"الوقوع في غرام العدو"، تبدو هذه العلاقة بين أعداد كبيرة من الطيارين والمحللين وهواة الشؤون العسكرية في الغرب وبين مقاتلات سوخوي الروسية حيث سقطوا في هوى طائرات عائلة فلانكر التابعة لشركة سوخوي التي كانت لاعباً رئيسياً بسوق السلاح العالمي، ولكن الآن بعد الأداء المخيب للتوقعات لسلاح الجو الروسي في أوكرانيا، ماذا سيكون مصير طائرات سوخوي في الأسواق الدولية؟
كان الروس يؤكدون أن طائرات مثل سوخوي 35 من الجيل الرابع والنصف، سوف تهزم في أي معركة مستقبلية، الطائرات الأمريكية الشبحية من الجيل الخامس من طراز إف 35، بل حتى المقاتلة الأسطورية إف 22، وكان بعض الخبراء العسكريين الغربيين يؤكدون هذا الاحتمال مع الـ"إف 35″، ولكن اليوم تبدو أشهر عائلة في طائرات سوخوي المعروفة باسم فلانكر والتي تضم سوخوي 27 / 30 / 33/ 34 / 35 ومشتقاتها الصينية، في مأزق بسبب حرب أوكرانيا.
مأزق سلاح الجو الروسي
رغم تفوقها الجوي الساحق واقتراب الحرب من العام، ما زالت روسيا غير قادرة على حسم المعركة مع كييف.
وما زالت مقاتلاتها الشهيرة غير قادرة على التحليق بحرية في سماء أوكرانيا، البلد الذي كان تابعاً لها ويعتمد على طائرات قليلة ودفاعات جوية أغلبها روسي قديم، بحيث أصبح تعثر القوات الجوية الروسية لغزاً محيراً للعسكريين.
ورغم الفارق الهائل في العدد ودرجة التطور، هناك حالات قليلة ولكنها مثيرة للدهشة، قامت فيها مقاتلات أوكرانية بتحدي الطائرات الروسية الشهيرة.
عند بدء الغزو الروسي لأوكرانيا رأى البنتاغون أن الحرب لن تستمر أكثر من أسبوع واحد، وعرض قادة غربيون على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استضافته في المنفى، ولكن المعرك استمرت حتى الآن لنحو 53 أسبوعاً، وما زالت تبدو بعيدة عن نهاية قريبة حتى لو حقق الروس بعض التقدم مؤخراً.
وجزء أساسي من أسباب تعثر موسكو العسكري يعود لقصور أداء سلاح الجو الروسي الذي تعد طائرات عائلة فلانكر عموده الفقري.
فارق هائل بين القوتين الجويتين لروسيا وأوكرانيا
الجدير بالذكر أن روسيا لديها قوة جوية أكبر بكثير من جارتها أوكرانيا، وتعتبر الثانية على مستوى العالم بعد القوات الجوية الأمريكية.
يذكر دليل القوات الجوية العالمية لشركة Flight Global 2022 أن روسيا تمتلك 1511 طائرة مقاتلة، في حين أن أوكرانيا لديها أقل من 100 طائرة.
ولكن عند المقارنة بين النوعية يظهر الفارق بشكل أكبر.
فلدى أوكرانيا عدد قليل ومتقادم من الطائرات التي ورثتها عن الاتحاد السوفييتي، بشكل يجعل سلاحها الجوي أضعف من معظم الدول العربية.
وأبرز الطائرات لدى أوكرانيا 37 طائرة ميغ 29، معظمها من نسخ قديمة غير محدثة بمستوى يناهز النسخ الروسية، ولديها 17 مقاتلة متخصصة في القصف الجوي من طراز سوخوي 25، و12 قاذفة من طراز سوخوي 24، وأقوى ما في جعبتها 32 من الطائرة الشهيرة سوخوي 27 التي تعود للثمانينيات ويُعتقد أنها تعادل في قدراتها الـ"إف 15″ الأمريكية.
الفارق الهائل يُظهر أن روسيا لديها (229 طائرة) من السوخوي 27، ولكنها تمثل الجيل الأقدم من الطائرات الروسية، إذ لديها نسخ أحدث من هذه العائلة، منها 111 من طائرات سوخوي 30 الروسية الشهيرة التي تقارَن بالـ"إف 15 سترايك إيجل" الأمريكية، وتمتلك موسكو 92 من النسخة الأحدث من هذه العائلة الطائرة الشهيرة سوخوي 35، إضافة إلى 124 من المقاتلة القاذفة سوخوي 34 المطورة عن الأصل نفسه.
إضافة إلى عدد محدود من مقاتلات شبحية من طراز سوخوي 57 الشبحية من الجيل الخامس التي بدأت تدخل الخدمة بشكل محدود، ناهيك عن عشرات القاذفات التي لا تمتلك كييف لها مثيلاً.
تعرف على عائلة فلانكر التي تضم أشهر وأنجح طائرات سوخوي
كانت شركة سوخوي في العهد السوفيتي مؤسسة مرموقة دوماً، ومفضلة من قبل الحزب الشيوعي، ولكنها واجهت منافسة كبيرة من شركة ميغ التي تفوقت في فترة الخمسينيات والستينيات عبر سلسلة من المقاتلات الناجحة مثل ميج 15، ونسختها المطورة ميغ 17، ثم أسطورة المقاتلات فوق صوتية وأيقونة الحرب الباردة ميغ 21 التي أحرجت فانتوم الأمريكية الأحدث، تلاها ميغ 25 (Mikoyan-Gurevich MiG-25) نجمة الأرقام القياسية التي كانت تصل لسرعة 3.2 ماخ، وظهرت لأول مرة في سماء سيناء، حيث طاردها الإسرائيليون دون جدوى، ثم تألقت بأيدي العراقيين في الحربين ضد إيران وأمريكا.
ولكن جاءت عائلة فلانكر لتحسم التفوق لصالح سوخوي وتجعل شركة ميغ تنزوي في المرتبة الثانية بفارق كبير.
فعائلة فلانكر الروسية (الاسم يطلق من قبل حلف الناتو)، تعد من أشهر عائلات المقاتلات في العالم وتكاد تكون الأشهر في تاريخ الطائرات الروسية الأسرع من الصوت بعد مقاتلة الحرب الباردة السوفيتية الأسطورية ميغ 21، الطائرة الأسرع من الصوت الأكثر إنتاجاً في التاريخ.
بدأت عائلة فلانكر، في نهاية العهد السوفييتي كردٍّ على المقاتلة الأمريكية الشهيرة إف 15، التي شكلت قفزة كبيرة لصالح الأمريكيين.
ودخلت أولى طائرات عائلة فلانكر وهي سوخوي 27، الخدمة عام 1985 كمقاتلة تفوق جوي صافية دون قدرات قصف مع قدرة على العمل لمسافات بعيدة نسبياً مقارنة بالمقاتلات السوفييتية الأخرى، خاصةً أختها الصغرى ميغ 29.
قامت بمناورة أذهلت الغرب في عقر داره
واكتسبت سوخوي 27 شهرة كبيرة في الغرب، بقدرتها الاستثنائية على المناورة التي تفوق منافستها الغربيات، ومنها مناورة الكوبرا الشهيرة التي أدتها بمعرض باريس في واقعة شهيرة عام 1989، حيث أبهرت الطائرة متابعيها الغربيين عندما انقلبت على عقبيها ليدور أنفها دورة شبه كاملة ويرتفع لأعلى كأنها تقف في السماء، وهي مناورة كان يُنظر إليها على أنها مستحيلة، ويُفترض نظرياً أنها تعطيها أفضلية في أي قتال جوي قريب رغم أن هذه المناورة لم تختبر عملياً بعد.
كانت سوخوي 27 طائرة قتال جوي صافٍ، ولكن سرعان ما طوَّر الروس منها متغيرات عدة متعددة المهام لها قدرات قصف بحمولة ذخائر نحو 8 أطنان، إضافة إلى قدراتها القتالية، ومنها سوخوي 30 وسوخوي 33 (المخصصة لحاملات الطائرات) وسوخوي 35، حيث أثبت تصميم الطائرة مرونته، وقدرته على تحدي الزمن.
وأصبحت النسخ الحديثة تضاهي المقاتلات الغربية الأحدث عمراً من الجيل الرابع والنصف مثل الأوروبية يوروفايتر تايفون والفرنسية رافال، (وهو أمر حققته الطائرات إف 16 وإف 15 الأمريكية الأقدم في التصميم من السوخوي).
كما ظهرت سوخوي 34 القاذفة المقاتلة المتوسطة التي تستخدم بكثافة ضد أوكرانيا حالياً، وتصميمها يحتفظ جزئياً بقدرات القتال الجوي للسوخوي 27، مضافة إليه قدرة قصف استثنائية تشمل زيادة المدى والحمولة لتصل إلى ما يتراوح بين 12 و14 طناً من الذخائر مع زيادة طول الطائرة وزيادة حجم كابينة القيادة، وتطوير تصميمها بحيث يجلس الطيار والملاح متجاورَين على غرار القاذفات الثقيلة، (وليس متعاقبَين كما الأمر في المقاتلات) مع إمكانية النوم في الكابينة وإضافة دورة مياه للمهام التي تستغرق مدة طويلة.
وتعد سوخوي 35 المتغير الأكثر تطوراً في هذه العائلة؛ حيث تصنف كجيل 4.7.
ولكن التصميم القديم للسوخوي ظل به عيب تصعب معالجته، وهو أنه غير شبحي على الإطلاق، بل شديد التعرض لأشعة الرادار.
ورغم ذلك ظلت سوخوي، خاصةً سوخوي 30 وبالأكثر سوخوي 35، طائرة مطروحة بقوة في أي مناقصة لشراء طائرات في أغلب دول العالم.
طائرة واسعة الانتشار، وأكبر المالكين لها ليس روسيا
وهناك العديد من الدول التي تمتلك نسخاً متنوعة من عائلة فلانكر مثل إندونيسيا وإثيوبيا، وفيتنام والجزائر، وماليزيا.
ولكن أبرز المالكين لها هي الهند التي تمتلك نحو 270 مقاتلة من المقاتلة سوخوي 30، تعد العمود الفقري لقواتها الجوية، عبر نسخ أكثر عدداً وتطوراً من تلك التي تمتلكها روسيا، لأنها مزودة بتقنيات فرنسية وإسرائيلية تجعلها أكثر تطوراً من نظيراتها الروسية.
وتعد الصين أكبر مالك لهذه العائلة، حيث تمتلك أكثر من 680 مقاتلة من عائلة فلانكر الروسية الأصل، بينها مقاتلات روسية الصنع من طرازات سوخوي 27/ 30 / 35، إضافة لمتغيرات صينية مشتقة منها هي: J-11 (نسخة من سوخوي 27)، وJ-15 (نسخة من سوخوي 33 المخصصة للإقلاع من حاملات الطائرات)، وJ-16 (تطوير لسوخوي 27 متأثر بسوخوي 30).
بينما تمتلك موسكو من العائلة نفسها نسخاً أقل من ذلك بعدد يدور حول 460 طائرة، منها 127 قاذفة مقاتلة من طراز سوخوي 34 (لم يتم تصديرها).
خسائر المقاتلة الروسية سوخوي في الحرب الأوكرانية، هل هي كبيرة؟
خسرت أوكرانيا في الحرب 28 طائرة من طراز ميغ 29، بينما لم تفقد روسيا مقاتلات من طراز ميغ 29، في مؤشر على محدودية استخدامها من قبل موسكو واعتمادها على السوخوي، لأنه رغم أن ميغ 29 طائرة عالية القدرة على المناورة فإنها أقل من السوخوي كثيراً في المدى والرادار والاعتمادية.
والأمر نفسه بالنسبة للسوخوي 27 الجدة الكبرى لعائلة فلانكر، فحسب التقديرات أصيبت 8 طائرات منها بحوزة أوكرانيا بينها اثنتان تم تدميرهما بالكامل، بينما لم تخسر روسيا أياً منها حسب ما هو معلن.
وتبلغ خسائر روسيا من المقاتلة سوخوي 30 المحورية في عائلة فلانكر، 11 طائرة بين تدمير وإصابة دون تدمير كامل، حسب دراسة أجراها موقع Oryx للاستخبارات مفتوحة المصدر.
من بين طائرات Su-30 الست التي تم إسقاطها من الجو (إما من خلال صواريخ سام أو الاشتباك الجوي)، تم تدمير واحدة فقط في سبتمبر/أيلول، بينما وقعت عمليات الإسقاط المتبقية بين مارس/آذار وأبريل/نيسان. هذا يعني أنه لم يتم فقد Su-30 للأشهر الأربعة من مايو/أيار حتى أغسطس/آب 2022، وباقي المقاتلات دمرت على الأرض أو في حوادث، حسب موقع Eurasian times.
تزعم أوكرانيا أنها أسقطت طائرة روسية من طراز SU-30 بواسطة صواريخ ستينغر الأمريكية المحمولة على الكتف في منطقة خاركيف، واعتبرت أن ذلك يُظهر أن الأوكرانيين حققوا المستحيل، لأن هذه الصواريخ القصيرة المدى يُعتقد أنها فعالة فقط ضد المروحيات والطائرات النفاثة ثابتة الأجنحة الأقل سرعة من سرعة الصوت مثل سوخوي 25، وليس أمام مقاتلات هيمنة جوية مثل سوخوي 30، ولكنها من الواضح أن هذه الواقعة تظل حالة معزولة، كما أنه لا تُعرف ظروف المعركة.
أما سوخوي 35 التي تمثل درة التاج الروسي، فبلغت الخسائر الروسية منها طائرتين وفي تقديرات أخرى 3 مقاتلات.
بالنسبة لسوخوي 34 التي تمثل النسخة القاذفة المقاتلة من عائلة فلانكر، فسجلت أكبر خسائر بين المقاتلات الروسية، بعدد يبلغ 19، وفقاً لبعض التقديرات، وقد يكون السبب هو استخدامها بكثافة في عمليات القصف المنخفض، المتخصصة بها هذه الطائرة.
كما أن سرعتها القصوى رغم أنها أعلى من سرعة الصوت فإنها أقل من بقية النسخ (نحو 1.8 ماخ)، وبسبب دورها الأساسي كقاذفة وحمولتها الأكبر، قد تكون أقل قدرة على حماية نفسها عبر القتال مع المقاتلات الأخرى (حالات قليلة في ظل ضعف سلاح الجو الأوكراني)، وعلى الأرجح فإنها قد تكون أدنى قليلاً في قدرتها على المناورة وتفادي الصواريخ المضادة للطائرات، من شقيقاتها من العائلة نفسها.
هل أزمة سلاح الجو الروسي سببها إخفاق مقاتلات سوخوي؟ إليك ما يقوله الخبراء الغربيون عنها
تمثل مقاتلات عائلة فلانكر عماد القوة الجوية الروسية لأن موسكو استثمرت في تطويرها وإنتاجها بينما لم تمنح أولوية للمقاتلة الأصغر ميغ 29.
فهل كان أداء الطيران الروسي المرتبك في الحرب بسبب عيوب المقاتلات الروسية، وهل كانت شهرة مقاتلات روسية مثل سوخوي 30 وسوخوي 35، مجرد دعاية روسية تلقَّفها هواة الطيران على الإنترنت؟
تُظهر محدودية خسائر مقاتلات سوخوي رغم طول الحرب التي قاربت العام، أن روسيا تستخدم طائرات سوخوي بحذر (باستثناء سوخوي 34 نسبياً)، وسبق أن قال مسؤول دفاعي أمريكي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، للصحفيين، إن "هناك سلوكاً معيناً لدى الروس ينفّر من المخاطرة، فهم ليسوا مستعدين لتحمُّل مخاطر عالية على طائراتهم وطياريهم، وبالطبع نحن نرى ذلك على الأرض في التقدُّم البطيء والمرهق الذي أحرزوه".
في المقابل، تُظهر هذه الخسارة المحدودة أيضاً أن مقاتلات سوخوي مقاتلات قوية رغم وجود مشكلات متعددة سواء كانت أخطاء القيادة الروسية، وقصور التدريب لدى الطيارين الروس مقارنة بنظرائهم الأمريكيين، أو تأخر روسيا مقارنة بالغرب في مجال الرادارات والمعدات الإلكترونية وأنظمة التصويب والذخائر الذكية والتشويش والإجراءات الإلكترونية المضادة.
المفارقة أن الخبراء والمسؤولين العسكريين الغربيين، رغم انتقاداتهم للجيش الروسي على مستويات عدة بشكل مبالغ فيه أحياناً وضمن ذلك انتقاد كثير من الآليات العسكرية مثل الدبابات الروسية، فإنهم نادراً ما يقللون من قيمة المقاتلات الروسية، خاصةً عائلة "فلانكر"، حتى لو قللوا من أداء رادارات المقاتلات الروسية وأنظمة التشويش والصواريخ وغيرها من الذخائر.
وسبق أن قال قائد القوات الجوية الأمريكية فرانك كيندال، إن أياً من إخفاقات روسيا في أوكرانيا لم يجعلها أقل خطورة في نظره، حسبما نقل عنه موقع Military.com.
وقال: "بشكل عام، تمتلك روسيا قدرة كبيرة، فلديها الأعداد والجودة التي تجعلها تشكل تهديداً جوياً واقعياً، بالتأكيد".
ويعني ذلك أن عائلة سوخوي تحديداً ما زال معترفاً بها كطائرة قوية ومنافسة للمقاتلات الغربية، ودولة مثل الهند- أصبحت لديها القدرة على شراء مقاتلات غربية واشترت بالفعل الرافال من فرنسا- ما زالت تعتمد على السوخوي 30 كعمود فقري لأسطولها الجوي، وسوف تستثمر المليارات لتطوير نسخة منها تطلق عليها "سوبر سوخوي".
هل تستطيع طائرات سوخوي المنافسة في الأسواق الدولية؟
ولكن هل تفهُّم مأزق عائلة فلانكر والتماس العذر لمعشوقة هواة الطيران من قِبل كثير من الخبراء العسكريين، سوف ينقذان سمعة السوخوي في الأسواق الدولية؟
حتى لو لم تكن مقاتلات السوخوي هي السبب في أزمة سلاح الجو الروسي، ولكن الطبيعي أن القادة العسكريين يتأثرون في قرارات شراء السلاح بالواقع الذي أمامهم أكثر من الكلام النظري، إضافة إلى أن قرارات شراء السلاح لها طابع شعبي خاصة في الدول الديمقراطية، ومن ثم سيفكر رئيس أي دولة منتخب أو قائد عسكري في بلد ديمقراطي، قبل إبرام صفقة للسوخوي بعد الأداء الهزيل للطيران الروسي في حرب أوكرانيا.
ولكن بصرف النظر عما حدث في حرب أوكرانيا، كانت هناك أوجه قصور مثبتة في طائرات سوخوي، أبرزها ضخامة حجمها وتصميمها القديم الذي جاء قبل انتشار فكرة الشبحية، وهو ما يجعلها مكشوفة للردارات، وكذلك مشكلات الصيانة وقِصر عمر البدن، وقلة ساعات الطيران للطائرات الروسية عامة، (وهي مشكلة أقل في السوخوي من طائرات ميغ)، ولكن تقابلها أيضاً ميزة رخص السعر مقارنة بالطائرات الغربية.
كما أن السوخوي تعاني من مشكلة كبيرة وهي تقادُم راداراتها من فئة "بيسا"، بسبب فشل روسيا حتى الآن، في تطوير رادارات من نوع "أيسا" الأدق والأقل قابلية للكشف والتشويش، مثل الدول الغربية.
وحتى الصين تلميذة روسيا النجيبة، زوَّدت المشتقات التي صنعتها من عائلة فلانكر الروسية برادارات أيسا محلية الصنع، مما يجعلها أكثر تطوراً في هذه الناحية على الأقل، من الأصل الروسي.
وأكدت حرب أوكرانيا قصور المعدات الإلكترونية والذخائر الروسية التي ستكون مشكلة لزبائن السوخوي الدوليين، رغم أن ماليزيا والجزائر والهند زوَّدت نسخ السوخوي لديها بمعدات فرنسية؛ لمعالجة أوجه القصور الروسي، وزادت عليها نيودلهي معدات إسرائيلية.
ولكن يظل أخطر عامل سوف يؤثر على مبيعات السوخوي في الأسواق، هو العقوبات الأمريكية، حيث كانت واشنطن قد فرضت عقوبات على من يشتري سلاحاً روسيّاً قبل حرب أوكرانيا، وبموجبها، أخرجت تركيا من مشروع الإف 35 بسبب شراء أنقرة لصواريخ إس 400، كما يعتقد أنها ضغطت على مصر لوقف صفقة لشراء 25 مقاتلة سوخوي 35، وعرضت عليها مقاتلات أمريكية من طراز F-15 منافس السوخوي الأبرز كبديل.
ومن المتوقع أن تكون الولايات المتحدة أكثر صرامةً الآن، وهو ما سيمثل مشكلة كبيرة للدول التي تعتمد بشكل أساسي على السلاح الروسي مثل الجزائر والهند.
ولذلك لم يكن غريباً أن يكون أول زبون محتمل لطائرات سوخوي بعد الحرب الأوكرانية هي إيران، التي يقال إنها سوف تشتري نحو 25 مقاتلة سوخوي 35 باعتبارها خاضعة أصلاً لعقوبات أمريكية أشدة وطأة.