بسبب الحرائق المندلعة في كندا، يواجه شمال شرق الولايات المتحدة هواء ملوثاً يثير المخاوف على صحة عشرات ملايين الأمريكيين الضعفاء، مثل الأطفال وكبار السن، ومن يعانون مشاكل في القلب أو الجهاز التنفسي.
وعلى خلفية هذه الأزمة البيئية أغلقت حدائق الحيوانات في برونكس وسنترال بارك، كما هي الحال في واشنطن؛ حيث تم أيضاً إلغاء مباراة بيسبول للمحترفين الخميس، غداة اتخاذ خطوة مشابهة في نيويورك.
وتغطي هذه الحلقة النادرة من تلوث الهواء من إلينوي في الشمال إلى كارولاينا الجنوبية. كما تُسبب قلقاً خاصاً على صحة الضعفاء، مثل الأطفال وكبار السن، ومن يعانون مشاكل في القلب أو الجهاز التنفسي، بحسب تقرير لموقع فرانس 24.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، والمنظمات البيئية على ضرورة مكافحة تغير المناخ الذي يفاقِم مخاطر الحرائق، التي اندلعت في وقت مبكر من هذا العام في كيبيك.
وأفادت ليندا جيوليانو (65 عاماً) في نيويورك، وهي تضع واحدة من الكمامات التي وُزعت على سكان نيويورك الخميس "لم أرَ أبداً شيئاً كهذا". وتابعت "من الصعب التنفّس، لأنّني أعاني الربو"، معتبرة أن الوضع "مؤلم".
وتابعت "ذكرني ذلك كثيراً بأحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، أن أرى السماء مليئة بالدخان".
بالتزامن مع ذلك، تصدّرت الصور المؤثرة لنيويورك التي يغمرها ضوء برتقالي، الصفحات الأولى من الصحف، على الرغم من أن السماء كانت أكثر وضوحاً هناك صباح الخميس.
وتم إغلاق حدائق الحيوانات في برونكس وسنترال بارك، كما هي الحال في واشنطن؛ حيث تم أيضاً إلغاء مباراة بيسبول للمحترفين الخميس، غداة اتخاذ خطوة مشابهة في نيويورك.
تنبيه "أرجواني"
بات الوضع أسوأ في العاصمة واشنطن من اليوم السابق، بحيث رفعت حالة التأهب بشأن جودة الهواء من "الأحمر" إلى "الأرجواني". ويوصف هذا المستوى من التلوث بأنه "ضار جداً بالصحة"، وفقاً للمقياس المستخدم من قبل وكالة حماية البيئة الأمريكية.
ولليوم الثاني على التوالي، لن يتمكن الأطفال في المدارس العامة في واشنطن من قضاء فترات الاستراحة في الخارج، بينما تم إلغاء دروس الرياضة في الهواء الطلق.
من جهتها، أعلنت وكالة الطيران المدني الأمريكية أنه تم مؤقتاً في الصباح، تعليق جميع الرحلات الجوية التي كان من المقرر أن تهبط في فيلادلفيا، قبل استئنافها. وتأثر مطارا نيويورك (لاغورديا ونيوارك) أيضاً بالتأخير المتعلّق بضعف الرؤية.
ويتسبب الاحتباس الحراري في تفاقم مخاطر اندلاع الحرائق وحدتها. وتمثل الزيادة في درجة الحرارة وتضاعف موجات الحر وانخفاض هطول الأمطار في بعض الأماكن، مزيجاً مثالياً لاندلاع الحرائق وتكاثرها.
وقال ماي بويف من منظمة "350.org" إن "الأزمة المناخية هي هنا والآن، وقد تسببت في تلوث خطير في الهواء يهدد صحة ملايين الأمريكيين".
بعد ظهر الثلاثاء، نشر الأمين العام للأمم المتحدة صورة عبر "تويتر" للمشهد الملبّد من مقر المنظمة في نيويورك. وقال "نحن بحاجة إلى تحقيق السلام مع الطبيعة"، مشدداً على "الحاجة إلى الحدّ بشكل عاجل من مخاطر اندلاع الحرائق".
موسم حرائق تاريخي
ويُذكر أن كيبيك تشهد موسماً تاريخياً، في ظل تضرر حوالي 800 ألف هكتار من الأراضي بسبب الحرائق، وفقاً للسلطات. وتم تسجيل ضعف عدد حالات اندلاع الحرائق منذ يناير/كانون الثاني، مقارنة بمتوسط الحرائق الذي شهدته مثل هذه الفترة، على مدى السنوات العشر الماضية.
والخميس، لا تزال المقاطعة الناطقة بالفرنسية تشهد أكثر من 150 حريقاً نشِطاً، بينها نحو 90 حريقاً خارج نطاق السيطرة. ومن المتوقّع وصول تعزيزات جديدة – أميركية، فرنسية، برتغالية… – في الساعات والأيام المقبلة. وتم إجلاء أكثر من 12 ألف شخص في أيام قليلة.
في غضون ذلك، لا يزال الوضع مقلقاً في عدد من المناطق، وفقاً لستيفان كارون من جمعية حماية الغابات من الحرائق. وقال "نحن في بداية موسم الحرائق فقط. نحن ندخل حالياً الفترة التي عادة ما يبدأ فيها اندلاع حرائق أكبر في كيبيك".
كذلك، لا يزال خطر اندلاع حرائق جديدة مرتفعاً. وتعتبر سلطات كيبيك أنّ الحرائق في الجزء الغربي من المقاطعة تعدّ "متطرفة"، إذ تقول إنّ هذه الحرائق عالية الكثافة وسريعة الانتشار، وبالتالي معقّدة للغاية بالنسبة إلى عناصر الإطفاء.
واعتبرت جودة الهواء رديئة للغاية في تورنتو الخميس، حيث توقّعت وزارة البيئة الكندية أن تتسبب بمستوى عالٍ من المخاطر على السكان.
كيف تحافظ على سلامتك من دخان حرائق الهشيم؟
وفقاً للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC، فإن الطريقة الأكثر ضماناً لتجنب المخاطر الصحية المرتبطة بدخان حرائق الغابات هي تجنب الدخان نفسه. يجب أن تنتبه لمؤشر جودة الهواء، واتبع التوصيات بناءً على تقييمك المحلي.
وهذا يعني أنه إذا حثتك السلطات الصحية المحلية على البقاء في الداخل، فيجب عليك، مع إحضار حيواناتك الأليفة معك. حاول الحفاظ على الهواء نظيفاً قدر الإمكان، لا تدخن أو تحرق الشموع أو تشغل المكنسة الكهربائية، والتي يمكن أن ترفع الجسيمات الموجودة بالفعل في منزلك.
وحافظ على النوافذ مغلقة، وتأكد من أن وحدة تكييف الهواء لديك مزودة بفلتر نظيف، وأن مدخل الهواء مغلق. إذا لم يكن لديك مكيف هواء وكان الجو حاراً جداً لدرجة لا تسمح لك بإغلاق النوافذ، ففكر في البقاء مع صديق أو أحد أفراد الأسرة حتى تعود مستويات جودة الهواء إلى طبيعتها.
إذا كنت بحاجة للخروج، فارتدي قناعاً، ولن تحمي أقنعة القماش رئتيك من الجسيمات الدقيقة، لكن قناع N95 عالي الجودة سيفي بالغرض.
وتنطبق هذه الاحتياطات بشكل خاص على أولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة وصغار السن أو كبار السن. ويجب على الأشخاص الذين يعانون من أمراض رئوية أو قلبية وعائية موجودة مسبقاً التحدث إلى طبيبهم حول كيفية حماية أنفسهم والاستثمار في مرشح هواء داخلي في المنزل على سبيل المثال.