تكشف عن خطط إمبراطورية توسعية.. قصة الخريطة المنقوشة على مبنى برلمان الهند التي أغضبت جيرانها بشدة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/06/13 الساعة 20:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/13 الساعة 20:42 بتوقيت غرينتش
مبنى البرلمان الهندي الجديد في نيودلهي/رويترز

خريطة نقشت على مبنى برلمان الهند الجديد سببت غضباً شديداً لدى الدول المجاورة لها.

وينتصب مبنى البرلمان الهندي الجديد بأضلاعه السداسية إلى جانب الهيكل الدائري القديم بأعمدته التي ترجع إلى زمن الحكم البريطاني، ليمثل بذلك رمزاً على جهود بناء بلدٍ متحررٍ من بهارج ماضي الهيمنة الأجنبية.

لكن افتتاح مبنى برلمان الهند الجديد لم يمر مرور الكرام. إذ حمل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي صولجاناً ذهبياً أثناء ترؤسه للافتتاح بصحبة رجال الدين الهندوس في الشهر الماضي، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية.

خريطة ثلاثية الأبعاد على لوحةٍ جدارية في برلمان الهند تسبب جدلاً إقليمياً

 وقد كان الافتتاح بمثابة وقود لنيران خصومه، الذين كرروا اتهاماتهم القديمة القائلة بأنه يمزق أوصال الديمقراطية الدستورية العلمانية في الهند. كما جادل الخصوم بأن الرئيسة دروبادي مورمو هي التي كان يُفترض بها افتتاح المبنى. علاوةً على أن أحزاب المعارضة قاطعت الحفل، فيما رفضه زعيم حزب المؤتمر الوطني الهندي راهول غاندي، واصفاً إياه بأنه "حفل تتويج".

مبنى برلمان الهند الجديد
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحمل صولجاناً ذهبياً مع كهنة هندوس خلال افتتاح مبنى البرلمان الجديد بالعاصمة نيودلهي في 28 مايو /أيار2023- مكتب المعلومات الصحفية الهندي منشور عبر رويترز

وبعد أن هدأ ذلك الجدل، أدت خريطة ثلاثية الأبعاد على لوحةٍ جدارية في البرلمان إلى إثارة جدلٍ جديد. إذ ضمت الجدارية مخططاً بإضاءةٍ خلفية لشبه القارة الهندية دون أي من حدودها المعروفة اليوم، لتمتد غرباً نحو باكستان وأفغانستان وتصل إلى ميانمار في الشرق. وحملت الخريطة أسماء قديمة وضمت مجموعة من المدن الموجودة في دول أخرى، مثل مدينة بيشاور الباكستانية التي كُتِبَ اسمها باللغة السنسكريتية.

وأعرب المسؤولون وساسة المعارضة في باكستان، ونيبال، وبنغلاديش عن قلقهم إزاء الخريطة. فيما أصرت وزارة الخارجية الهندية على أن الجدارية تُصوِّر انتشار الإمبراطورية التي حكمها أشوكا العظيم في القرن الثالث قبل الميلاد، وتُجسد "فكرة الحوكمة المسؤولة والموجهة إلى الناس، وهي الفكرة التي تبناها ونشرها".

قادة بالحزب الحاكم يؤكدون الطموحات الإمبراطورية 

لكن بعض أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي يزعمون أن الخريطة تمثل "الهند الموحدة"، وهو تصوّرٌ يروج له بعض القوميين الهندوس لوصف الهند الكبرى، التي تضم مساحات شاسعة من البلدان المجاورة.

وأكّد الوزير الحكومي برالهاد جوشي أن "العزم واضح هنا – الهند الموحدة"، وذلك في تغريدة نشرها يوم الافتتاح وحملت وسم "#برلماني_فخري #MyParliamentMyPride". كما غرد مانوج كوتاك، نائب حزب بهاراتيا جاناتا عن مومباي، قائلاً: "الهند الموحدة في البرلمان.. إنها تمثل هندنا القوية التي تعتمد على نفسها".

باكستان مصدومة 

بينما أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية أنها "مصدومة" من التصريحات الصادرة عن بعض ساسة بهاراتيا جاناتا، وقالت إنها تمثل "تجسيداً للعقلية التوسعية الرجعية التي تسعى لاستعباد هوية وثقافة الدول المجاورة للهند، وكذلك أقلياتها الدينية الخاصة".

ويُمكن القول إن بعض الغضب الصادر عن دول منها باكستان -عدو الهند اللدود- يعكس التوترات الأوسع، أو ربما تم إعداده لخدمة الأغراض السياسية المحلية. 

وليست الهند هي البلد الوحيد الذي أثارت خرائطه المشكلات مع الجيران. حيث أثار الزعيم المجري فيكتور أوربان حفيظة رومانيا وأوكرانيا العام الماضي، بعد أن ظهر مرتدياً وشاح كرة قدم يحمل حدود المجر الكبرى من حقبة ما قبل عام 1920. كما أن خرائط الصين التي تستعرض خط القطاعات التسعة تثير غضب الجيران مثل فيتنام بصفة روتينية، لأنه خط يمثل مطالبات الصين غير المعترف بها للاستحواذ على غالبية بحر الصين الجنوبي.

لكن خريطة الهند منقوشة في الحجر حرفياً داخل المبنى الذي وصفه مودي بـ"معبد الديمقراطية"، وداخل دولةٍ تعتبر نفسها زعيمةً إقليمية. حيث قال أكار باتل، المؤلف وناقد الحكومة: "يجب على الهند أن تتواصل مع جيرانها بأسلوب أكثر إيجابية، باعتبارها صاحبة أكبر شعب وأضخم اقتصاد. لكن هذه الخريطة تسلك مساراً معاكساً لذلك الذي يجب أن نسلكه".

لكن مشروع الهند الكبرى يتعارض مع خطط مودي لبناء أمة هندوسية

ولا يزعم أحد من نقاد الخريطة أن الهند لديها خطط نشطة لضم تلك الأراضي. كما أشار البعض إلى أن "الهند الكبرى" الخيالية التي تضم باكستان وبنغلاديش ستكون موطناً لأعداد ضخمة من غير الهندوس، مما يتعارض مع أغراض مشروع بهاراتيا جاناتا الذي يريد بناء أمة هندوسية.

ويواجه المسلمون في الهند اضطهاداً غير مسبوق منذ تولي ناريندرا مودي المسؤولية قبل 7 أعوام، لكن الأمور وصلت إلى حد دعوة رهبان هندوس علناً إلى قتل المسلمين مع الأيام الأخيرة لعام 2021.

,ولكن سرعان ما انحسرت موجة الاعتراضات داخل منطقة تمثل الهند أكبر اقتصادٍ فيها، ناهيك عن نمو دورها كمستثمرٍ أجنبي. حيث إن المسؤولين الحكوميين في نيبال وبنغلاديش، الذين تجمعهم علاقات طيبة مع إدارة مودي، اعترضوا على تلك الخريطة في البداية. لكنهم سعداء اليوم بقبول التفسير الذي يقول إنها خريطة تاريخية.

تحميل المزيد