37 اتهاماً جنائياً والبقية تأتي.. هل يفقد ترامب فرصة الترشح لرئاسيات 2024؟ الدستور يجيب

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/11 الساعة 08:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/12 الساعة 05:09 بتوقيت غرينتش
ما ذا يقول الدستور عن ترشح ترامب لانتخابات 2024؟/ رويترز

عاد دونالد ترامب إلى بؤرة الأحداث بقوة، قبل أشهر من بداية السباق الانتخابي الأخطر في تاريخ أمريكا، فماذا سيحدث في حال تم الحكم على الرئيس السابق في أي من 37 تهمة جنائية يواجهها الآن؟

كان ممثلو ادعاء تابعون لوزارة العدل الأمريكية، قد كشفوا الجمعة، 8 يونيو/حزيران 2023، عن لائحة اتهامات تضم 37 تهمة جنائية ضد الرئيس السابق، وقالوا إنه أساء التعامل مع وثائق سرية تضمنت بعضاً من أكثر الأسرار الأمنية حساسية في البلاد، بعد مغادرته البيت الأبيض في 2021.

ويتهم ممثلو الادعاء ترامب بالاحتفاظ بمواد، من بينها وثائق حول البرنامج النووي الأمريكي، ومواطن الضعف المحلية في مواجهة هجوم محتمل، والتي يقولون إنه كان يعلم أنه ما كان ينبغي أن يحتفظ بها.

وتوجيه الاتهام إلى رئيس أمريكي سابق لارتكاب تهم فيدرالية أمر غير مسبوق في التاريخ الأمريكي، ويأتي في وقت يعد ترامب المرشح الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة في 2024.

ما شروط الترشح لرئاسة أمريكا؟

ربما يكون هذا السؤال هو الأكثر تردداً على الساحة الآن، في ظل توالي توجيه لوائح الاتهام للرئيس السابق، سواء اتهامات مدنية أو جنائية، وإصراره على أن ما يحدث ليس إلا "اضطهاداً سياسياً" لن يمنعه من العودة للبيت الأبيض، دون أن يقدم دليلاً على تلك المزاعم.

وبالتالي فإن القول الفصل في هذه المسألة يتمثل في الشروط الواجب توفرها فيمن يترشح للرئاسة في الولايات المتحدة، وهذه الشروط، كما ينص عليها الدستور الأمريكي، ثلاث: 1- ألا يقل سن المرشح عن 35 عاماً. 2- أن يكون مواطناً أمريكياً. 3- أن يكون قد عاش في أمريكا لمدة 14 عاماً على الأقل، بحسب تقرير لموقع Axios الأمريكي.

وتنطبق هذه الشروط على ترامب بطبيعة الحال، وحيث إنه لا توجد أي شروط تخص تعرض المرشح لإدانات أو أحكام مقيدة للحرية لأي سبب من الأسباب، فهذا يعني أنه حتى في حالة تعرض ترامب لحكم بالسجن أثناء الحملة الانتخابية، فإن ذلك لا يحرمه من مواصلة سعيه لأن يصبح "الرئيس رقم 47 في تاريخ الولايات المتحدة"، كما أكد أمام حشد من أنصاره في ولاية جورجيا، مساء السبت 10 يونيو/حزيران، في أول خطاب علني له منذ لائحة الاتهام الأخيرة.

فقد استغل الرئيس الأمريكي السابق أول ظهور علني منذ توجيه لائحة الاتهام الفيدرالية له لتصعيد الهجوم على وزارة العدل، واتهم ممثلي الادعاء العام بشن حملة دون دليل، لها دوافع سياسية تهدف لإبعاده عن البيت الأبيض.

وفي حديثه في مؤتمر للحزب الجمهوري بولاية جورجيا، زعم ترامب أن الرئيس الديمقراطي جو بايدن، دبر الاتهامات الجنائية لتقويض الحملة الرئاسية الخاصة به، بحسب رويترز.

بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن – رويترز

ولا يوجد دليل يدعم مزاعم ترامب. وتؤكد وزارة العدل أن جميع قراراتها الاستقصائية تُتخذ دون اعتبار للسياسات الحزبية، وقال بايدن إنه لن يتدخل في التحقيق المتعلق بترامب.

وقال ترامب إن احتفاظه بالوثائق "لم يكن مخالفاً للقانون"، مؤكداً أن الاتهامات الموجهة إليه لن تمنعه من الترشح للرئاسة. ويواجه ترامب 37 تهمة جنائية في إطار قضية الوثائق السرية، بحسب ما كشفت لائحة الاتهام الموجهة إليه.

وجاء في لائحة الاتهام أن "السجلات السرية للغاية التي عثر عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي في منزل ترامب، تضمنت تفاصيل عن القدرات النووية لدولة أجنبية"، لكن ترامب اعتبر أن احتفاظه بالوثائق "لم يكن مخالفاً للقانون".

كما جدّد الرئيس السابق رفضه لنتائج الانتخابات الرئاسية الماضية، مؤكداً أنه "الفائز الحقيقي" في انتخابات 2020. ومنتقداً الوضع الاقتصادي في البلاد، قال ترامب إن التضخم وصل إلى مستويات غير مسبوقة، مضيفاً: "سنخرج جو بايدن من البيت الأبيض وسنقضي على الفساد".

ما عدد لوائح الاتهام اللازمة لإسقاط ترامب؟

موقع The Intercept الأمريكي نشر تحليلاً يرصد كيف تحول الحزب الجمهوري إلى شكل من أشكال عبادة الحاكم، يصبح فيه كل دليل جديد على جرائم زعيمه سبباً آخر يشجع أتباعه على الدفاع عنه. إذ وُجهت إلى دونالد ترامب اتهامات رسمية مرتين، خلال ما يزيد قليلاً عن شهرين، في قضيتين منفصلتين، وفي المرتين احتشد الجمهوريون حوله.

أما مجموعة المتذمرين والمنبطحين الذين يتنافسون مع ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، العام المقبل، فهي مرتعبة من شدة تأثيره في داعمي الحزب، لدرجة خوفها من التصريح بالحقيقة علناً، وهي أن "ترامب مجرم مكانه السجن وليس البيت الأبيض"، بحسب الموقع الأمريكي.

فما عدد الاتهامات الرسمية التي يحتاجها الجمهوريون ليستيقظوا من سباتهم؟ وُجهت لترامب في أبريل/نيسان تُهم تتعلق بارتكاب مخالفات في تمويل حملته الانتخابية، من ضمنها دفع مبلغ من المال لممثلة إباحية سابقة؛ وكان آخِر اتهام وُجه له، في لائحة اتهام صدرت يوم الجمعة 9 يونيو/حزيران، محاولته الاحتفاظ بوثائق سرية، وإخفاؤها بعد فترة رئاسته.

ورغم ذلك، فهذه ليست سوى البداية لمشكلاته القانونية، فأخطر تحقيق جنائي في الوقت الحالي مع ترامب لم ينتج عنه توجيه اتهامات بعد، لكن هذا قد يتغير قريباً. فالاحتمال قوي جداً بأن تُوجّه لترامب اتهامات مرتين أخريين على الأقل هذا العام، في قضايا مرتبطة بمحاولته الطعن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بشكل غير قانوني.

ترامب أمريكا وثائق سرية
ترامب، أول رئيس أمريكي سابق أو حالي، يخضع للمحاكمة/ رويترز

ففي جورجيا، قد توجه إليه اتهامات أواخر هذا الصيف، على خلفية محاولته تغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولاية، التي فاز بها جو بايدن. وفُتح تحقيق فيدرالي منفصل في دور ترامب في هجوم 6 يناير/كانون الثاني على مبنى الكابيتول الأمريكي، ومساعيه الأشمل للطعن في الانتخابات الرئاسية.

وهذه التهم الجنائية ليست مشكلات ترامب القانونية الوحيدة، إذ رفعت ولاية نيويورك دعوى مدنية عليه- وعلى ثلاثة من أبنائه وشركته "منظمة ترامب"- بزعم مشاركتهم على مدى عقود في مجموعة واسعة من الممارسات التجارية الاحتيالية.

وفضلاً عن ذلك، خسر ترامب لتوه دعوى مدنية أخرى في نيويورك، رفعتها الكاتبة إي جين كارول، التي زعمت أن ترامب اغتصبها في متجر عام 1996، ثم شوه سمعتها حين نفى هذا الاتهام. وفي مايو/أيار، منحت هيئة المحلفين كارول تعويضاً بقيمة  5 ملايين دولار، وطلبت بعدها من القاضي تعديل دعواها حتى تتمكن من الحصول على تعويض آخر، بعد أن أدلى ترامب بتصريحات بثتها شبكة CNN، في مايو/أيار، قالت إنها تشوه سمعتها مرة أخرى.

هل يستفيد ترامب من ملاحقته قضائياً؟

كان ترامب، أثناء وجوده في المنصب، أول رئيس على الإطلاق يتعرض للمساءلة مرتين من مجلس النواب، في قضيتين منفصلتين. ففي ديسمبر/كانون الأول عام 2019، صوت مجلس النواب لصالح مادتين في قانون المساءلة، متهماً ترامب بإساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس بمحاولته ابتزاز مسؤولين أوكرانيين بحجب المساعدات العسكرية الأمريكية، لحملهم على اتهام بايدن زوراً بالفساد.

وتعرض ترامب للمساءلة للمرة الثانية، في يناير/كانون الثاني عام 2021، في وقت رحيله عن منصبه، في قضية اتَّهم فيها مجلس النواب ترامب بـ"التحريض على التمرد"، لحثه أنصاره على الذهاب إلى الكابيتول الأمريكي، ما أدى إلى أعمال شغب في 6 يناير/كانون الثاني.

ولا تشمل أي من هذه القضايا القضية الأخطر التي واجهت ترامب، والتي تُعرف في التاريخ بتحقيق مولر. فمن عام 2017 وحتى عام 2019، قاد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، روبرت مولر، تحقيقاً خاصاً في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، لمساعدة ترامب على الفوز، وفيما إن كان ترامب أو أي من مساعديه أو حلفائه في حملته الانتخابية قد تعاونوا مع الروس. ووجد التحقيق صلات متعددة بين حلفاء ترامب ومسؤولين روس وعملاء استخبارات، وكشف أيضاً عن أدلة قوية على إعاقة ترامب للعدالة بمحاولته عرقلة تحقيق مولر.

ترامب
أنصار دونالد ترامب

ولم يوجه مولر تهماً جنائية لترامب، لكنه أوضح أن ترامب كان سيُتهم بإعاقة العدالة لو لم يكن الرئيس الحالي في ذلك الوقت. ففي تقريره النهائي، أشار مولر إلى توجيهات وزارة العدل، بمعارضة توجيه لوائح اتهام فيدرالية لرؤساء لا يزالون في مناصبهم، أي أن هذا كان السبب الوحيد لعدم اتهامه ترامب بعرقلة العدالة. وقال للكونغرس لاحقاً إنه يمكن اتهام أي رئيس بعرقلة سير العدالة بعد تركه منصبه، لكن إدارة بايدن لم تجدد هذه الاتهامات.

ولا تتناول أي من هذه القضايا القانونية غوغائية ترامب العنصرية، أو تبنيه غير المتزن عقلياً لنظريات المؤامرة، أو لجوءه من حين لآخر للأكاذيب والمعلومات المضللة للدفاع عن نفسه ومهاجمة أعدائه. فعام 2021، خلص فريق مراجعة الحقائق في صحيفة The Washington Post إلى أن ترامب تفوه بـ30573 ادعاءً كاذباً أو مضللاً على مدار السنوات الأربع التي قضاها في رئاسته.

فهل تكفي أربع لوائح اتهام جنائية، وقضية احتيال مدني واسعة النطاق، وقضية اعتداء جنسي مدني، وحكم بالتشهير، ومحاكمتا عزل، وقضية معطلة لعرقلة العدالة، و30573 كذبة لإيقاظ الجمهوريين؟

خلال الأيام الأولى من حملة ترامب الرئاسية لعام 2016، بعد أن بدأ في جذب حشود ضخمة من المؤيدين المتحمسين، قال ترامب مقولته الشهيرة: "أستطيع الوقوف في منتصف الجادة الخامسة وإطلاق النار على أحدهم، ولن أخسر أتباعي". وهو الآن يضع نظريته موضع اختبار، وحتى الآن يثبت الحزب الجمهوري أنه على حق.

تحميل المزيد