“انتكاسة كبيرة” أمام روسيا والصين.. هل قتلت أمريكا مشروع صاروخ ARRW فرط الصوتي بعد فشله المتكرر؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/05 الساعة 13:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/05 الساعة 13:49 بتوقيت غرينتش
تصميم لصاروخ ARRW فرط الصوتي الأمريكي/ Creative Commons

بعد فشل اختبار آخر تم الإعلان عنه الأسبوع الماضي، لم تعد القوات الجوية الأمريكية تعتزم الدفع بأول صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، وهو AGM-183 سلاح الاستجابة السريعة المطلق من الجو، المعروف باسم (ARRW)، إلى الإنتاج، حيث يمثل هذا الأمر "انتكاسة كبيرة" في جهود أمريكا لسد فجوة القدرة المتصورة بينها وبين روسيا والصين، فيما يتعلق بالأسلحة فرط الصوتية، كما تصفها مواقع أمريكية.

ما سبب فشل صاروخ ARRW الفرط صوتي الأمريكي؟

يقول تقرير لموقع sandboxx الأمريكي، المتخصص بالشؤون العسكرية، إن صاروخ آرو شهد سبع عمليات إطلاق تجريبية تم الكشف عنها علناً منذ عام 2021، وانتهت أربعة من تلك الاختبارات بالفشل التام. ولكن في حين أنه من المتوقع حدوث إخفاقات أثناء تطوير أنظمة أسلحة جديدة متطورة، فإن مشاكل اختبار ARRW جاءت في أجزاء من نظام الاختبار، مثل الانفصال عن طائرة الإطلاق أو تشغيل المحرك في المقام الأول.

وتشير هذه الإخفاقات إلى قضايا شاملة مع برنامج آرو، سواء من حيث الأهداف المقصودة أو الاندفاع لوضعه في الخدمة. وتشير الأدلة إلى أن هذا الاندفاع لم يكن قائماً على "القدرات المثبتة للسلاح"، ما يشير إلى أنه ربما تم وضعه على المسار السريع نحو الخدمة لأسباب سياسية ودعائية فقط، وليست استراتيجية، كما يقول الموقع الأمريكي.

ومع الفشل الواضح لبرنامج ARRW، تقع آمال القوة الجوية التالية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت على صاروخ كروز فرط الصوتي، الذي يعمل بمحرك سكرامجت (HACM)، المقرر دخوله الخدمة في عام 2027، مع قائمة أخرى من البرامج التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في الولايات المتحدة.

ورغم الفشل، لا يزال لدى القوات الجوية نموذجان للاختبار للسلاح المتبقي، التي تنوي إطلاقهما في اختبارات المتابعة، رغم أن هذه الاختبارات ستكون إلى حد كبير لصالح البرامج المستقبلية، بدلاً من الجهود المبذولة لإنضاج ARRW خلال عقد.

وكتب أندرو هانتر، مدير الاستحواذ بالقوات الجوية، في شهادة أدلى بها إلى لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، في 29 مارس/آذار 2023: "هناك فائدة متأصلة لإكمال الرحلات التجريبية الشاملة لصاروخ ARRW، للحصول على بيانات التعلم والاختبار التي ستساعد في إعلام البرامج التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في المستقبل والقدرة المحتملة على الإلغاء".

قصة صاروخ ARRW التي ولدت لمنافسة روسيا في سباق الأسلحة فرط الصوتية

بدأ تطوير صاروخ AGM-183، في أغسطس من عام 2018، بعد ستة أشهر فقط من إلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطاباً يرى الكثيرون أنه بداية سباق التسلح الفرط صوتي اليوم، في خطابه أعلن بوتين أن روسيا تضع أول سلاحين حديثين تفوق سرعتهما سرعة الصوت في العالم في الخدمة، في Kh47M2 Kinzhal وObjekt 4202 أو Avangard.

ولكن في حين أن العديد من هذه الأنظمة الخاصة بالقوات الجوية والجيش والبحرية تتطلب جهوداً مطولة في البحث والتطوير، فقد ظهر أحد البرامج الأقرب للنجاح بحلول عام 2020: جهد AGM-183 ARRW التابع لسلاح الجو. 

حيث كان يعتقد أن هذه المركبة الثقيلة التي يتم إطلاقها من الجو، ستوفر للولايات المتحدة استجابة لكل من التحديات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، حيث من المحتمل أن تكون قدرتها المقصودة بمثابة رد على التهديدات التي تشكلها الأنظمة الروسية والصينية، وخط زمني سريع للغاية يهدف إلى تحييد الحجج حول تخلف أمريكا عن الركب. 

وكان سلاح AGM-183 الذي يتم إطلاقه من الجو سريع الاستجابة، أو ARRW، عبارة عن برنامج سلاح انزلاقي يفوق سرعة الصوت، تقوده شركة لوكهيد مارتن، ومسلح تقليدياً (غير نووي)، يهدف إلى نشر صاروخ جو-أرض قادر على تحقيق سرعات مستدامة بين ماخ 5 وماخ. ماخ 8. 

وتم حمل السلاح على متن طائرة B-52 Stratofortress التابعة لسلاح الجو طوال فترة الاختبار، ولكن على المدى الطويل، كان من المقرر أن يتم حمله بواسطة مجموعة متنوعة من الطائرات، بما في ذلك B-1B Lancer، الأسرع من الصوت، B-21 Raider، وإف-15 إي سترايك إيجل.

وتظل معظم تفاصيل السلاح غامضة إلى حد ما، لكن خدمة أبحاث الكونغرس تشير إلى أن المدى المقصود له يقارب 1000 ميل. ويتكون الصاروخ من محرك صاروخي يعمل بالوقود الصلب، وقذيفة واقية، ومركبة انزلاقية تفوق سرعة الصوت (HGV) نفسها.

وأدخلت روسيا نوعين من الصواريخ الأسرع من الصوت في الخدمة العسكرية بالفعل، وهما صاروخ "كينجال"، الذي تتسلح به مقاتلات "ميغ-31″، وصاروخ "أفانغارد" ذو الرؤوس المدمرة السريعة جداً، التي تنطلق نحو أهداف يزمع تدميرها بسرعة تعادل أضعاف سرعة الصوت بعد أن تنفصل عن الصاروخ.

وعلى سبيل المثال، كما جاء في التقرير الأمريكي، تم نشر صاروخ "كينجال" الروسي، الذي تفوق سرعته سرعة الصوت في مهمة قتالية تجريبية عام 2017. كما ظهرت النتائج الأولية حول تجارب صاروخ "زركون"، الروسي الأسرع، من الصوت في عام 2019. وخلال منتدى الجيش 2021، وقعت وزارة الدفاع الروسية العقد الأول لتسلم الصواريخ من الجمعية العلمية (NPO) للهندسة الميكانيكية.

أمريكا لا تزال متأخرة في سباق "أسلحة حروب المستقبل"

غالباً ما توصف الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بأنها صواريخ قادرة على الطيران بسرعات أعلى من ماخ 5، وما يجعل الأسلحة الحديثة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت مميزة، ليس سرعتها وحدها، ولكن القدرة على المناورة عند الطيران بهذه السرعات القصوى.

والأسلحة الأسرع من الصوت لا تقتصر فقط على فرع بعينه من أفرع القوات المسلحة، بل تشمل الصواريخ والطائرات والغواصات، وأيضاً المركبات العسكرية، وهي ما يشار إليها بشكل عام "بأسلحة حروب المستقبل".

وتعترض أنظمة الدفاع الجوي الحديثة الرؤوس الحربية الباليستية، التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، عن طريق تتبع مسار طيرانها، ثم حساب باقي مسارها. ثم يطلق النظام صاروخاً من تلقاء نفسه عند نقطة في مسار الرحلة المتوقع هذا لاعتراض الصاروخ الداخل، وتجعل الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت هذه الحسابات محل نقاش، من خلال تغيير مسار الرحلة في منتصف الرحلة، والتي بمثل هذه السرعات العالية تجعل حساب اعتراض جديد للصاروخ أمراً مستحيلاً.

وفي تقرير قدمه محللو الأبحاث في الكونغرس الأمريكي، بالتعاون مع قسم تطوير الأسلحة في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، يوم 25 أغسطس/آب عام 2021، أشار إلى تأخر الولايات المتحدة في تطوير الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، مقارنة بمنافسيها في سوق تصنيع السلاح في العالم.

وربما يبدو للبعض أن ذلك التقييم يحمل مبالغة، كون الولايات المتحدة الأمريكية تتصدر جيوش العالم من حيث القوة النيرانية بشكل عام، سواء من حيث الأسلحة المستخدمة في الحروب التقليدية أو الترسانة النووية، لكن الحديث هنا عن الأسلحة الأسرع من الصوت بشكل محدد، وتظهر نتائج التقرير المقدم إلى الكونغرس أن روسيا والصين تتفوقان بشكل واضح على الولايات المتحدة في هذا المجال.

وخلال العام 2021، طلبت وزارة الدفاع الأمريكية تمويلاً قدره 3.2 مليار دولار لتطوير أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، كما كان من المقترح أن يرتفع هذا المبلغ بنسبة 18.8% العام 2022.

لكن هذه المبالغ مخصصة للتطوير والأبحاث، فالجيش الأمريكي حالياً لا يمتلك نظام سلاح واحداً تفوق سرعته سرعة الصوت، وأظهر التقرير الجديد أن شروط تطوير الأسلحة فوق الصوتية لم تتغير، وهو ما يعني أن القوات الأمريكية لن تتسلم نموذجاً أولياً لمجمع سلاح فرط صوتي طويل المدى قبل عام 2023، لكن فشل تجارب صاروخ ARRW يبدو أنها ستؤخر أمريكا عن سباق الأسلحة الفرط صوتية أكثر وأكثر.

تحميل المزيد