كان الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا هو المضيف الرسمي لقمة دول البريكس هذا الأسبوع، وقد وافقت القمة على مضاعفة عضوية كتلة الأسواق الناشئة، لكن الضيف المهم حقاً كان الرئيس الصيني شي جين بينغ.
حيث حظي الرئيس الصيني بمعاملة خاصة منذ اللحظة التي وصل فيها قبل الزعماء الآخرين في زيارته، التي شهدت منحه "وسام جنوب إفريقيا". قال رامافوزا بعد أن التقى بشي في المطار: "شعب جنوب إفريقيا يحييك أيها الرئيس شي جين بينغ"، وهو تشريف لم يحصل عليه أي من القادة الآخرين.
وحتى الرئيس الهندي ناريندرا مودي، زعيم ثاني أكبر اقتصاد في مجموعة البريكس، استقبله نائب رامافوزا، وليس رامافوزا بنفسه، كما تقول صحيفة Financial Times البريطانية.
"الصين تقود العالم النامي في مواجهة الهيمنة الأمريكية"
يمكننا أن نرى أهمية شي جين بينغ في القلق الذي نشأ عندما لم يظهر في أول خطاب كبير له في القمة أمام رجال الأعمال من مختلف أنحاء دول البريكس. لم يُقدَّم أي تفسير لذلك، فيما ظهر شي في وقت لاحق من المساء لتناول العشاء مع القادة، لكن ذلك كان حدثاً منخفضاً في قمةٍ أُعِدَّ لها بعنايةٍ فائقة.
كان الدليل الحقيقي على أهمية شي هو التوسع الذي يبدو أنه من شأنه أن يضيف الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات، إلى الكتلة المكونة من خمسة أعضاء. ويتناسب هذا مع خطة شي التي تقضي بأن تقود الصين العالم النامي في مواجهة الهيمنة الأمريكية، حتى في الوقت الذي يتصارع فيه أيضاً مع التباطؤ الاقتصادي والانكماش في الداخل.
قال شي إن زيادة عدد دول البريكس من 5 إلى 11 دولة "تلبي توقعات المجتمع الدولي، وتخدم المصالح المشتركة للأسواق الناشئة والدول النامية".
وهذا رغم أن المجموعة الموسعة تواجه تناقضات داخلية أكثر من أي وقت مضى إذا أرادت الصين أن تنافس حقاً مجموعة السبع وغيرها من الكتل التي يهيمن عليها الغرب.
كانت دول مثل السعودية والإمارات، والحلفاء العسكريين التقليديين للغرب، وكبار المقترضين من صندوق النقد الدولي الأرجنتين ومصر، من بين الدول المدعوة للانضمام إلى البرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا في التوسع الذي توسط فيه إلى حد كبير أكبر اقتصاد في الكتلة.
إثيوبيا، ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، تظهر في المؤخرة كأصغر عضو في مجموعة البريكس من حيث الناتج المحلي الإجمالي، لكنها دولة رئيسية لبكين.
دبلوماسية بكين تعكس تحولات اقتصادية
وساعدت الإشارات التي ظهرت في القمة بشأن قوة صادرات الصين في إخفاء المخاوف بشأن تباطؤ النمو المحلي. وكانت شركة صناعة السيارات الصينية المملوكة للدولة شيري "الشريك الرسمي للسيارات الرئاسية" لهذا الحدث، حيث قدمت أسطولاً من السيارات لنقل المندوبين الدوليين حول المركز المالي لجنوب إفريقيا.
ورغم أن رامافوزا أثار مع شي "الحاجة إلى تضييق العجز التجاري بين جنوب إفريقيا والصين"، الذي بلغ أكثر من 10 مليارات دولار العام الماضي، فإن الصفقات التي وقَّعتها حكومته مع بكين سعت للترويج للتكنولوجيا الصينية للتغلب على انقطاع التيار الكهربائي في جنوب إفريقيا.
بذل وفد شي ما بوسعه لتوسيع الفائض التجاري مع جنوب إفريقيا، فاستحوذ على الفنادق، ونقل بطائرة شحن خاصة كل السلع اللازمة لتجديدها بالكامل.
أشار المحللون إلى أنه لم يكن من المصلحة السياسية لأي من أعضاء البريكس هذا الأسبوع إثارة المشكلة الاقتصادية في جلسات القمة، حيث المشكلات تتزايد في البنية التحتية في الصين، ونموذج الاستثمار القائم على العقارات، ما سيؤثر على مصدري السلع الأساسية مثل جنوب إفريقيا والبرازيل.
وطرح شي خلال اجتماع على هامش القمة مع الزعماء الأفارقة هذا الأسبوع، أن الصين "ستعمل على تسخير مواردها بشكل أفضل للتعاون مع إفريقيا"، في إشارة إلى أن دبلوماسية بكين تعكس بهدوء هذه التحولات الاقتصادية.
وكانت قمة جوهانسبرغ جديرة بالاهتمام أيضاً، بسبب الاجتماع الثنائي النادر بين شي ومودي، حيث اتفقا على تهدئة التوترات على الحدود الصينية الهندية، والتي أدت إلى مناوشات خطيرة في السنوات الأخيرة. ومن ناحية أخرى، تظل القوتان عالقتين في معضلة أمنية متنامية مع قيام الهند بتوسيع علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
وتبدو إندونيسيا، وهي مرشح طبيعي لمجموعة البريكس من الناحية الاقتصادية، باعتبارها رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، وأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، حذِرة بشأن الانضمام إلى الكتلة التي تهيمن عليها الصين بشكل متزايد، كما تقول صحيفة فاينانشيال تايمز.
وكان من المقرر أن تكون جاكرتا من بين المدعوين هذا الأسبوع، لكنها رفضت التعبير عن اهتمامها، بينما تناقش حكومة الرئيس جوكو ويدودو ما إذا كانت بلادها ستنضم للكتلة، مع العلاقات الاقتصادية سريعة النمو مع الأعضاء الآخرين.
ومع ذلك، ورغم نجاح شي هذا الأسبوع في بناء الزخم لتحويل مجموعة البريكس إلى منتدى دولي بارز، فإن تحقيق ذلك لا يزال يشكل تحدياً، على حد قول المحللين.