جاء اقتحام مجموعات من المستوطنين صباح اليوم الخميس، لساحات المسجد الأقصى بحراسة شرطة الاحتلال، بمناسبة ما يسمى "عيد الشفوعوت" (نزول التوراة)، ليلقي الضوء على هذا العيد اليهودي الذي تستغله الجماعات المتطرفة لتجديد عدوانها على الأقصى.
وتأتي هذه الاقتحامات الجماعية بناء على دعوة "منظمات الهيكل"، بمناسبة ما يسمى عيد "الشفوعوت" أو "البواكير – نزول التوراة" الذي يتم الاحتفال به غداً الجمعة، حيث أدى المستوطنون طقوساً تلمودية عند أبواب الأقصى، إضافة إلى رقصات وترانيم قبالة أبواب الأقصى وفي البلدة القديمة.
واقتحم أكثر من 200 مستوطن الأقصى على شكل مجموعات، ونظموا جولات استفزازية في ساحاته، وتلقوا شروحات عن "الهيكل" المزعوم، وأدوا طقوساً تلمودية في المنطقة الشرقية منه، وقبالة قبة الصخرة، كما أدى مستوطنون رقصات وصلوات وترانيم توراتية قبالة أبواب الأقصى وفي القدس القديمة، قبل أن يغادروا الساحات من جهة باب السلسلة، حسب دائرة الأوقاف.
وفي المقابل، واصلت شرطة الاحتلال سياسية التضييق على دخول الفلسطينيين الوافدين من القدس والداخل للمسجد الأقصى، وتدقق في هوياتهم الشخصية، وتحتجز بعضها عند بواباته.
ونصبت قوات الاحتلال حواجز حديدية على مداخل بوابات المسجد الأقصى، ومنعت مساء الأربعاء، العشرات من الشبان من الدخول للمسجد الأقصى لأداء صلاتي المغرب والعشاء، وكذلك منع من هم دون الـ50 من أداء صلاة الفجر.
بن غفير اقتحم الأقصى قبل أيام، وهذا ما قاله:
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، قد اقتحم باحة المسجد الأقصى، صباح الأحد الماضي، زاعماً أن دخوله للمنطقة "شرعي تماماً"، وقال بعد اقتحامه الأقصى: "نحن أصحاب السيادة هنا".
كما عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعها الأسبوعي، الأحد الماضي، في أنفاق حائط البراق الملاصق للمسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية، للمرة الأولى منذ 6 سنوات.
وتستمر الاقتحامات، على الرغم من تحذير السلطة الفلسطينية والأردن من جر إسرائيل المنطقة إلى حرب دينية. وأرسل الأردن في وقت سابق رسائل احتجاج شديدة لإسرائيل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة الشرق الأوسط السعودية.
وفي كل عام يتجمّع المستوطنون المتطرفون صبيحة يوم العيد عند حائط البراق، غربي الأقصى بالآلاف، وترتفع أصواتهم بالتوراة والمزامير.
وفي عيد "نزول التوراة" خلال العام 2022، اقتحم المسجد الأقصى حوالي 754 مستوطناً من باب المغاربة، وأدّوا صلوات تلمودية و"السجود الملحمي" داخله، وشربوا الخمر عند باب المغاربة قبل الاقتحام، وفق منصة "القدس البوصلة" الإعلامية
وإجراء منع المصلين من دخول الأقصى، أصبح يتكرر في كل الأعياد والمناسبات اليهودية، حيث تفرض سلطات الاحتلال قيودها على دخول المصلين، وتنتشر بأعداد كبيرة على أبواب الأقصى وفي داخله.
فمع كل عيد يهودي، يتجدد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى المبارك، ويجد المستوطنون فرصة لزيادة أعداد المقتحمين للمسجد وانتهاك حرمته المقدسة، عبر حشد "منظمات الهيكل" المزعوم أنصارها، علها تُحقق أطماعها داخل المسجد.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية "إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي واليمين الحاكم في إسرائيل، يستغل المناسبات السياسية والأعياد الدينية لتنفيذ المزيد من الأهداف الاستعمارية التوسعية في أرض دولة فلسطين عامة، ومحطات تحفيز لتوسيع دائرة المشاركين في عمليات اقتحام واستباحة المسجد الأقصى المبارك، لتكريس تقسيمه الزماني ريثما يتم تقسيمه مكانياً".
وهدتت حركات المقاومة الفلسطينية، سواء عبر الفصائل في غزة أو المجموعات الشبابية العفوية بالضفة، مراراً بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى مثلما فعلت في حرب غزة في مايو/أيار 2021.
ما هو عيد شفوعوت، ولماذا لا يأخذ فيه اليهود إجازة؟
ويحتفل المستوطنون بما يسمى عيد "الأسابيع (شفوعوت) أو نزول التوراة" العبري، والذي يوافق غداً الجمعة، الموافق 26 مايو/أيار 2023، وفقاً للتقويم العبري، وهناك مخاوف من تنفيذ اقتحامات جماعية أكبر للمسجد الأقصى اليوم الخميس أو غداً الجمعة، حسبما ورد في تقرير لوكالة "صفا" الفلسطينية.
ويعتقد اليهود أن "شفوعوت" أحد أعياد الحج الثلاثة، التي كان اليهود يؤمون فيها "هيكل سليمان" المزعوم، فهو يرتبط بأيام "الهيكل" المزعوم، بحسب نصوص التوراة المكتوبة، لذلك يربطه اليهود بالمسجد الأقصى بشكل مباشر، علماً بأن عيدَي الحج الآخرَين عندهم هما عيد الفصح وعيد العرش.
وتُركز "منظمات الهيكل" في هذا العيد على الاحتفال والزينة، وتعزير أداء "السجود الملحمي" في ساحات الأقصى، وأداء طقوس تلمودية علنية جماعية، وأيضاً تقديم "القرابين النباتية- القمح مثلاً، وشرب الخمر عند باب المغاربة قبل الاقتحام".
ويُعرف أيضاً شفوعوت، بـ"عيد الحصاد"، ويحتفل خلاله بـ"نزول التوراة على اليهود، وببزوغ بواكير الثمار، وسمي عيد الأسابيع لأنه يأتي بعد 7 أسابيع من عيد الفصح العبري، لكن التوراة لا تحدد تاريخاً واضحاً له".
حاز اهتماماً بعد نشأة المستوطنات الزراعية في فلسطين المحتلة
ويعدّه اليهود عيداً يرمز إلى "عودة شعب إسرائيل إلى ما يزعمون أنها أرضهم، حيث حاز اهتماماً خاصاً بعد توسع المشروع الصهيوني ونشوء فكرة المستوطنات الزراعية (الكيبوتسات) وأهمية العمل في الأرض".
و"هذا العيد الوحيد الذي لا إجازة فيه بسبب ارتباطه بالزراعة والحصاد وضرورة العمل لهما، كما يؤكل خلاله الخبز المختمر وأطعمة الحليب والعسل، ويجب على اليهود فيه السهر لدراسة التوراة، وزخرفة المنزل والكنيس بالخضار، كما أن بعض الطوائف اليهودية تصبّ الماء على أفرادها تشبيهاً للتوراة بالماء مصدر الحياة".
مزاعم بأن هذا العيد كان يتم إحياؤه في موقع الأقصى
وتزعم "جماعات الهيكل" أن هذا العيد كان يتم إحياؤه في "الهيكل"، لذلك تريد تكريس وتثبيت أكبر عدد من طقوس "الهيكل" داخل المسجد الأقصى.
وسبق أن قالت الخارجية الفلسطينية إن هذه الممارسات تأتي في هذا السياق عبر حملة إعلامية تضليلية واسعة النطاق، حيث تُحاول إسرائيل طمس الهوية العربية الإسلامية المسيحية للمدينة المقدسة، وإبراز رواية الاحتلال التلمودية القائمة على إنكار وجود الفلسطينيين وصلتهم التاريخية والقانونية والدينية بالقدس وبالمسجد الأقصى.
محاولة لاستغلال الأعياد اليهودية لتطبيع اقتحامات الأقصى
بعد "مسيرة الأعلام" الاستفزازية تكررت محاولات محمومة وخطيرة من المستوطنين لاقتحام الأقصى من عدة أبواب، سواء من خلال باب الأسباط أو باب الحديد، وغيرها.
رئيس مركز القدس الدولي والخبير في الشأن المقدسي، حسن خاطر، قال لوكالة الصحافة الفلسطينية (صفا): إن "المسجد الأقصى يقع منذ سنوات في مركز التهويد وأطماع الاحتلال بشكل مباشر، والذي لا يتوقف عن محاولات لتهويد المسجد في أعياده الدينية خاصة، وإحداث تغييرات ملموسة في علاقة المتطرفين بالمسجد".
ويضيف أن "هذه المحاولات المتطرفة منظمة وليست عفوية، حيث جرى إرسال المستوطنين وتحريكهم وتحديد الخطوات من قبل المتطرف، إيتمار بن غفير، وقادة منظمات الهيكل، والقيادات الدينية المتطرفة في حكومة الاحتلال".
ويؤكد أن بن غفير باقتحامه الأقصى قبل أيام، يريد إعطاء دفعة للمستوطنين لتحريضهم بشكل مباشر على استمرار اقتحام المسجد، وخلط الأوراق فيه، عبر اقتحامه من أبواب أخرى.
وتحاول حكومة الاحتلال إيجاد خرق وتغيير استراتيجي واضح بالأقصى، لتبرهن أن مرحلة بن غفير تختلف عن سابقاتها، وأنه يستطيع إحداث هذا التغيير".
ويرى الخبير في الشأن المقدسي أن كل مناسبة يهودية تشكل محاولة جديدة للعدوان على الأقصى، بهدف كسر الحواجز بين المستوطنين والواقع القائم بالمسجد، ويُحوله الاحتلال إلى "مقدس يهودي".