"كأن لعنة تيتانيك لا تتوقف"، إذ فُقدت غاطسة سياحية (غواصة صغيرة) على متنها 5 أشخاص، أثناء استكشافها حطام السفينة تيتانيك بالمحيط الأطلنطي، وسط غموض بشأن ما أصاب هذه الغواصة الصغيرة التي تدعى "الغاطسة تايتان".
وتسابق فرق البحث والإنقاذ الزمن للعثور على الغاطسة، ووفقاً لصحيفة The New York Times الأمريكية، أكد خفر السواحل الأمريكي يوم الإثنين، 19 يونيو/حزيران، أنه بدأ بحثه عن الغاطسة بعد أن فقدت سفينة الأبحاث الكندية إم في بولار برنس MV Polar Prince الاتصال بالغاطسة بعد ساعة و45 دقيقة من غوصها على بُعد 900 ميل، شرق كيب كود بولاية ماساتشوستس الأمريكية صباح يوم الأحد، 18 يونيو/حزيران.
ما هي الغاطسة تايتان، ولماذا ينظر لها على أنها فريدة من نوعها؟
الغاطسة تايتان Titan هي غاطسة بحث ومسح تتسع لـ5 أشخاص، هم عادة قائد الغاطسة و4 "متخصصين في البحث"، قد يكون من بينهم علماء آثار أو علماء أحياء بحرية أو أي شخص يمكنه تحمل تكلفة هذه الرحلة كسائح، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
وهي مصنوعة من "ألياف الكربون المُشكَّلة من التايتانيوم والفيلامنت"، ويبلغ طولها 6.7 متر وتزن 10,432 كغم، أي ما يعادل حوالي ست سيارات متوسطة الحجم، ولها القدرة على الغوص إلى عمق 4000 متر، وفقاً للشركة المالكة للغاطسة OceanGate.
وهي تعتمد على 4 محركات دفع كهربائية، وبها مجموعة كبيرة من الكاميرات والأضواء والماسحات الضوئية لاستكشاف البيئة المحيطة بها.
وتقول OceanGate إن كوة غاطسة تايتان "أكبر من كوة أي غاطسة عميقة أخرى"، وإن تقنيتها توفر "رؤية لا مثيل لها" لأعماق المحيط.
تعتمد على أقمار إيلون ماسك في الاتصالات
وتعتمد الغاطسة تايتان على أقمار ستارلينك الصناعية المملوكة لإيلون ماسك في الاتصالات، على أنه ليس واضحاً إن كان هذا هو سبب فقدان الاتصال بها.
وقالت OceanGate في تغريدة الأسبوع الماضي: "في غياب أي أبراج خلوية في وسط المحيط، نعتمد على ستارلينك لتوفير الاتصالات التي نحتاجها خلال رحلة استكشاف حطام السفينة تيتانيك هذا العام 2023".
وتحوي الغاطسة إمدادات أكسجين تكفي 96 ساعة، اعتباراً من الساعة 6 صباح يوم الأحد بالتوقيت المحلي، 18 يونيو/حزيران 2023، وفقاً لديفيد كونكانون، مستشار شركة OceanGate، وهي نظرياً ستدوم حتى صباح الخميس. لكن هذه المدة ستتأثر بمعدل تنفس من هم داخل الغاطسة، خاصة لو أنها تضم سياحاً محدودي الخبرة في الغوص.
هل سحبتها تيتانيك إلى قاع المحيط؟!
من السابق لأوانه الحديث عما حدث لها، على أن خبراء يرجحون أنها ربما علقت في حطام تيتانيك، أو حدث عطل في محركها أو منظومة اتصالاتها.
يقول فرانك أوين، المسؤول المتقاعد في البحرية الملكية الأسترالية ومدير مشروع غواصات الهروب والإنقاذ، إن حطام تيتانيك، الذي يستقر على عمق حوالي 3800 متر في قاع المحيط منتشر في المكان منذ أكثر من قرن، وأردف قائلاً: "حطامها منتشر في كل مكان، وهذا خطير".
وقال أوين إن فقدان الاتصال بتايتان بعد ساعة و45 دقيقة من غوصها يشير إلى أن الطاقم ربما كان قريباً من القاع أو فيه. والسرعة القصوى لغواصة تايتان تبلغ ثلاث عقد، لكنها هذه السرعة تقل كلما اقتربت من الأعماق.
وفي حال أنها علقت أو حدثت مشكلة في محركها أو منظومة اتصالاتها، فهي تحوي أوزاناً يمكن إطلاقها في حالة الطوارئ لتساعد في رفعها إلى السطح. إذ تحتوي الغاطسة تايتان على مجموعة من الإشارات والأضواء والعاكسات وغيرها من المعدات التي يمكن استخدامها حين ترتفع إلى السطح لجذب الانتباه إليها.
قد يكون حدث لها تسرب في الضغط، وهذا لن يكون جيداً
وقال أليستير غريغ، أستاذ الهندسة البحرية في جامعة كوليدج لندن، إن من ضمن السيناريوهات الأخرى حدوث تسرب في هيكل الضغط، وفي هذه الحالة لن يكون موقفها جيداً.
وقال غريغ: "إذا نزلت إلى القاع ولم تتمكن من العودة بقوة دفعها، فالخيارات محدودة جداً. الغاطسة ربما لا تزال سليمة، لكنها لو تجاوزت الجرف القاري، فمن الصعب جداً أن تصل أي مركبة إلى هذا العمق، ولا الغواصين بكل تأكيد".
عملية إنقاذ ضخمة ولكنها تواجه مشكلة كبيرة
يقول الأدميرال جون موغر، قائد المنطقة الأولى لخفر السواحل الأمريكي، والمشرف على عملية البحث والإنقاذ، إن الطائرات الأمريكية والكندية تمشط المنطقة، وسفن كبيرة كذلك، لكن عملية البحث "معقدة" لأن الأطقم لا تعرف إن كانت الغاطسة قد صعدت إلى السطح، وهذا يعني أن عليهم البحث في السطح والأعماق.
وقال كونكانون إن المسؤولين سيعملون على توفير مركبة تعمل عن بعد (ROV) لها القدرة على الغوص إلى عمق 6000 متر في أقرب وقت ممكن.
ويتم إنزال مركبات ROV من سفينة تتصل بها "بكابل خاص"، يمكّن قائد السفينة من تشغيل محركاتها، وكذلك نقل البيانات مباشرة من السونار والكاميرات الموجودة فيها.
لكن حجم حطام تيتانيك في قاع المحيط يعني أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت للتمييز بين الحطام وغاطسة تايتان. لكن فرق البحث لديها على الأقل نقطة تنطلق منها؛ وهي أن موقع الغاطسة كان متتبعاً حتى لحظة انقطاع الاتصال.
وإليك أبرز ركابها
وأشارت صحيفة The New York Times الأمريكية إلى أن هاميش هاردينغ، رئيس مجلس إدارة شركة الطيران Action Aviation، من بين الموجودين في الغاطسة المفقودة، وفقاً لمارك بتلر، المدير الإداري للشركة.
وأشار هاردينغ، في منشور على إنستغرام، إلى أن عضواً آخر في فريق الغاطسة هو بول هنري نارجولي، الخبير الفرنسي في شؤون تيتانيك.