تواجه باكستان أزمة سياسية؛ حيث اعتقلت قوات شبه عسكرية رئيس الوزراء السابق عمران خان، الذي يقود أكبر حزب معارض في البلاد، يوم الثلاثاء بتهمة الفساد. وأدان أنصاره الاعتقال باعتباره "ثأراً سياسياً" من قبل الحكومة الحالية والجيش، ودعوا إلى احتجاجات على مستوى البلاد.
كان عمران خان، الذي أُطيح به من السلطة في أبريل 2022 بعد خسارته تصويتاً بحجب الثقة من البرلمان، يقود حملة شعبية ضد الحكومة والجيش، متهماً إياهما بالتواطؤ لإقالته من منصبه والتورط في فساد هائل وتدخل في الشؤون السياسية. كما تعهد بمعاقبتهم على جرائمهم إذا عاد إلى السلطة.
يواجه عمران خان عدة قضايا فساد مرفوعة ضده من قبل إدارة مكافحة الفساد وغيرها من الوكالات، والتي يقول إنها ذات دوافع سياسية ومنحازة، حيث اتهم ببيع هدايا قدّمها له كبار الشخصيات الأجنبية أثناء وجوده في منصبه بشكل غير قانوني، في حين أن هذا الفعل ليس جريمة في القانون الباكستاني. كما تحدى عدة أوامر اعتقال صدرت ضده، واشتبك وأنصاره مع الشرطة في عدة مناسبات.
عمران خان ومكافحة الفساد
يُنظر إلى عمران خان، على نطاق واسع، على أنه زعيم حقيقي وبطل لمكافحة الفساد في باكستان. وهو أيضاً مؤسس وزعيم حزب "تحريك إنصاف" الباكستاني (PTI)، وهو أكبر حزب سياسي في البلاد، وفقاً لآخر استطلاعات الرأي. وهو نجم كريكيت سابق، قاد باكستان للفوز بكأس العالم 1992، وأصبح فيما بعد ناشطاً اجتماعياً. وهو معروف بصدقه وجاذبيته ورؤيته لباكستان مزدهرة وديمقراطية.
الحكومة الباكستانية الحالية عبارة عن ائتلاف من عدة أحزاب بقيادة رئيس الوزراء، شهباز شريف، شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي أُقيل أيضاً من منصبه بتهم فساد في عام 2017، كما تكافح الحكومة الحالية الأزمة الاقتصادية التي تواجه البلاد؛ حيث معدلات التضخم المرتفع، و الاحتياطيات من العملات الأجنبية منخفضة، كما تعطل برنامج إنقاذ صندوق النقد الدولي، بالإضافة لنقص في الإيرادات.
كما أن الحكومة الحالية في مواجهة دستورية مع المحكمة العليا بشأن إجراء انتخابات في إقليم البنجاب، مما قد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات قضائية ضد الحكومة، حيث إن المحكمة العليا الباكستانية قد أقالت في السابق رئيسين للوزراء.
جاء اعتقال عمران خان بعد يوم من إصدار الجيش بياناً نادراً، ندد به لادعائه مزاعم ضد ضابط في الخدمة، لقد حكم الجيش باكستان لأكثر من 30 عاماً من أصل 75 عاماً، وغالباً ما تدخل في الشؤون السياسية، وأعقبت الانقلابات العسكرية حالة من الفوضى السياسية 3 مرات في تاريخ باكستان.
أثار اعتقال عمران خان غضباً كبيراً؛ حيث خرجت أعداد كبيرة من الباكستانيين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بالإفراج عنه. ونشرت الحكومة قوات الأمن وتدخل الجيش للحفاظ على القانون والنظام وحذّرت من أي عنف أو تعطيل.
لقد أثارت الأزمة السياسية في باكستان مخاوف بين حلفائها وجيرانها، الذين يخشون أن يؤثر عدم الاستقرار والعنف على الأمن والتعاون الإقليميين، وحثت الولايات المتحدة والصين وإيران وأفغانستان ودول أخرى على ضبط النفس والحوار بين جميع الأطراف لحل الوضع سلمياً وديمقراطياً.
اعتقال عمران خان وفرص الديمقراطية
سلطت الأزمة السياسية في باكستان الضوء على تحديات وفرص تحقيق الديمقراطية والتنمية في باكستان، والتي شابها الفساد والتطرف والتعصب والفقر وعدم المساواة، حيث يستحق الشعب الباكستاني حكماً ومساءلة أفضل من قادتهم الذين يجب عليهم أن يحترموا تفويضهم وتطلعاتهم السياسية والاقتصادية.
مع ذلك يعتقد العديد من المحللين أن القوة الحقيقية وراء الاضطرابات السياسية في باكستان هي الجيش الذي يتدخل في الشؤون السياسية بشكل غير قانوني وخارج حدوده العسكرية، فلا يريد الجيش أن يكون عمران خان رئيساً للوزراء مرة أخرى من أجل دوافعهم الخفية، بسبب تدخلات الجيش السياسية وصلت البلاد إلى حافة الإفلاس.
يُنظر إلى اعتقال عمران خان على أنه محاولة من الجيش لإسكاته وأنصاره الذين يطالبون بالعدالة والمساءلة من المحاكم. وتعهد حزب عمران خان بمواصلة نضاله حتى إطلاق سراحه واستعادة الديمقراطية في باكستان.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.