بعد شد وجذب وخشية من تفكك تحالفها الذي بدأ قبل نحو عام، اتفقت أحزاب المعارضة التركية المنضوية تحت مسمى "الطاولة السداسية"، على اختيار مرشحها الذي سينافس الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات، وهو كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، في 6 مارس/آذار 2023، بعد عودة زعيمة حزب "الجيد" ميرال أكشنار للطاولة التي كانت قد انسحبت منها، رفضاً لترشيح كليجدار أوغلو.
وبما أن الطاولة السداسية بقيت سداسية -حتى اللحظة- وتقول إنها مستعدة بالكامل للدخول في هذه المعركة الانتخابية الحاسمة مع الرئيس رجب طيب أردوغان، لنتعرف على الأحزاب المنضوية تحتها وخلفياتها الأيديولوجية والفكرية، وكذلك برنامجها الانتخابي.
ما هي أحزاب "الطاولة السداسية" التركية؟
تعرف الطاولة السداسية بأنها تحالف سياسي يضم 6 أحزاب تركية معارضة من خلفيات مختلفة ومتنوعة، تأسس في فبراير/شباط 2022 لخوض انتخابات 2023 أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتحالف "الجمهور" الذي يضم حزبي العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية التركية، بزعامة دولت بهجلي.
ومن أبرز الأهداف التي ترفعها أحزاب الطاولة السداسية بشكل واضح هي إسقاط الرئيس أردوغان، والعودة بالبلاد من النظام الرئاسي الذي أقر في عام 2018، إلى النظام البرلماني.
ويعد التحالف بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد نواة لتحالف الطاولة السداسية، حيث خاض الحزبان انتخابات 2018 المحلية ثم انتخابات 2019 الرئاسية والبرلمانية تحت اسم "تحالف الأمة" المعارض.
وفي 13 فبراير/شباط 2022 اجتمع قادة الحزبين الشعب الجمهوري والجيد كليجدار أوغلو وميرال أكشنار، بالإضافة إلى زعيم حزب السعادة ذي الخلفية الإسلامية تمال كرم الله أوغلو، مع قادة 3 أحزاب أخرى هم رئيس حزب الديمقراطية والتقدم (ديفا) علي باباجان، ورئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، وكلاهما منشقان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأخيراً رئيس الحزب الديمقراطي غول تكين أويصال. لينتج عن هذا الاجتماع بيان سياسي أعلن فيه القادة السياسيون الستة اتفاقهم على السعي إلى إنشاء "نظام برلماني معزز" في البلاد.
ما خلفية أحزاب المعارضة التركية الأيديولوجية؟
جمعت الطاولة السداسية أحزاباً تنتمي لمدارس وتيارات وأفكار مختلفة، لذلك مرت اجتماعاتها الكثيرة مشاكل عديدة واحتاجت لوقت طويل حتى تتوافق، لكنها بشكل عام تتبنى خطاباً ديمقراطياً وسطياً يدعو لعدم إقصاء أحد، ويجمعها بشكل أساسي الإطاحة بالرئيس أردوغان في الانتخابات:
1- حزب الشعب الجمهوري: هو حزب سياسي اشتراكي علماني يحمل الأفكار الكمالية أو الأتاتوركية، وهو أقدم حزب في تركيا تأسس عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك.
2- الحزب الجيد: يصنف نفسه على أنه حزب ليبرالي وسطي قومي تركي، وأسسته ميرال أكشنار بعد انشقاقها من حزب الحركة القومية سنة 2017.
3- حزب السعادة: وهو حزب سياسي تركي إسلامي، انبثق عام 2001 عن حزب الفضيلة الإسلامي الذي حلته السلطات التركية، وهو يسير على منهج زعيمه التاريخي نجم الدين أربكان. فشل في دخول البرلمان بمعظم الانتخابات التي خاضها، ولم يتمكن من كسر هذه القاعدة إلا عام 2018.
4- حزب المستقبل: وهو حزب يمين وسط محافظ، شكله رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، بعدما انشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في عام 2019، وهو ينتمي لذات المدرسة الفكرية.
5- حزب الديمقراطية والتقدم: وهو حزب يمين وسط محافظ أيضاً شكله نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان المنشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم عام 2020.
6- الحزب الديمقراطي: حزب قومي يميني محافظ أسسه سليمان ديميريل عام 1983 تحت اسم حزب "الطريق القويم" ثم تغير لاحقاً إلى اسمه الحالي Demokrat Parti.
ما برنامج الطاولة السداسية الانتخابي؟
بحسب موقع "TGRT Haber" التركي، فإن 9 عناوين رئيسية برزت في خارطة الطريق التي أعلن عنها الأحزاب الستة، وهي: الحقوق والعدل والقضاء، والإدارة العامة، والمراقبة والشفافية في مكافحة الفساد، والاقتصاد والتمويل والاستخدام، والابتكار في مجال البحث والتطوير العلمي والتحول الرقمي، والسياسات القطاعية، والتعليم، والسياسات الاجتماعية، والسياسة الخارجية والأمن والدفاع وسياسات الهجرة.
في حين يندرج تحت تلك العناوين الرئيسية، 75 عنواناً فرعياً، وما مجموعه 2300 من الأهداف والوعود والمشاريع، أبرزها:
1- تعزيز صلاحيات البرلمان وإعادة تفعيل دوره بشكل أكبر مما هو عليه الآن ضمن النظام الرئاسي الموجود، حيث انتقلت تركيا عام 2017 من النظام البرلماني الذي كان يحكم البلاد منذ تأسيس الجمهورية.
وتشير خارطة الطريق إلى إعادة تفعيل منصب رئيس الوزراء "بشكل فعال" كما السابق، في حين ستحد من دور رئيس الجمهورية الذي لن يُنتخب إلا لمرة واحدة لمدة سبع سنوات.
2- اقتصادياً، وعدت خارطة الطريق بمكافحة التضخم "دون حل وسط"، ومضاعفة الدخل القومي للفرد في غضون 5 سنوات، إلى جانب توفير فرص عمل جديدة "لإنهاء الفقر".
3- على صعيد السياسة الخارجية، أشارت خارطة الطريق للطاولة السداسية إلى اعتماد مبدأ "سلام في الوطن، سلام في العالم"، وأنه سيكون "حجر الزاوية" في السياسة الخارجية الجديدة.
4- أما ما يخص قضية الهجرة واللجوء، فقد أوضحت خارطة الطريق أنها ستراجع اتفاقية إعادة اللاجئين الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 2016، على أن يكون الهدف "تحمّل المسؤولية المشتركة وتقاسم الأعباء" مع الدول الأوروبية، بحسب البيان. كما شدد البيان على إعادة هيكلة المؤسسات المتعلقة بطالبي اللجوء، خاصةً مديرية الهجرة، من أجل تعزيز بنيتها التحتية على صعيد الإدارة والموظفين، كما أوضح البيان عزم المعارضة على إبرام اتفاقيات إعادة اللاجئين مع الدول التي تعتبر "مصدر الهجرة غير الشرعية".
5- إيقاف منح الجنسية التركية: في سياق متصل، أوضح البيان إنهاء تطبيق منح الجنسية التركية من خلال شراء العقارات أو الودائع المصرفية بالعملة الأجنبية. كما أشارت مادة إلى عدم السماح للاجئين بالتجمع السكني "غير المنضبط" في الولايات والأحياء، مشدداً على ضمان إعادة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة إلى بلدانهم "في أقرب وقت ممكن" وفقاً للقوانين المحلية والدولية.