مرّ أسبوع على كارثة الزلزال في المغرب، وما زالت السلطات والجهات المساعدة من كل دول العالم تبحث عن ناجين تحت الركام، ورغم وقوع هذه المأساة لكن آثارها سوف تستمر فترة ليست بالقليلة بسبب التداعيات التي نجمت عن هذه الكارثة.
تحكي السيدة عاشت نعيمة آيت إبراهيم والي لموقع وكالة Associated Press الأمريكية عن لحظة وقوع الزلزال، حين كانت داخل شقة في الطابق الثالث مع أطفالها الخمسة، قبل أن يأتي الزلزال ليدمر البناية ويقتل قرابة الـ3,000 شخص في المغرب الأسبوع الماضي.
وسقطت نعيمة، عاملة النظافة المنزلية، مع ابنتها على الدرج أثناء تمزيق الزلزال للطابق العلوي من المنزل وتدميره لغالبية أنحاء حيهما في مدينة أمزميز، القريبة من مركز الزلزال.
وكان أصغر أطفال نعيمة قد بدأوا عامهم الدراسي بالفعل كما هو حال الأطفال في العديد من أجزاء العالم، لكنهم انتقلوا اليوم مع بقية أبناء حي السور الجديد إلى مدينة خيام نُصِبَت في وسط المدينة، حيث يخيم عليهم الرعب في تمام الـ11 مساءً كل ليلة، بالتزامن مع الوقت الذي ضربهم فيه الزلزال يوم الجمعة الماضية الثامن من سبتمبر/أيلول.
وقالت نعيمة أثناء الحديث عن أبنائها، الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و25 عاماً: "لقد رأوا الموت بأعينهم". بينما صارت إحدى بناتها تعاني من الكوابيس الآن.
ماذا يحمل المستقبل لباقي العائلات؟
وتُعَدُّ هذه العائلة واحدةً من عدة عائلات مغربية تتساءل عما يحمله لها المستقبل، وخاصةً بالتزامن مع اقتراب فصل الخريف ولياليه الأكثر برودة. ويحصل العديد من القرويين على الطعام والماء، لكن المسؤولين قالوا إن إعادة إعمار المجتمعات الواقعة على جبال الأطلس -مثل أمزميز- قد تستغرق 5 أو 6 سنوات. يُذكر أن أمزميز تبعد عن مراكش، أقرب مدينة كبيرة إليها، مسافةً تتجاوز الساعة بالسيارة.
وقد انطلقت جهود إعادة الإعمار بالفعل في الحي اليهودي القديم بمراكش وغيرها من أجزاء المدينة المتضررة التي يتردد عليها السياح عادة. بينما لا تزال الجهود مرتكزةً على تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في إقليم الحوز الذي يضم أمزميز، والذي كان أكثر أقاليم البلاد تضرراً من الزلزال وتوابعه.
فيما ترأس الملك محمد الخامس اجتماعاً للاستجابة العاجلة في يوم الخميس 14 سبتمبر/أيلول. وخرج مسؤولو المغرب بعد الاجتماع ليصرحوا بأن الحكومة ستمول جهود الإغاثة الطارئة، وكذلك جهود إعادة الإعمار المستقبلية لسكان نحو 50 ألف منزل من المنازل المتضررة أو المُدمرة، وذلك عبر تخصيص الأموال بناءً على مستوى الدمار.
ومن المحتمل أن ينتقل بعض سكان المدن الجبلية في إقليم الحوز إلى مناطق أخرى، بينما قالت نعيمة إنها ملتزمة بالبقاء، لكنها لن تعيش في بناية سكنية متعددة الطوابق ومبنية بالطوب كما كانت في السابق. وتنحدر نعيمة من الأمازيغ، كما هو حال غالبية سكان هذا الجزء من المغرب. ولهذا تشك في أنها ستتلقى مساعدة كافية من الحكومة لتتمكن من الحصول على منزل يسع العائلة بأكملها في مراكش.
وقالت نعيمة، وهي تحمل مظلةً أمام خيمتها الصفراء وأطفالها يلعبون في الداخل: "نحن قلقون من المستقبل. لقد بدأنا العام الدراسي الجديد للتو، لكن الزلزال أتى ودمّر كل شيء. نريد مكاناً لنحتمي به من المطر فحسب".
100 طفل تحت تأثير الكارثة
قدّرت منظمة اليونيسيف في الأسبوع الجاري أن الزلزال "أثر" على نحو 100 ألف طفل. ويتماشى هذا الرقم مع تقديرات الأمم المتحدة بأن الزلزال أثر على 300 ألف شخص من مختلف الأعمار، لأن الأطفال يشكلون قرابة ثلث سكان المغرب.
وقال المتحدث باسم اليونيسيف ريكاردو بيريز إن المنظمة تخشى من صدمة النزوح أثناء الكوارث الإنسانية، كما تشعر بالقلق حيال توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال مثل الوصول إلى الماء النظيف والإمدادات الطبية.
وأردف بيريز: "ينفصل الأطفال عن عائلاتهم. وربما يضطرون للنزوح أو الانتقال دون أن يعرفوا أين يجب عليهم الذهاب للبقاء آمنين. ويمثل هذا الأمر خطراً رئيسياً في الكوارث الإنسانية دائماً، أو عندما يضرب زلزال كهذا ويصبح الوصول إلى مناطق بعينها صعباً للغاية".
بينما قال السباك البالغ 40 عاماً رشيد العشون إنه يخطط للبقاء مع أسرته وإعادة بناء منزله، كما هو حال العديدين في أمزميز. وقد أدى الزلزال إلى انهيار نصف منزلهم القريب من الحي اليهودي القديم في البلدة، حي الملاح. ولم تكن الخيمة الصفراء التي حصلت عليها أسرته في وسط المدينة كبيرةً بما يكفي لتسع الجميع، ولهذا تخلّف عنهم رشيد وقرر التنقل بين الأنقاض والأسلاك العارية من أجل الوصول إلى مطبخه وحمامه.
وفي يوم الأربعاء 13 سبتمبر/أيلول، طبخ رشيد الدجاج والجزر والزيتون في قدرٍ من الفخار على موقد الغاز، وذلك داخل جزءٍ حافظ على ترتيبه داخل منزله. ولا شك أن الطهي بالغاز أسفل سقف من الطوب الخرساني هو أمر محفوف بالمخاطر، وخاصةً عندما تضرب توابع الزلزال ومنها الزلزال الذي ضرب بقوة 4.6 درجة صباح الخميس.
بينما تلقت عائلة العشون، في يوم السبت التاسع من سبتمبر/أيلول، نبأً يقول إن المساعدات في الطريق. وسرعان ما وصل الطعام والماء إليهم، لكنهم ظلوا يفتقرون إلى المأوى حتى حصلوا على الخيمة في يوم الثلاثاء 12 سبتمبر/أيلول.
وقالت لبنى، شقيقة العشون، من داخل خيمة البوليستر التي تتقاسمها مع شقيق آخر وأبيها وأمها وأحد أصدقاء العائلة المقربين: "لقد أخبرونا بألا نأتي للحصول على الإمدادات، وأن الإمدادات ستصل إلينا. ولهذا انتظرنا".