مر نحو أسبوعين على الانقلاب العسكري في النيجر، حيث لا يزال المجلس العسكري يبسط سيطرته على السلطة في البلاد، فيما تستمر المحاولات والضغوطات الغربية لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه.
وبعد انتهاء مساء الأحد المهلة التي أعطتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" للانقلابيين العسكريين في النيجر من أجل إعادة بازوم، حذرت فرنسا على لسان وزيرة خارجيتها كاترين كولونا أنه يتوجب على الانقلابيين "الأخذ على محمل الجد" الخيار العسكري لمجموعة "إيكواس". لكن هل تمتلك "إيكواس" خطة بالفعل للتدخل العسكري في النيجر، أم أنها تحاول ترهيب العسكر فقط؟
هل تمتلك "إيكواس" خطة بالفعل للتدخل العسكري في النيجر؟
سبق وأن أكدت هذه المجموعة التي تضم 15 دولة استعدادها للتدخل العسكري ضد الانقلابيين الذين يستولون على السلطة في النيجر منذ 26 يوليو/تموز الماضي. وصرح عبد الفتاح موسى، مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن بمجموعة "إيكواس" خلال اللقاء الذي نظم في أبوجا بنيجيريا الجمعة الماضي أنه "تم التطرق إلى جميع العناصر الممهدة لتدخل عسكري محتمل"، حسب تعبيره.
وأضاف موسى أن "مجموعة إيكواس لن تكشف للانقلابيين عن موعد التدخل وأين سيكون. هذه قرارات سوف تتخذ من قبل رؤساء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا". وبحسب وكالة فرانس 24، فإن الحل العسكري يعد الخيار الأخير لمجوعة "إيكواس" التي تفضل الحل الدبلوماسي.
المحادثات وصلت لطريق مسدود.. ماذا بعد؟
حتى اللحظة، وصلت المحادثات مع العسكر في النيجر إلى طريق شبه مسدود بعدما عادت البعثة التي أرسلتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إلى النيجر ليل الجمعة الماضي بدون أن تتمكن من لقاء الجنرال عبد الرحمن تشياني ولا بالرئيس المخلوع بازوم.
ووفق التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا هناك "العديد من الدول القوية التي أعلنت بأنها مستعدة للتدخل عسكريا إذا اقتضت الحاجة".
وبحسب فرانس 24، فإن رئيس نيجيريا أجرى مكالمات هاتفية مع بعض رؤساء المناطق التي لها حدود مع النيجر لكي يطمئنهم، خاصة وأن هناك علاقات وطيدة بين عائلات نيجيرية مع أخرى في النيجر وحركة اقتصادية كثيفة بين الجانبين.
وبحسب الوكالة الفرنسية، هناك توقعات بتنظيم قمة طارئة يشارك فيها رؤساء دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، لأن التدخل عسكريا في بلد عضو غير وارد في النظام الأساسي للمجموعة.
مضيفة أن القادة العسكريين نظموا عدة لقاءات من أجل "وضع خطط للتدخل العسكري الذي قد يحدث في الساعات أو الأيام القليلة المقبلة"، حيث أن الرئيس النيجيري يحتاج إلى "ضوء أخضر" من قبل مجلس شيوخ بلاده لإرسال قوات عسكرية إلى النيجر. فيما بدأت بعض الأصوات ترتفع في نيجيريا ضد التدخل العسكري ضد البلد الجار.
"إيكواس" قد تحتاج لقرار أممي للتدخل العسكري بالنيجر
من جهتها، كشفت جريدة lemonde الفرنسية أن بإمكان أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تجنيد ما يقارب 50 ألف عسكري من أجل التدخل في النيجر، من بينهم عسكريون من نيجيريا وساحل العاج والسنغال وبنين.
وبعض الدول من مجموعة "إيكواس" قد تربط ربما مشاركتها بصدور قرار أممي يسمح بالتدخل عسكريا في النيجر.
أما مالي البلد الذي لديه حدود برية مع النيجر، فأعلنت بأنها لن تشارك في أية عملية عسكرية. نفس الشيء أيضا بالنسبة لبوركينا فاسو وغينيا. هذه الدول الثلاث عرفت كلها انقلابات عسكرية ما بين 2020 و2022، وتحمل الكثير من العداء لفرنسا، المستعمر السابق للمنطقة.
من جهته، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مجددا حوار مع صحافيين جزائريين بثته القناة الرسمية الجزائرية: "لقد حدث انقلابا عسكريا في النيجر ونحن مع الشرعية الدستورية ويجب العودة إلى هذه الشرعية". وأضاف أن بلاده "مستعدة لتقديم الدعم للنيجر لكي تعود إلى الشرعية الدستورية"، بدون أن يحدد أي موعد زمني لذلك. واكتفى فقط بالقول: "يجب العودة إلى الشرعية. وإذا احتاجوا إلى المساعدة، فنحن مستعدون".
ما موقف فرنسا حتى اللحظة؟
في بيان نشرته الخارجية الفرنسية السبت الماضي، أكدت أن فرنسا "تدعم بقوة التزام وعزم المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لإفشال محاولة الانقلاب".
وجاء هذا التصريح عقب المكالمة الهاتفية التي أجرتها كاترين كولونا مع رئيس وزراء النيجر أحمودو محمدو. وأضافت كولونا: "فرنسا وشركاؤها يدعمون الجهود التي تبذلها دول المنطقة من أجل استعادة الديمقراطية في النيجر".
وفي سؤال عن المساعدات المحتملة التي يمكن أن تقدمها فرنسا لهذه الدول، أجابت : "نحن لم نصل بعد إلى هذه المرحلة"، مضيفة أن "رؤساء دول المنطقة هم الذين سيتخذون قرار أي تدخل محتمل وهم الذين سيحددون أيضا الإطار الذي ستتم فيه هذه العملية المحتملة". وفيما يتعلق بتواجد حوالي 15 ألف عسكري فرنسي في النيجر، أنهت كولونا قائلة إنه "لغاية الآن إجلاء هؤلاء العسكريين ليس ضمن جدول الأعمال".
من جهة أخرى، دعت مجموعة من الباحثين المتخصصين في شؤون منطقة الساحل في مقال نشرته يومية "liberation" الفرنسية إلى "تفادي حدوث سيناريو الحرب الذي قد يكون كارثيا".
وكتبت: "حرب أخرى في منطقة الساحل لن تنتصر فيها سوى الجماعات الجهادية التي استغلت تراجع أداء دول المنطقة لتوسيع رقعة تواجدها في هذه المناطق". وتجدر الإشارة إلى أن باريس علقت مساعداتها المالية للنيجر كرد أولي على الانقلاب. وبلغت قيمة هذه المساعدات في 2022 نحو 119.2 مليون يورو وفق الوكالة الفرنسية للتنمية.
من جانبه، اتهم المجلس العسكري في النيجر، مساء الأربعاء، 9 أغسطس/آب 2023، قوات فرنسية بتنفيذ مخطط لزعزعة استقرار البلاد، وقال إن طائرة فرنسية انتهكت المجال الجوي الذي أغلقه المجلس العسكري، فيما نفت باريس صحة هذا الاتهام، في وقت أكدت روسيا مجدداً على معارضتها للتدخل العسكري في النيجر.