أزمة السودان.. ما الأطراف التي يمكنها التوسط لإنهاء الاقتتال على السلطة بين البرهان وحميدتي؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/18 الساعة 10:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/18 الساعة 10:51 بتوقيت غرينتش
أزمة السودان.. ما الأطراف التي يمكنها التوسط لإنهاء الاقتتال على السلطة بين البرهان وحميدتي؟ (عربي بوست)

يستمر القتال في السودان لأيام متتالية؛ حيث تشتبك القوات المسلحة النظامية السودانية، تحت قيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، مع قوات الدعم السريع الميليشياوية، التي يديرها "حميدتي"، واسمه الرسمي هو اللواء محمد حمدان دقلو، حيث تدير هاتان القوتان العسكريتان البلاد منذ ثورة 2019، التي شهدت إطاحة عمر البشير من السلطة. 

وكان من المفترض أن ينتقل السودان إلى الحكم المدني بعد عام 2019؛ لكن في عام 2021 شن الجيش انقلاباً قوَّض هذه المحاولات. ومع ذلك، استمر العسكر في الادعاء بأنه سيسلم السلطة في النهاية؛ لكن ما حدث أن هناك رجلين يتعطشان للسلطة، وقد وقع الصراع المحتوم بينهما.

البرهان وحميدتي وصراع "التعطش للسلطة"

بعد ثورة 2019، اتجه السودان نحو التطبيع مع إسرائيل، أشاد حميدتي كما البرهان بالتطبيع مع إسرائيل، في مقابلة معه أُجرِيَت عام 2020. التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع البرهان في إنتيبي عام 2020، كما تقول صحيفة Jerusalem Post الإسرائيلية، في ذلك الوقت، قال نتنياهو إنه يعتقد أن "السودان يسير في اتجاه إيجابي جديد"، حسب تعبيره.

وبدت الثورة فرصة للسودانيين للحصول على مزيد من الحرية، لكن ما يحدث الآن هو صراع التعطش للسلطة بين فصيلين مسلحين؛ أحدهما جيش البلاد، والآخر قوات شبه عسكرية بديلة، "شكَّلها البشير إما لموازنة قوة الجيش النظامي أو للقيام بالعمل القذر الذي لا يستطيع الجيش القيام به"، كما يقول ألبرتو فرنانديز، رئيس معهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط.

ويضيف فرنانديز: "إن قوات الدعم السريع، في جوهرها، هي في الأساس ميليشيا قبلية أُنشِئت في البداية كقوة عسكرية رخيصة ثم تطورت بعد ذلك إلى لواء عسكري زائف أو حرس لنظام الخرطوم". 

يمضي فرنانديز في ملاحظة أن "الجنرال عبد الفتاح البرهان هو التكرار الأخير للجنرالات السابقين الذين تحولوا إلى حكام للبلاد -عبود ونميري والبشير، وجميعهم من نفس المؤسسة وعادة من نفس الجزء من السودان. القوات المسلحة السودانية لا تزال بؤرة للنشاط الإسلامي ولا تزال تعج بالموالين لحكم البشير وحزب المؤتمر الوطني". 

وقوات الدعم السريع التي يحظى قائدها بدعم قوي من الإمارات، تقول إنها "معادية للإسلاميين بشكل علني"، وقد نصب حميدتي، الذي يسعى وراء حلفاء داخليين ضد القوات المسلحة السودانية، على أنه "يأسف لانقلاب 25 أكتوبر 2021 العسكري الذي نفذه شريكه البرهان". 

من يمكنه التوسط لإنهاء الاقتتال في السودان؟

الآن هاتان القوتان تقاتلان بعضهما البعض والشعب السوداني يدفع الثمن. تبدو الاشتباكات وكأنها ستقوض الاستقرار الضئيل الذي كانت تتمتع به البلاد. الدول المجاورة، مثل مصر، تراقب الوضع عن كثب. من المرجح أن تدعم مصر، التي تتشكَّل قيادتها من الجيش، بقاء البرهان في السلطة. 

علاوة على ذلك، دول الخليج أيضاً معنية بالهدوء في السودان. ويمثل هذا فرصةً للمملكة السعودية التي استعانت من قبل بقوات الدعم السريع في حرب اليمن، ومصر التي تحظى بعلاقة قوية مع البرهان، لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم أيضاً التوسط في وقف إطلاق النار في السودان. 

خصوصاً أن الهدوء وتسكين الأزمات أو حتى تصفيرها أصبح نمطاً مؤخراً في الشرق الأوسط بين جميع الخصوم؛ حيث تتحدث الرياض الآن بعد مصالحتها مع إيران عن وقف الحرب في اليمن، وتسعى لتصفير المشاكل مع الجميع، وتركز مصر والسعودية بشكل أكبر الآن على سوريا، وتحاولان إعادتها لجامعة الدول العربية، فيما تمضي مصر بعد السعودية في تعزيز المصالحة مع تركيا.  

وتجدر الإشارة إلى أن السودان أيضاً موضع اهتمام الدول الأخرى؛ سعت تركيا إلى زيادة الاستثمار هناك قبل عام 2019، ولروسيا أيضاً مصالح هناك، وهذا يؤدي إلى مخاوف في الغرب. ومع ذلك، لم يصدر الغرب بشكل عام سوى تصريحات حول القتال. ليس من الواضح ما إذا كانت العديد من الدول ستفعل الكثير للمساعدة في إنهاء الأزمة. 

وأشارت صحيفة The National الإماراتية، الأحد، إلى أن "الدعوات إلى وقف الأعمال العدائية التي أطلقتها القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، ذهبت أدراج الرياح". 

من جانبه، قال قائد قوات الدعم السريع حميدتي، الثلاثاء 18 أبريل/نيسان 2023، إن قواته تؤكد موافقتها على "هدنة 24 ساعة لضمان المرور الآمن للمدنيين وإجلاء الجرحى"، وذلك بعد مباحثات أجراها مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

بينما قال الجيش السوداني في بيان: "لا علم لنا بأي تنسيق مع الوسطاء والمجتمع الدولي حول هدنة لمدة 24 ساعة". وأضاف أن "إعلان التمرد لهدنة 24 ساعة يهدف للتغطية على الهزيمة الساحقة التي سيتلقاها خلال ساعات".

مبادرة مصرية – إماراتية "محتملة" لوقف إطلاق النار في السودان

في السياق ذاته، نقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين مصريين، الإثنين 17 أبريل/نيسان، أن القاهرة وأبوظبي تعملان على اقتراح وقف إطلاق النار في السودان، لكن الاقتراح "لم يسفر عن نتائج بعد".

فيما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت متأخر الإثنين، أن "موقف مصر هو عدم التدخل في شؤون الجارة السودان"، مؤكداً أن بلاده على اتصال مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ومستعدة للوساطة من أجل وقف لإطلاق النار في السودان.

في حين أوضح السيسي، خلال كلمة بعد ترؤسه اجتماعاً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبثها التلفزيون المصري، أن القوات المصرية المحتجزة بالسودان "كانت في مهمة تدريب وليس لدعم أي طرف"، معرباً عن أمله في استعادة تلك القوات "في أسرع وقت".

على صعيد متصل، كانت الخارجية المصرية أعلنت، في بيان الإثنين، أنها أبلغت "الطرفين السودانيين" في الأزمة الحالية، ضرورة وقف إطلاق النار، وأنها تنسق مع السعودية جهود إنهاء الأزمة.

تحميل المزيد