يقول المثل المصري الشهير: "إذا أفلس التاجر، فتش في دفاتره القديمة"، والهدف من هذا التفتيش هو الأمل في أن يعثر على أموال يسعى لاستردادها، لعل وعسى تقدم له طوق النجاة.
ويبدو أن الحكومة المصرية، التي تواجه شبح الإفلاس، تسعى إلى التفتيش في دفاترها القديمة هي الأخرى. وبما أن العنوان الأبرز لأزمة مصر الاقتصادية الخانقة هو "العملة الصعبة" بالتعبير المصري الدارج، والمقصود به عجز العملة الأجنبية أو الدولار الأمريكي، فالسؤال هو: من يمكنهم توفير هذه العملات الأجنبية لإنقاذ الموقف؟
والإجابة الأولى على هذا السؤال هي المصريون في الخارج، فهؤلاء يمثلون رقماً يقدر بالملايين، ويقبضون رواتبهم بعملات "صعبة"، ريال سعودي أو درهم إماراتي أو دينار كويتي أو دولار أمريكي وهلمّ جراً. فلماذا لا يحولون تلك الأموال إلى وطنهم الأم عبر قنواته الرسمية فيساهموا في إنقاذ الاقتصاد المترنح؟
هكذا تفكر الحكومة بطبيعة الحال، وهذا التفكير يعد منطقياً وبديهياً في حد ذاته، فأين المشكلة؟ فالمصريون عندما يضطرون لترك وطنهم والسفر إلى الخارج بحثاً عن حياة أفضل، يظلون مرتبطين بوطنهم، ربما أكثر من أي شعب آخر، وبالتالي لا توجد مشكلة على الإطلاق، أليس كذلك؟
كلا، الأمر ليس كذلك! فالمشكلات حاضرة وبقوة في حقيقة الأمر، لكن دعونا نسرد القصة من بدايتها لنخرج بحكم موضوعي وإجابة شافية على السؤال الأهم: