منذ العام 1999 تعقد سنوياً قمة مجموعة العشرين التي تمثل أكبر تكتل اقتصادي في العالم، وتعد منتدى رئيسياً للتعاون الدولي فيما يخص المجال المالي والاقتصادي العالميين. فما هي مجموعة العشرين؟ وما الأهمية التي تحظى بها دولياً؟ وهل تسهم بالفعل في تحريك الاقتصاد العالمي وتقديم المبادرات الفعّالة؟
ما هي مجموعة العشرين؟
تأسست مجموعة العشرين أو ما تُعرف اختصاراً بـ "G20" أول مرة عام 1999، بمبادرة من قمة مجموعة السبع لتجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة، بهدف تعزيز الحوار البنَّاء بينها، بعد الأزمات المالية في التسعينيات.
وتضم المهام والأهداف الرئيسية للمنتدى تنسيق سياسة الدول الأعضاء من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو الثابت وتحريك النظام المالي لتخفيض الأخطار ومنع وقوع أزمات مالية، وكذلك إنشاء هيكل مالي دولي جديد.
وتم اتخاذ القرار حول تأسيس "مجموعة العشرين" في لقاء وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية لسبعة أكبر اقتصادات عالمية (بريطانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان) في واشنطن في سبتمبر/أيلول عام 1999، فيما جرى مؤتمر تأسيس المجموعة في ديسمبر/كانون الأول عام 1999 في برلين.
ويعود السبب الأصلي لتأسيس "مجموعة العشرين" إلى الأزمة المالية لعامَي 1997 و1998، التي أظهرت ضعف النظام المالي الدولي في ظروف عولمة العلاقات الاقتصادية، كما بينت أن الاقتصادات النامية ليست مندمجة بالشكل الضروري في مناقشة وإدارة الاقتصاد العالمي.
ولم تحظَ المجموعة بأهميتها الحالية حتى 2008، وتحديداً مع ظهور مؤشرات أزمة مالية عالمية، حينها أقر التكتل زيادة عدد أعضائه من 10 إلى 20، يمثلون أكبر اقتصادات عالمية.
ما الذي تتم مناقشته في قمم مجموعة العشرين ؟
يقضي الشكل الرئيسي لنشاط الندوة بإجراء لقاءات سنوية على مستوى وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية. وعام 2008 اتخذ قرار حول تغيير شكل لقاءات "مجموعة العشرين" وإجراء لقاءات على مستوى رؤساء الدول والحكومات.
وتضم المجموعة حالياً 20 دولة، هي: الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب إفريقيا وتركيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي.
ويتناوب على رئاسة هذه القمة الأعضاء المشاركون كل عام، وتتخذ قراراتها بالإجماع، ويعتمد تنفيذ بياناتها بالكامل على الإرادة السياسية للدول المشاركة.
ولا يمثل قارة إفريقيا في مجموعة العشرين سوى جنوب إفريقيا، بينما تمثل آسيا السعودية والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، وتمثل أستراليا القارة التي تحمل اسمها، بينما الولايات المتحدة والمكسيك وكندا تمثل قارتها (أمريكا الشمالية)، وتمثل الأرجنتين والبرازيل أمريكا الجنوبية، بينما تمثل المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي الاتحاد الأوروبي، وتحضر دول كألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا ممثلة لنفسها.
ما أهمية قمة العشرين بالنسبة للاقتصاد العالمي؟
تعتبر مجموعة العشرين التكتل الأقوى اقتصادياً في العالم. وتشكل بلدان مجموعة العشرين مجتمعة 85% من الاقتصاد العالمي وتمثل نحو 66% من سكان العالم، و75% من التجارة الدولية، و80% من الاستثمارات العالمية، مما يجعلها المنظمة الأكثر تأثيراً من الناحية الاقتصادية من مجموعة السبع، بشرط أن يوافق أعضاؤها على العمل بطريقة موحدة.
وتقليدياً يشارك في قمم "مجموعة العشرين" أعضاؤها الدائمون و5 دول ومنظمات دولية أخرى. أما الاتحاد الأوروبي فيمثله رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي.
وتعقد قمم المجموعة في الدولة التي تنفذ واجبات رئيس المجموعة. ويتم تغيير الدولة الرئيسة للمجموعة كل عام. وعام 2015 كانت تركيا ترأس "مجموعة العشرين"، فيما عقدت قمة المجموعة عام 2016 في الصين، وعام 2017 في ألمانيا، وعام 2018 في الأرجنتين، واستضافت اليابان قمة عام 2019، أما السعودية فقد استضافت قمة عام 2020 افتراضياً بسبب الجائحة.
واستضافت روما الإيطالية قمة العام 2021. وفي عام 2022 استضافت إندونيسيا القمة، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023 ستستضيف مدينة نيودلهي الهندية أحدث قمم المجموعة.
ما إنجازات قمة العشرين؟
كان الإنجاز الأول لمجموعة العشرين هو إتمام جهد منسق للتحفيز المالي في عام 2009 في اجتماع عُقد في لندن، عندما كانت المملكة المتحدة تتولى الرئاسة وكان جوردون براون رئيساً للوزراء.
وافقت مجموعة العشرين على ضخ حوالي 4 تريليونات دولار في الوقت نفسه في اقتصاداتها. كما رفض الأعضاء إقامة حواجز تجارية جديدة فيما بينهم وتعهدوا بإصلاح النظام المالي الدولي.
لقد كان لقمة العشرين تركيز كبير على التنسيق الاقتصادي في العقد منذ ذلك الحين. ومع ذلك فهي تغطي الجغرافيا السياسية أيضاً، فقد ناقشت مجموعة العشرين وقف إطلاق النار في سوريا في قمة 2017 في ألمانيا. وعلى هامش قمة G20 2016 في الصين، أعلن كل من باراك أوباما وشي جين بينغ تصديق بلدانهما على اتفاقيات باريس لتغير المناخ.
وفي عام 2016، أيضاً صاغت مجموعة العشرين التزامها بخطة عام 2030 (أهداف التنمية المستدامة) في ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز النمو القوي والمستدام والمتوازن، وحماية الكوكب من التدهور، وتعزيز التعاون مع البلدان منخفضة الدخل والبلدان النامية. في قمة مجموعة العشرين في هانغتشو، اتفق الأعضاء على خطة عمل وأصدروا وثيقة مبادئ عالية المستوى للدول الأعضاء للمساعدة في تسهيل تنفيذ جدول الأعمال.
مقترح الأمانة العامة لمجموعة العشرين
في عام 2010، اقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إنشاء أمانة دائمة لمجموعة العشرين، على غرار الأمم المتحدة. اقتُرحت سيول وباريس كمواقع محتملة لمقرها الرئيسي. وأيدت البرازيل والصين إنشاء أمانة، بينما أعربت إيطاليا واليابان عن معارضتهما للاقتراح. اقترحت كوريا الجنوبية إنشاء أمانة إلكترونية كبديل.