يُشارك مسؤولون بارزون من حركة حماس في زيارة للمملكة العربية السعودية، يوم الثلاثاء 18 أبريل/نيسان 2023، وهي خطوة ينظر إليها أعضاء الجناح السياسي في الحركة باعتبارها "نافذة فرصة" لتحسين العلاقات مع المملكة التي توقفت منذ سنوات. وفي الوقت ذاته، يزور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الرياض.
وبحسب صحيفة Haaretz، قالت شخصية سياسية في حماس، إن القيادة تلقت موافقة السلطات السعودية على تأدية أعضائها لفريضة العمرة في مكة. وأردف أن القرار ستكون له تداعيات سياسية، حتى وإن كان الغرض من الزيارة دينياً.
وتطرّقت العديد من المنافذ الإعلامية العربية، وبعض الصحف الخليجية، إلى وجود عدد من كبار مسؤولي حماس بين الزائرين. وقد ضمت القائمة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، الذي سيرأس الوفد. وسيشارك في الزيارة أيضاً نائب رئيس الحركة خليل الحية، ورئيس مكتب حماس في الخارج خالد مشعل، بالإضافة إلى مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة موسى أبو مرزوق.
وبحسب هآرتس، فإن حصول مسؤولي حماس على إذنٍ بالعمرة لن يأتي إلا بموافقةٍ من القصر في الرياض، ومن الاستخبارات السعودية. وتردّد مسؤولو حماس في الإفصاح عن تفاصيل الزيارة أو ما سيجري بها.
روسيا أسهمت في التقارب بين حماس والرياض
يُذكر أن علاقات حماس مع السعودية قد تدهورت قبل عقدٍ من اليوم، وكافحت حماس من أجل تحسين علاقاتها مع الرياض، لكن غالبية جهودها ذهبت سدى، حتى الآن على الأقل.
وفي عام 2015، زار وفد حمساوي المملكة دون أن يخرج بنتائج تذكر. ولم تسمح السعودية لحركة حماس بالعمل داخل حدود المملكة منذ سنوات، واعتقلت العشرات من أعضائها عام 2019، ومنهم محمد الخضري الذي كان ممثل الحركة في السعودية.
وترى حركة حماس في الزيارة الحالية استمراراً للتطورات الأخيرة على الجبهة العربية، مثل إحياء العلاقات السعودية-الإيرانية، ودفء العلاقات السعودية-السورية وغيرها.
لكن علاقات حماس مع روسيا أسهمت في إعادة التقارب أيضاً، بحسب هآرتس، إذ حافظت قيادة حماس على علاقاتها الوثيقة مع موسكو، كما لعب الروس دوراً محورياً في الوساطة بين السعوديين وبين بشار الأسد.
حماس تتقدم على حساب السلطة الفلسطينية
ولا شك أن الزيارة فيها خطوة أخرى لتحسين موقف الحركة إقليمياً، وينظر إلى الزيارة باعتبارها مؤشراً على ضعف نفوذ السلطة الفلسطينية كما تقول هآرتس. ففي أواخر الأسبوع الماضي، استضاف هنية على مائدة الإفطار نحو 30 سفيراً ودبلوماسياً من الدول العربية والإسلامية في العاصمة القطرية، الدوحة.
وعقد هنية مؤخراً سلسلة اجتماعات في بيروت مع زعيم حزب الله حسن نصر الله، ومسؤولين بارزين في مختلف الفصائل الفلسطينية بلبنان. وزعم مسؤولو حماس أن أحداث الأسبوعين الماضيين قد خلقت ظروفاً مواتية لتقارب الفصائل، بما في ذلك إطلاق الصواريخ من قطاع غزة وجنوبي لبنان والتطورات الإقليمية، خاصةً على مستوى العلاقات السعودية الإيرانية.
ولا شك أن هذه التطورات تُفسِّر سلسلة التصريحات القوية التي صدرت عن قادة الحركة مؤخراً، ومنهم هنية وصالح العروري ورئيس حماس في غزة يحيى السنوار، لكن الزيارة لا تعني بالضرورة اتخاذ خطوات تُسفر عن عمل حماس من داخل السعودية أو سوريا.
وفي الوقت الراهن، لا تزال حركة حماس ترى في قطر قاعدةً رئيسية لقيادتها في الخارج. وتتمتع حماس أيضاً بعلاقات قوية مع تركيا، ولبنان، وإندونيسيا، وباكستان. وفي الوقت ذاته يخشى قادة حماس في غزة أي خطوةٍ يمكنها أن تضر بالعلاقات مع مصر، التي لا تزال القوة المهيمنة في علاقات الحركة غير المباشرة مع إسرائيل، فضلاً عن سيطرتها على شبه جزيرة سيناء.
تفاؤل لدى حماس
يقول عضو في المكتب السياسي بالحركة، الذي لم تكشف هآرتس عن اسمه: "تُعَدُّ هذه الانفراجة في العلاقات مع السعوديين مهمةً للغاية، ويشعر أعضاء الحركة بالتفاؤل حيال روح التغيير في الشرق الأوسط، لكن الحذر ضروري في هذه الحالة".
وأردف المسؤول أن حماس تحاول اجتناب تضارب المصالح بين أهدافها وبين أهداف الدول التي تتمتع بعلاقات معها. وأوضح أن المصريين لديهم شكوك كبيرة حيال الإيرانيين والأتراك، بينما تختلف مصالح السعوديين عن مصالح الاثنين بشدة. وأضاف: "تمتلك كل دولة خارطة مصالحها الخاصة، وتسعى حماس لأن تكون حاضرةً ومشاركة في هذه المساحة".
ووصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى السعودية بدعوة من الملك سلمان، وذلك لتناول طعام الإفطار مساء الإثنين، بالتزامن مع زيارة حماس المتوقعة. بينما أوضح مسؤولون بارزون في السلطة الفلسطينية أنهم لا يتوقعون لقاء هنية هناك.
وأقر المسؤولون البارزون في السلطة الفلسطينية بأن القيادة ليست طرفاً مهماً في التطورات الإقليمية. ولا تُظهر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اهتماماً كبيراً بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ناهيك عن محاولات الحيلولة دون تصعيد الوضع الأمني. بينما تناولت الاجتماعات الأخيرة في العقبة وشرم الشيخ المسائل الأمنية والمدنية بشكلٍ أساسي. حيث قال مسؤول بارز في حركة فتح لهآرتس: "أشك في أن تسلك الأوضاع مساراً إيجابياً بنهاية رمضان وبعد عيد الفطر، بل العكس هو الصحيح".