يزداد نفوذ حركة المقاومة الإسلامية حماس، بعدما كان محصوراً نشاطها في السابق في قطاع غزة بشكل رئيسي والضفة، حيث تشق طريقها ضد الاحتلال الإسرائيلي، بينما تعيد بناء العلاقات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما يقول تقرير لشبكة Bloomberg الأمريكية.
توسُّع حماس يصعِّد حرب الظل بين إيران وإسرائيل
بعد أن أعادت إيران، الداعم الأساسي لحماس، العلاقات مع خصمها اللدود، المملكة السعودية، زار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، وقيادات أخرى المملكة هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ سنوات. وأعادت حماس العلاقات مع سوريا بعد خلاف دام عقداً بسبب موقفها من الثورة، وأقامت مكاتب في تركيا ولبنان وقطر.
في وقت سابق من هذا الشهر، اتهمت إسرائيل حماس بإطلاق أكبر وابل صواريخ على إسرائيل من لبنان منذ حرب عام 2006. قال جوناثان شانزر، نائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن: "لدى حماس طريقة تقدر بها على جذب مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة في صراعها مع إسرائيل. إنهم الآن عنصر استراتيجي مع إيران لجلب الحرب على إسرائيل".
ودُعِيَ محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، إلى المملكة السعودية. لكن مصداقيته مع شعبه في الضفة الغربية وصلت إلى الحضيض بعد فشل مشروعه بعد ما يقرب من عقدين في السلطة، في حين تسعى حماس لتحسين موقفها على حساب السلطة، كما تقول بلومبرغ.
حماس تقود حرب على إسرائيل من عدة جبهات
عندما اشتبكت الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيون في الآونة الأخيرة في المسجد الأقصى بالقدس، كانت حماس هي التي قامت بالرد على إسرائيل من غزة وسوريا، وكذلك لبنان، بينما قامت بتسليح مجموعات في الضفة الغربية.
حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، من أن إيران تشن حرب استنزاف متعددة الجبهات ضد إسرائيل. وربما تتعزز يد طهران، حيث تأتي المصالحة مع السعودية إلى جانب الدعم المستمر من روسيا وارتفاع أسعار النفط. وكان من شأن عودة قبول العالم العربي للرئيس السوري بشار الأسد أن قدَّم دفعة أخرى، فهو حليف استراتيجي لإيران.
في غضون ذلك، تضاءل تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وطوَّرت إيران برنامجها النووي.
وقال شانزر عن حماس: "يشعر المرء أن المنظمة قد تشهد نوعاً من الانبعاث. أنا لا أقول إنهم يمثلون قوةً كبيرة للغاية، لكنهم يتمتعون بقبول أكبر مما رأيناه، وهذا له علاقة بالمشهد المتغير للمنطقة"، حسب تعبيره. وامتنع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن التعليق على نفوذ حماس المتزايد.
التغييرات في المنطقة تصبّ في صالح حماس
من جهته، يقول عدنان أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، إن "إعادة تنظيم العلاقات تضع حماس في قلب الأمور، وربما تبحث عن موطئ قدم في بعض العواصم المهمة، مثل القاهرة وعمّان والرياض وطهران، وبالطبع دمشق وبيروت".
وقال إن "حماس تؤمن بأن عملها السياسي وعلاقاتها الدبلوماسية واتصالاتها الخارجية مع الدول العربية والإسلامية ودول أخرى تعزز روايتها، فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي، وتعمل على إضفاء الشرعية على مقاومتها المسلحة".
في معظم فترات وجودها، كانت "حماس" حركة فلسطينية محلية مدعومة شعبياً، ولكن يُنظر إليها بعين العداء من قبل العديد من الأنظمة العربية بسبب علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنِّفها بعض الدول باعتبارها "منظمةً إرهابية".
في السنوات الأخيرة، نقلت "حماس" العديد من كبار قادتها من غزة، إذا كانوا هناك مقيدين بالحصار المفروض من جانب إسرائيل، ومنحهم هذا الانتقال حريةً في الحركة. ووطدت "حماس" علاقتها مع حزب الله، حليف إيران، مما يمنحها قاعدة إضافية ضد إسرائيل.
فرص الصراع في المنطقة أوسع وأكبر من قبل
كتب معهد القدس للاستراتيجية والأمن، في ورقة حديثة، أن المشهد الإقليمي المتغير "يزيد من حرية العمل لإيران ووكلائها لتصعيد المواجهة العسكرية مع إسرائيل".
وأضاف المعهد: "فرص التدهور إلى صراع أوسع هي اليوم أكبر من ذي قبل"، في الوقت الذي يُنظر فيه إلى إسرائيل من الخارج على أنها "مجتمع ممزق، يفقد قدرته تدريجياً على العمل"، بسبب الخلاف الداخلي العنيف المتعلق بمقترح الحكومة لإضعاف المحاكم.
بالنسبة لشانزر، السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت حماس قادرة على الوصول إلى ما وصفته إسرائيل بالعامل الذي سيغير اللعبة: برنامج الصواريخ الدقيقة التوجيه الذي ابتكره حزب الله وإيران في لبنان.
هذه الصواريخ قابلة للتوجيه نحو أهداف محددة. وقال شانزر إنه إذا كان هناك تعاون كبير بين وكلاء إيران في لبنان "أعتقد أنه من العدل أن أسأل، هل حماس الآن جزء من هذا". وأضاف: "لا يوجد سبب يمنع ذلك، إذا كان هدف إيران هو تطويق إسرائيل وتعريضها للخطر بأسلحة متطورة".