تدور في شرق أوروبا واحدة من أكبر معارك الدبابات في العالم منذ الحرب العالمية، فـ"الهجوم الأوكراني المضاد" والدفاعات الروسية المقابلة، تشهد حشداً هائلاً لأسلحة أكبر مدرستين عسكريتين في العالم؛ الأمريكية والروسية، فلمن تكون اليد العليا؟ وما هي الفروق بين أسلحة الطرفين؟
في نهاية أبريل/نيسان 2032، أعلن حلف الناتو أن حلفاء أوكرانيا أرسلوا لها 1550 مركبة قتالية و230 دبابة تمثل نحو 98% من المساعدات الموعودة، حسب ما ورد في تقرير لوكالة أسوشيتد برس "AP" الأمريكية، ويرجح أن إجمالي عدد الدبابات الغربية المقدمة سيصل إلى 270 دبابة.
ويقدر أن أكثر من 30 ألف جندي يشكلون الألوية الجديدة. كما قدمت بعض الدول الشريكة في الناتو، مثل السويد وأستراليا، مركبات مدرعة.
وبين يناير/كانون الثاني 2022، والشهر ذاته من 2023، كانت الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة نصيب الأسد من المنح العسكرية لأوكرانيا بقيمة 46.6 مليار دولار، مقابل 5.1 مليار دولار من بريطانيا، و3.3 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي و2.5 مليار دولار من كل بولندا وألمانيا و1.4 مليار من كندا و900 مليون دولار من هولندا، و700 مليون دولار من كل فرنسا وإيطاليا، حسب ما ورد في تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "BBC".
إليك أنواع الدبابات التي أرسلها الغرب من أجل الهجوم الأوكراني المضاد
أرسلت المملكة المتحدة 14 دبابة من طراز تشالنجر 2 التي تعد من أكثر الدبابات تحصيناً في العالم، ولكنها قليلة العدد، كما أنها أبطأ من نظيراتها الغربية.
بينما أرسلت الولايات المتحدة 31 دبابة من طراز أبرامز، وقد بدأ نحو 200 جندي أوكراني في أوائل يونيو/حزيران برنامجاً تدريبياً مدته 12 أسبوعاً في ألمانيا على استخدام دبابات أبرامز، لذلك يعتقد أنها لن تكون مستعدة للقتال حتى أوائل سبتمبر/أيلول على أقرب تقدير، ولم تظهر أبرامز حتى الآن على ساحة المعركة.
ولكن العدد الأكبر من الدبابات المقدمة لأوكرانيا جاء من طراز ليوبادر الألمانية التي قُدمت من طرف عدد كبير من الدول الغربية وليس ألمانيا فقط.
وينظر للأبرامز والليوبارد 2 أنهما الأقوى في العالم، مع ميزة نسبية للأبرامز الأمريكية في التدريع بسبب استخدام اليورانيوم المنضب وكذلك القصف بسبب قذائف اليورانيوم المنضب التي ترفض برلين استخدامها.
كما لدى الأبرامز ميزة في الدفع والسرعة بفضل محركها التوربيني، ولكن هذا المحرك نفسه يجعلها معقدة ويمثل مشكلة فيما يتعلق بالتزود بالوقود لأنه غير منتشر، كما أن الدبابة شرهة للغاية في الاستهلاك، ولذلك شجعت واشنطن على أن تكون أغلب الدبابات الغربية المقدمة لكييف من طراز ليوبارد لأنها أكثر سلاسة من الناحية اللوجستية، (وقد يكون ذلك لإخفاء أسرار دبابتها أبرامز عن الروس).
ويعتقد أن أوكرانيا لديها حالياً نحو 85 دبابة ليوبارد 2 مقدمة من عدة دول من بينها ألمانيا وبولندا وإسبانيا والنرويج وكندا والبرتغال والدنمارك والسويد.
ولكن الأسطول الأكبر من الدبابات لدى أوكرانياً حالياً هو من الدبابة الألمانية ليوبارد 1، وهي رغم أنها تنتمي لجيل متقادم، ولكنها تظل دبابة فعالة بفضل الإرث الألماني التاريخي في إنتاج الدبابات.
ويعتقد أن لدى كييف أكثر من 130 دبابة ليوبارد 1 مقدمة من هولندا وألمانيا والدانمارك.
أما الدبابة الأكثر انتشاراً لدى كييف فهي الدبابة السوفييتية الشهيرة تي 72، حيث يقدر أن بحوزتها نحو 880 دبابة.
قبل الحرب كانت التقديرات تشير إلى أن لدى أوكرانيا نحو 500 دبابة تي 72، بقية الأسطول جاءت عبر تبرعات من دول أوروبا الشرقية التي كانت أعضاءً في حلف وارسو ثم انتقلت للنانو، وكذلك 20 دبابة مغربية نقلتها واشنطن لكييف، كما أن بين هذا الأسطول نحو 310 دبابة روسية مأسورة تمت إعادة تأهيلها.
كما لدى أوكرانيا نحو 60 دبابة PT-91 Twardy بولندية مقدمة من وارسو، وهي تطوير للدبابة السوفيتية تي 72.
ولدى كييف أقل بقليل من 2000 من المخزون السوفييتي القديم من دبابة T-64، كما لدى أوكرانيا نحو 650 من الدبابة السوفييتية العتيقة الشهيرة T-64، منها نحو 100 من نسخة طوروتها تدعى T-64BM Bulat، والتي لعبت دوراً كبيراً في الحرب.
المدرعات والآليات المجنزرة
خصصت واشنطن 90 ناقلة جنود مدرعة من طراز "سترايكر" ذات العجلات، وأكثر من 100 مركبة قتالية من طراز "برادلي"، لمساعدة أوكرانيا في تنفيذ استراتيجية "الجمع بين الأسلحة".
وتُوصف مدرعات سترايكر وبرادلي عموماً بأنها أسرع تحركاً وأكثر تقدماً وأعلى حماية من المركبات السوفييتية والروسية القديمة التي يعتمد عليها الأوكرانيون، ولكنها أصعب استخداماً من الناحية الفنية.
ومدرعات سترايكر مصممة لنقل المشاة بسرعة في ساحة المعركة، أما مركبات برادلي المجنزرة، فإن مدافعها القوية تتيح لها التصدي لغيرها من المركبات المدرعة، ولكن سعتها الداخلية لا تسمح إلا بنقل عدد محدود من الجنود.
قدمت فرنسا نحو 40 من العربات المدرعة المدولبة من طراز AMX-10 RC، وهي توصف بمدمرة الدبابات.
وتمتلك أوكرانيا نحو 650 آلية مشاة مدرعة مجنزرة (تشبه الدبابات دون مدفع كبير) من طراز بي إم بي 1 السوفييتية القديمة (شاركت بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973) إضافة لأكثر من 800 آلية بي إم بي 2 الأحدث قليلاً.
وهناك نحو 200 من آلية المشاة الهولندية المجنزرة YPR-765، و50 من الآلية السويدية CV90، و40 من الألمانية ماردر.
صواريخ ومدافع للاشتباك القريب
النجاح في عمليات الهجوم المضاد يحتاج إلى مرونة أكبر، والقتال في المسافات القريبة، بناءً على ذلك، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بصواريخ موجهة يقل مداها عن 4 كيلومترات، منها 4 آلاف صاروخ من طراز "تاو"، والتي يمكن تركيبها على حامل ثلاثي القوائم، أو على عربات "هامفي" العسكرية، ومن ثم يمكن للقوات أن تُطلقها على أهدافها وتغادر المكان بسرعة، قبل أن يضرب العدو مواقعها، ضمن التقنيات المعروفة باسم "الكر والفر" (shoot and scoot).
وتشمل القائمة كذلك: الأسلحة المضادة للدروع، مثل صواريخ "غافلن" المحمولة الموجهة؛ وصواريخ "إيه تي 4″؛ وبنادق "كارل غوستاف" عديمة الارتداد، وهي أسلحة مخصصة لتمكين جنود المشاة من مهاجمة المركبات المدرعة.
كما قدمت الدول الغربية مجموعة مركبات لمكافحة الألغام والمتفجرات واختراق التحصينات.
المدفعية وصواريخ هيمارس لمنع الروس من التقدم لساحة المعركة أثناء الهجوم الأوكراني
أسلحة المدفعية بعيدة المدى لها دور مهم في إسناد الهجمات المضادة، إذ تُستخدم لمهاجمة وحدات الاحتياط المعادية التي تحاول الوصول إلى مناطق الهجوم.
وفي هذا السياق، قدمت الولايات المتحدة للقوات الأوكرانية راجمات الصواريخ "هيمارس" التي يمكنها إطلاق صواريخ إلى مدى يبلغ 80 كيلومتراً، وبعض الأنظمة التي يمكن أن تضاعف هذا المدى. لكنها رفضت الطلبات الأوكرانية بالحصول على راجمات الصواريخ التي يصل مداها إلى ما يزيد على 300 كيلومتر، ما يحد من قدرة القوات الأوكرانية على مهاجمة المناطق البعيدة [داخل الحدود الروسية].
إليك الأسطول الروسي المضاد
لدى روسيا أسطول عملاق من الدبابات، وقبل حرب أوكرانيا كانت روسيا تمتلك أكثر من 12 ألف دبابة، ما نسبته 17.7% من إجمالي الدبابات في العالم، بينما كانت أوكرانيا قبل الحرب.
ويزعم محللون غربيون أن روسيا عانت من خسائر كبيرة في الدبابات بالحرب، حسب الأدلة المرئية، رغم عدم إمكانية التحقق من زعم الجيش الأوكراني أنه دمّر 1300 دبابة و3000 عربة مصفحة روسية، حتى الثلث الأخير من شهر مايو/أيار 2022.
تصل بعض التقديرات الغربية الخسائر الروسية لنحو 2000 دبابة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
أسطول ضخم ولكن قديم من الدبابات، وهذه أسباب خسائره الكبيرة
رغم أسطول روسيا الكبير الذي ورثه من الدبابات فإن أغلبه قديم، فالدبابة تي 72، الدبابة الروسية الرئيسية، تعود للسبعينيات، أما دبابة روسيا أرماتا T-14، التي يُنظر إليها على أنها فخر الصناعة الروسية ويعتقد أنها تضاهي -إن لم تكن تتفوق على- الدبابات الغربية، فإنها لم تدخل الخدمة بعد، وقد تكون هناك مشكلة في إنتاجها في ظل الحصار الغربي.
إحدى النقاط التي قد تفسر إخفاقات قوة الدبابات الروسية الضخمة، أن هناك عيوباً تقليدية في تصميم الدبابات الروسية، تجعلها هدفاً أسهل مقارنةً بمنافساتها الغربية، فالعقيدة السوفييتية في الحرب كانت تعتمد على إنتاج أعداد كبيرة من الدبابات أقل تكلفة ووزناً وتدريعاً من الدبابات الغربية؛ على أمل أن الكثرة السوفييتية سوف تهزم التقنية الغربية الأكثر تقدماً وتكلفة في أي غزو بري محتمل لأوروبا.
أبرز الدبابات الروسية المستخدمة في الحرب
T-62 أبلت بلاءً حسناً في حرب أكتوبر!
تقول المخابرات الأوكرانية إن روسيا سحبت دبابات T-62 العتيقة من التخزين في سيبيريا، لتعويض خسائرها في الحرب.
دخلت T-62 الخدمة مع الجيش السوفييتي في يوليو/تموز 1961. وبسبب القوة النارية للمدفع الجديد 115 ملم، كانت تعتبر دبابة هائلة، حيث كان أداؤها جيداً خلال حرب العبور أكتوبر/تشرين الأول 1973، في أيدي الجيشين المصري والسوري.
T-64 سلاح الروس السري الذي كانوا سيغزون به أوروبا
T-64 هي دبابة قتال سوفييتية رئيسية، تم تقديمها في أوائل الستينيات، ومثّلت ثورة عند ظهورها لدرجة أن الروس أبقوها سراً لفترة، واعتبروها أداتهم الفعالة لغزو أوروبا في حال قيام حرب مع الناتو بفضل سرعتها.
لم يتم استخدام T-64 إلا من قبل الجيش السوفييتي، ولم يتم تصديرها أبداً، وما زال نحو 4000 في الخدمة مع القوات البرية الروسية.
يبدو أن الدبابة حافظت على سمعتها الأسطورية ومازالت فعالة رغم قدمها.
T-72 الدبابة الرئيسية لروسيا في الحرب، إليك نتيجة معركتها مع الـ"أبرامز"
لدى روسيا نحو 9950 من دبابات تي 72، تمثل نحو نصف أسطولها، حسبما ورد في تقرير لموقع wionews الأمريكي.
بدأ إنتاج الدبابة T-72 في عام 1971، واستمر لسنوات مع إجراء تحسينات مختلفة.
ظهر قصور هذه الدبابة مبكراً وتحديداً عام 1991، في حرب تحرير الكويت بين القوات الأمريكية والعراقية، حيث كانت أحدث دبابة لدى الجيش العراقي، وتعرضت هي وغيرها من الدبابات الروسية الأقدم لهزيمة قاسية أمام الدبابة الأمريكية أبرامز، وتكرر الأمر في غزو العراق 2003، حيث دمرت عشرات الدبابات المعادية في الحربين دون خسارة واحدة لصالح الدبابات العراقية.
زودت روسيا دباباتها بدروع أحدث تعرف باسم الدروع التفاعلية، وهي دروع تحدث انفجاراً لمنع وصول الصاروخ للدبابة.
ولكن تظل الدبابة T-72 معرضة للأسلحة المحمولة المضادة للدبابات، خاصةً الأسلحة التي تحتوي على رؤوس حربية ترادفية مصممة لهزيمة الدروع التفاعلية واختراق هيكل الدبابة.
تزن دبابات T-72 الروسية ما بين 42 و46 طناً، بينما تزن دبابة Abrams المحدثة ما يقرب من 72 طناً، يجعل هذا الدبابة الروسية أقل تدريعاً.
كما أن محركها ضعيف مقارنة بالدبابات الغربية، حتى في نسخه المحدثة، ولذا لا تتسارع T-72 بشكل مماثل للدبابات الغربية، والعديد منها يفتقر إلى أجهزة الاستشعار التي يمكنها التقاط التهديدات بدقة.
نخبة المدرعات الروسية الدبابة T-90
تمثل الدبابة T-90 نخبة الدبابات الروسية العاملة، وهي بمثابة تطوير انتقالي للدبابة تي 72، ولذا تحمل بعض عيوبها لكن بشكل أقل كثيراً.
ويطلق مدفع الدبابة عيار 125 مع أنواع مختلفة من الذخيرة بدقة عالية، ويمتلك مدى إطلاق نار يبلغ 5 كيلومترات في شكله الأساسي.
يتم دفع الإصدار الأساسي من T-90 بواسطة محرك من 12 أسطوانة، ما يسمح لها بالوصول إلى سرعات تصل إلى 60 كيلومتراً في الساعة على الطرق و50 على الطرق الوعرة، هناك نسخ بمحرك V-92S2F بقوة مقدرة تبلغ 1130 حصاناً.
من حيث الحماية الخاصة بها، فإن T-90 محمية بمزيج من الدروع التفاعلية المتفجرة Kontakt-5 على الهيكل والبرج، إضافة إلى الدروع الفولاذية متعددة الطبقات.
T-90 ليست متوفرة بأعداد كبيرة (نحو 400 دبابة أو أقل من بين أكثر من 12 ألف دبابة روسية)؛ لأن الروس كانوا يفضلون إنتاج الأرماتا الأفضل كثيراً.
وتزعم تقارير غربية أن T-90 الروسية الشهيرة قد دمرت من قبل القوات الأوكرانية، وأنها واجهت مشاكل خطيرة في المعارك ، حسب مجلة business insider الأمريكية.
على الرغم من أن T-90 لم ترقَ إلى مستوى ما قاله الروس على ما يبدو؛ فإن هناك مؤشرات على أن أداءها أفضل بكثير من الدبابات الروسية الأخرى، وأن مشكلة موسكو الأساسية معها هي قلة أعدادها ومشكلات سلاسل التوريد المحتملة.
ولدى روسيا نحو 1800 آلية مجنزرة من طراز بي إم بي 2 و760 من طراز بي إم بي 3 الأحدث، وأعداد هائلة من العربات المدرعة والآليات، ولكن بطبيعة الحال فإن قدرتها على حشد ما بحوزتها أقل من أوكرانيا لأنها تحتاج إلى حماية حدودها الشاسعة.
من يتفوق؛ الأسلحة الأوكرانية أم الروسية؟
من حيث عدد القوات يعتقد أن الأوكرانيين يحظون بتفوق واضح، حيث استدعوا الاحتياط منذ بداية الحرب، ما مكنهم من حشد مليون جندي تقريباً أصبح لديهم خبرة كبيرة، في المقابل، تأخرت موسكو في استدعاء الاحتياط الذي أعلن أنه سيؤدي لتعبئة 300 ألف جندي، (لا يعتقد أن كلهم ذهبوا لأوكرانيا)، إضافة لأنه كان هناك نحو 200 ألف جندي روسي مشاركون في الحرب منذ بدايتها، وقوات فاغنر البالغ عددها حسب التقديرات الغربية نحو 50 ألفاً ويزعم الغرب أن كثيرين منهم قتلوا أو جرحوا، يعني ذلك أن القوات الروسية في حدود نصف عدد القوات الأوكرانية.
في المقابل، تحظى روسيا بالتفوق في عدد المدفعية والدبابات والعربات المدرعة، ولكن أوكرانيا لديها تفوق نوعي جزئي عبر نحو 270 دبابة غربية من بينها نحو 140 دبابة من الجيل الثالث الأحدث عالمياً (أبرامز تشالنجر، ليوبارد 2)، ونحو 130 من دبابات ليوبارد 1 التي تعد من أفضل دبابات الجيل الثاني من الدبابات، إضافة للعربات المدرعة والصواريخ والمدفعية الغربية.
هل تستطيع كييف التغلب على نقطة تفوق موسكو الرئيسية؟
تبقى نقطة تفوق روسيا الكبرى وهي الطيران، إذ إضافة لأسطول الطائرات المقاتلة من طرازات سوخوي وميغ الأسرع من الصوت، لدى روسيا عدد كبير من المروحيات الثقيلة من طرازات ميل مي 24 و28، وKA-52، وهي من أفضل المروحيات الهجومية في العالم.
وهناك مروحية النقل متعددة الأغراض ميل مي 17/8، التي يمكن تحويلها لمروحيات هجومية، وهناك قاذفات سوخوي 25 الأبطأ من سرعة الصوت، إحدى الطائرات المدرعة القليلة التي مازالت تنتج حول العالم والتي تسمى بالدبابة الطائرة.
هذه الطائرات، خاصة المروحيات وسوخوي 25، كانت روسيا تستخدمها بحذر بسبب خسائرها الكبيرة من جراء الأنظمة الدفاعية الجوية الأوكرانية.
ولكن اليوم بات استخدامها ضرورياً لدحر الهجوم الأوكراني، وخاصة أن تحرك القوات الأوكرانية يسهل مهمة استهدافها.
كل هذا، إضافة لتحصينات واسعة وحقول ألغام زرعها الروس، ومدفعية روسية عملاقة متربصة.
الأوكرانيون يحاولون تقليد ما فعله الأمريكيون في معركة بغداد
يجعل هذا من الصعب على الأوكرانيين النجاح في تنفيذ هجوم مباشر على الخطوط الروسية، على طريقة المدرسة السوفييتية التي كان ينتمي لها الجيش الأوكراني.
ولكن هناك تقارير تفيد بأن الأمريكيين منذ أزمة القرم عام 2014، يدربون الجيش الأوكراني، وبالتالي فإن الأوكرانيين يتوقع أنهم سيتبنون الطريقة الأمريكية في القتال، القائمة على تجنب الهجوم المباشر على خطوط العدو، بل الالتفات حولها أو اختراق نقاط ضعفها التي ترصد عبر الاستطلاع الجوي والاشتباكات الأولية (التي يعتقد أنها تجرى حاليًا).
وبالفعل، يستعير اللواء الخامس والثلاثون التابع للبحرية الأوكرانية تكتيكاً من الجيش الأمريكي طُبق ضد العراق، جرى فيه اختراق مباشر للخطوط العراقية في أبريل/نيسان 2003، قامت فيه مجموعة مكونة من 29 دبابة M-1 و14 مركبة قتالية من طراز M-2 وعدة ناقلات جند مدرعة من طراز M-113 بالدخول مباشرة إلى بغداد قبل أيام من هجوم التحالف متعدد الألوية المخطط له على المدينة.
كان هدف الهجوم الذي خطط له الكولونيل إريك شوارتز، الذي قاد ما يسمى بـ"سباق الرعد"، أن تقوم قوة مدرعة صغيرة سريعة الحركة بإرباك وإحباط معنويات المدافعين العراقيين عن بغداد.
واخترقت الكتيبة بالفعل دفاعات بغداد وقتلت ما يحتمل أن يكون مئات من القوات العراقية والقوات شبه العسكرية مقابل مقتل جندي أمريكي واحد. كانت موجة الرعد الأكبر بعد يومين أكثر تكلفة للأمريكيين، لكنها انتهت بتأمين القوات الأمريكية لمكان رئيسي في وسط بغداد، ما أدى إلى تسريع سقوط المدينة بشكل كبير.
ويحاول اللواء البحري الخامس والثلاثون الأوكراني القيام بعمل مماثل، ويقول تقرير لمجلة Forbes الأمريكية إنه سيطر خلال ثمانية أو تسعة أيام من القتال العنيف، على عدة قرى.
السرعة والصدمة هما مفتاح عمل هذا الأسلوب. تم تجهيز اللواء 35 من مشاة البحرية بشكل خفيف إلى حد ما مع عشرات من شاحنات الدرواس البريطانية وشاحنات كيربي المدرعة التركية، وحوالي 10 دبابات T-80BV التي تعمل بالمحركات الغازية لتكون سريعة.
إذا كان على الدبابة أن تتوقف لإطلاق مدفعها الرئيسي عيار 125 ملم، فإنها تفعل ذلك لفترة وجيزة فقط، تاركة عربات الدرواس التي تحمل 10 أفراد مع مدافع رشاشة من عيار 50 لقتل أو تشتيت أي روسي ينجو من نيران الدبابة.
لم يتوقع الروس مثل هذه السرعة، وهذه هي بالضبط الطريقة التي عمل بها الأمريكيون خلال أول موجة رعدية في عام 2003.
القائد الأمريكي كان قد أعطى أوامر محددة لرجاله بالحفاظ على وتيرة 15 كيلومتراً في الساعة، مع فاصل زمني للمركبة يبلغ 50 متراً.
طُلب من السائقين الحفاظ على هذا التباعد والسرعة الصارمين من أجل منع العدو من إطلاق النار على فتحات العادم الخلفية الضعيفة للدبابة، لكن هذا الأسلوب الذي يسمى نوبات الرعد لا يعمل إلا في ظروف معينة، فلقد توقف الألغام حركته.
كما أنه بقدر ما تعتمد "نوبات الرعد" على الزخم لتحقيق تأثيره الصادم، لتشتيت قوات العدو، فحتى القليل من الخسائر في المركبات في المقابل يمكن أن يؤدي إلى توقف كارثي.
كاد أن يحدث ذلك للأمريكيين في عام 2003، خلال أول موجة رعدية، شل صاروخ عراقي إحدى دبابات M-1. أهدرت فرقة العمل نصف ساعة في محاولة لتحريك الدبابة مرة أخرى.
جذوره تعود للحرب الخاطفة الألمانية والمشكلة أنه يحتاج لسيطرة جوية
هذا الأسلوب الذي تعود جذوره لما يعرف بالحرب الخاطفة التي نفذتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية حقق نجاحاً كبيراً أمام فرنسا أثناء هذه الحرب، ولكن أخفق في تدمير الجيوش السوفيتية الكبيرة أو التغلب على مشكلة المساحات الكبيرة للبلاد.
كما أن الولايات المتحدة وقبلها ألمانيا اعتمدت على تنفيذ هذا الأسلوب في ظل تفوق جوي حيد طائرات العدو تماماً.
ولكن الأمر مختلف الآن، لدى روسيا التفوق الجوي على أوكرانيا، رغم أنه تفوق أقل فاعلية بسبب المضادات الأوكرانية
في المقابل، قد يستفيد الأوكرانيون من ضعف قدرات الاستطلاع الروسية باعتراف الروس أنفسهم، كما يبدو أن الأمريكيين يقدمون معلومات استخباراتية وعمليات استطلاع دقيقة للأوكرانيين.
يعني كل ذلك أن الأوكرانيين في وضع أصعب كثيراً من وضع الأمريكيين في حروبهم ضد العراق، والروس في وضع أفضل من وضع العراقيين.
ستمثل محاولة تنفيذ هجوم أوكراني على الطريقة السوفييتية مذبحة للطرفين، بينما لجوء الأوكرانيين لهجوم على الطريقة الاختراقية الأمريكية مغامرة لم ينفذها حتى من قبل معلميهم الأمريكيين.
قد يكون ميزة الأوكرانيين الكثرة العددية، وأنهم يحاربون على أراضيهم، ولديهم حلفاء أثرياء، كما أن القوات الجوية الروسية معروف عنها ضعف قدرتها على ضرب الأهداف المتحركة، والعمل ليلاً، وتأخر قدرات الاستطلاع مقارنة بالغرب، وهي ميزات سيحاول الأوكرانيون استغلالها.
وتحتفظ أوكرانيا في الاحتياط بنصف دزينة أو أكثر من الألوية، في انتظار نشرها في أي مكان تفتح فيه الألوية الرئيسية الفجوات الأوسع في الدفاعات الروسية.