يستمر الهجوم المضاد الكبير كما تطلق عليه أوكرانيا، وتقول روسيا إنه لم يحقق تقدماً يذكر رغم الكم الهائل من الأسلحة المتطورة التي قدمها الغرب لكييف، فما هي أكثر 5 أسلحة غربية تطوراً بين أيدي الجيش الأوكراني؟
الحديث عن ذلك الهجوم الأوكراني المضاد يرجع إلى بداية العام الجاري، لكن الهجوم نفسه تأخر بشكل أثار حفيظة الداعمين الغربيين لكييف، وعندما تم الاعتراف بأنه بدأ أخيراً، لم تحدث تغييرات كبيرة في ساحة المعركة على امتداد الجبهة بين الجيشين المتحاربين.
وتحاول أوكرانيا، من خلال هذا الهجوم الذي شهد التحضير له تخلي الغرب عن كثير من الخطوط الحمراء في نوعيات الأسلحة المقدمة لكييف، استعادة الأراضي التي ضمتها روسيا وأعلنت أنها جزء من أراضيها، في خطوة نددت بها كييف وكثير من دول الغرب.
ماذا تقول روسيا عن هجوم أوكرانيا المضاد؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال، السبت 29 يوليو/تموز، إنه لم تحدث تغييرات بالغة في ساحة المعركة خلال الأيام الماضية، مضيفاً أن أوكرانيا فقدت الكثير من العتاد منذ الرابع من يونيو/حزيران.
وعلى الرغم من أن كييف تقول إن قواتها تحرز بعض التقدم في مساعيها لاستعادة السيطرة على الأراضي، إلا أن المؤكد الآن هو أن القوات الأوكرانية تواجه صعوبة بالغة في تخطي الدفاعات الروسية المكثفة، وأن التقدم الأوكراني يسير بوتيرة أبطأ كثيراً مما ترغب به أوكرانيا وداعموها الغربيون، وبخاصة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
أما الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، الذي أثار في بعض الأحيان شبح نشوب صراع نووي فيما يتعلق بأوكرانيا، فقد قال الأحد 30 يوليو/تموز إن موسكو كانت ستضطر لاستخدام السلاح النووي لو كان الهجوم المضاد الذي تشنه كييف حالياً ناجحاً.
وقال ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، وهو هيئة يرأسها الرئيس بوتين، في رسالة على حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إن روسيا ستكون مضطرة للتراجع عن عقيدتها النووية في مثل تلك الحالة.
وأضاف: "تخيلوا لو… نجح الهجوم المدعوم من حلف شمال الأطلسي واستقطعوا جزءاً من أرضنا. حينها كنا سنضطر إلى استخدام السلاح النووي وفقاً لقواعد مرسوم صادر عن رئيس روسيا".
واستطرد ميدفيديف، الذي يوصف في الغرب بأنه أكثر الأصوات تطرفاً في موسكو: "ببساطة لن يكون هناك خيار آخر. لذا يجب على أعدائنا الدعاء من أجل (نجاح) محاربينا. إنهم حريصون على عدم إشعال فتيل حرب نووية عالمية".
ويشير ميدفيديف بحديثه إلى جزء من العقيدة النووية الروسية التي تنص على إمكانية استخدام الأسلحة النووية رداً على العدوان على روسيا باستخدام أسلحة تقليدية بما يهدد وجود الدولة الروسية.
والحرب في أوكرانيا، التي اندلعت منذ 24 فبراير/شباط هي في الأساس صراع جيوسياسي بين روسيا والغرب، حيث تصفها موسكو بأنها "عملية عسكرية خاصة" هدفها منع كييف من الانضمام إلى حلف الناتو، بينما يصفها الغرب بأنها "غزو عدواني غير مبرر"، وبالتالي فإن خطر تحول الحرب إلى صراع مباشر بين موسكو وواشنطن سيظل قائماً ما استمرت الحرب، أياً كانت تسميتها.
هيمارس.. النظام الصاروخي عالي الحركة
وعلى مدار أشهر، ناشدت أوكرانيا حلفاءها للحصول على أسلحة متطورة وعربات مدرعة من شأنها أن تحدث فرقاً كبيراً في ساحة المعركة. وبالفعل سلمت العديد من الدول الكثير من الأسلحة، إذ أرسلت ألمانيا دبابات ليوبارد 2، وقدمت الولايات المتحدة أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت، ومنحت المملكة المتحدة سرباً من دبابات تشالنجر 2.
والآن، نظراً لأن أوكرانيا في خضم هجومها المضاد لاستعادة الأراضي المهمة من روسيا، يرى كثير من الخبراء العسكريين أن 5 أنظمة أسلحة هي الأكثر فتكاً على الإطلاق وأكثر فائدة للأوكرانيين في ساحة المعركة، بحسب تقرير لمجلة Business Insider الأمريكية.
وتحدثت المجلة في تقريرها مع 3 خبراء عسكريين حول الأسلحة التي قدمها الغرب والتي كانت الأكثر فاعلية بالنسبة لأوكرانيا في الحرب، وجاء النظام الصاروخي عالي الحركة هيمارس ضمن القائمة.
إذ تلقت أوكرانيا العشرات من أنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة هيمارس، والتي كانت حاسمة في قدرتها الدفاعية والهجومية. والنظام الأمريكي الصنع هو قاذفة صواريخ متطورة مثبتة على شاحنة ويمكنها إطلاق 6 صواريخ موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي، ويمكن أن يصل مداها إلى 80 كيلومتراً. ويسمح وصولها لأوكرانيا بتدمير أهداف عالية القيمة بعيدة عن الخطوط الأمامية.
ونظراً لأن الصواريخ مثبتة أيضاً على ظهر شاحنة، فإن النظام مرن ويمكنه أن يتكيَّف مع تكتيكات الحرب المتغيرة، كما قال بِن كايفز، كبير الباحثين في مؤسسة راند البحثية الأمريكية. فقد قال كايفز لبيزنيس إنسايدر: "من السمات المهمة لنظام هيمارس الصاروخي هو أنه يمكن نقله بسرعةٍ كبيرة، فلا يتمكَّن الروس من تحديد مكان وجوده أبداً، لذا كان مفيداً للغاية بالنسبة لأوكرانيا".
كان السلاح مفيداً بشكل خاص للقوات الأوكرانية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما نجح في دفع القوات الروسية بعيداً عن مدينة خيرسون الجنوبية، التي كانت تحتلها في ذلك الوقت.
أنظمة صواريخ باتريوت
وصلت الأنظمة التي قدمتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا في أبريل/نيسان 2023، حيث قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف: "اليوم، أصبحت سماؤنا الأوكرانية الجميلة أكثر أماناً".
تُعتبر صواريخ باتريوت من أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً في العالم، إذ إن لديها القدرة على إيقاف صواريخ كروز والصواريخ الباليستية قصيرة المدى قبل أن تصل إلى هدفها، ويمكنها إسقاط الطائرات أيضاً.
قال حسن علييف، من مركز أبحاث دراسات أوروبا الشرقية، إن النظام المضاد للطائرات عزز الدفاعات الجوية للجيش، والتي لم تكن قادرة في السابق على اعتراض المزيد من الصواريخ الروسية الحديثة.
وأضاف للمجلة الأمريكية: "صواريخ باتريوت ليست مجرد إضافة حديثة للجيش الأوكراني، بل كان لها بالفعل تأثير ملحوظ للغاية على قدرتهم على إسقاط الصواريخ الباليستية، على سبيل المثال، إذ لم يقدروا على إسقاطها من قبل".
في وقت سابق من هذا العام، زعم المسؤولون الأوكرانيون أنهم استخدموا صواريخ باتريوت لإسقاط العديد من صواريخ كينجال الروسية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتي تفاخرت موسكو في السابق بأنها لا يمكن إيقافها.
صاروخ جافلين المضاد للدبابات
بينما يُعرف الصاروخ الأمريكي الصنع المضاد للدبابات FGM-148 باسم جافلين، أطلق عليه الجنود الأوكرانيون اسماً جديداً: "القدسي جافلين، حامي أوكرانيا"، وفقاً لصحيفة Military Times الأمريكية للشؤون العسكرية.
هذا الصاروخ الأرض-جو المحمول، الذي يمكن إطلاقه من الكتف أو من قاذفة، فعال للغاية ضد دبابات القتال الرئيسية وغيرها من المركبات المدرعة.
في الصيف الماضي، زودت الحكومة الأمريكية أوكرانيا بأكثر من 5 آلاف صاروخ جافلين كجزءٍ من حزمة المساعدات العسكرية التي تزيد قيمتها عن 8 مليارات دولار.
أخبرت كايفز موقع Business Insider أن صواريخ جافلين كانت فعالةً بشكل خاص في المراحل الأولى من الحرب عندما فشلت روسيا في السيطرة على كييف.
تمتلك أوكرانيا أيضاً سلاحاً خفيفاً مضاداً للدبابات من الجيل التالي من صنع المملكة المتحدة، وهو صواريخ نلاو، التي قال كايفز إنه مفيد بالقدر نفسه لأنه أصغر حجماً ويتطلب القليل جداً من التدريب.
صواريخ ستورم شادو
وُصِفَت هذه الصواريخ بأنها تغير قواعد اللعبة لصالح هجوم أوكرانيا المضاد، نظراً لقدراتها المُراوِغة والاستهداف الدقيق ومداها البالغ 248 كيلومتراً.
صُمِّمَت هذه الصواريخ التي قدمتها المملكة المتحدة مؤخراً، للطيران على ارتفاع منخفض بعد الإطلاق لتفادي الاكتشاف ولديها نظام البحث عن الهدف بالأشعة تحت الحمراء الذي يسمح لها بالتعرف على الأهداف المخطط لتوجيه ضربةٍ دقيقة لها.
قالت مارينا ميرون، باحثة ما بعد الدكتوراه في قسم دراسات الحرب في كينغز كوليدج بلندن، إن صواريخ ستورم شادو "تضاعِف قوة القوات الأوكرانية".
وأضافت: "هذه هي الصواريخ الأطول مدى التي يمكن أن يطلقها الأوكرانيون من طائراتهم المقاتلة السوفييتية لضرب أهداف عالية القيمة خلف خطوط العدو، مثل مراكز القيادة والسيطرة ومراكز الإمدادات اللوجستية ومستودعات الذخية وغيرها من الأهداف المُحصَّنة".
مركبات برادلي القتالية
تلقت أوكرانيا شحنةً كبيرة من المركبات القتالية المدرعة من أوروبا والولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام. لكن مركبات القتال برادلي التي قدمتها الولايات المتحدة أثبتت نجاحها بشكل خاص، وفقاً لما ذكره علييف. إذ قال للمجلة الأمريكية: "إنها مهمة لأنها تساعد أوكرانيا على نقل المشاة إلى الخطوط الأمامية. وهي لا توفر الحماية للأفراد العسكريين فحسب، بل تسمح أيضاً بالمرونة حتى يتمكن الجنود من التكيف في ساحة المعركة".
وأضاف أن مركبة مدرعة مثل برادلي تجمع بين قوة النيران الثقيلة مع القدرة على نقل ما يصل إلى 15 جندياً، وهي مُزوَّدة برؤية ليلية وآلات حاسبة للمدى والتحكم في الحرائق.
وتابع قائلاً: "هدفها في الواقع ليس محاربة الدبابات أو القتال في المعركة، ولكن فقط لتحريك المشاة لتوفير الحماية. في بعض الأحيان يكون الجانب الأخطر بالنسبة للقوات هو مجرد الوصول إلى الخطوط الأمامية".
لكن في كل الأحوال، الوقت فقط هو ما سيحدد مدى فائدة هذه الأسلحة حقاً، إذ لا يزال من غير الواضح كيف سيبدو الهجوم المضاد لأوكرانيا، وإلى متى ستستمر الأسلحة الغربية حتى تحتاج أوكرانيا إلى المزيد منها.
جنرال أوكراني كبير قال لشبكة BBC البريطانية، يوم الخميس 27 يوليو/تموز، إن الدبابات الغربية أثبتت عدم فعاليتها في جنوب أوكرانيا نظراً لأن روسيا نثرت حقول ألغام متعددة الطبقات في خطوط المواجهة هناك.
وقال الجنرال أولكسندر تارنافسكي إن بعض المركبات تعرضت لأضرار بالغة، ما أجبر الوحدات الأوكرانية على تركها والتقدم ببطء سيراً على الأقدام.