السعودية “شريك حوار” بمنظمة شنغهاي.. كيف تقترب الرياض من الصين دون إحراق جسورها مع أمريكا؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/06 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/06 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الصيني شي جين بينغ، أرشيفية/ رويترز

أقرت المملكة العربية السعودية، الأربعاء، 29 مارس/آذار 2023، الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصفة "شريك حوار"؛ تمهيداً للعضوية الكاملة. جاء ذلك خلال جلسة لمجلس الوزراء ترأسها الملك سلمان بن عبد العزيز في مدينة جدة. من جانبه؛ قلّل المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل من أهمية الخطوة، التي قال إنّها "كانت متوقّعة منذ زمن"، وأضاف أن "لكلّ بلد علاقات تخصّه"، حسب تعبيره.

ما هي منظمة شنغهاي للتعاون؟

تأسست منظمة شنغهاي في شكل تحالف سياسي واقتصادي وعسكري في 2001، عبر 6 دول هي: الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، وفي 2017 انضم لعضويتها الهند وباكستان، بينما انضمت إيران في سبتمبر/أيلول 2021. وتغطي دول المنظمة 60٪ من منطقة أوراسيا، بعدد سكان يبلغ 3.2 مليار، وبحجم اقتصاد يبلغ 20 تريليون دولار.

وتشمل الدول المراقبة للمنظمة، أفغانستان وبيلاروسيا ومنغوليا، كما يشمل "شركاء الحوار" في المنظمة، أرمينيا وأذربيجان وكمبوديا ونيبال وسريلانكا وتركيا، وأخيراً السعودية، وهي جميعها دول مرشحة لكي تصبح عضواً كاملاً في منظمة شنغهاي للتعاون.

ويشكل أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون ما يقرب من نصف سكان العالم، وما يقرب من ثلاثة أخماس كتلة اليابسة الأوروبية الآسيوية، ما يجعلها أكبر تحالف سياسي إقليمي في العالم. وغالباً ما تسمى منظمة شنغهاي في الغرب بـ"التحالف الشرقي".

ما هي عضوية "شريك الحوار" في منظمة شنغهاي التي حصلت عليها السعودية؟

في عام 2008؛ أضافت منظمة شنغهاي صفة "شريك الحوار" وفقاً للمادة 14 من ميثاق المنظمة، والتي تشير إلى دولة أو منظمة تتشارك أهدافها ومبادئها مع منظمة شنغهاي للتعاون، وترغب في إقامة علاقات شراكة معها. 

وتتمتع بصفة "شركاء حوار" في منظمة شنغهاي دول عدة هي: أرمينيا وأذربيجان وكمبوديا ونيبال وسريلانكا وتركيا، وانضم إليها في سبتمبر/أيلول الماضي مصر وقطر. في حين تقدمت كل من العراق و"إسرائيل" وجزر المالديف وأوكرانيا وفيتنام بطلب للحصول على الصفة ذاتها.

هل تمثل عضوية السعودية بمنظمة شنغهاي للتعاون تحولاً في سياستها الخارجية؟

يقول تقرير لموقع أسباب المتخصص بالتحليل السياسي والاستراتيجي، إن الإعلان السعودي يؤكد الرغبة في دخول محور الاقتصاد الآسيوي، خاصة بعد أن قللت المنظمة نسبياً شكلها الأصلي المتمحور حول الأمن في آسيا الوسطى، وتوجهت أكثر نحو التعاون الاقتصادي. 

وتأتي الفرص الاستثمارية في آسيا الوسطى، بما فيها إعادة الإعمار في أفغانستان، وتعزيز الروابط التجارية المهمة مع الصين والهند، في مقدمة المكاسب المحتملة التي تراهن عليها الرياض.

ويأتي الإعلان فيما تشهد علاقات الصين والسعودية تنامياً منذ زيارة الرئيس الصيني للمملكة، أواخر العام الماضي، كما قبلت الرياض مؤخراً وساطة بكين مع طهران ووقعتا الاتفاق على عودة العلاقات. وتسعى السعودية للحيلولة دون أن تستأثر إيران بعلاقات استراتيجية مع الصين وأن تزاحم موقع طهران في الاستراتيجية الصينية كبوابة ضرورية للشرق الأوسط. 

وبالإضافة للصين؛ فإن روسيا هي قطب منظمة شنغهاي الآخر، ولا تخفي السعودية رغبتها في تطوير علاقاتها مع موسكو، "على كل الأصعدة"، بحسب وزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان خلال زيارة لموسكو في مارس/آذار الماضي.

هل تتغير شراكة السعودية مع أمريكا بعد الانضمام لمنظمة شنغهاي؟

بالإضافة لوجود كل من تركيا ومصر وقطر كشركاء حوار في منظمة شنغهاي، فقد أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر/أيلول 2022، خلال قمة دول منظمة شنغهاي، إلى بدء عملية منح صفة شريك الحوار لكل من الكويت والإمارات والبحرين، وهي دلالة لافتة على أن نهج تنويع العلاقات الدولية بات سمة مهيمنة على دول المنطقة. 

كما يشير إلى تنامي علاقات الصين وروسيا بدول المنطقة، وهي علاقات ليس من الصعب ترجمتها لاحقاً في صورة نفوذ سياسي يمكنه مزاحمة الدور الأمريكي في بعض المستويات، كما يقول موقع أسباب.

ومع هذا؛ لا يعد انضمام السعودية للمنظمة تحولاً في توازن العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة؛ فالرياض تقترب من بكين دون أن تحرق جسورها مع الولايات المتحدة، ودون أن تبالغ في تحديد أهمية بكين في سياسة المملكة الخارجية، لاسيما أن السعودية لا تزال على بُعد سنوات من أن تصبح عضواً كامل العضوية في منظمة شنغهاي. 

وحتى هذه العضوية، بحسب موقع أسباب، لا توفر للسعودية متطلباتها الأمنية الحيوية، لاسيما أنه لا يمكن مقارنة منظمة شنغهاي للتعاون بحلف شمال الأطلسي على سبيل المثال، فالمنظمة ليست تحالفاً عسكرياً، بل اتحاد اقتصادي سياسي في الدرجة الأولى.

تحميل المزيد