مع الدمار الذي خلفته الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا والتي أثرت على أكثر من 23 مليون شخص منذ 6 فبراير/شباط 2023، تمت مشاركة آلاف الصور ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت مع النصائح والمشورة حول التعامل مع الهزات الأرضية، وتم تداول معها خرافات وأساطير حول الزلازل بشكل كبير جداً، وهو ما يشير إلى أن الكثير من الناس يصدقوها دون التحقق من صحتها.
وحتى الآن، تجاوز عدد الضحايا 20.000 شخص في تركيا وسوريا معاً، مما يجعل هذا الزلزال من أسوأ الزلازل منذ عام 1999. ومع تدافع الناس للحصول على معلومات حول ما يجب القيام به أثناء الزلزال والقلق بشأن الهزات الارتدادية أو كيفية التنبؤ بالزلازل المستقبلية، يفنّد الخبراء بعض الأساطير الشائعة والخرافات حول الزلازل، وإليكم أبرزها.
إليك أبرز 6 خرافات وأساطير حول الزلازل شائعة بشكل كبير ويفنّدها العلماء
1- تنبؤ الحيوانات بوقوع الزلزال مبكراً
في كثير من الأحيان، عندما تضرب الزلازل مكاناً ما، تنتشر مقاطع الفيديو والصور لحيوانات تتصرف "بشكل غير طبيعي" أو تفر من موقع الهزات على وسائل التواصل الاجتماعي. بمرور الوقت، أدى هذا إلى الاعتقاد بأن الحيوانات قادرة على الإحساس عندما توشك كارثة طبيعية على حدوثها.
أثناء كارثة تسونامي في عام 2004، والتي كان مركزها قبالة الساحل الغربي لشمال إندونيسيا، أظهر العديد من الصور حيوانات تهرب نحو مناطق مرتفعة.
وقالت روايات أخرى إن الأفيال شوهدت وهي تهرب باتجاه الأمان وشوهدت الخفافيش وهي تطير في حالة جنون، بل وصف بعض شهود العيان مشاهد عناكب تزحف على الأشجار وكلاب تنبح خوفاً.
في تركيا، شارك الناس مقاطع فيديو على الإنترنت لطيور تتصرف بغرابة وتطير بشكل محموم قبل الزلازل الأخيرة. تمت مشاركة مقاطع الفيديو آلاف المرات، حيث قال الناس إن "السلوك كان تحذيراً لما سيحدث".
يعتقد الكثير أن الحيوانات تمتلك "حاسة سادسة" تسمح لها بالشعور عندما تكون كارثة طبيعية على وشك الحدوث، لكن الخبراء والعلماء يعتقدون أن ما يحدث بالفعل هو شيء مختلف تماماً.
وفقاً لجوديث هوبارد، عالمة الزلازل والجيولوجيا، لا يمكن للحيوانات التنبؤ بالزلازل. فأول نوعين من موجات الزلازل في الوصول، موجات P و S، تكون أقل عنفاً من الموجات السطحية اللاحقة. وقد تتفاعل بعض الحيوانات مع هذه المستويات الأصغر من الاهتزاز، والتي يمكن أن تصل عشرات الثواني قبل اهتزاز الموجة السطحية الأكثر تدميراً.
تقول هوبارد لموقع Middle East Eye البريطاني إن هذا قد يكون السبب الذي يجعل الناس يعتقدون أن الحيوانات "تتنبأ" بالزلزال، بينما في الواقع، هم فقط يتفاعلون مع شيء أقل حساسية تجاهه. وتقول: "قد يكون هذا المفهوم الخاطئ أيضاً من الأشخاص الذين يبحثون عن المعنى بعد وقوع كارثة".
وتضيف لموقع MEE: "قد تبدأ الكلاب بالنباح في ليلة عادية، أو تقفز الضفادع عبر الطريق في أي وقت، فقط إذا حدث زلزال فإن هذا العمل الطبيعي يصبح مشبعاً بأهمية خاصة عند البعض".
2- نظرية "مثلث الحياة"
نظرية "مثلث الحياة" للنجاة من الزلازل هي الاعتقاد بأنه يجب على الأشخاص وضع أثاثهم بزاوية معينة أو الوقوف بجانب أثاث كبير أثناء الزلزال؛ لذلك عندما يسقط السقف، فإنه يسحق الأثاث ويترك فجوة بجواره حيث يمكنك أن تكون بأمان.
على الرغم من أنه من غير الواضح من أين نشأت النظرية، إلا أنه يُعتقد على نطاق واسع أنها كانت شائعة في تركيا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. في أعقاب العديد من الزلازل، زُعم أن العديد من الأشخاص حددوا الفجوات التي خلفها الأثاث الثقيل والتي كانت تشبه شكل المثلث.
توضح هوبارد: "نظراً لأن المباني تُبنى بشكل مختلف من بلد لآخر، فلا توجد استراتيجية عالمية واحدة أفضل للبقاء آمناً في حالة وقوع الزلزال".
وفي الولايات المتحدة "مثلث الحياة " غير موصى به لأن تقنيات البناء تقلل من احتمالية انهيار المباني. وأضافت أنه في هذه الحالة، قد يكون الخطر الأكبر هو سقوط الأشياء، مثل المصابيح أو قطع البناء.
وتشير هوبارد أنه "في مثل هذه المباني، يوصى بأن يقوم الناس بالنزول تحت قطعة أثاث قوية للحماية من خطر التعرض للاصطدام بشيء ما، مؤكدة أن الممارسة الجيدة لتقليل مخاطر سقوط الأجسام هي الاستعداد مقدماً والاحتماء.
وفي حين أنه من المحتمل أنه أثناء انهيار المباني، تُركت مساحات فارغة بالقرب من قطع أثاث قوية، تعتقد هوبارد أنه لا توجد دراسات موثوقة لتقييم فعالية هذه النظرية، مما يعني أنه قد يكون من الخطر الاعتماد عليها.
ويعتقد الخبراء أنه يجب تشييد جميع المباني وفقاً لمعايير زلزالية أفضل لتجنب مخاطر الانهيار ومخاطر سقوط الأجسام.
3- "أفضل شيء تفعله هو الجري بالخارج عند وقوع زلزال"
هناك اعتقاد شائع آخر هو فكرة أن أفضل ما يجب فعله عند وقوع زلزال هو الجري في الخارج مباشرة. بينما تعتقد هوبارد وخبراء الزلازل الآخرون أن أفضل مكان خلال الزلزال عادة ما يكون في الهواء الطلق، بعيداً عن احتمالية سقوط الأجسام، لكن يمكن أن يكون الجري أثناء الحدث نفسه خطيراً.
تقول هوبارد: "إن أفضل الممارسات هي أن تجثو على يديك وركبتيك، وتغطي رأسك ورقبتك بذراعيك، وإذا أمكن، الزحف أسفل جسم قوي للحصول على مأوى تحتمي به".
يقول خبراء آخرون، بما في ذلك Rong-Gong Lin، وهو باحث متخصص في قضايا السلامة من الزلازل، من سان فرانسيسكو، إن البقاء في المنزل أثناء الزلزال يمكن أن يكون في بعض الأحيان خياراً أكثر أماناً أيضاً، لأنه يعني أنك بعيد عن خطوط الكهرباء المتساقطة، والأشجار التي لديها القدرة على السقوط والسحق، وانهيار المباني وانقلاب السيارات.
في حين أن المباني غالباً ما تتضرر أثناء الزلزال، فإنها غالباً ما تظل سليمة، مما يجعل خيار البقاء بالداخل أحياناً أكثر أماناً من الجري بالخارج.
تقول هوبارد: "بعد انتهاء الاهتزاز، من الجيد إخلاء المبنى والعثور على مكان مفتوح. قد تتضرر المباني بسبب الزلزال وتنهار في توابع لاحقة، لا يجب أن تبقى بالقرب من واجهات المباني، فقد يكون الزجاج محطماً ويسقط نحوك".
في كثير من الأحيان، يمكن أن تستمر الهزات الارتدادية لأيام أو شهور؛ لذلك يوصي الخبراء باتباع الإرشادات الرسمية من السلطات والمسؤولين حول ما يجب القيام به في المناطق المتضررة من الزلزال.
4- الزلازل تتأثر بالطقس القاسي
الزلازل لا علاقة لها بالطقس السيئ أو القاسي، فهي ناتجة باختصار عن حركة الصفائح التكتونية. هذه الكتل الأرضية، التي تشكل القشرة الخارجية للأرض، تتحرك باستمرار وتحتك ببعضها البعض. تحدث الزلازل غالباً عند خطوط صدع الصفائح، وهي كسور كبيرة على سطح الكوكب.
عندما يتم دفع الصفائح ضد وتحت بعضها البعض، يمكن أن "تعلق" لوحتان بسبب الاحتكاك. وعندما "تنفصل" هذه الصفائح أخيراً، يتم تحرير تراكم للضغط ويتم الشعور بكمية هائلة من الطاقة في شكل زلازل -أو تسونامي عندما تتلاقى الصفائح التكتونية تحت المسطحات المائية.
5- الزلازل تقع أوقات الليل أو الصباح الباكر
وكما أن الزلازل لا تتأثر بالطقس، فهي أيضاً غير مرتبطة بوقت معين، حيث يعتقد البعض أنها تقع خلال ساعات النوم أو خلال وقت الفجر، وهناك العديد من الأمثلة لوقوع زلازل في أوقات مختلفة، مثل المساء أو النهار أو الصباح أو وقت الظهيرة.
6- الزلازل كوارث "نادرة الحدوث"
هناك اعتقاد خاطئ شائع آخر وهو أن الزلازل نادرة الحدوث، لكن هذا ليس هو الحال. في حين أن الزلازل الكبيرة، على غرار الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا هذا الأسبوع، أقل تواتراً، فإن الزلازل الأصغر تحدث طوال الوقت.
تقول هوبارد: "الزلازل تحدث في جميع أنحاء العالم، في كل وقت، معظم هذه الزلازل صغيرة ولا يمكن ملاحظتها".
على سبيل المثال، يوم الثلاثاء تم اكتشاف زلازل في إندونيسيا ؛ الأرجنتين ؛ تايوان ؛ اليابان؛ هاواي. جمهورية الدومينيكان؛ بنما ؛ كاليفورنيا. والعديد من الأماكن الأخرى، كما تقول الباحثة الأمريكية.
وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، في المتوسط ، تشهد الأرض حوالي 20000 زلزال كل عام. ومع ذلك، تُظهر البيانات أن الأرض تشهد كل عام حوالي 15 زلزالاً واسع النطاق بقوة 7.0 درجات.