وجَّهت وزارة العدل الأمريكية اتهاماً جنائياً إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسبب تعامله مع الوثائق السرية في مارالاغو، في واحدةٍ من أبرز التطورات القانونية التي يواجهها رئيس سابق بعد مغادرة البيت الأبيض.
وتمثل القضية أول حالةٍ تشهد اتهاماً من وزارة العدل لترامب، كما تُضاف إلى المشكلات القانونية المتراكمة التي يواجهها ترامب بالتزامن مع سعيه لاستعادة منصب الرئاسة. وإليكم سرداً مفصلاً للوضع حالياً.
ما قضية وثائق مارالاغو الخاصة بترامب؟
أخذ ترامب مستندات مرتبطة بفترة رئاسته عند مغادرته البيت الأبيض متجهاً إلى مارالاغو، محل إقامته في فلوريدا. بينما يُلزم القانون بإعادة أي وثائق رئاسية إلى إدارة الأرشيف والسجلات الوطنية.
وفي مايو/أيار عام 2021، اكتشفت الإدارة الأمريكية أن هناك بعض السجلات المفقودة من فترة رئاسة ترامب، فبدأت في مطالبة الرئيس السابق بإعادتها. وقد أعاد محامو ترامب أكثر من 15 صندوقاً من السجلات بعدها، وتضم 184 وثيقة مصنفة بإحدى درجات السرية. وأحالت الإدارة المسألة إلى وزارة العدل، ففتح مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقه في فبراير/شباط عام 2022.
وعلى مدار الأشهر القليلة التالية، حاول مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل استرداد مستندات سرية إضافية من مارالاغو. وفي يونيو/حزيران 2022، أعاد محامو ترامب 38 وثيقة إضافية تحمل علامة السرية. وفي أغسطس/آب 2022، نفذ مكتب التحقيقات الفيدرالي مداهمةً لمارالاغو، وعثر على أكثر من 100 وثيقة تحمل علامة السرية.
وتقول صحيفة The Guardian البريطانية إن وزارة العدل الأمريكية تُحقق في ما إذا كانت المواد السرية قد تعرضت لإساءة الاستخدام أم لا، كما تنظر في ما إذا كانت هناك محاولة لإعاقة سير التحقيق أم لا.
ما التهم الموجهة إلى ترامب؟
قال أشخاص مطلعون على المسألة لصحيفة The Guardian البريطانية إن ترامب متهمٌ بتعمُّد الاحتفاظ بمعلومات تخص الدفاع الوطني، والتآمر لعرقلة سير العدالة. فضلاً عن تهم الحجب والإخفاء الفاسد للمستندات، وإخفاء وثيقة تخص تحقيقاً فيدرالياً، والمشاركة في خطة للإخفاء والإدلاء بتصريحات كاذبة.
ما سر أهمية تلك التهم؟
هذه أول مرةٍ يواجه فيها ترامب تهماً جنائية فيدرالية. أما بقية المسائل الجنائية العالقة ضد ترامب فهي أمام محاكم الولايات.
وتتوخى وزارة العدل الحذر الشديد عموماً عندما تختار رفع القضايا. أي أن شعور المدعين بالثقة الكافية لاتهام ترامب -رغم علمهم بالعاصفة السياسية التي قد تهب- هو مؤشر على قوة القضية المرفوعة ضده.
ما وضع بقية التحقيقات والقضايا الجنائية الأخرى ضد ترامب؟
وجَّهت هيئة محلفين كبرى في مانهاتن لائحة اتهامها إلى ترامب في مارس/آذار، كما يواجه اتهامات جنائية في نيويورك بسبب دفعه الرشاوى لستورمي دانيالز مقابل سكوتها.
ويحقق مدعي مقاطعة فولتن بولاية جورجيا في جهود ترامب لإبطال نتائج الانتخابات هناك، كما أشار إلى احتمالية توجيه الاتهامات في الصيف.
ما أقوى الأدلة الموجودة في قضية الوثائق السرية؟
نقلت شبكة CNN الأمريكية مطلع الشهر الجاري أن المدعين حصلوا على تسجيل لترامب من عام 2021. وناقش ترامب خلال التسجيل أمر وثيقة سرية كانت في حيازته، وهي وثيقة تخص المواجهة العسكرية مع إيران. كما أقر ترامب خلال التسجيل بأن الوثيقة سرية. ويُعد هذا الاعتراف مهماً لأنه يستطيع تفنيد حجة دفاع رئيسية لفريق ترامب، وهي فكرة أنه رفع السرية عن تلك الوثائق عندما كان رئيساً.
كما حصل المدعون على نحو 50 صفحة من الملاحظات التي كتبها إيفان كوركوران، أحد محامي ترامب. وتسلط الملاحظات الضوء على رد ترامب على مذكرة استدعاء وزارة العدل، التي طالبت بإعادة أي وثائق سرية. وقد ذكر كوركوران أنه حذر ترامب في إحدى المناسبات، وأخبره بأنه ملزم بإعادة كافة الوثائق السرية الموجودة في حيازته.
تسرد الملاحظات كذلك تفاصيل محاولة كوركوران لتحديد موقع الوثائق في مارالاغو. حيث تذكّر ذلك قائلاً إن موظفي ترامب اقترحوا البحث في غرفة التخزين داخل العقار. وعندما سأل كوركوران عما إذا كان بحاجة للبحث في مكانٍ آخر؛ نقلت الصحيفة البريطانية أنهم أخبروه بأن هذا القدر سيكون كافياً. لكن تبين أن تلك النصيحة كانت معيبة، وذلك عندما عثر مكتب التحقيقات الفيدرالي على مواد سرية أخرى داخل مكتب ترامب في وقتٍ لاحق.
بماذا رد ترامب؟
شجب ترامب التحقيق زاعماً أن له دوافعه السياسية، وقلل من أهمية تعامله مع تلك الوثائق. كما قال إن له الحق في أخذ بعض الوثائق من المكتب، وإنه لم يفعل شيئاً يختلف عما فعله جو بايدن أو مايك بنس، وكلاهما كانت لديه وثائق سرية في حيازته بعد رحيله عن المنصب. وينظر مدع خاص منفصل في قضية تعامل بايدن مع المواد السرية، بينما قال مسؤولو وزارة الدفاع إنهم لن يوجهوا التهم لبنس.
من يقود التحقيق مع ترامب؟
عيّن المدعي العام ميريك غارلاند المحقق الخاص جاك سميث لتولي التحقيق في نوفمبر/تشرين الثاني. يُذكر أن سميث كان المدعي العام السابق في لاهاي، كما كان الرئيس السابق لقسم النزاهة العامة بوزارة العدل. علاوةً على أنه كان مدعياً فيدرالياً له خبرة في قضايا الفساد العام.
هل للقضية علاقة بأحداث اقتحام الكونغرس؟
تجيب صحيفة الغارديان: لا، حيث يُشرف سميث بشكلٍ منفصل على التحقيق المرتبط بجهود ترامب لإبطال نتيجة انتخابات 2020.
هل ستمنع الاتهامات الفيدرالية ترشُّح ترامب للرئاسة؟
لا. لن تمنع الاتهامات في حد ذاتها -ولا حتى الإدانة- ترشُّح ترامب للرئاسة أو فوزه بها في 2024.
حيث برهنت قضية نيويورك على أن الاتهامات الجنائية كانت بمثابة نعمة له أثناء جمع التبرعات تاريخياً. إذ أعلنت الحملة أنها جمعت أكثر من 4 ملايين دولار في غضون 24 ساعة بعد نشر خبر اتهامه، لتكسر رقمها القياسي السابق المسجل عقب تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي لمنتجع مارالاغو.