هل التكنولوجيا العسكرية كافية للفوز بالحروب، أم أنها قد تكون سلاحاً ذا حدين؟ إذ يبدو أن الجيش الأمريكي قد بدأ يتبين أنه قد وقع فيما يمكن تسميته بفخ التكنولوجيا، أو هوس المشروعات العملاقة التقنية.
فمن المفارقات أنَّه رغم مرور عقدين من الصراع الذي خاضته الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، فإن الحرب الروسية في أوكرانيا استغرقت بضعة أشهر فقط، لتلفت الانتباه أخيراً إلى حالة استنفاد مخزونات الأسلحة الأمريكية، ونقاط الضعف في سلاسل التوريد العسكرية، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Affairs الأمريكية.
الجيوش الغربية اكتشفت أنها لا تمتلك ذخائر كافية لمحاربة روسيا
من بين الحقائق الصادمة التي يواجهها الجيش الفرنسي والتي تدعو إلى اليقظة، أن القوات الروسية في منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا أطلقت في بعض الأحيان كمية قذائف مدفعية ثقيلة في أسبوعٍ واحدٍ، تعادل إجمالي كمية قذائف مدافع سيزر عيار 155 مم التي استخدمت على مدار 13 سنة في عمليات الانتشار العسكرية الفرنسية في أفغانستان ولبنان ومالي والعراق معاً، وذلك بحسب شركة الأسلحة الفرنسية نكستر التي تصنع هذه القذائف.
بل إن الموقف قد يبدو صارخاً بدرجة أشد بالنسبة للمملكة المتحدة. يقول المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) إن المخزون الكامل الخاص بالجيش البريطاني من قذائف المدفعية عيار 155 مم، كان سيُستنزف في يومين فقط إذا واجه المدافع الروسية في دونباس في الصيف الماضي. وكانت القوات الأوكرانية ستنفد لديها نفس النوعية من الذخيرة في غضون أسبوع واحد.
وأعرب قادة عسكريون أمريكيون خلال الأشهر الأخيرة عن إحباطهم المتزايد من القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية. قال الأدميرال مايك غيلداي، أحد كبار قادة البحرية الأمريكية، لموقع "Defense News"، في يناير/كانون الثاني، "لا أحاول تعبئة الأسلحة بالذخيرة فحسب، بل أحاول أيضاً تشغيل خطوط الإنتاج الأمريكية بأقصى طاقتها في الوقت الحالي، لمواصلة إنتاج الأسلحة المتطورة"، مضيفاً أنَّ "القتال في أوكرانيا أوضح للقادة العسكريين أنَّ حجم الإنفاق على تلك الأسلحة المتطورة في الصراع قد يكون أعلى مما كان مُقدّراً".
تجدر الإشارة إلى أنَّه بعد 100 يوم فقط من موافقة الولايات المتحدة على نقل صواريخ من طرازي "جافلين" و"ستينغر" إلى أوكرانيا، حذَّرت شركتي "لوكهيد مارتن" و"رايثيون" للصناعات الدفاعية، من أنَّ الأمر قد يستغرق سنوات لإعادة مخزوناتهما إلى مستويات ما قبل الحرب الروسية- الأوكرانية. لن تواجه الولايات المتحدة مع استمرار الحرب تحديات مواصلة الإنتاج فحسب، بل ستواجه أيضاً صعوبات في الوصول إلى أشباه الموصلات والموارد الخام الضرورية للتصنيع العسكري المتطور، مثل الكوبالت والنيون والليثيوم، وذلك بسبب تنامي هيمنة الصين في هذا القطاع. سيتعيَّن على الولايات المتحدة تطوير الوسائل للحفاظ على ترسانة أسلحتها الحالية، دون التضحية بالموارد التي ستحتاجها لبحث وتطوير أسلحة وذخائر الجيل المقبل.
تقول المجلة الأمريكية إنه ينبغي تكريس الكثير من الاهتمام والعمل الجاد لمعالجة نقاط الضعف هذه. تشير الصعوبات، التي واجهتها الولايات المتحدة في تلبية احتياجات أوكرانيا من الأسلحة، إلى تحديات أكبر على الأرجح ستواجهها واشنطن في سبيل الحفاظ على تفوقها في حرب تُحرّكها التقنيات الأكثر تطوراً في ساحات القتال. يشير الفهم الواضح للعلاقة التاريخية بين التغيير التكنولوجي والحرب إلى أنَّ الولايات المتحدة يتعيَّن عليها إعطاء أولوية عاجلة للتكنولوجيا، التي لا تقلل من التكلفة السياسية للحرب فحسب، بل تقلل أيضاً تكلفتها الاقتصادية.
الحرب محاولة للتفوق على الخصم
رغم أنَّ الحرب قد تكون في الأساس منافسة لإبراز مدى القوة البشرية، فإنَّ الطبيعة البشرية تسعى أيضاً للتفوّق على الخصم، بامتلاك أدوات أكثر تطوراً من أجل تغيير ميزان القوى.
على سبيل المثال، منح اختراع القوس الطويل الإنجليزي ميزة كبيرة لإنجلترا على فرنسا خلال حرب المئة عام. استُخدمت طائرات "الشبح" المُطوَّرة أمريكياً في نهاية القرن الـ20، لتحقيق تفوق حاسم خلال إحدى مراحل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، في إطار استراتيجية سُمّيت بـ"الصدمة والرعب". سعى دائماً المخططون العسكريون على مر العصور إلى امتلاك تقنيات جديدة تمنحهم أفضلية على أعدائهم في ساحة المعركة.
تقنيات الجيش الأمريكي فائقة التقدم لم تمكنه من الانتصار على طالبان
ومع ذلك، غالباً ما تكافح الدول لترجمة المزايا التقنية في ساحة المعركة إلى انتصارات استراتيجية. على سبيل المثال، لم يستطع الجيش الأمريكي المُزوَّد بأسلحة عالية التقنية ومعلومات استخباراتية عبر الأقمار الصناعية، أن يصمد حتى النهاية أمام حركة طالبان في أفغانستان.
ومع ذلك، تساعد التكنولوجيا في تحقيق التفوق العسكري بعدة طرق. أولاً تسمح التكنولوجيا بتطوير أسلحة ذات قوة نيران أكبر لزيادة التكلفة المادية والبشرية على الخصم، إليك على سبيل المثال المدفعية والقنابل الحارقة أو الأسلحة النووية. تزيد هذه التقنيات فرص تحقيق انتصار استراتيجي من خلال تكبيد الخصم خسائر بشرية كبيرة بما يكفي لاستسلامه، إما لأنَّه لم تعد لديه القوة البشرية العسكرية، أو لأنَّ الخسائر في صفوف المدنيين تقوّض الإرادة السياسية. على النقيض من ذلك، تستطيع التكنولوجيا الحد من الخسائر البشرية للحرب وخفض احتمالية التصعيد، ومن ثمَّ دعم الإرادة السياسية.
شَكَّلت هذه الرؤية نهج الاستثمار التكنولوجي الأمريكي بعد حرب الخليج الثانية 1990-1991، بعد أن ساعدت معدات حديثة مثل الذخائر طويلة المدى، الموجّهة بدقة، في إبقاء الخسائر البشرية الأمريكية منخفضة على مدار عقود من الصراع المستمر في منطقة الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى تغيير التكلفة البشرية للحرب، تمتلك التكنولوجيا تأثيراً اقتصادياً من خلال تغيير التكلفة المادية المُتمثّلة في التسليح والتدريب. على سبيل المثال، أدَّى تطوير القوس الطويل إلى خفض التكلفة الاقتصادية والسياسية للحروب، من خلال السماح للملكية الإنجليزية باستبدال رماة الأسهم بالفرسان. حصل الرماة على عُشر أجر الفرسان النبلاء، لأنَّهم كانوا من عامة الشعب وكانت معداتهم (السهام والأقواس والسيوف) أرخص كثيراً من دروع الفرسان والخيول. ساعد ذلك الملكية البريطانية على خوض مزيد من الحروب، دون الحاجة إلى فرض ضرائب جديدة تُخاطر بإثارة تمرد ضد التاج البريطاني، لذا تؤثر التكنولوجيا بوجهٍ عام في قدرة الدولة على تمويل الحروب والتفوق في ساحة المعركة.
أخيراً، تُسهم التكنولوجيا في تقليل الاعتماد على الموارد من مصادر خارجية، حتى تتمكن الدول بمرور الوقت من التحكم في سلاسل التوريد والحفاظ على قدرتها على خوض صراع. على سبيل المثال، أسهمت الابتكارات الفرنسية في مجال تصنيع البارود، أواخر القرن الـ18، في إتاحة الفرصة للفرنسيين لتزويد المستعمرات الأمريكية بما يكفي من العتاد، للصمود أمام الإمبراطورية البريطانية الغنية بالموارد.
التكنولوجيا العسكرية لا تكفي أحياناً، وانتصار الجيش الأمريكي على العراق أعمى بصره
رغم أهمية امتلاك التكنولوجيا المناسبة للتأثير بفاعلية في ساحة المعركة، تبقى التقنيات المتطورة غير كافية وحدها لتحقيق انتصار نهائي في غياب التركيز على كيفية تأثير تلك التقنيات على التكلفة طويلة الأجل، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية. يجب أن تتمتع الحكومة بالقوة الاقتصادية لتمويل النزاعات والسيطرة السياسية على جمع الأموال وحشد تأييد مواطنيها.
تجاهل الجيش الأمريكي في فترة ما بعد الحرب الباردة العديد من الدروس التاريخية المُتعلّقة بالتكنولوجيا وتكلفة الحرب، حيث أعماه مؤقتاً ما حققه من انتصار ساحق بفضل التكنولوجيا في حرب الخليج الثانية ضد العراق.
يعتقد صانعو القرار الأمريكيون أنَّ التقدم في مجال الحوسبة وتقنيات التخفي وأجهزة الاستشعار سيسمح لجيش أمريكي أصغر حجماً، مزود بمعدات أكثر تطوراً، أن يتجنّب حروب استنزاف مُطوّلة ومكلفة.
ركزت "الطريقة الأمريكية الجديدة في الحرب"، كما وصفها الكاتب الأمريكي ماكس بوت، على ما أطلق عليه المخططون العسكريون "العمليات المرتكزة على إحداث تأثيرات" من شأنها تحقيق انتصارات حاسمة وسريعة. بناءً على وجهة النظر هذه، ستساعد التكنولوجيا المتقدمة في إنهاء الحروب خلال فترة زمنية أقصر، مع تحقيق انتصار أكثر حسماً وأقل دموية، لذا ركَّزت الولايات المتحدة، التي لم تعد منشغلة بتكاليف الحروب المطولة، مواردها على قوة عسكرية أقل حجماً، لكنها أكثر تطوراً.
وهكذا تحول لجيش صغير بأسلحة شديدة التقدم، فماذا فعلت أمام متفجرات المسلحين البدائية؟
كان تحوَّل الجيش الأمريكي إلى ترسانة دفاعية أصغر حجماً وأكثر تقدماً محور تركيز دونالد رامسفيلد، عندما تولى منصب وزير الدفاع في الفترة من 2001 إلى 2006، لكن هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وما تلاها من حروب أمريكية في أفغانستان والعراق، أربك المنطق الكامن وراء هذا التحول القائم على "نظرية الانتصار التكنولوجي".
بينما صنع المسلحون المحليون أجهزة متفجرة مرتجلة وقذائف صاروخية رخيصة الثمن، أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات على صواريخ هيلفاير، وطائرات بدون طيار موجهة عن بُعد، وذخائر دقيقة، وطائرات "شبح"، وناقلات الجنود المدرعة. كانت الحرب بالفعل أقل دموية من ذي قبل للقوات الأمريكية.
لكن هذه التكنولوجيا العسكرية رغم تطورها، لم تأتِ بثمنٍ بخس، ولم يتحقّق نصر سريع وحاسم.
الصين تطور الذكاء الاصطناعي والتخفي بينما تتعثر أمريكا في مشروعاتها الباهظة
في غضون ذلك، أدَّى التقدم الصيني في مجال السلاح الكهرومغناطيسي، والذكاء الاصطناعي، والفضاء، وتقنيات التخفي، والذخائر الدقيقة إلى تآكل الريادة التكنولوجية الأولية لواشنطن.
لم يحدث الأمر بسبب أنَّ الصين واصلت المضي قدماً بخطوات سريعة فحسب، بل لأنّ الولايات المتحدة كانت تتعثر كثيراً أيضاً.
فالنهج المتصلب للبنتاغون، الساعي إلى امتلاك التكنولوجيا الجديدة، والرغبة المستمرة في ابتكار "الجيل التالي"، يعني أنَّ كل إصدار جديد يستغرق وقتاً أطول وتكون تكلفته أكبر.
على سبيل المثال، وعد برنامج المدمرات الأمريكية من فئة "Zumwalt"، التابع للبحرية الأمريكية، بإنتاج 32 مدمرة مزوّدة بتقنيات ثورية. بدلاً من ذلك، بعد إنفاق أكثر من 22 مليار دولار، أجبرت تجاوزات التكاليف البحرية الأمريكية على وقف البرنامج.
فلقد واجهت المدمرات الشبحية من فئة Zumwalt مشكلات خطيرة، وقد وُصفت هذه السفن بأنها لا تصلح لشيء، كما أن بها مشكلات في الرادار والتسليح الرئيسي.
وفي المجموع، أنفقت البحرية الأمريكية 22 مليار دولار على فكرة "جيل قادم" فاشلة قدمت حالة نادرة قلما نشهدها لسلاح شديد السوء لدرجة أنه حتى المجمع الصناعي العسكري الأمريكي لم يتمكن من الاستمرار في تبريره.
تكرر الأمر نفسه في برامج أخرى.
حاملة الطائرات الأغلى في التاريخ: الطائرات لا تستطيع الإقلاع منها!
وبالحديث عن القوارب، قد لا يفاجئكم أن تعلموا أن البحرية الأمريكية واجهت مشكلات خطيرة مع أحدث حاملات الطائرات من فئة جيرالد آر فورد، التي تعد أغلى حاملة طائرات في العالم.
بدأ الجيش الأمريكي في بناء حاملات الطائرات في عشرينيات القرن الماضي، لذلك قد يتصور المرء أنه في الوقت الحالي أصبح على درجة من البراعة تمكنه من فهم عملية تحديثها وبناء أخرى جديدة. ولكن لا تستهن أبداً بإغراء حشر تقنيات لم يثبت نجاحها ومكلفة لإنجاح "الجيل القادم" من هذه السفن.
ومن ضمن هذه التقنيات المستخدمة على حاملات فورد مصاعد لرفع الذخائر تشتهر بأنها لا تعمل كما ينبغي ومنظومة مقلاع لإطلاق الطائرات من سطح السفينة (المعروف باسم نظام إطلاق الطائرات الكهرومغناطيسي أو EMALS) تتعطل باستمرار. وكما قد تتوقع، لا يمكن أن أن تتوقع الكثير من حاملة طائرات حين لا يمكنك تحميل الذخائر أو إطلاق الطائرات بالطريقة الصحيحة.
وتبلغ تكلفة كل حاملة طائرات جديدة من فئة فورد حوالي 14 مليار دولار، ولكن رغم كل هذه الأموال، فهي ببساطة "لا تجيد أداء مهمتها الفعلية"، كما جاء في مقال نشرته مجلة Popular Mechanics مؤخراً.
المقاتلة F-35 التي تعد أكبر مشروع عسكري في التاريخ لا تحلق بسبب البرق!
أنتجت شركة لوكهيد مارتن هذه الطائرة، وتوصف بأنها أكبر مشروع عسكري في التاريخ من حيث التكلفة، حيث سيكلف دافعي الضرائب الأمريكي ما يقرب من تريليوني دولار على مدى عمر البرنامج.
وتأخرت هذه الطائرات سبع سنوات عن الموعد المحدد لها وتجاوزت الميزانية المخصصة لها بمقدار 163 مليار دولار.
ومع ذلك أصر الجيش الأمريكي عليها وهو يقترب الآن من إنتاجها بالكامل بتكلفة إجمالية متوقعة تبلغ 1.7 تريليون دولار بحلول عام 2070. ولكن تظل بها مشكلات مزعجة، مثل صعوبات المحرك وأوجه القصور الخطيرة في الصيانة. وما هو أكثر إزعاجاً أنه ليس بإمكانها الطيران إذا سطع البرق في أي مكان في المنطقة، وهو ما يثير السخرية، بالنظر إلى أنها تحمل اسم Lightning II (أي البرق 2).
يقول قائد البحرية الأمريكية والطيار السابق كريس هارمر، وهو أيضاً محلل بحري في معهد دراسات الحرب الأمريكي، لموقع Business Insider، إن الطائرة F-35 لديها ميزة واحدة فقط تتفوق بها على طائرات حقبة الحرب الباردة التي جاءت لتحل محلها وهي القدرة على التخفي من الرادارات.
في المقابل يُعتقد أن الطائرة تعاني ضعفاً في قدرات المناورة، إذ قال خبير الطيران القتالي جاستن برونك لموقع Business Insider إن الطائرة F-35 لا يمكنها أبداً الفوز في معركة عنيفة مع طائرة روسية أو بريطانية متقدمة "خلال مليون عام"، حسب تعبيره.
ويقول الخبير الروسي ديمتري دروزدينكو إن المقاتلة الأمريكية F-35 على الرغم من ميزاتها المتقدمة، تعاني من مشاكل فنية تعيق الأداء العام للطائرة لأنها معقدة جداً.
والآن لجأت القوات الجوية الأمريكية لإنتاج نسخة مطورة من الطائرة الشهيرة إف 15 التي يعود تصميمها لسبيعينات القرن العشرين بدون أي قدرات شبحية.
والبنتاغون ركز على مشروعات طموحة، ولكن فاشلة، ولم يهتم بخفض التكلفة
منحت الولايات المتحدة أيضاً أولوية متدنية للتكنولوجيا التي من شأنها كبح تكلفة الخدمات اللوجستية والصيانة والتجديد، واختارت بدلاً من ذلك الإنفاق على أسلحة عالية التقنية متصلة معاً ببرمجيات غير متقنة.
أدى ذلك إلى سلسلة من برامج طموحة، لكنها فاشلة، على سبيل المثال برنامج تحديث الجيش الأمريكي، المعروف باسم "أنظمة قتال المستقبل"، بقيمة 20 مليار دولار، والذي تعثر جراء تجاهل الجيش لتكنولوجيا الدعم اللازمة لتشغيل منصات أسلحة الجيل المقبل.
حتى الآن، لا تزال الولايات المتحدة غارقة في برامج باهظة التكلفة لإنتاج أجيال جديدة من القاذفات المتقدمة والمقاتلات الجوية والغواصات، حسب المجلة الأمريكية.
الجيش الأمريكي بحاجة إلى بدائل منخفضة التكلفة
تحتاج واشنطن إلى إعطاء أولوية عاجلة للتكنولوجيا، التي ستحد من التكلفة الاقتصادية للحروب الأمريكية. تتمثَّل الخطوة الأولى في الاعتراف بأنَّه ليس منطقياً أن تستبدل الولايات المتحدة التقنيات الرخيصة التجارية بجميع أنظمتها الحالية ذات التقنية العالية والتكلفة الباهظة، كما دعا بعض المراقبين. تؤدي العديد من تلك الأنظمة المتطورة أدواراً مهمة في مواجهة خصوم الولايات المتحدة مثل الصين، بدلاً من ذلك يجب على الولايات المتحدة أن تضيف إلى تكنولوجيتها المعقدة الغالية، تكنولوجيا سعرها أرخص في مستشعرات مستقلة وذخائر وأجهزة تمويه وإعاقة اتصالات وشراك خداعية، وجميعها وسائل مصممة لإبطاء الصراع وزيادة التكاليف طويلة الأجل على الخصوم.
تحتاج الولايات المتحدة أيضاً إلى خفض التكلفة الإدارية للتكنولوجيا من خلال إصلاح البيروقراطية، واستخدام المدخرات للاستثمار في تطوير القدرة الصناعية الدفاعية والوصول إلى الموارد الخام. رغم صعوبة مثل هذه الجهود في وقت تزداد فيه معدلات التضخم وحالة الاستقطاب السياسي، لكنها ضرورية للغاية. يجب ألا تُسهم التكنولوجيا في تقليل فاتورة الخسائر البشرية للحرب فحسب، بل أيضاً الفاتورة الاقتصادية.
تقول المجلة الأمريكية "يتعيَّن على واشنطن إدراك دائماً أنَّ امتلاك التكنولوجيا المناسبة أمر ضروري، لكنه غير كافٍ لكسب الحروب. إذا كانت الولايات المتحدة تأمل في مواصلة مواجهتها ضد روسيا على المدى القصير، والصين على المدى الطويل، فيجب عليها الأخذ بعين الاعتبار التأثير الاقتصادي للتكنولوجيا، حتى أثناء سعيها لتحقيق تفوق تكنولوجي.