرب فاتورة باهظة الثمن اقتصادياً، تتراوح ما بين 1 و9 مليارات يورو (1.1 – 10 مليارات دولار)".
ولفت المعهد الأمريكي إلى أن "كلفة الزلزال قد تعادل نحو 8% من ناتج المغرب المحلي الإجمالي الخام، المسجل في عام 2022". ونبهت "هيئة المسح الجيولوجي" الأمريكية، إلى "خسائر اقتصادية خطيرة محتملة بالنسبة للمغرب، يتوقع أن تُحدث أضراراً جسيمة".