أصبحت محاكمة قادة الاحتجاجات في هونغ كونغ محط اهتمام غربي، فهل تصبح هذه المحاكمة بداية النهاية لنظام الحكم الذاتي الفريد للجزيرة الذي حقق لها ازدهارها المشهود أم أن الصين تسعى فقط للتصدي للمحاولات الانفصالية، التي تقول إنها تلقى تشجيعاً من الغرب؟
ويمثُل في هذه المحاكمة التي بدأت الإثنين الماضي 47 شخصاً ممن تصفهم وسائل إعلام غربية بدعاة للديمقراطية وقوميين، بينما تصفهم بكين بدعاة الانفصال، ويتم اتهامهم بـ"التآمر لارتكاب أعمال تخريب" بموجب قانون الأمن القومي، بسبب أدوارهم المزعومة في انتخابات أولية غير رسمية في يوليو/تموز 2020، بهدف التغلب على المرشحين الموالين لبكين.
وهم يواجهون الاتهامات قد ترسلهم إلى السجن مدى الحياة.
تأتي هذه المحاكمة بعد احتجاجات وقعت عام 2019، رداً على تعديل مشروع قانون بشأن تسليم المجرمين للصين.
عندما قوبلت الاضطرابات المناهضة للحكومة بقمع كبير من الشرطة، انتشرت هتافات مثل "استقلال هونغ كونغ، الأمل الوحيد" بين عناصر في حركة الاحتجاج.
ثم صدر بسبب هذه الاحتجاجات في عام 2020، قانون للأمن القومي عارضه من يصفون أنفسهم بمؤيدين للديمقراطية، وتضمن القانون مواد تسمح لأجهزة الأمن القومي التابعة للحكومة المركزية بإنشاء فروع لها في هونغ كونغ، ويجرم القانون ما يوصف بمخاطر الانفصال، وتقويض سلطة الدولة، والأنشطة الإرهابية و"أنشطة القوات الأجنبية والخارجية التي تتدخل في شؤون" هونغ كونغ.
ينص القانون على أن عدة آراء ورموز سياسية أصبحت ممارسات "غير قانونية"، وضمن ذلك إظهار الدعم لاستقلال هونغ كونغ وتايوان وشينجيانغ (تركستان الشرقية) وإقليم التبت.
وكان من المفترض أن يكون لدى هونغ كونغ قانون أمني خاص، لكن لم يتم تمريره، لأنه غير شعبي، وسط مخاوف من تدخل الصين في شؤون الجزيرة ذات الحكم الذاتي، الأمر الذي أعطى مبرراً لبكين لفرض هذا القانون.
وقالت بكين إن القانون ضروري لتحقيق الاستقرار في المدينة، لكن منتقدين يقولون إنه مصمم لسحق المعارضة.
واعتُقل المئات من المتظاهرين والنشطاء ونواب المعارضة السابقين منذ دخول القانون حيز التنفيذ.
القانون المثير للجدل، ينص على أنه يتم النظر في القضايا بدون هيئة محلفين، مما يخالف تقاليد القانون العام (المنبثقة عن النظام القضائي البريطاني؛ نظراً إلى خضوع هونغ كونغ لنحو 150 عاماً للاستعمار الإنجليزي).
ما هي التهم الموجهة للنشطاء؟
جاء الخاضعون للمحاكمة من أجيال مختلفة وكانت لديهم مجموعة من الآراء السياسية، ولكن يجمعهم ما يقولون إنه التزام مشترك بمستقبل هونغ كونغ الديمقراطي، حسبما ورد في تقرير لموقع شبكة CNN الأمريكية.
ودفع ستة عشر من المتهمين ببراءتهم من التهم الموجهة إليهم.
تم اتهام الناشطين الـ47 بـ"التآمر لارتكاب أعمال تخريب" بموجب قانون الأمن القومي، بسبب أدوارهم المزعومة في التنظيم والمشاركة في انتخابات أولية غير رسمية أطلق عليها المدعون العامون اسم "مخطط ضخم وجيد التنظيم لتخريب حكومة هونغ كونغ".
وتعلق شبكة CNN الأمريكية قائلة إن مثل هذه المسابقات تقام في الديمقراطيات بجميع أنحاء العالم، خاصة داخل الأحزاب السياسية لاختيار أقوى المرشحين في الانتخابات.
وقد أجروا مثل هذه الانتخابات التمهيدية؛ في محاولة لمواجهة تنظيم وانضباط المعسكر المنافس المؤيد لبكين وتجنب تقسيم المعارضة.
لكن السلطات قالت إن التصويت الأوّلي كان "مؤامرة" تهدف إلى "شل الحكومة وتقويض سلطة الدولة" من خلال الفوز بأغلبية المقاعد واستخدام التفويض لعرقلة التشريعات.
هذه هي أكبر محاكمة بموجب قانون الأمن القومي في هونغ كونغ منذ أن فرضت بكين التشريع الشامل على المدينة في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة في عام 2019.
وقال جون بيرنز، الأستاذ الفخري بجامعة هونغ كونغ، إن ما يصفه بـ"محاكمة الديمقراطيين" هو "اختبار إرادة" لقدرة بكين على القضاء التام على المعارضة المنظمة في هونغ كونغ، حسب تعبيره.
"فمن خلال إغلاق الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، فإنهم يغلقون أساس الدعم للمعارضة المنظمة"، حسبما قال بيرنز.
ونفت حكومة هونغ كونغ التي توصف في الغرب بأنها منساقة لسياسات بكين، مراراً، مثل هذه الاتهامات. وبدلاً من ذلك، تصر على أن القانون أنهى الفوضى وأعاد الاستقرار إلى المدينة، وأضافت أن "الاعتقالات التي تم إجراؤها، تستند إلى أدلة وتتفق بدقة مع القوانين واللوائح ذات الصلة".
القانون يتيح إرسال القضايا إلى بكين
وفقاً للقانون يمكن إرسال بعض القضايا لتجرى المحاكمات الخاصة بها في البر الرئيسي للصين، لكن بكين قالت إنها ستتمتع بهذه السلطة فقط على "عدد ضئيل" من القضايا، حسبما ورد في تقرير لـ"BBC".
إضافة إلى ذلك، سيتعين على هونغ كونغ إنشاء لجنة الأمن القومي الخاصة بها لتطبيق القوانين، مع مستشار تعيّنه بكين.
يمنح القانون للرئيس التنفيذي لهونغ كونغ سلطة تعيين قضاة للنظر في قضايا الأمن القومي، مما يثير مخاوف بشأن استقلالية القضاء.
الأهم من ذلك، أنه سيكون لبكين سلطة على كيفية تفسير القانون، وليس أي هيئة قضائية أو سياسية في هونغ كونغ. وإذا كان القانون يتعارض مع أي قانون من قوانين هونغ كونغ، فإن الأولوية لقانون بكين، كما سيتم سماع بعض المحاكمات خلف الأبواب المغلقة.
إضافة إلى ذلك يمكن التنصت على الأشخاص المشتبه في انتهاكهم للقانون ووضعهم تحت المراقبة.
إليك طبيعة نظام الحكم الذاتي لهونغ كونغ
عادت هونغ كونغ إلى الحكم الصيني في عام 1997، بعد 150 عاماً من الاحتلال البريطاني، بموجب اتفاقية فريدة بين الجانبين تعد بمثابة دستور مصغر يسمى القانون الأساسي، الذي يقر ما يسمى بمبدأ "دولة واحدة ونظامان".
من المفترض أن تتم حماية حريات معينة لهونغ كونغ: حرية التجمع والتعبير، والقضاء المستقل وبعض الحقوق الديمقراطية، وهي حريات لا يتمتع بها أي جزء آخر من الصين القارية.
في حين أن هونغ كونغ جزء من الصين، فقد منحت هونغ كونغ كمنطقة إدارية خاصة (SAR) درجة عالية من الحكم الذاتي.
ورسمياً اسم هونغ كونغ، هو منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة لجمهورية الصين الشعبية، عدد سكانها 7.5 مليون نسمة من مختلف الجنسيات، مساحتها 1104 كيلومترات مربعة.
وتعد هونغ كونغ أيضاً مركزاً مالياً عالمياً رئيسياً وواحدة من أكثر المدن تقدماً في العالم، وتحتل المرتبة الرابعة في مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة، ولديها أكبر عدد من ناطحات السحاب أكثر من أي مدينة في العالم، وعملة وميزانية وبورصة مستقلة.
و تسيطر الصين على الشؤون الدفاعية والخارجية لهونغ كونغ مع تأثير سياسي متزايد.
يحكم هونغ كونغ رئيس تنفيذي بدعم من هيئة رسمية من المستشارين تسمى المجلس التنفيذي.
الرئيس التنفيذي مسؤول عن تنفيذ القانون وتوقيع مشاريع القوانين والميزانيات، وإصدار القوانين- إعلانها سارية المفعول- وإصدار الأوامر التنفيذية.
تتمتع المدينة أيضاً بنظام حكم ذي مستويين شبه تمثيلي: المجلس التشريعي ومجالس المقاطعات، فضلاً عن السلطة القضائية المستقلة.
هل يتم انتخاب الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ من الشعب أم تعيّنه الصين؟
حالياً، يتم انتخاب الرئيس التنفيذي من قبل لجنة انتخابات من 1500 شخص، يتم اختيارهم بدورهم من قبل ممثلي مختلف القطاعات في هونغ كونغ والذين يشكلون نسبة صغيرة فقط من الناخبين، ويقول منتقدوها إن أساسها الانتخابي دائرته صغيرة، وتكوينها يميل لصالح الجهات المؤيدة لبكين والشركات وبعض الأشخاص الأعضاء فيها بحكم مناصبهم.
بعد الانتخابات، يجب أن يتم تعيين الرئيس التنفيذي رسمياً في منصبه من قبل الحكومة المركزية الصينية.
ينص القانون الأساسي على أن "الهدف النهائي" هو اختيار الرئيس التنفيذي "بالاقتراع العام بناءً على ترشيح من قبل لجنة ترشيح ذات تمثيل واسع".
كيف يتم انتخاب المجلس التشريعي، وما هي سلطاته؟
المجلس التشريعي المعروف باسم شركة LegCo، يقوم بوضع وتعديل قوانين هونغ كونغ.
وهو هيئة تتألف حالياً من 90 مقعداً. ومن بين هذه المقاعد، يتم منح 40 مقعداً لأعضاء البرلمان الذين يتم اختيارهم من قبل لجنة الانتخابات، بينما يتم التصويت على 20 مقعداً أخرى بشكل مباشر، من قبل جمهور الناخبين.
30 مقعداً آخر تمثل "دوائر انتخابية وظيفية"، يتم التصويت عليها من قبل مجموعات أصغر تمثل مصالح خاصة، خاصةً الأعمال التجارية والمصارف والتجارة.
يلاحظ أننا أمام نظام مختلط شبه انتخابي، جزء منه يتم اختياره من الشعب مباشرة، وجزء عبر تجمعات رجال الأعمال وشبكات المصالح والموظفين، ولجان معقدة أغلبها يرتبط بحكم أعمالها التجارية السياسية بالصين.
إحدى المفارقات أن هذا النظام المختلط تعود جذوره لعهد الاستعمار البريطاني، حيث كان تُحكم الجزيرة في أغلب الأوقات بشكل غير ديمقراطي مع تمثيل لبعض فئات المجتمع وليس تمثيلاً شعبياً شاملاً، حيث كان حاكم هونغ كونغ بريطاني الجنسية.
ما الذي تغير في هونغ كونغ؟
إلى جانب السيطرة على الشؤون الدفاعية والخارجية لهونغ كونغ، تمارس بكين سلطة سياسية متزايدة على المدينة.
أبرز مظاهر تزايد السلطة الصينية على هونغ كونغ، تدخلها بشكل مباشر في النظام القانوني للمنطقة عبر فرض قانون الأمن القومي في يونيو/حزيران 2020.
عقب تطبيق القانون أزال السكان شعارات من على المحلات ومواقع التواصل الاجتماعي مؤيدة للاستقلال والانفصال خوفاً من التعرض للعقوبات.
ووفقاً لقانون الأمن القومي لن يُسمح لمن تثبت إدانتهم، بالترشح للمناصب العامة.
كما فرضت قيوداً مختلفة على العمليات الانتخابية في هونغ كونغ على مر السنين. كانت الجولة الأخيرة في عام 2021 مع إصلاحات تهدف إلى ضمان أن من يوصفون بـ"الوطنيين" فقط هم من يمكنهم الترشح لمنصب الرئيس التنفيذي وانتخابات المجلس التشريعي.
لجنة الانتخابات، التي تتمتع بسلطة هائلة في تقرير من سيقود هونغ كونغ ويدخل البرلمان، مليئة بالموالين لبكين، حسب وصف تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "BBC".
إضافة إلى ذلك، تقوم لجنة فرز منفصلة بفحص أي عضو برلماني محتمل أو عضو في لجنة الانتخابات أو مرشح لمنصب الرئيس التنفيذي، مما يجعل من السهل منع أي شخص يُعتبر منتقداً لبكين.
بموجب القانون الأساسي، فإن محاكم هونغ كونغ مسؤولة داخل حدود سلطاتها، عن تحديد ما إذا كانت إجراءات الحكومة قانونية.
لكن اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب (NPCSC)- أعلى هيئة تشريعية في الصين- تتمتع "بسلطة التفسير" النهائية.
في الآونة الأخيرة، قامت الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ، كاري لام، بتوجيه الاستجابة للفيروس بناءً على نصيحة مسؤولي الصين البر الرئيسي، مما أدى إلى زيادة طمس الخطوط بين الحكومتين.
بعد كل هذه التغييرات، يقول البعض إن الصين انتهكت مبدأ "دولة واحدة ونظامين" في هونغ كونغ.
قالت الحكومة البريطانية، على سبيل المثال، إن قانون الأمن القومي يعد انتهاكاً "واضحاً وخطيراً" لاتفاقها مع الصين.
لكن الصين رفضت مثل هذه الاتهامات، واتهمت آخرين بـ"التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد".
هل تريد الصين القضاء على الحكم الذاتي لهونغ كونغ؟
الحكم الذاتي الفريد لهونغ يُفترض أن ينتهي في عام 2047، ولكن ما لا يركز الإعلام الغربي عليه عادةً هو أن المسؤولين الصينيين أشاروا مؤخراً إلى أنه من المحتمل تمديده إلى ما بعد عام 2047.
فعلى الرغم من توسُّع سيطرة الصين إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، حسب وصف تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية، فلقد سبق أن قال شيا باولونغ، مدير وكالة البر الرئيسي المسؤولة عن هونغ كونغ، إن "درجة عالية من الاستقلال الذاتي" لهونغ كونغ عن الصين قد تستمر 50 عاماً بعد انتهاء صلاحيتها قانوناً في عام 2047.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، إنه يأمل "ممارسة ناجحة طويلة الأمد" لدولة واحدة ونظامين خلال زيارة لهونغ كونغ عام 2017، حسبما ذكرت وسائل الإعلام المدعومة من بكين في ذلك الوقت.
كما قال الرئيس الصيني في مناسبة أخرى إن الحزب الشيوعي لا يريد أن حاكماً بديلاً للصين.
صلاحيات الصين في هونغ كونغ قد تماثل نفوذ أمريكا وأوروبا بالدول التابعة لها
تميل التقارير الغربية والآسيوية المناهضة للصين إلى التركيز على ما تعتبره تراجعاً هائلاً للحريات في إقليم هونغ التابع لبكين خلال السنوات الماضية.
وتتجاهل هذه التقارير أنه حتى لو تراجعت الحريات ومقدار الحكم الذاتي في هونغ كونغ وماكاو، فإنهما مازالا يحتفظان بنظام اقتصادي مستقل إلى حد كبير جداً، وضمن ذلك عملتان منفصلتان عن اليوان الصيني، وكذلك لدى الإقليمين إدارتان محليتان يتوافر لهما قدر لافت من الاستقلال الذاتي، ومستوى حريات سياسية مازال أعلى بفارق هائل عن بر الصين الرئيسي.
فمن الواضح أن الصين لا تريد إنهاء الاستقلال الذاتي لهونغ كونغ التي تمثل نافذتها الأكثر تقدماً وانفتاحاً على العالم، ولكن حساسية الصين الرئيسية جاءت من فكرة توسُّع المعارضة في طرح فكرة انفصال هونغ كونغ، وجاءت أغلب القيود الأمنية الصينية في اتجاه منع رفع شعارات انفصالية، وهو أمر مفهوم في دولة متعددة الأعراق مثل الصين، تخشى أن تنتقل هذه العدوى إليها (خاصةً أقاليمها الجنوبية المتشابهة عرقياً مع هونغ كونغ).
كما أن هذه الإجراءات لا تقارَن على أي مستوى بالقمع الوحشي الصيني للإيغور (رفع المحتجين في هونغ كونغ أعلام الإيغور في مظاهرات 2019).
وبعض أعرق الديمقراطيات الغربية ترفض السماح بظهور مثل هذه الدعوات الانفصالية، ففرنسا على سبيل المثال لا يمكن أن تسمح بأي مظاهر للتعبير عن الهوية الإقليمية لأقاليم بريتاني أو الباسك أو أوكتانيا، وهي أقاليم فرنسية كانت تتحدث لغات غير الفرنسية إلى أن حاربت باريس لغاتها وثقافتها المحلية، وفَرْنَستْها.
فالتعديلات القانونية تقلل من سلطة الحكم الذاتي لهونغ كونغ ولكن لا تلغيها، ويجب التذكير بأن هونغ كونغ في النهاية جزء من الصين، وأن كثيراً من السلطات التي فرضتها بكين، لا تختلف كثيراً عن سلطة الحكومة الفيدرالية الأمريكية على الولايات أو حتى تقارب سلطة الاتحاد الأوروبي على أعضائه أو بعض المرشحين لعضويته، بل قد تكون سلطة بكين على هونغ كونغ أقل من سلطة أمريكا وبعض الدول الغربية على بعض الدول النامية التي تدور في فلكها كدول أمريكا الوسطى.
قد تكون المشكلة الأكبر ليست في تقليل بكين للحكم الذاتي لهونغ كونغ، بل في كون الصين بلداً استبدادياً يغيب فيها وجود برلمان ومحكمة عليا مستقلين يمكن الاحتكام لهما عند وقوع خلاف بين المركز (بكين) والأطراف هونغ كونغ.
كما تتجاهل الانتقادات الغربية حقيقة أنه حتى لو كانت هونغ كونغ دولة مستقلة ولكن مجاورة للصين، فإنه من الطبيعي أن تراعي سياسة هذا الجار العملاق، مثلما كانت فنلندا تراعي مصالح الاتحاد السوفييتي، والمكسيك تفعل ذلك مع أمريكا، ومثلما تفعل العديد من الدول العربية مع السعودية.
ومن الأمور التي تقلل من مصداقية الانتقادات الغربية، أن بريطانيا حكمت الجزيرة (وهي الدولة المحتلة) بشكل غير ديمقراطي، لنحو 150 عاماً، ثم وضعت دستوراً ديمقراطياً، قبيل تسليمها إلى الصين بفترة قليلة.
وكأن الأمر ليس حرصاً على الديمقراطية بقدر ما هو إحراج للصين.