ضمن الزعيم الصيني شي جين بينغ، الجمعة 10 مارس/آذار 2023، فترة ولاية ثالثة كرئيس للدولة، مما يضفي مزيداً من الطابع الرسمي على موقعه باعتباره الزعيم الأكثر هيمنة في الصين منذ عقود.
لم يكن الإعلان مفاجئاً بالنسبة للجميع، فقد أشرف شي على إلغاء حدود الفترة الرئاسية في عام 2018، وفي أكتوبر/تشرين الأول حصل على فترة ولاية ثالثة كزعيمٍ للحزب الشيوعي الصيني، وهو المنصب الذي يستمد منه سلطته الحقيقية. والآن، مع اختتام الاجتماع السنوي للهيئة التشريعية الصينية في الأيام المقبلة، فإن العديد من الموالين له ستجري ترقيتهم ليشغلوا بقية مناصب القيادة في البلاد.
سوف يُكلَّفون بإحياء الاقتصاد، الذي يضعف بعد ثلاث سنوات من قيود كوفيد، وتعزيز الأمن والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في التقنيات الإستراتيجية لمواجهة ما وصفه السيد شي بأنه حملة "الاحتواء الشامل والتطويق والقمع" من جانب الولايات المتحدة.
تبدو الاختيارات للعديد من هذه المناصب واضحة كما تقول صحيفة New York Times الأمريكية، رغم استمرار بعض عدم اليقين حول البعض الآخر.. وإليك نظرة على التشكيلة المُختارة التي ستقود الصين.
إلى جانب شي جين بينغ.. هؤلاء الرجال الذين سيقودون الصين للسنوات الخمس المقبلة
1- رئيس مجلس الدولة
رئيس مجلس الدولة هو ثاني أقوى منصب في الصين، ومن المقرر أن ينتقل إلى لي تشيانغ، الذي تمت ترقيته في الخريف الماضي ليكون المسؤول الثاني في الحزب الشيوعي الصيني. وباعتباره رئيساً للوزراء، سيكون لي أكبر بيروقراطي في الصين، حيث يقود مجلس الوزراء ويمارس سلطة واسعة على السياسة الاقتصادية.
لقد ضعف هذا المنصب في عهد شي، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه همَّش رئيس الوزراء المنتهية ولايته، لي كه تشيانغ. لكن بعض المحللين يقولون إن لي تشيانغ قد يلعب دوراً أكبر -وإن لم يكن بالضرورة أكثر تأثيراً- من سلفه.
السكرتير السابق للحزب الشيوعي في شنغهاي، لي تشيانغ، هو حليفٌ قديم لشي، ومن المحتمل أن تكون ترقيته نتاجاً لولائه المتصور للقائد الأعلى. في الربيع الماضي، على سبيل المثال، أشرف على إغلاق شنغهاي بسبب فيروس كوفيد لمدة شهرين، في إطار ما نُفِّذَ باسم سياسة "صفر كوفيد" التي أقرَّها شي.
تعززت خبرة لي في قيادة مناطق مهمة اقتصادياً، بالإضافة إلى شنغهاي، وشغل أيضاً مناصب عليا في مقاطعتي تشجيانغ وجيانغسو، وتصاعدت إثر ذلك الآمال في أنه سيعزز السياسات الصديقة للأعمال. لكنه يفتقر إلى الخبرة في بكين، مما قد يجعله أكثر اعتماداً على الدعم المستمر لشي، وأقل احتمالية لإثارة سياسات تتعارض مع رغبات القائد الأعلى.
ومن المقرر أن يُؤكَّد المنصب الجديد للي السبت، وفي نهاية المؤتمر، سيظهر لأول مرة على الملأ كرئيس للوزراء في مؤتمر صحفي مع أسئلة تم التحقُّق منها مسبقاً.
2- نائب رئيس مجلس الدولة التنفيذي
نائب رئيس مجلس الدولة التنفيذي هو أعلى مرتبة بين نواب رئيس الوزراء في الصين، والمسؤولين مباشرة تحت شي ورئيس مجلس الدولة الجديد. ومن المتوقع أن ينتقل هذا المنصب إلى دينغ شيوشيانغ، الذي شغل خلال السنوات القليلة الماضية منصب سكرتير ورئيس موظفي شي.
في هذا المنصب، من المرجح أن يكون دينغ مسؤولاً عن السياسة الاقتصادية اليومية. كان نائب رئيس الوزراء التنفيذي المنتهية ولايته، هان تشنغ، سكرتيراً سابقاً للحزب الشيوعي في شنغهاي، ويُنسب إليه الفضل في توجيه تحول تلك المدينة إلى عاصمة مالية عالمية. على النقيض من ذلك، لم يقد دينغ مقاطعةً قط، وعمل إلى حد كبير كتكنوقراط من وراء الكواليس.
ولكن مثل الآخرين الذين من المقرر ترقيتهم، فإن دينغ يتمتع بعلاقاتٍ طويلة الأمد مع شي. ويُعتقد على نطاق واسع أنه مدير مكتب لجنة الأمن القومي في الصين، وهي هيئة سرية نمت أكثر نفوذاً؛ حيث أكد شي على الحاجة إلى اليقظة ضد التهديدات الخارجية والمحلية. وقد سافر دينغ بشكل متكرر مع شي محلياً وخارجياً.
وقد عُيِّنَ هان، نائب الرئيس التنفيذي الحالي، نائباً للرئيس الصيني، وهو دور شرفي إلى حد كبير.
3- رئيس الهيئة التشريعية الصينية
تمت الموافقة على تشاو ليجي، الذي حصل على المركز الثالث في التسلسل الهرمي للحزب في الخريف الماضي، كرئيس للمجلس الوطني لنواب الشعب، الهيئة التشريعية في الصين.
تتمتع الهيئة التشريعية اسمياً بسلطة سن القوانين وتعديل الدستور، رغم أن القرارات تتخذ في الواقع من قِبل كبار مسؤولي الحزب. ظل تشاو بعيداً عن الأضواء نسبياً، لكن مسؤولياته في السنوات الأخيرة كانت ثقيلة، فقد قاد لجنة فحص الانضباط التابعة للحزب، والمسؤولة عن تنفيذ حملة شي ضد الفساد وعدم الولاء في الأوساط الرسمية.
كانت تلك الحملة مفتاحاً لتوطيد سلطة شي وتطهير طريقه من المنافسين. قبل توليه ذلك المنصب في 2017، كان تشاو مسؤولاً كبيراً مسؤولاً عن شؤون موظفي الحزب، مما منحه خبرة عميقة في الشؤون الداخلية للحزب.
4- رئيس الهيئة الاستشارية السياسية
في نفس الوقت الذي يعقد فيه الاجتماع التشريعي السنوي، تجتمع مجموعة أخرى، تعمل كمجموعة استشارية سياسية للحكومة، في بكين. هذه المجموعة، التي يُطلَق عليها المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، من المرجح أن يقودها وانغ هونينغ، المسؤول الرابع في الحزب الشيوعي.
في هذا المنصب، سيشرف وانغ على حوالي ألفَي ممثِّل يقدمون ظاهرياً اقتراحات سياسية واجتماعية. وفي الواقع، يعمل المؤتمر بشكل أكبر كقوة قوة ناعمة للحزب، حيث يحشد الموارد والأعضاء غير الحزبيين عبر المجتمع الصيني لدعم أجندة الحزب.
يُعرف وانغ بأنه كبير الأيديولوجيين في الحزب، فقد خدم ثلاثة قادة متتاليين في خلق الدعاية وكتابة الخطب وبلورة السياسات. وقد ساعد في صياغة شعار شي "الحلم الصيني"، الذي يعبر عن رؤية التجديد التي رعاها شي، ويشير صعوده السياسي إلى استمرار سياسات الحزب المتشددة والمعادية للغرب.
5- القيصر الاقتصادي
سيعمل هي ليفونغ، وهو مساعد سابق آخر موثوق به لشي، مع لي عن كثب لإنعاش الاقتصاد الصيني.
هي، الذي من المتوقع أن يصبح نائب رئيس الوزراء للإشراف على السياسة الاقتصادية والصناعية، هو الرئيس الحالي للجنة التنمية الوطنية والإصلاح في الصين، وهي لجنة تخطيط السياسة الاقتصادية في البلاد. في هذا المنصب، أشرف هي على صياغة الخطط الخمسية للصين والمشاريع الاستثمارية الكبيرة في الداخل والخارج.
وبالمقارنة مع القيصر الاقتصادي المنتهية ولايته ليو هي، الاقتصادي المتعلم في جامعة هارفارد والذي قاد أيضاً المفاوضات التجارية مع واشنطن، فإن هي ليفونغ لديه خبرة قليلة فقط في الخارج. عمل لمدة 25 عاماً في مقاطعة فوجيان بجنوب شرق الصين عندما كان يرتقي في الرتب هناك، ثم أصبح نائب سكرتير الحزب الشيوعي في مدينة تيانجين الضخمة.
تشير علاقاته الوثيقة بشي إلى أنه سيكون مفتاحاً لتنفيذ رؤية القائد لمجتمع موجه نحو الأمن وتقوده الدولة؛ حيث يأتي النمو الاقتصادي في المرتبة الثانية بعد الأيديولوجيا.