سلَّطت المعركة القانونية المحتملة بين الأردن والصين بسبب محطة كهرباء -وقبل ذلك ما تردد عن استيلاء بكين على أصول لدول نامية بسبب القروض- الضوء على القضايا المتعلقة بالمشروعات الصينية والقروض المتعثرة، ومدى قدرة بكين على وضع يدها على هذه الأصول، فيما يعرف باسم فخ الديون الصينية، فهل نحن أمام فخ خطير تنصبه بكين أم أنه أكذوبة غربية؟
وتسببت محطة "العطارات" الأردنية لتوليد الكهرباء، والتي تم تصويرها كمشروع تاريخي للبلاد، في جعل عمان مدينةً للصين، حسبما أفادت به وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير لها.
وبعد أسابيع من الافتتاح الرسمي للمحطة التي شيدت بمبلغ 2.1 مليار دولار أصبح الموقع مصدراً للجدل، حيث باتت عمان في مأزق بسبب ديون بمليارات الدولارات من أجل مصنع لم يعد ضرورياً، بسبب الاتفاقات الأخرى التي تم التوصل إليها منذ تصميم المشروع.
وصمم مصنع الزيت الصخري في العطار منذ حوالي 15 عاماً كوسيلة لتحقيق الطموحات الوطنية لاستقلال الطاقة، لكنه يتسبب الآن في الغضب في الأردن بسبب ثمنه الباهظ، وفقاً للوكالة، لافتة إلى أنه إذا استمرت الاتفاقية الأصلية فسيتعين على الأردن أن يدفع للصين 8.4 مليار دولار على مدى 30 عاماً لشراء الكهرباء المولدة من المحطة.
وتحاول الحكومة الأردنية الطعن في الصفقة عبر معركة قانونية دولية، بحسب الوكالة.
الصين أكبر مدين حكومي للدول النامية، ولكن ما هو حجم قروضها؟
صارت الحكومة الصينية أكبر دائن حكومي في العالم للدول النامية، إلا أنها قد تضطر حالياً إلى إعادة هيكلة الديون المستحقة لها لدى بلدان عديدة بسبب احتمالات تعثر هذه الدول عن السداد.
ومن الصعب معرفة حجم قروض الصين لدول العالم الثالث بدقة، لأنها تتنوع بين قروض مقدمة من الحكومة الصينية وأخرى من البنوك الصينية، وبعضها مقدم للحكومات وأخرى مقدم لشركات تابعة للحكومة، ولكن ميزانيتها لا تظهر في ميزانيات الحكومات.
ووفقاً لوزارة الخارجية الصينية، قدمت الصين في غضون عقد واحد فقط نحو تريليون دولار في شكل قروض واستثمارات ومنح وأموال أخرى لمشروعات التنمية في ما يقرب من 150 دولة؛ مثل الإكوادور وأنغولا. وصارت الصين، لأول مرة، أكبر دائن رسمي في العالم.
وتعد الصين حالياً مقرضاً ثنائياً في 32 دولة إفريقية، وأكبر مقرض للقارة ككل، وتشمل القائمة أنغولا (21.5 مليار دولار في 2017)، وإثيوبيا (13.7 مليار دولار)، وكينيا (9.8 مليار دولار)، وجمهورية الكونغو (7.42 مليار دولار)، وزامبيا (6.38 مليار دولار)، والكاميرون (5.57 مليار دولار)، وفقاً لتقرير موقع "إندبندنت عربية".
وفي نهاية عام 2020، كانت الدول الـ68، الأفقر في العالم مجتمعة، تدين بنحو 110 مليارات دولار أمريكي للعديد من المقرضين الصينيين في الديون الثنائية الرسمية، وفقاً لتقديرات مركز التمويل والتنمية الأخضر في جامعة فودان في شنغهاي، أوردتها صحيفة "ساوث تشاينا مورننغ بوست"، ارتفاعاً من 105 مليارات دولار أمريكي في عام 2019. وكانت الصين أكبر دائن منفرد بعد جمعية التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، كما يقول التقرير.
وفقاً لخبراء الاقتصاد، سيباستيان هورن وكارمن راينهارت وكريستوف تريبيش، الذين كتبوا عن الديون الدولية، ما يقرب من 60% من قروض الصين الخارجية مملوكة الآن لبلدان تعتبر في ضائقة مالية، مقارنة مع 5% في عام 2010.
وجد تحليل لوكالة أسوشيتد برس "AP" الأمريكية نشر في مايو/أيار 2023 لعشرات البلدان الأكثر ديوناً للصين – بما في ذلك باكستان وكينيا وزامبيا ولاوس ومنغوليا – أن سداد الديون يستهلك قدراً متزايداً من عائدات الضرائب اللازمة لإبقاء المدارس مفتوحة وتوفير الكهرباء والدفع للطعام والوقود. وهو يستنزف احتياطيات العملات الأجنبية التي تستخدمها هذه البلدان لدفع الفوائد على تلك القروض، مما يترك للبعض أشهراً فقط قبل أن تذهب تلك الأموال.
حصلت البلدان في تحليل وكالة أسوشيتد برس على ما يصل إلى 50٪ من قروضها الخارجية من الصين وكان معظمها يخصص أكثر من ثلث الإيرادات الحكومية لسداد الديون الخارجية. وقد تعثرت اثنتان منهما، وهما زامبيا وسريلانكا، في عجزهما عن سداد أقساط الفائدة على القروض الممولة لبناء الموانئ والمناجم ومحطات الطاقة.
ويثير توسع القروض الصينية للدول النامية مخاوف من أن تجبر بكين الدول المدينة، في مرحلة ما، على التخلي عن بعض أصولها للشركات الدائنة، أو تغيير مواقفها الدبلوماسية من قضايا معينة، استجابة للضغوط الصينية، وربما حتى فتح المجال لبكين لإقامة قواعد عسكرية.
وسبق أن حذّر المستشار الألماني أولاف شولتز، من أن القروض التي تمنحها الصين منذ سنوات إلى بلدان فقيرة، خصوصاً في إفريقيا، تشكل "خطراً جدياً" يمكن أن يغرق العالم في أزمة مالية جديدة.
وتردد دوائر غربية عدة أن الصين تحث البلدان الفقيرة على الحصول على قرض تلو الآخر لبناء بنية تحتية باهظة الثمن لا يستطيعون تحملها والتي ستحقق فوائد قليلة، كل ذلك مع الهدف النهائي المتمثل في سيطرة بكين في نهاية المطاف على هذه الأصول من المقترضين المتعثرين، حسبما ورد في دراسة موسعة عرضها تقرير لموقع the Atlantic الأمريكي.
ورغم نفي الصين استيلاءها على أصول أية دولة في العالم بسبب تعثرها في سداد ديونها، إلا أنه كثيراً ما يتردد اسم ميناء "هامبانتوتا" جنوبي سريلانكا، الذي استحوذت شركة صينية على 70% من أسهمه لمدة 99 عاماً، كمثال على رغبة بكين في الاستحواذ على أصول الدول بعد إغراقها بالديون.
سردية فخ الديون الصينية بدأت من سريلانكا
وكانت سيرلانكا قد أعلنت عن عجزها عن سداد ديونها، بل عجزها حتى عن شراء شحنات وقود.
تقول القصة الشائعة إن بكين دفعت سريلانكا إلى اقتراض الأموال من البنوك الصينية لدفع تكاليف المشروع، الذي لم يكن لديه أي أمل في النجاح التجاري. دفعت الشروط المرهقة والإيرادات الضعيفة في النهاية سريلانكا إلى التخلف عن السداد، وعند هذه النقطة طلبت بكين الميناء كضمان، مما أجبر الحكومة السريلانكية على التنازل عن سيطرتها لشركة صينية.
علماً بأن هذا الميناء يقع في منطقة استراتيجية في المحيط الهندي وفي سريلانكا الدولة المجاورة للهند منافسة الصين الإقليمية.
إليك الحقيقة حول الميناء الذي قيل إن بكين استولت عليه
ولكن هذه القصة ما هي إلا أكذوبة كبيرة، حسب الدراسة التي عرضها موقع موقع the Atlantic الأمريكي عام 2021.
وكان أول من أشار إلى هذا الميناء كنموذج لفخ الديون الصينية هي إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي بدأت الحملة الأمريكية على الصين.
في عام 2018، أطلق عليها نائب الرئيس السابق مايك بنس "دبلوماسية فخ الديون"، وهو المصطلح الذي أصبح شائعاً بعد ذلك.
ولكن الواقع أن سريلانكا عرضت فكرة المشروع على الهند والولايات المتحدة الأمريكية ولم تجد استجابة.
تقرير موقع the Atlantic الأمريكي الذي نشر في فبراير/شباط 2021، قال: "يُظهر بحثنا أن البنوك الصينية كانت مستعدة لإعادة هيكلة شروط القروض الحالية ولم تصادر أبداً أي أصل من أي بلد، ناهيك عن ميناء هامبانتوتا.
وبني الميناء بالفعل بقروض صينية، كانت تبدو منطقية لسريلانكا في وقت إطلاق المشروع، لكن استحواذ شركة صينية على حصة الأغلبية في الميناء، لم يكن بناء على المؤامرة الصينية المزعومة بل جاء بناء على سوء إدارة السريلانكيين.
فبعد تشغيله من قِبل سريلانكا، وبحلول عام 2014، كان ميناء هامبانتوتا يخسر المال. وإدراكاً لحاجتهم إلى مشغلين أكثر خبرة، وقعت هيئة موانئ سريلانكا (SLPA)، اتفاقية مع شركتي China Harbour و China Merchants Group الصينيتين، لجعلهما تطوران وتديران الميناء الجديد بشكل مشترك لمدة 35 عاماً، لكن أثناء صياغة المحامين للعقود، بدأت الاضطرابات السياسية تتشكل، خاصة مع توالي الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد والمزايدات بين الحكومة والمعارضة.
كانت سريلانكا مدينة لليابان والبنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي أكثر مما كانت مدينة للصين، من 4.5 مليار دولار لخدمة الديون التي ستدفعها سريلانكا في عام 2017، كان 5٪ فقط بسبب ميناء هامبانتوتا.
ولا يتفق محافظا البنك المركزي في عهد رئيسَي وزراء البلاد المتخاصمين راجاباكسا وسيريسينا على الكثير، لكن كلاهما قال للموقع الأمريكي إن ميناء هامبانتوتا، والتمويل الصيني بشكل عام، لم يكن مصدر الضائقة المالية في البلاد.
كما قال مايكل أونداتجي، أحد أهم المؤرخين البلاد: "في سريلانكا، الكذبة المدروسة تساوي ألف حقيقة"، وسردية فخ الديون هي مجرد كذبة، ولكن كذبة قوية، حسبما ورد في تقرير the Atlantic.
وبعد أن استقر مصطلح فخ الديون الصينية في الذهنية العالمية دون دليل، تحول الإعلام والمؤسسات الغربية للحديث أحياناً عن أن قروض الصين للدول النامية باتت فخاً للصين، نفسها.
هل استولت الصين على الميناء السريلانكي؟
ومع تدهور اقتصاد البلاد، رتبت كولومبو خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، وقررت جمع الدولارات التي تشتد الحاجة إليها عن طريق تأجير ميناء هامبانتوتا ذي الأداء الضعيف لشركة ذات خبرة، تماماً كما سبق أن أوصت الشركة الكندية التي وضعت دراسة جدوى للمشروع.
لم تكن هناك مناقصة مفتوحة، وجاء العطاءان الوحيدان من China Merchants و China Harbour؛ اختارت سريلانكا الأولى، مما يجعلها المساهم الأكبر بعقد إيجار لمدة 99 عاماً، واستخدمت الدفع النقدي البالغ 1.12 مليار دولار الذي قدمته الشركة لتعزيز احتياطياتها الأجنبية، وليس لسداد ديونها لبنك Eximbank الصيني، كما قيل.
هل تركت باكستان تغرق في فخ الديون؟
ينظر للقروض الصينية لباكستان، حليف بكين القوي أمام الهند وتمويلها لمشروع ميناء غوادر الباكستاني كنموذج لفخ آخر لفخ الديون الصينية.
وكما هو مع سريلانكا، لم تسارع الصين لإنقاذ اقتصاد باكستان المتردي والمهدد بأزمة ديون.
ولكن أيضاً دول الخليج، وهي حليف قوي لباكستان والغرب كذلك لم يسارع أي منهما لنجدة إسلام أباد حتى الآن، ببساطة لأن الجميع متوجس من ساسة البلاد في ظل الاضطرابات المستمرة ورفضهم للسياسات التقشفية لحل الأزمة، ويشعر الجميع أن قادة باكستان على اختلاف الأحزاب مثل دول نامية أخرى استمرأوا فكرة الاقتراض السهل دون دراسة جدوى ودون إصلاحات اقتصادية جدية؛ لأن بلادهم أخطر من تترك تسقط.
وسريلانكا ليست المثال الوحيد للمزاعم على عملية استيلاء الصين على أصول الدولة التي تتعثر في سداد ديونها، فهناك أيضاً زامبيا، التي فشلت في دفع قيمة "محطة التوليد المائية" التي أنشأتها الصين، فاستحوذت عليها وعلى 60% من أسهم إذاعة زامبيا الحكومية.
وفي المالديف، تقدر ديون البلاد للصين بمبلغ 1.3 مليار دولار (أي أكثر من ربع إجمالي الناتج المحلي السنوي)، وقد استأجرت بكين إحدى جزرها لمدة 50 عاماً، وبعد استلام إبراهيم صلح الرئاسة أخذ على عاتقه مراجعة الاتفاقيات مع الجانب الصيني، ووصفها بأنها مشروع لـ"الاستيلاء على أراضي الدولة".
وفي كينيا تعثرت الحكومة في دفع قرض أنفقته في بناء خط للسكك الحديدية، ما قد يدفعها للتخلي عن بعض أصولها.
مع امتلاك الصين حوالي 72% من ديون كينيا الخارجية التي تبلغ 50 مليار دولار. وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، من المتوقع أن تدفع كينيا 60 مليار دولار لبنك الصين، "إكسيم" وحده، بحسب ما نقله تقرير لموقع "إندبندنت عربية" عن مصادر مطلعة.
ويمكن أن يُفقد ميناء مومباسا، إذا تخلفت كينيا عن سداد القرض، وفقاً لمراجع الحسابات العامة في كينيا، حسب كثير من التقارير الغربية.
القصة التي لا يتم التركيز عليها.. إعفاء الصين لديون دول إفريقية وقيادتها لهيكلة ديون زامبيا
ولكن الجانب الآخر من خرافة فخ الديون الصينية أن بكين لا ترغب في تحمل خسائر كبيرة جراء إعفاء الدول المقترضة من مئات المليارات من الدولارات المستحقة عليها، مثلها مثل أي مقترض آخر.
ولا يتم التركيز كثيراً على إلغاء الصين لكثير من ديون الدول الإفريقية.
والعام الماضي، تنازلت الصين عن ديون 17 دولة إفريقية، وأعلن عن ذلك في 18 أغسطس/آب 2022، في خطاب موجه إلى دبلوماسيين صينيين وأفارقة في اجتماع متابعة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي خفضت الصين تعهدها لإفريقيا بنسبة 33٪ في استجابة لافتة للقلق بشأن مديونية إفريقيا لها وعلى خلفية تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني.
وفي زامبيا، التي تخلفت عن سداد ديونها في عام 2021، تمكن الدائنون الحكوميون بقيادة الصين بعد شهور من الخلافات من إعادة هيكلة 6.3 مليار دولار من ديون البلاد التي تزيد عن 8 مليارات دولار. تمدد الاتفاقية لمدة 20 عاماً جدول سداد الديون للبلاد وتخفض فاتورة الفائدة السنوية إلى واحد في المئة حتى يتعافى النمو الاقتصادي، حسبما ورد في تقرير للمجلس الأطلسي"The Atlantic council".
بكين تلقي باللوم على أمريكا في ظهور فخ الديون
عارضت وزارة الخارجية الصينية، في بيان إلى وكالة أسوشيتد برس، فكرة أن الصين هي مُقرض لا يرحم، ورددت تصريحات سابقة تلقي باللوم على مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وقالت إنه إذا كانت ستوافق على مطالب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالتنازل عن جزء من قروضها، فينبغي أن يتم الأمر ذاته من قِبل المقرضين متعددي الأطراف، الذين تعتبرهم وكلاء للولايات المتحدة.
ويقول الصينيون إن بكين ليست أكبر مقرض للدول النامية؛ بل الغرب بقيادة الولايات المتحدة.
إذ ذكر تقرير نشرته وكالة شينخوا الصينية أن البيانات الأخيرة من الخزانة الوطنية في كينيا أظهرت أن 46.3% من ديون كينيا مستحقة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بينما تمتلك الكيانات الصينية 17.2% من الدين الخارجي العام. وفي سريلانكا، يتقدم الدائنون من القطاع الخاص بنسبة 53.6%، بينما تمتلك الكيانات الصينية 10.9% من الدين الخارجي.
وخلافاً لتقارير وسائل الإعلام الغربية، فإن الكيانات الصينية لا تمثل سوى ثلث الدين الخارجي لزامبيا، حيث يدين ثلثاها لمانحين غربيين ومؤسسات متعددة الأطراف. باختصار، الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة هو المقرض الرئيسي للدول النامية.
هل صادرت الصين مطار أوغندا الوحيد أو أية أصول أخرى بإفريقيا؟
في عام 2021، رفضت الصين مزاعم بأنها قد تستولي على المطار الدولي الوحيد في أوغندا إذا أخفقت الأخيرة في تقديم قرض قيمته 200 مليون دولار لتوسيع المنشأة، وذلك بعدما خلص تحقيق برلماني في أوغندا إلى أن بكين فرضت شروطاً مرهقة على القرض، بما في ذلك احتمال مصادرة المطار في حالة التخلف عن السداد، ما أثار غضب الرأي العام.
وفي ذلك الوقت، قالت السفارة الصينية في أوغندا: "إن الادعاء الخبيث بأن أوغندا تتنازل عن أصول رئيسية مقابل القرض الصيني، ليس له أساس واقعي، وليس المقصود منه سوى تشويه العلاقات الجيدة التي تتمتع بها الصين مع الدول النامية بما في ذلك أوغندا".
وقالت السفارة: ليس هناك مشروع واحد في إفريقيا تمت مصادرته بسبب القروض الصينية، حسبما ورد في تقرير لوكالة Reuters.
هل يتيح القانون الدولي لها مصادرة أصول الدول المتعثرة في سداد ديونها؟
ويرى تقرير لموقع the Africa post أن الجمهور في الدول المدينة للصين يجب أن يكون أقل اهتماماً بزعم مصادرة للصين الأصول، ولكن أكثر باحتمال قبول بكين لإعفاء دولهم من الديون، والأهم عليهم الاهتمام أكثر بشأن مساءلة قادتهم والعواقب الاقتصادية للاقتراض غير المسؤول.
الفهم الشائع للديون هو أنه عندما يتخلف المرء عن السداد، يتأثر الضمان، وقد يحق للمدين أن يستولي، وفقاً للقوانين المحلية في أغلب الدول، على الأصول الضامنة للقرض الذي لم يُسدد.
ومع ذلك، فإن التخلف عن سداد الديون السيادية أكثر تعقيداً من التخلف عن سداد ديون الشركات؛ لأنه لا يمكن بشكل واقعي مصادرة الأصول المحلية لسداد القروض الحكومية. ما يحدث عادة هو إعادة التفاوض على شروط الدين في كثير من الأحيان، مما يترك المقرض في مواقف غير مواتية، وفقاً لتقرير موقع the Africa post.
كما أن تخلف الدولة عن السداد لا يتيح تلقائياً مصادرة أصولها، ولاسيما المحلية، بل يؤدي لتراجع تصنيفها الائتماني، الأمر الذي يجعلها غير قادرة على الحصول على مزيد من القروض الدولية، ويهدد عملتها.
هل تعمّدت الصين خلق أزمة الديون كما يلمّح الغرب؟
يبدو أن الدول المقترضة قد قللت من قدرة الصين على مطالبتها بالسداد، مما تركها في أوضاع غير مستقرة.
على سبيل المثال، زعم أن محاولة أوغندا إعادة التفاوض على شروط الدفع لتوسيع مطار عنتيبي، البالغ 207 ملايين دولار، قد رُفضت أيضاً، على أن التعديلات ستشكل سابقة سيئة للمقرضين الآخرين.
من المؤكد أن نسبة كبيرة من القروض الصينية كانت بفائدة كبيرة، مثلها مثل كثير من المقرضين من القطاع الخاص في الغرب، ومن المؤكد أن نسبة كبيرة من هذه القروض جاءت من دون دراسة جدوى كافية، وهذه مسألة يلام عليها المقرضون الصينيون، ولكن بالأكثر المسؤولون في الدول النامية التي تلقت القروض.
ومن المؤكد أن بكين قدّمت هذه القروض الهائلة لخدمة مصالحها، منها استثمار فوائضها المالية، وإخراج العملات الأجنبية خارج البلاد لمنع صعود عملتها المحلية (اليوان) لتخفيض تكلفة صادراتها.
ومن المؤكد أنه من بين هذه المنافع التي كانت تنتظرها الصين تشغيل شركاتها وعمالها، إضافة لنشر نفوذها الخارجي، بما في ذلك تفكير مستقبلي في تحقيق وجود ذي طابع عسكري.
ولكن من غير المنطقي -كما يظهر من تقارير غربية عدة، ومن سوابق القانون الدولي- أن بكين كانت تتعمّد دفع الدول النامية المقترضة لهاوية الإفلاس، وإدخالها في فخ الديون لتستولي على الأصول الاستراتيجية لهذه الدول.
كما أنه لا يمكن استبعاد -بعد الإقرار بأخطاء الصين، وخططها لتوسيع نفوذها- بأنه جزء من سردية فخ الديون والدعاوى القضائية التي يمكن أن تنتج عنها، هي خليط من أخطاء بكين، والمسؤولين في الدول المقترضة.
ولكم الأهم أن هذه السردية تأتي في محاولة استغلال من قِبل الغرب للأزمة للتحريض على الصين.
في المقابل، تلقف فاعلون محليون في الدول المنكوبة بالديون الصينية وغير الصينية الفرصة للتنصل من مسؤولياتهم عن هذه الديون، والضغط على الصين لكي تصبح أكثر مرونة في شروط السداد، ومغازلة الغرب في الوقت ذاته عبر الحديث عن فخ الديون الصينية.
ماذا تريد بكين؟
ويبدو واضحاً أن فخ الديون الصينية هو فخ للدول المقترضة، ولبكين على السواء، وذلك عندما اجتمعت بيروقراطية بكين وفساد العالم الثالث، فبكين متضررة لأن اقتصادها قد يتأثر بفقدان هذه الأموال الضخمة، ويخشى مسؤولوها الاتهامات بتبديد أموال البلاد.
ولكن بكين، من خلال مبادرتها الجزئية لتخفيف ديون الدول الإفريقية، وتمنعها في حالات أخرى، ومطالبة الدول الغربية والصناديق الدولية المشاركة في مثل هذه المبادرات، تريد عدة أشياء، أولها مشاركة الغرب وهذه المؤسسات في تحمل جزء من أعباء إعفاءات الديون والأضرار الناجمة عن أزمات دول العالم الثالث، الأمر الثاني، تقليل خسائرها قدر المستطاع بتقليل حجم الديون التي سيتم إعفاؤها أو جدولتها، والأمر الثالث، أنها مثلها مثل أي مدين، بمن في ذلك الغربيون، لا تريد إرسال للدول المقترضة رسالة مفادها أنه من السهل أن تحصل على قروض دون دراسة، اعتماداً على أنك سوف تُعفى لاحقاً من الديون.