حذر قادة عسكريون أمريكيون من أن الغواصات الروسية من طراز سيفيرودفينسك تعمل بالقرب من السواحل الأمريكية وتشكل تهديداً على الولايات المتحدة. وتتمتع الغواصات من فئة سيفيرودفينسك بمزيج من القوة الخفية والقوة الضاربة التي تقلق البحرية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي.
ويبدو أن الأحداث في أوكرانيا تؤكد طموحات روسيا، ومخاوف الناتو بشأن تلك الغواصات. فما الحكاية؟
أمريكا تخشى تحرك الغواصات الروسية وخصوصاً سيفيرودفينسك
أدى عام من القتال المتجدد في أوكرانيا إلى استنزاف وإحراج القوات الجوية والبرية والبحرية الروسية، لكن أحد مكونات الجيش الروسي الذي يكافح بخلاف ذلك، وهي الغواصات النووية، لا تزال تقلق القادة الأمريكيين.
ويقول تقرير لموقع businessinsider الأمريكي إن الغواصات تعتبر نقطة مضيئة في جهود التحديث البحرية الروسية الأخيرة، وخاصة الغواصات من فئة سيفيرودفينسك التي يقول المسؤولون الأمريكيون إنها يصعب اكتشافها وقادرة على ضرب أهداف مهمة في أوروبا والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الخسارة الكبيرة لمدمرة الصواريخ الموجهة موسكفا، السفينة الرائدة في أسطول البحر الأسود، في أبريل/نيسان 2022، لا تزال البحرية الروسية "سليمة إلى حد كبير وتواصل، القيام بما رأيناه دائماً"، كما يقول الأدميرال مايكل ستودمان قائد مكتب المخابرات البحرية الأمريكي في 11 يناير/كانون الثاني 2023.
وقال ستودمان مستخدماً اختصاراً يشير إلى غواصات الصواريخ الموجهة التي تعمل بالطاقة النووية: "لكن لديهم قدرات أكثر تقدماً مع سيفيرودفينسك SSGN، هناك ثلاث من هذه الغواصات موجودة الآن وسوف يقوم الروس ببناء المزيد".
تحدٍّ جديد على عتبة الولايات المتحدة الأمريكية
تخطط روسيا لبناء 9 غواصات من فئة سيفيرودفينسك، والتي تسميها فئة "ياسن"، وقد تضيف المزيد في المستقبل. وقال ستودمان إن هذه الغواصات "متقدمة جداً جداً" ولديها "قدرات متعددة المهام وتنشط بشكل متزايد".
وأضاف ستودمان: "لقد بدأت الغواصات الروسية هذه بالقيام بدوريات في المحيط الأطلسي، مما يعرض الولايات المتحدة للخطر في بعض مناطق دورياتهم، وقاموا مؤخراً بنقل إحداها إلى المحيط الهادئ، لذلك سيكون هناك تحد مزدوج للولايات المتحدة في محاولة تتبع ومحاسبة مكان وجود تلك الغواصات وماذا تفعل".
وكرر ستودمان تعليقات الجنرال جلين فانهيرك، قائد القيادة الشمالية الأمريكية في سلاح الجو الأمريكي، الذي حذر في أكتوبر/تشرين الأول 2022 من الوجود المتزايد للغواصات الروسية من فئة سيفيرودفينسك قبالة السواحل الأمريكية.
قال فانهيرك في مؤتمر رابطة الجيش الأمريكي في 11 أكتوبر: "ما كان يمثل تهديداً عرضياً للوطن، سيصبح تهديداً مستمراً وقريباً".
وأضاف فانهيرك أنه في الماضي كانت الغواصات من طراز Severodvinsk هي مصدر قلق كبير لنا، ووصفها بأنها "على قدم المساواة مع الغواصات الأمريكية" من حيث القدرات.
وقال فانهيرك إن النشاط المتزايد لهذه الغواصات في المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ الآن يعني أنها "ستكون تهديداً مباشراً وقريباً قادراً على حمل عدد كبير من صواريخ كروز للهجوم الأرضي التي يمكن أن تهدد وطننا اليوم".
ما هي غواصات سيفيرودفينسك النووية الروسية؟
تمثل غواصة Yasen-M الجيل جديد من الغواصات الروسية الهجوم، وتضم فئتها مجموعة الضوابط الرقمية جديدة، كما أنها تمتلك بدناً أقصر، وهي الأقل ضوضائية. ويمكن لغواصة Yasen من فئتها الأولى سيفيرودفينسك أو Severodvinsk، إطلاق صواريخ كروز Kalibr-M الروسية الجديدة بمدى مذهل يبلغ 4500 كيلومتر.
ومن المتوقع أن تقدم فئة Yasen-M أداءً مشابهاً للغواصات الأمريكية من فئة فرجينيا، على الرغم من أن التكلفة المتوقعة لكل طراز يقارب الـ1.6 مليار دولار.
وفي تقرير صدر في أغسطس/آب 2009 من المكتب الأمريكي للمخابرات البحرية، تم ذكر أن الغواصات من نوع ياسن هي أهدأ غواصات نووية روسية معاصرة، أو الأقل قابلية للرصد، ولكنها ليست في هدوء معاصراتها من غواصات البحرية الأمريكية (كفئات سي وولف Seawolf وفيرجينيا Virginia).
وتم بدأ بناء أول قطعة من فئة Severodvinsk في عام 1993. ودخل الخدمة في أواخر عام 2013. ومنذ ذلك الحين، تخضع غواصات الفئة الثانية والثالثة، Kazan و Novosibirsk، والرابعة Krasnoyarsk، لتجارب بحرية الآن.
بالإضافة إلى الدفع النووي، تتمتع الغواصات من فئة سيفيرودفينسك بتقنية تهدئة متقدمة ومصنوعة من الفولاذ منخفض المغناطيسية، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة، وهي مسلحة بطوربيدات بالإضافة إلى صواريخ كروز المضادة للسفن والهجوم الأرضي التي يمكن إطلاقها عمودياً.
والغواصات التي تم بناؤها بعد سيفيرودفينسك مسلحة بالمثل، ولكن لديها عدد من الترقيات، بما في ذلك تقنية التهدئة الجديدة ومفاعل نووي أكثر هدوءاً.
تعد القدرة على مهاجمة أهداف على الأرض بصواريخ كروز جديدة نسبياً للغواصات الروسية.
غواصات تثير إعجاب وقلق الناتو في آن واحد
أثارت هذه القدرات الإعجاب والقلق بين المسؤولين الأمريكيين والغربيين. وهمهم الرئيسي هو أن الغواصات من فئة Severodvinsk يمكن أن تكمن قبالة سواحلها وتهاجم البنية التحتية الحيوية، مثل الموانئ والمطارات بصواريخ كروز.
في "فترة التهديد" التي تسبق الصراع مباشرة، ستنشر روسيا الكثير من قوتها البحرية بالقرب من شواطئها، ولكن في "البحار البعيدة"، بما في ذلك معظم المحيط الأطلسي، ستستخدم موسكو "استخداماً محدوداً لغواصات الطاقة النووية"؛ لأنها تفتقر إلى الموارد اللازمة لتشغيلها بشكل فعال، وفقاً لمايكل بيترسن، مدير معهد الدراسات البحرية الروسية في الكلية الحربية البحرية الأمريكية.
وقال بيترسن، خلال عرض تقديمي في أغسطس/آب 2022: "عندما يتعلق الأمر بالحرب الضاربة الدقيقة بعيدة المدى، فإن الخدمات اللوجستية الروسية ودعمها وقوتها الضاربة تتناقص مع المسافة".
لكن يبدو أن بعض التطورات في أوكرانيا تثبت صحة طموحات روسيا – ومخاوف الناتو. وقال بيترسن إن التقارير الروسية تشير إلى أن صواريخ كاليبر "أثبتت قيمتها" للقادة الروس، الذين كانوا "يعتمدون بشدة" عليها لضرب أهداف مهمة.