أعلن عدد من حلفاء أوكرانيا الغربيون هذا الشهر اعتزامهم تزويد البلاد بمركبات قتالية جديدة ودبابات، تقرر وصول الدفعة الأولى منها في الأشهر المقبلة، مع دخول حرب روسيا الشاملة عامها الثاني. وقالت الولايات المتحدة وألمانيا في 5 يناير/كانون الثاني إنهما سترسلان مركبات برادلي القتالية ومركبات مشاة ألمانية من طراز ماردر. وتعهدت فرنسا بعدد لا محدود من دبابات AMX-10 RC "الخفيفة". فكيف سينعكس ذلك على مسار الحرب؟
دعم أوكرانيا بالدبابات والمركبات القتالية مستوى التعاون الغربي مع كييف لمستوى جديد
تشير هذه القرارات إلى استعدادات جديدة من جانب الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين لمساعدة أوكرانيا على استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا، التي نددت بهذه الخطوة واعتبرتها تصعيدية، كما تقول صحيفة The Washington Post الأمريكية.
ويقول خبراء إن هذه المركبات القتالية المدرعة والدبابات ستساعد في تلبية الطلب الأوكراني المتكرر على أنظمة أسلحة أكثر تقدماً. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هذه المساعدات ترفع التعاون الدفاعي "إلى مستوى جديد".
وإليكم ما تحتاجون إلى معرفته عن المركبات القتالية المتوجهة إلى أوكرانيا.
ما هي مركبات برادلي الأمريكية، وهل تعتبر دبابات؟
برادلي M2 عبارة عن مركبات قتال مشاة أمريكية الصنع، أي أن الهدف منها نقل جنود المشاة ودعمهم. والإصدار الأول منها أُدخل إلى الجيش الأمريكي في الثمانينيات.
وكل مركبة مصممة لنقل طاقم مكون من ثلاثة أفراد وستة جنود ركّاب، خاصة في المناطق المفتوحة. وفضلاً عن مدفعها الرئيسي عيار 25 ملم، يمكن تسليحها بقاذفة صواريخ تاو TOW المضادة للدبابات.
وصرحت نائبة مساعد وزير الدفاع لورا كوبر للصحفيين يوم 7 يناير/كانون الثاني بأن الولايات المتحدة ستوفر 50 مركبة برادلي، مزودة "بقوة نارية" و"دروع".
وتشمل حزمة المساعدات التي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار والتي كشفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) النقاب عنها الأسبوع الماضي 500 صاروخ تاو و250 ألف طلقة من عيار 25 ملم مع مركبات برادلي.
وأثار الإعلان الجديد جدلاً بين المحللين العسكريين حول إن كان يمكن اعتبار مركبات برادلي دبابات. يقول العقيد المتقاعد مارك كانسيان، المستشار الأول في برنامج الأمن الدولي التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن مركبات برادلي مزودة بجنازير (وليس عجلات) ومدفع متوسط وقدرات بعيدة المدى، وهذا يجعلها "دبابة خفيفة".
لكن عديداً من الخبراء العسكريين يقولون إنها هذا المسمى لا يناسبها، وهذا جزئياً عائد إلى أن مدفعها صغير جداً والمركبة نفسها ليست مصممة للاشتباك مع الدبابات الأخرى. وطلبت أوكرانيا دبابات أمريكية من طراز M1 أبرامز -وهي دبابات مئة بالمئة- لكن الولايات المتحدة لم توافق على إرسالها. وقالت كوبر يوم الجمعة 13 يناير/كانون الثاني إن الدبابات لها "اعتبارات تتعلق بالاستدامة. ونعلم بطبيعة الحال أن دبابات أبرامز، فضلاً عن أنها مستهلكة للغاز، تواجه صيانتها صعوبات كبيرة.
ومع ذلك، يُتوقع أن تسهم مركبات برادلي في دعم أوكرانيا بدرجة كبيرة، بقوة نيرانها التي تفوق المركبات المدرعة التي أرسلتها الولايات المتحدة في وقت سابق.
وعادةً ما تكون المركبات القتالية المدرعة أسرع وأخفّ من الدبابات الكاملة، وأسهل في التزود بالوقود والصيانة. وقال كانسيان إن مركبات برادلي تضم مستشعرات رؤية ليلية "رائعة" وهي "أفضل من أي شيء يمتلكه الأوكرانيون أو الروس".
ما المركبات القتالية التي سترسلها فرنسا وألمانيا؟
قال البنتاغون إن مركبات برادلي ستُكمِل المركبات التي سترسلها ألمانيا وفرنسا.
وقالت شركة Rheinmetall الألمانية إنها سترسل حوالي 100 مدرعة ماردر بعد تجديدها. وتمتلك مدرعات ماردر، التي دخلت الخدمة عام 1971، مدفعاً أوتوماتيكياً 20 ملم ويمكن تزويدها بنظام صاروخي موجّه مضاد للدبابات. وهي تتسع لستة أو سبعة جنود في الداخل. واستخدمت هذه المدرعات في القتال في كوسوفو وأفغانستان.
ومدرعة AMX-10RC التي تطلق عليها السلطات الفرنسية "دبابة خفيفة" صُنعت في أواخر السبعينيات. وهي مصممة لمهام الاستطلاع، ومجهزة بمدفع عيار 105 ملم وتعمل على ست عجلات، وليس جنازير. والمحادثات بين المسؤولين الفرنسيين والأوكرانيين لا تزال مستمرة عن عدد المركبات التي ستُرسَل إلى أوكرانيا وموعد إرسالها، وفقاً لوزارة الدفاع الفرنسية.
ما تأثير هذه المركبات على ساحة المعركة في أوكرانيا؟
هذه المركبات القتالية ستساعد أوكرانيا في استكشاف مواقع القوات الروسية ونقل الجنود وضرب المركبات المدرعة الروسية.
وقال سوني بتروورث، المحلل في شركة Janes للمعلومات الأمنية: "لن تحدد أي من هذه المركبات بمفردها مسار الحرب بكل تأكيد، لكنها ستوفر -إذا استخدمت بشكل صحيح وتوفر لها الدعم الكافي في الميدان- للأوكرانيين ميزة تكتيكية كبيرة، لا سيما إن كان الأوكرانيون يتطلعون إلى إطلاق هجوم لاستعادة الأراضي هذا العام".
صُممت مركبات AMX-10 الفرنسية خلال الحرب الباردة لتنفيذ مهام استطلاعية. وفكرتها أنها تطلق مدافعها، فتجبر جنود العدو على الكشف عن مواقعهم، ثم "تنطلق" بسرعة لأنها تفتقر إلى حماية الدبابات القتالية، وفقاً لتروورث.
توفر مركبات برادلي وماردر أيضاً قدرات استطلاعية أكثر تقدماً من المركبات القتالية السوفييتية BMP1 وBMP2 التي تستخدمها أوكرانيا. وقال بتروورث إن أجهزة الرؤية في برادلي يمكنها العثور على أهداف وتحديدها من مسافة أكبر وتحت ظروف مناخية أقسى. ويمكنها أيضاً مساعدة الجنود الأوكرانيين في القنص، وفقاً لكانسيان.
وبإمكان مركبات برادلي وماردر نقل الجنود إلى المعركة، ودعمها بالمدافع.
وسبق أن استخدمت الولايات المتحدة مركبات برادلي في حروبها في العراق عامي 1991 و2003، وقال كانسيان: "نشر الجيش الأمريكي فرق مدرعة -بها دبابات ومركبات برادلي- واستخدمها في المناورات الطويلة، ومباغتة العدو من الخلف، واختراق قوات العدو".
لماذا ترسل الدول الغربية الحليفة لأوكرانيا مركبات قتالية الآن؟
تمتنع الدول الغربية منذ أشهر عن إرسال الدبابات وعربات المشاة القتالية المتطورة، خشية إثارة غضب روسيا. ولكن مع احتدام الحرب، تمكنت كييف من استعادة مزيد من الأراضي وقصفت روسيا البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا. والآن، يبدو الحلفاء الغربيون أقل اهتماماً بإغضاب روسيا وأكثر إصراراً على تلبية نداءات أوكرانيا الحماسية بمساعدتها في طرد قوات موسكو.
وهم يأملون بأن تساعد حزم الأسلحة الجديدة، التي من بينها المركبات القتالية، الأوكرانيين على صد الهجمات الروسية المحتملة في الأشهر المقبلة، واختراق الدفاعات الروسية على طول خط الجبهة، الذي يمتد مئات الأميال عبر شرق وجنوب أوكرانيا. ومركبات برادلي مناسبة بشكل خاص للمعارك في الأراضي الزراعية شرق أوكرانيا لأنها مزودة بجنازير مصممة للاستخدام في المناطق المفتوحة.
على أن تشغيل مركبات برادلي -بالإضافة إلى مركبات ماردر وAMX-10- يتطلب التدريب على استخدامها، لذلك يُحتمل ألا تظهر في ميدان القتال إلا بعد بضعة أشهر. وقالت لورا كوبر، المسؤولة في وزارة الدفاع، إن الولايات المتحدة ستقدم برنامجاً تدريبياً جديداً لتدريب نحو 500 جندي أوكراني في وقت واحد، ويتضمن توجيهات عن طريقة تشغيل دبابات برادلي.
وقال كانسيان إنه من المفيد أن الولايات المتحدة لديها عدد كبير من مركبات برادلي، وإن الجيش يخطط للتخلص منها تدريجياً في غضون بضع سنوات. وتعمل فرنسا أيضاً على التخلص التدريجي من مركبات AMX-10.
على أن أوكرانيا تأمُل بأن التعهد بإرسال مركبات قتالية قد يعني أن الحلفاء مستعدون أيضاً لإرسال دبابات، مثل دبابات ليوبارد 2 الألمانية الصنع، وقالت بولندا يوم الأربعاء 11 يناير/كانون الثاني إنها تعتزم إرسال سرية دبابات ليوبارد 2 إلى أوكرانيا. ويُقال أيضاً إن بريطانيا تفكر في إرسال نحو 10 دبابات تشالنجر 2 إليها.