بعد مرور عام عليها.. 7 طرق أعادت بها حرب روسيا وأوكرانيا تشكيل الشرق الأوسط وموازين قواه

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/25 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/25 الساعة 12:06 بتوقيت غرينتش
مبنى سكني أصيب بضربة صاروخية روسية في مدينة دنيبرو الأوكرانية 19 يناير، 2023 /رويترز

برز أكبر صراع في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مع الغزو الروسي لأوكرانيا قبل 12 شهراً. وقد ألقى الصراع بظلاله إلى خارج القارة، لا سيما على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ورغم مرور عام لا يزال الصراع بعيداً عن الحل، لكن الكثير قد تغير بالنسبة لبعض الفاعلين الأساسيين، بخلاف الجانبين المتحاربين.

7 طرق أعاد الصراع الروسي الأوكراني من خلالها تشكيل الشرق الأوسط

1- تركيا تضطلع بدور دبلوماسي رائد بعد الحرب الروسية الأوكرانية

حاولت تركيا، التي تشترك في ساحل البحر الأسود مع أوكرانيا وروسيا، البقاء على الحياد أثناء الحرب، وهذا لسبب وجيه، كما يقول موقع Middle East Eye البريطاني.

ولَطالما سعت روسيا إلى فرض مزيد من السيطرة على مضيق البوسفور التركي، الذي يسمح بالوصول إلى موانئ المياه الدافئة، ويوفر طريقاً آمناً إلى البحر المتوسط.

بالنسبة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كانت الحرب بمثابة عملية توازن: فهو لم يزُر أوكرانيا حتى أغسطس/آب 2022، أي بعد ستة أشهر من بدء الصراع وبعد فترة طويلة من بدء الصراع بين قادة المملكة المتحدة (بوريس جونسون)، وفرنسا (إيمانويل ماكرون). وأثناء وجوده هناك كان حذراً في إظهار دعمه، وحث على السلام بدلاً من تقديم دعم غير مشروط للرئيس زيلينسكي.

أدانت تركيا الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنها رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية، ومع ذلك ما زالت تُسلِّح كييف بأسلحة متطورة حتى قبل حلفاء أوكرانيا الغربيين، بما في ذلك الطائرات المسلحة بدون طيار وغيرها من المعدات.

وفي الوقت نفسه، وقفت أيضاً بحزم في بعض الأحيان ضد موسكو من خلال إغلاق المضيق المؤدي إلى البحر الأسود أمام السفن الحربية الروسية، في مارس/آذار.

وأوضح مصدر تركي لموقع Middle East Eye الخط الدقيق الذي يجب على أنقرة أن تتبعه: "علينا الحفاظ على توازننا، ولا نريد أن نبدو قريبين جداً من روسيا". وطوال فترة الصراع قدمت تركيا الملاذ لجميع الأطراف، من المليارديرات الروس الذين يبحثون عن ملجأ من العقوبات إلى عمال التكنولوجيا الفارين من تجنيد فلاديمير بوتين، والأوكرانيين الفارين من الدمار في الوطن.

2- دول الخليج تجني أرباحاً ضخمة من النفط بسبب الحرب

جرت العادة أن تستفيد بعض الأسواق المالية من الصراعات، بما في ذلك أسواق الأسلحة والذهب والطاقة، لا سيما دول الخليج. بعد أقل من شهر من الغزو الروسي، وصلت أسعار النفط إلى 140 دولاراً للبرميل- وهي أعلى نسبة منذ الركود العالمي في عام 2008- إذ فرضت الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، عقوبات على شركات الطاقة الروسية.

بحلول أغسطس/آب 2022، كشفت شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو النقاب عن أرباح قياسية بلغت 48.4 مليار دولار للربع الثاني من عام 2022، رغم انخفاض إيرادات المملكة في وقت لاحق من العام، بسبب ضعف الاقتصاد العالمي وانتشار التضخم.

طوال عام 2022، وجّهت الدول الأوروبية أنظارها إلى دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر؛ لسد النقص في الغاز والنفط.

في نوفمبر/تشرين الثاني، وقّعت قطر وألمانيا على اتفاقيات إمداد غاز لمدة 15 عاماً، وهي أكبر صفقة توقعها دولة خليجية حتى الآن مع قوة من الاتحاد الأوروبي، رغم الانتقادات الألمانية لسجل الدوحة لحقوق الإنسان وحقوق مجتمع الميم (مجتمع الشواذ ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً) قبل كأس العالم.

لكن بينما استخدمت بعض دول الخليج الصراع لدعم خزائنها، لا يزال الناس في الشرق الأوسط يشعرون بآثار ارتفاع أسعار الطاقة. قال خبير الطاقة الأردني عامر الشوبكي، لموقع MEE، إنَّ دول الخليج، إلى جانب الجزائر وليبيا والسودان، ستستفيد من هذا الارتفاع، بينما ستشعر بالألم دول أمثال الأردن وتونس ولبنان.

3- أزمة القمح في لبنان وتونس ومصر

تسمح تربة التشرنوزم السوداء الخصبة في أوكرانيا للبلاد بإنتاج كميات كبيرة من القمح والحبوب الأخرى. ويعتمد الشرق الأوسط اعتماداً كبيراً عليها في صادراته، وروسيا هي مصدر رئيسي آخر لواردات الغذاء إلى المنطقة.

وتحتوي شمال إفريقيا على أكبر مستوردي القمح في العالم؛ إذ تنتج مصر والجزائر وتونس وليبيا أقل من نصف كمية الحبوب التي يستهلكها شعوبها، وخاصة من القمح. وتدعم الحكومات الأسعار بانتظام؛ لذا فإنَّ النقص يضغط على المالية العامة.

ولم تشهد الأشهر الأولى من الصراع إبحار أي سفن حبوب من أوكرانيا؛ ما أجبر الحكومات المعتمدة على الاستيراد على اللجوء إلى تدابير الطوارئ. وفي مصر، هناك ما يُقدَّر بنحو 72 مليون مواطن- من أصل 102 مليون نسمة- مُسجّلين في نظام الحصص الغذائية الوطني في البلاد.

بحلول أوائل مارس/آذار 2022، لجأت السلطات المصرية إلى الاحتياطيات واستحدثت تدابير لتحفيز المزارعين على بيع المزيد من القمح للدولة؛ من خلال رفع الأسعار، وتحديد حصص، وتهديد المزارعين بالسجن إذا لم يُسلّموا هذه الحصص.

أدى انعدام الأمن الغذائي إلى تعميق الأزمة الاقتصادية الأوسع في مصر، التي شهدت انخفاضاً متكرراً في قيمة الجنيه المصري.

وفي محلات البقالة الكبرى التونسية، ظلت الأرفف فارغة لعدة أسابيع في ربيع 2022، قبل شهر رمضان، حيث كاد يكون من المستحيل العثور على الدقيق والأرز والسميد والسكر والبيض.

منذ ديسمبر/كانون الأول 2019، وبسبب الافتقار المتجذر إلى الاستقرار المالي، اضطرت الحكومة التونسية إلى الدفع نقداً مقابل كل دفعة استيراد، ولم يعد لها الحق في الاستيراد بالآجل. ومع نفاد الأموال وتجميد الواردات من أوكرانيا، احتُجِزَت أية سلع في الخارج بانتظار السداد.

في لبنان، أجبر نقص القمح الناس على الانتظار لساعات خارج المخابز للحصول على الخبز المُدعّم، مع اندلاع مشاجرات بين المواطنين المحبطين. واستحوذت روسيا وأوكرانيا على أكثر من 70% من واردات القمح قبل الحرب. ووصل تضخم أسعار الغذاء إلى رقم من 3 خانات، ويتأرجح بين زيادة بنسبة 200% إلى ما يقرب من 300% خلال عام 2022 وأوائل عام 2023؛ ما يعني أنَّ العديد من اللبنانيين عانوا لوضع وجبات الطعام على المائدة.

4- الطائرات المُسيَّرة: إيران وتركيا تهيمنان على السماء

اضطلعت الطائرات المُسيَّرة المقاتلة بدور مهم في الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث استخدمها كلا البلدين لوقف قوات العدو وقصفها. وبرزت تركيا وإيران باعتبارهما المُصدرين الأساسيين لهذه الأسلحة، إذ توفران إمدادات ثابتة من الأسلحة الجوية ذات الأسعار المعتدلة والفعالة.

ودرّبت القوات الإيرانية روسيا على استخدام الطائرة الانتحارية بدون طيار "شهيد -136" ضد أهداف أوكرانية. وقالت كييف إنَّ المدربين الإيرانيين كانوا متمركزين في قرية زيليزني بورت المطلة على البحر الأسود، وفي هلادفتسي بمنطقة خيرسون، وفي دزهانكوي في شبه جزيرة القرم المضمومة إلى الأراضي الروسية.

بالإضافة إلى ذلك، تخطط إيران لإرسال صواريخ "فاتح 110″ و"ذو الفقار" إلى روسيا للمساعدة في الجهود الحربية، حسبما أفادت صحيفة The Washington Post نقلاً عن مسؤولين أمنيين أمريكيين وحلفاء.

وفي الوقت نفسه، استخدمت القوات العسكرية الأوكرانية طائرات "بيرقدار تي بي 2" المُسيَّرة التركية لوقف التقدم الروسي. وشهد نجاح "تي بي 2" عثور أنقرة على عملاء من الإمارات العربية المتحدة والكويت والحكومات الرومانية، من بين دول أخرى.

واكتسبت تركيا وإيران أيضاً شهرة في الحرب الروسية الأوكرانية. حتى إنَّ الأوكرانيين ألّفوا أغنية شهيرة عن طائرات بيرقدار المسيرة، ترمز إلى مقاومة غزو بوتين.

وفي هذا السياق، صرّح ريتشارد جيراغوسيان، مدير مركز الدراسات الإقليمية، لموقع Middle East Eye، بأنَّ الطائرات بدون طيار الإيرانية والتركية تمثل تحولاً في تصدير الأسلحة من الدول الغربية إلى الشرق الأوسط، ملمحاً إلى أنَّ هذه الطائرات بدون طيار تظل "أسلحة القوات ضعيفة التدريب؛ إذ يمكن لأي شخص استخدامها ولا تتطلب تدريباً ولا تعليماً".

5- "إسرائيل" ومحاولة الحفاظ على توازن دقيق

عقب الغزو الروسي، حكومات قليلة فقط هي التي وجدت نفسها في موقف أكثر غموضاً من إسرائيل. كتب فاتح سمستين إيزيك ومصطفى فاتح يافوز لموقع MEE: "أوكرانيا شريك اقتصادي مهم لإسرائيل، في قطاعي الزراعة والتكنولوجيا، كما أنها موطن لعشرات الآلاف من اليهود". وأشارت كييف أيضاً إلى استعدادها للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، رغم حقيقة أنَّ المدينة محتلة بحسب الأمم المتحدة.

على الجانب الآخر، يُنظَر إلى روسيا على أنها حيوية لأمن إسرائيل على طول حدودها مع سوريا، حيث تنشر موسكو قوات في البلاد منذ عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد.

وإذا انحازت إسرائيل إلى أوكرانيا، فيمكن لروسيا الرد في سوريا بتقييد الضربات الجوية الإسرائيلية ضد الأعداء المرتبطين بإيران. وطلبت أوكرانيا تزويدها بأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية الشهيرة بالقبة الحديدية، لكن المسؤولين الإسرائيليين حذروا من استفزاز روسيا بإرسال أسلحة كما فعلت ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

في مايو/أيار 2022، اتهمت موسكو إسرائيل بإرسال مرتزقة إلى أوكرانيا، بعد أيام فقط من مقارنة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الرئيس اليهودي الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأدولف هتلر، قائلاً إنَّ كليهما "لديها دماء يهودية". وفي أكتوبر/تشرين الأول، ألقى زيلينسكي باللوم على حياد إسرائيل في تحالف إيران مع موسكو.

وحثت أوكرانيا الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل لدعم كييف، قائلة إنَّ "أمريكا هي الدولة الوحيدة التي تستمع إليها إسرائيل".

وحتى الآن، اعترضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على ممارسة الضغط على نتنياهو، وبالأخص عند مقارنة ضغطها على الرياض فيما يتعلق بحد إنتاج النفط.

وفي يناير/كانون الثاني، أرسلت واشنطن أسلحة أمريكية مُخزّنة في إسرائيل إلى أوكرانيا، لكن لا يزال يتعين على إسرائيل المساهمة بأسلحة خاصة بها.

6- مجموعة فاغنر: مرتزقة روس وذهب إفريقي

اكتسبت مجموعة فاغنر، شبكة المرتزقة العسكرية الخاصة المدعومة من الدولة في روسيا، سجلاً سيئ السمعة في معظم أنحاء الشرق الأوسط وإفريقيا، خلال العقد الماضي، بما في ذلك ليبيا.

ويعتبر المسؤولون الغربيون المجموعة جزءاً من محاولة بوتين بسط نفوذه في دول مثل جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، حيث يمكن تأمين امتيازات تعدين الذهب القيّمة والتي يمكن أن تساعد موسكو في التهرب من العقوبات المالية.

واستخدمت مجموعة فاغنر أيضاً مقاتلين سوريين للسيطرة على مناجم الذهب ودفع المصالح الروسية؛ فقد قال شهود عيان لموقع MEE إنَّ مرتزقة سوريين كانوا من بين مقاتلي فاغنر الذين شنوا سلسلة من الهجمات التي بدأت في منجم ذهب في جمهورية إفريقيا الوسطى، في مارس/آذار، والتي أسفرت عن مقتل 100 من عمال المناجم في السودان وتشاد والنيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى.

7- مقاتلون أجانب في أوكرانيا

تحولت حرب أوكرانيا إلى حرب عالمية بعد وقت قصير من بدايتها، وجذبت مقاتلين من جميع أنحاء العالم. وأنشأت السلطات الأوكرانية الفيلق الدولي للدفاع الإقليمي عن أوكرانيا في الأيام الأولى للحرب.

ورفعت القيود على تأشيرات الدخول للمتطوعين الذين يرغبون في محاربة الغزو الروسي. واستجاب ما يقرب من 20 ألف شخص لنداء كييف لحمل السلاح، في مارس/آذار 2022.

وعلى عكس مجموعة فاغنر الروسية، صُوِّر الفيلق الدولي الأوكراني على أنه مجموعة من مقاتلي المقاومة ضد الاحتلال الروسي. وقاتل البعض في السابق في صراعات مثل سوريا، لكن البعض الآخر كان من دول إسلامية، وظفتها الشركات الخاصة لأغراض الاستخراج والإخلاء والدفاع.

توجه أيدن أسلين، وهو مواطن بريطاني، إلى سوريا في عام 2015، حيث قاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مع المقاتلين الأكراد في وحدات حماية الشعب الكردي لمدة عامين.

وبعد ذلك، سافر إلى أوكرانيا في عام 2018 واستقر هناك. وحمل السلاح مرة أخرى بعد الغزو، لكن أُلقِي القبض عليه، في أبريل/نيسان 2022. وفي سبتمبر/أيلول، أُطلِق سراحه ضمن صفقة تبادل سجناء كبرى، شملت ما يقرب من 300 شخص بوساطة تركية وسعودية.

تحميل المزيد