جمَع زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الأمة المعارض للانتخابات الرئاسية، كمال كليجدار أوغلو، كل المتناقضات السياسية من أجل الفوز بالانتخابات الرئاسية، كان آخرها التحالف مع أوميت أوزداغ، القومي المتشدد.
ومنذ تأسيس "الطاولة السداسية"، التي تحوّلت فيما بعد إلى تحالف "الأمة" المعارض؛ جمع مرشح المعارضة تيارات العمل السياسي من اليمين إلى اليسار.
وكانت الالتفاتة الأخيرة لتناقضات كليجدار أوغلو بالتعاون مع زعيم حزب "الظفر" القومي المتطرف أوميت أوزداغ، من أجل نيل دعم حزبه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستعقد يوم الأحد، 28 مايو/أيار.
ورغم المفاجأة التي أعلنها زعيم حزب الظفر القومي بدعم كليجدار أوغلو في الجولة الثانية؛ رغم تحذيره من قبل بحدوث "حرب أهلية" في تركيا حال فوز مرشح المعارضة، نظراً لتعاون الأخير مع منظمات إرهابية ستستغل الفرصة للقضاء على تركيا، حسب تصريحات أوزداغ القديمة.
وكشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن زعيم حزب الظفر طالب تحالف الشعب بتولي منصب وزير الداخلية من أجل إعلان دعمه في الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي رفضه ممثل حزب العدالة والتنمية الحاكم خلال اللقاء نعمان قورتولموش.
في مقابل ذلك، قال أوزداغ قبل إعلانه دعم مرشح المعارضة إنه عند توليه منصب وزير الداخلية التركي سيقوم بترحيل كل اللاجئين السوريين على الفور، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه لن يتهاون في القضاء على كل التنظيمات الإرهابية؛ التي تهدد أمن البلاد.
وأكد أوزداغ على ضرورة فرض الدولة التركية سيطرتها على البلديات في المناطق الكردية؛ حال التأكد من صلة رؤسائها بالتنظيمات الإرهابية.
Zafer Partisi olarak, Cumhurbaşkanlığı seçimlerinin ikinci turunda 13 Milyon sığınmacı ve kaçağı yollayacak programlara destek veren Millet İttifakı Cumhurbaşkanı Adayı Sayın Kemal Kılıçdaroğlu'nu destekleme kararı aldık.
— Zafer Partisi (@zaferpartisi) May 24, 2023
28 Mayıs'ta #VatanınıSevenSandığaGelsin pic.twitter.com/pxtWK7HNjr
موقف الأحزاب الكردية
اتفاق كليجدار أوغلو مع أوزداغ حمل العديد من المخاوف لكل الأحزاب المتحالفة مع مرشح المعارضة التركية، ومن بينهم حزب الشعوب الديمقراطي، الذي خاض انتخابات 28 مايو على قوائم حزب اليسار الأخضر؛ خشية صدور قرار من المحكمة الدستورية التركية بحل الحزب.
وفي مؤتمر صحفي، انتقد قادة حزبي الشعوب الديمقراطي واليسار الأخضر الاتفاق بين مرشح المعارضة وزعيم حزب الظفر القومي المتطرف أوميت أوزداغ؛ خاصة فيما يتعلق بمسألة تعيين أوصياء من الدولة التركية على البلديات التي يفوز الحزب برئاستها في مناطق الجنوب والجنوب الشرقي للبلاد.
ورغم الرفض الواضح لنص الاتفاق بين الطرفين؛ جدد الحزب الكردي تأكيده أنه خيار مرشح المعارضة التركية هو القائم لدى الحزب وقواعده في مختلف الولايات ذات الأغلبية الكردية على عكس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ الذي تتمنى الأحزاب الكردية رحيلها؛ كما قالت في مؤتمرها الصحفي.
وتعرّض مرشح المعارضة التركية للانتخابات الرئاسية لانتقادات كبيرة من قبل قواعد الحزب الكردي؛ بسبب تعاونه مع حزب لا تتعدى قواعد ناخبيه 2%؛ مقابل نسبة 10% التي يمثلها الأكراد؛ خاصة بعد حصول مرشح المعارضة على أعلى نسبة من الأصوات في تاريخ المعارضة التركية وفي حزب الشعب الجمهوري الذي يرأسها في مناطق الجنوب والجنوب الشرقي.
وحصل كليجدار أوغلو على نسبة 56.15% من أصوات الناخبين في ولاية أرداهان مقابل 25.94% في انتخابات عام 2018، وفي ولاية أغري حصل على 56.80% مقابل 2.76% في انتخابات 2018، وحصل على 62.26% من أصوات ناخبي ولاية فان مقابل 2.48% عام 2018، وبينما كانت نسبة حزب الشعب الجمهوري 1.71% من أصوات ناخبي ولاية باتمان في انتخابات 2018 حصل كليجدار أوغلو على 71.95% في الانتخابات الحالية.
لن يذهبوا للتصويت
من جانبه، يرى أستاذ القانون في جامعة "دجلة ديار بكر" وهاب جوشكن أن النص المشترك الموقع بين أوزداغ وكليجدار أوغلو يقوم على مخالفة صريحة للقانون التركي والدولي، ويغتصب إرادة الناخبين في اختيار من يمثلهم في رئاسية البلديات التي يعيشون فيها.
ويضيف جوشكن في حديثه لـ"عربي بوست" أن هذا الوضع سيؤثر بشكل خاص على الناخبين الأكراد الذين صوتوا لصالح مرشح المعارضة في الجولة الأولى، رغم إعلان قيادات الحزب استمرار دعمهم لكليجدار أوغلو.
ويتابع جوشكن أن نسبة الإقبال في مناطق الجنوب الشرقي لتركيا؛ حيث الغالبية العظمى من الأكراد، كانت متوسطة في انتخابات 14 مايو/أيار، مقارنة مع انتخابات 2018، ويضيف أن هذا الاتفاق قد يتسبب في ابتعاد بعض الناخبين الذي كانوا يفكرون بالتصويت لمرشح المعارضة.
ويرى أستاذ القانون أن كليجدار أوغلو بينما كان يحاول البحث عن حبل نجاة في الخسارة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية؛ خنق نفسه بحل قوميين متطرفين؛ لا يملكون نسبة 2% من أصوات الناخبين في تركيا كلها؛ موضحاً أنه من الصعب الفوز بالانتخابات عبر الاستثمار في القومية المتطرفة.
أحزاب الطاولة السداسية
وبينما أعربت أحزاب تحالف الأمة عن ارتياحها لقرار رئيس حزب النصر، أوميت أوزداغ، دعم مرشح التحالف للرئاسة، كمال كليجدار أوغلو؛ فإن تصريح أوزداغ بأنه سيكون وزير الداخلية في حكومة مرشح الطاولة السداسية حال نجاحه؛ أثار الكثير من الارتباك داخل معسكر المعارضة.
ورغم أن حزب الشعب الجمهوري وقياداته لا يرون أي مشكلات في بروتوكول التعاون بين كليجدار أوغلو وأوزداغ؛ تسببت موافقة مرشح على المعارضة على تعيين أوصياء على البلديات في العديد من المشكلات بين قيادات التحالف السداسي.
يُذكر أنه في مذكرة التفاهم التأسيسية للطاولة السداسية التي أعلنها التحالف للشعب التركي في فبراير 2022 نصت على أنه لا ينبغي للحكومة التركية أن تقوم بفرض أوصياء على البلديات بسبب تهم الإرهاب أو باقتراح من وزارة الداخلية، ورغم ذلك وافق مرشح المعارض على مناقضة ما اتفق عليه من قبل بين قادة الطاولة.
وقال نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري، إنجين أوزكوتش، الذي لم يترشح للانتخابات البرلمانية في 14 مايو/أيار بسبب احتمالية تعيينه وزيرا للداخلية حال فوز كمال كليتشدار أوغلو؛ إن نص البروتوكول الموقع مع أوزداغ واضح ولا يقبل اللبس.
وأضاف كوتش في تصريحات لقناة "الشعب" المعارضة؛ أنه لا ينبغي استنتاج أحكام مسبقة حول نص البروتوكول، وشدد كوتش على أن توزيع المناصب والالتزام بما جاء في نص الاتفاق مع أوميت أوزداغ هو مسؤولية الرئيس كمال كليجدار أوغلو.
أوميت أوزداغ.. انقسام يعززه انقسام
من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة غاز عنتاب، أحمد كسار، أن التحالف بين كليجدار أوغلو وأوزداغ لن يصبّ في صالح التحالف السداسي حالياً ولا مستقبلاً؛ بل قد يعجل بنهاية التحالف المبني على اختلافات وانقسامات لم نراها في التاريخ التركي.
ويضيف كسار في تصريحاته لـ "عربي بوست" أنه كان ينظر إلى تحالف الطاولة السداسية على أنها طاولة المتناقضات، ولكنها تحولت اليوم إلى طاولة الفرقاء؛ بعدما يجتمع عليها كل صنوف التيارات السياسية بدءاً من أقصى اليمين، حزب الظفر، إلى أقصى اليسار، حزب اليسار الأخضر التركي.
ويوضح كسار أن الخلاف الذي دخل فيه قادة الطاولة السداسية حول دعم زعيم حزب الظفر أوميت أوزداغ لمرشح المعارضة؛ عزز لدى الناخب التركي الرسالة التي تبناها ولا يزال الحزب الحاكم في مهاجمة التحالف المعارضة وهي "كيف يمكن لستة أحزاب إدارة الدولة في ظل الخلافات بينهم".
ويتابع أستاذ العلاقات الدولية أنه بات على كمال كليجدار أوغلو اتخاذ قرارات ترضاها الأحزاب الكردية؛ وفي الوقت ذاته لا تخالف التوجهات القومية لحزبي الجيد والظفر، وذلك بما لا يتعارض مع مبادئ الأحزاب المحافظة مثل "السعادة والمستقبل والديمقراطية والتقدم" وهذا لا يمكن تحقيقه، كما يرى كسار.
#SONDAKIKA 📌 Son Dakika 📌
— Bircan Yıldırım (@BRCNYLDRM78) May 11, 2023
📌Millet ittifakı liderlerinin toplantısı sona erdi ve toplantı sonucu seçimlere hazırız mesajı verildi.
📌192.229 sandıkta 561.977 görevli ve gönüllü ile ; binlerce avukatla seçime hazırız. #ilkturdabitirecegiz #ilkTurdaBayKEMAL #Milletİttifakı pic.twitter.com/qhqWwwwPiG
أصوات تحالف الأجداد
يرى الكاتب حسن بصري يلتشين أن الأصوات التي حصل عليها سنان أوغان كانت "أصواتاً قومية تفاعلية" نتجت عن تحول الناخبين الذين لم يرغبوا في التصويت لأي من الجانبين في الجولة الأولى بسبب مشاعرهم القومية، فكان سنان أوغان مرشح تحالف الأجداد هو الخيار المناسب لهذه الشريحة.
ويضيف الكاتب التركي في مقاله بصحيفة "صباح" أن نسبة سيطرة كل من سنان أوغان وأوميت أوزداغ على هذه الشريحة تكاد تكون معدومة للغاية، وسيستمر الناخبون في اتخاذ قرارهم النهائي بأنفسهم حتى وإن صوتوا في الجولة الأولى لأوغان.
وعرض يلتشين في مقاله نتائج الاستطلاعات التي تمت في الجولة الأول من الانتخابات الرئاسية، وبيَّنت أن الرئيس أردوغان سيكون هو الخيار الأول في جولة الإعادة لكل من قال إنه سينتخب سنان أوغان في الجولة الأولى من الانتخابات.
وبحسب الاستطلاعات التي عرضها الكاتب التركي، فإن 22% من الناخبين الذين قالوا إنهم سيصوتون لأوغان، في الجولة الأولى قالوا إنهم سيصوتون لأردوغان في الجولة الثانية؛ مقابل 24% لكليجدار أوغلو؛ بينما أفاد 36% أنهم لم يحسموا قرار الجولة الثانية، فيما قال 18% أنهم لن يذهبوا إلى صناديق الاقتراع في الجولة الثانية.
ويقول يلتشين إنه إذا أُجريت حسابات تقريبية، فيبدو أن سنان أوغان سيضيف 1.25٪ لكل من أردوغان وكليجدار أوغلو، وعند توزيع المتبقين الذين لم يقرروا بشكل نسبي، يظهر أن أردوغان سيفوز في الانتخابات بنسبة 53.6% في الجولة الثانية.
وأضاف الكاتب التركي أنه بالنظر إلى التحالفات الجديدة التي خاضها كل من أردوغان وكليجدار أوغلو يظهر من لغة الأرقام والاستطلاعات أن أصوات أردوغان قد ترتفع في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بينما أصوات كليجدار أوغلو قد لا تبقى عند المستوى الذي حصل عليه في الجولة الأولى بسبب تحالفاته المتناقضة.