3 ملفات خلافية أبرزها أوكرانيا والسويد.. ماذا ينتظر قادة الناتو في قمة ليتوانيا 2023؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/10 الساعة 08:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/10 الساعة 09:05 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأوكراني زيلينسكي والأمين العام لحلف الناتو/رويترز

تشهد قمة حلف الناتو 2023 في ليتوانيا، بالقرب من حدود بيلاروسيا، ملفات رئيسية أبرزها احتمال فتح الباب أمام أوكرانيا، وسط الحرب الطاحنة مع روسيا، وموقف السويد المعلق، فهل هي القمة الأكثر خلافاً بين أعضاء الحلف العسكري الغربي؟

قمة حلف الناتو في ليتوانيا، الثلاثاء والأربعاء 11 و12 يوليو/تموز 2023، هدفها الرئيسي هو إبداء التضامن مع أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ويرى بعض الأعضاء أن فتح الباب أمام كييف للانضمام السريع إلى الحلف هو المؤشر الأبرز على هذا التضامن.

وفي هذا السياق، تناول تقرير لصحيفة The Independent البريطانية، عنوانه "قمة فيلنيوس تختبر وحدة الناتو"، أبرز القضايا الخلافية وموقف الأعضاء في التحالف العسكري الغربي من كل قضية من تلك القضايا واحتمالات قدرة زعماء الدول الأعضاء على التوصل لأرضية مشتركة بشأنها.

ما موقف الناتو من عضوية أوكرانيا "الآن"؟

في الوقت الذي يستمر الهجوم الروسي على أوكرانيا، الذي تصفه موسكو بأنه "عملية عسكرية خاصة"، بينما يصفه الغرب بأنه "غزو عدواني غير مبرر"، تمثل قضية فتح الباب أمام كييف للانضمام إلى الحلف العسكري الغربي اختباراً كبيراً لوحدة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي الوحدة التي كثيراً ما يُحتفى بها لكنها تواجه ضغوطاً جديدة حين يجتمع القادة في قمتهم السنوية هذا الأسبوع في العاصمة الليتوانية، فيلنيوس.

وربما يكون الأمر الأكثر صعوبة هو التساؤلات بشأن الكيفية التي يجب بها تسهيل انضمام أوكرانيا إلى الحلف؛ إذ يُصِرُّ البعض على أنَّ ضم أوكرانيا إلى الحلف سيكون وفاءً بعهدٍ قُطِعَ قبل سنوات وخطوة ضرورية لردع ما يصفه الغرب بأنه "عدوان روسي" يهدد أوروبا الشرقية.

لكن هناك آخرون، على رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه، يرون أن فتح الباب أمام أوكرانيا لانضمام سريع للحلف العسكري الغربي سيُنظَر إليه باعتباره استفزازاً يمكن أن يتحول إلى صراع أوسع ومباشر مع موسكو.

بايدن، الذي سيتوجه إلى العاصمة الليتوانية فيلنيوس مساء الاثنين؛ لإجراء محادثات مع قادة حلف شمال الأطلسي هناك يومي الثلاثاء والأربعاء، كان قد عبر عن موقفه من قضية انضمام أوكرانيا في مقابلة مع شبكة (سي.إن.إن)؛ إذ حث على توخي الحذر في الوقت الحالي بخصوص مساعي كييف للانضمام إلى الحلف، قائلا إن من الممكن أن ينجر الحلف إلى الحرب مع روسيا بسبب اتفاق الدفاع المتبادل.

وقال بايدن: "لا أعتقد وجود إجماع داخل حلف الأطلسي حول ما إذا كان سيتم ضم أوكرانيا إليه، في هذه اللحظة، في خضم الحرب".

أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فقد قال إن دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الحلف ستبعث برسالة مفادها أن الحلف لا يخشى موسكو، وأضاف في مقابلة أذيعت الأحد 9 يوليو/تموز، أن أوكرانيا يجب أن تحصل على ضمانات أمنية واضحة في ظل عدم انضمامها إلى الحلف وأن ذلك سيكون أحد أهدافه في فيلنيوس.

وقال زيلينسكي لشبكة (إيه.بي.سي): "سأكون هناك وسأفعل كل ما بوسعي من أجل الإسراع بهذا الحل، إذا جاز التعبير، للحصول على اتفاق مع شركائنا".

بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن – رويترز

كان قادة الناتو قد أعلنوا في عام 2008 أن أوكرانيا ستصبح في نهاية المطاف عضواً بالحلف، لكن لم تُتَّخَذ إلا القليل من الإجراءات لتحقيق هذا الهدف. واحتلت روسيا أجزاءً من البلد في عام 2014، ثُمَّ بدأت في فبراير/شباط 2022 "عمليتها العسكرية" التي تحولت إلى الحرب الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وتُصِرُّ الولايات المتحدة وألمانيا على أنَّ التركيز يجب أن ينصبَّ على توفير الأسلحة والذخيرة لمساعدة أوكرانيا على الانتصار بالصراع الحالي، بدلاً من اتخاذ الخطوة الأكثر استفزازاً بتقديم دعوة رسمية للانضمام إلى الناتو.

لكنَّ البلدان الواقعة في الجناح الشرقي للناتو -إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا- تريد ضمانات أقوى بشأن عضوية أوكرانيا المستقبلية. ويضغط الرئيس الأوكراني زيلينسكي من أجل ذلك أيضاً. فقال خلال زيارة إلى براغ في 6 يوليو/تموز الماضي إنَّ النتيجة "المثالية" لقمة فينيلوس ستكون توجيه الدعوة لبلاده من أجل الانضمام للحلف.

وصف جايك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، القمة بأنَّها "لحظة مهمة على ذلك الطريق نحو العضوية"، وقال إنَّ الحلف يحتاج إلى "مناقشة الإصلاحات التي لا تزال ضرورية كي تلبي أوكرانيا معايير الناتو".

ويمكن لحلف الناتو استغلال هذه المناسبة للارتقاء بعلاقته مع أوكرانيا، وإنشاء ما سيُسمَّى بـ"مجلس الناتو – أوكرانيا" ومنح كييف مقعداً على طاولة المشاورات.

موقف السويد

لكن هذه القضية الخلافية ليست الوحيدة التي تواجه أكبر تحالف أمني عالمي؛ إذ يسعى بايدن إلى التوصل إلى اتفاق لقبول السويد باعتبارها العضو رقم 32 في الناتو، كما أن الإنفاق العسكري من جانب أعضاء الحلف لا يزال متخلِّفا عن الأهداف طويلة الأمد. وأدَّى العجز عن التوصل إلى حل وسط بشأن مَن ينبغي أن يكون الأمين العام المقبل للحلف إلى فرض تمديد ولاية الأمين العام الحالي عاماً إضافياً.

وفي هذا السياق، يأتي موقف السويد من الانضمام رسمياً إلى الناتو، حيث يعارض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولات السويد الانضمام إلى الناتو إلى جانب جارتها فنلندا. لكن تركيا ليست العضو الوحيد المعترض على انضمام السويد، فهناك أيضا المجر.

ويتهم الرئيس التركي السويد بكونها متساهلة للغاية مع التظاهرات المناهضة للإسلام والمجموعات الكردية المسلحة التي تشن تمرداً منذ عقود في تركيا.

وغيَّرت السويد مؤخراً قوانين مكافحة الإرهاب لديها ورفعت حظراً لتصدير السلاح إلى تركيا. لكنَّ رجلاً أحرق نسخة من القرآن خارج أحد المساجد في ستوكهولم الأسبوع الماضي، وأشار أردوغان إلى أنَّ ذلك سيُشكِّل عقبة أخرى، وساوى بين "أولئك الذين سمحوا بالجريمة" وأولئك الذين ارتكبوها.

تركيا الناتو
القمة الرباعية في مدريد بين تركيا والسويد وفنلندا والناتو – getty images

وهناك أيضاً قضية شراء تركيا مقاتلات F-16 من الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ يريد أردوغان ترقية الطائرات، لكنَّ بايدن يقول إنَّه يتعين التعامل مع عضوية السويد في الناتو أولاً.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إنَّ الولايات المتحدة واثقة من أنَّ السويد ستنضم إلى الناتو "في المستقبل غير البعيد"، لكن ليس واضحاً ما إن كان سيجري حل المسألة خلال القمة.

كما يعطِّل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أيضاً موافقة بلاده على عضوية السويد، ورداً على ذلك، يعرقل السيناتور جيم ريش، كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، صفقة أسلحة بقيمة 735 مليون دولار للمجر.

وقال ريش: "لا نريد أعضاءً غير مهتمين بفعل كل ما يمكن لتقوية الحلف ويسعون بدلاً من ذلك وراء مصالحهم الخاصة أو الفردية. لقد سئمتُ وتعبتُ من ذلك". لكنَّ ريش رفض فكرة أنَّ هذه الخلافات تمثل علامة ضعف داخل الحلف.

خلافات داخل الناتو

التشاحن بين أعضاء حلف الناتو ليس أمراً نادراً، ويرى البعض أن قائمة الخلافات الحالية تتضاءل مقارنةً بالمخاوف السابقة من إمكانية إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ظهره للحلف خلال رئاسته. لكنَّ التحديات تأتي في لحظة يستثمر فيها الرئيس جو بايدن ونظراؤه الكثير من أجل إظهار الانسجام بين الأعضاء.

دوغلاس لوت، السفير الأمريكي السابق لدى الناتو في إدارة أوباما، قال للصحيفة البريطانية: "أي انقسام أو غياب للتضامن يوفر فرصة لأولئك الذين يعارضون الحلف".

وبطبيعة الحال، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حريص على استغلال الانقسامات في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، والتحديات السياسية التي يواجهها في الداخل، بما في ذلك ما أعقب محاولة التمرد الفاشلة التي قامت بها مجموعة فاغنر وزعيمها يفغيني بريغوجين.

الناتو
جنود بولنديون ورومانيون يقفون بجانب مركبات عسكرية وعلم الناتو/ Getty Images

ووفق بعض التقديرات، أعاد الصراع الأوكراني تنشيط الناتو، الذي تأسس في بداية الحرب الباردة في مواجهة المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي المنهار، فأغدق أعضاء التحالف بالعتاد العسكري على أوكرانيا للمساعدة في هجومها المضاد المستمر، وأنهت فنلندا حيادها التاريخي لتصبح العضو رقم 31 بالناتو.

وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل، وهو جمهوري عن ولاية كنتاكي: "أعتقد أنَّ الغزو عزَّز الناتو، وهو بالضبط عكس ما توقَّعه بوتين".

وأشار إلى التغيُّر في موقف ألمانيا نحو سياسة دفاعية أقوى، فضلاً عن الزيادة في الإنفاق العسكري للبلدان الأخرى. لكنَّ الحرب الدائرة سمحت لتحديات أخرى بالتفاقم أو الطفو على السطح.

وفي هذا السياق، تم شطب بند واحد على الأقل يُحتَمَل أن يكون مثيراً للجدل من من جدول أعمال القمة. فبدلاً من السعي للتوافق على أمين عام جديد للناتو، اتفق الأعضاء على تمديد ولاية ينس ستولتنبرغ لعام آخر. ويتولى ستولتنبرغ المنصب منذ عام 2014، وهذه هي المرة الرابعة التي تُمدَّد فيها ولايته في المنصب.

أراد معظم الأعضاء اختيار سيدة لتولي المنصب بعده، وكانت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، تُعتَبَر المرشحة الأوفر حظاً. لكنَّ بولندا تُصِرُّ على أنَّه يجب أن يكون مرشح من دول البلطيق هو الأمين العام التالي لأنَّه جرى تعيين شخصين من دول الشمال في المنصب بصورة متتالية. (كان ستولتنبرغ رئيساً لوزراء النرويج، وكان راسموسن رئيساً لوزراء الدنمارك).

وتساور آخرين الريبة بشأن قبول مرشح من دول البلطيق، التي يميل قادتها لأن يكونوا أكثر استفزازاً في نهجهم تجاه روسيا، بما في ذلك دعم رغبة أوكرانيا في الانضمام السريع للناتو.

ويلوح المزيد من الخلافات في الأفق بشأن خطط الناتو المُحدَّثة لمواجهة أي هجوم قد تشنه روسيا على أراضي الحلفاء. وهذه أكبر مراجعة تُجرى منذ الحرب الباردة. وقال سكيب ديفيز، وهو مسؤول سابق بالناتو، إنَّ الأمر قد يتضمَّن "الكثير من ليّ الأذرع والمقايضة".

تحميل المزيد