مثلت عمليات التشويش الروسية في حرب أوكرانيا على الطائرات المسيَّرة والمأهولة واحدة من نجاحات موسكو القليلة في الحرب، ويعتقد أن لها تأثيراً كبيراً في تحييد الطائرات المسيرة الأوكرانية وتقليل خطورتها بعد أن كانت سلاحاً مدمراً في يد كييف في المراحل الأولى للحرب.
وبينما يتحدث الخبراء الغربيون عن أخطاء موسكو الكثيرة في الحرب، فإنهم يقرون بأن عمليات التشويش الروسية التي أدت إلى تحييد الطائرات المسيرة تمثل قصة نجاح نادرة للجيش الروسي في حرب أوكرانيا.
عمليات التشويش الروسية تعتمد على بنية ضخمة ولكنها بدأت متأخرة
وسط فوضى التوغل الأولي للجيش الروسي في أوكرانيا الذي بدأ في أواخر فبراير/شباط، استغرق الروس بضعة أسابيع لنشر البنية التحتية للتشويش واسعة النطاق. ولكن بمجرد أن فعلوا ذلك، بدأوا يصمون آذان الأوكرانيين ويربكون أكثر أنظمتهم ولا سيما طائراتهم المسيرة، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
ويمتلك الجيش الروسي موارد هائلة للحرب الإلكترونية، في شكل وحدات متحركة على شاحنات ترافق القوات البرية، حسبما ورد في تقرير لمجلة The Economist البريطانية.
ولكن يبدو أنه أخفق في استخدامها في بداية الحرب، خاصة في محاولاته لمحاصرة أو غزو العاصمة الأوكرانية.
البيرقدار كادت تقضي على الجيش الروسي في بداية الحرب
خلال المراحل الأولى للحرب استخدم الأوكرانيون بكفاءة طائرات بيرقدار تي بي 2 التي يعتقد أنها وظفت لتدمير طوابير المدرعات الروسية، ولعبت دوراً في إفشال هجوم الربيع الروسي الضخم على العاصمة الأوكرانية كييف، كما يعتقد أنها لعبت دوراً في إغراق طراد الصواريخ الروسي الشهير موسكوفا في البحر الأسود، إضافة لدورها في توجيه نيران المدفعية الأوكرانية.
تمت تغطية نجاح الطائرات التركية بدون طيار على نطاق واسع في وسائل الإعلام في المراحل الأولى من الحرب، حيث تم توثيق نجاح هذه الطائرات المسيرة في عدد لا يحصى من مقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تصور طائرات بدون طيار أوكرانية تقضي على التقدم الروسي.
وقيل إن طائرة بيرقدار تي بي 2 واحدة يمكن أن تقضي على فصيلة دبابات روسية برمتها.
وبلغ نجاح البيرقدار لدرجة أن الأوكرانيين ألفوا لها أغنية، تم تصوير المتظاهرين الأوكرانيين وهم يغنون أغنية بيرقدار للتهكم على القوات الروسية في مناطقهم.
وقامت حملات تبرع شعبية في دول أوروبا الشرقية لجمع أموال لشراء طائرات بيرقدار لصالح الجيش الأوكراني.
وتوصف البيرقدار أحياناً من قِبل الخبراء بأنها تويوتا كورولا الطائرات المسيرة لأنها رخيصة وفعالة، حسب قول آرون شتاين، مدير الأبحاث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في الولايات المتحدة.
ويقول: "لذا، حتى بالنسبة لجيش متطور، مثل الولايات المتحدة، فإن استخدام منصة رخيصة وسهلة الاستغلال لضرب قوة متفوقة لها أمر له أهمية كبيرة".
كما حصل الأوكرانيون على طائرات سويتشبليد الأمريكية الانتحارية من واشنطن.
لكن بعد أشهر من القتال، استُنزِفَت أساطيل الطائرات دون طيار التي بدأ الجانبان بها الحرب مثل البيرقدار التركية وسويتشبليد الأمريكية لدى أوكرانيا وأورلان-10 الروسية لدى موسكو.
وبينما لجأت روسيا للطائرات المسيرة الإيرانية الرخيصة، قللت كييف استخدام المسيرات وأصبح أكثر انتقائية.
وأفادت تقارير بأن أداء البيرقدار قد تراجع أمام تعزيز روسيا أنظمتها الدفاعية الجوية، ولكن قد يرجع ذلك أيضاً إلى تقليل الأوكرانيين استخدامها، لأن تركيا الوسيط الوحيد في النزاع حالياً، توقفت على الأرجح عن تزويد كييف بها ويُعتقد أنها تكتفي بتقديم الطائرات التي دُفع ثمنها عبر تبرعات أوروبية شعبية، وبالتالي لم يعد لدى كييف فرصة في الحصول على طائرات بيرقدار بديلة في حالة خسارة جزء مما لديها.
عمليات التشويش الروسية أصبحت أكثر تنظيماً
وقال صامويل بينديت، المحلل والخبير في الأنظمة العسكرية الآلية والروبوتية في مركز التحليلات البحرية: "ما حدث هو أن الحرب الإلكترونية والدفاعات الجوية لروسيا أصبحت أفضل تنظيماً وميدانية مقارنة بالأشهر السابقة للحرب"، حسبما نقل عنه موقع Business Insider الأمريكي.
وقال بينديت إن القوات الروسية تستخدم رادارات الإنذار المبكر للتعرف على الطائرات بدون طيار وأنظمة الحرب الإلكترونية للتشويش وتعطيل اتصالاتها من أجل تحييد الطائرات المسيرة.
كما يستخدمون أسلحة مختلفة مثل المدافع الرشاشة وأنظمة الدفاع الجوي، مثل نظام الصواريخ Tor، لإسقاط الطائرات بدون طيار.
وفقاً لمارك كانسيان، المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كانت أوكرانيا في السابق قادرة على استخدام الطائرات المسيرة بفعالية كبيرة؛ لأن روسيا لم تنظم أنظمتها الدفاعية.
كانت الطائرات بدون طيار قادرة على لعب مثل هذا الدور؛ لأن الروس كانوا بطيئين في إنشاء نظام دفاع جوي، التي دعا إليها مذهبهم العسكري.
والآن، باتت القوات الأوكرانية تحد من استخدامها للطائرات بدون طيار؛ لأن القوات الروسية تحبطها بسهولة أكبر، وقد يكون فقدان الطائرات بدون طيار مكلفاً.
بينما تكلف الطائرات المسيرة أحادية الاستخدام (طائرات انتحارية) مثل Switchblade و Phoenix Ghost عدة آلاف من الدولارات لكل منها، يمكن أن تكلف الطائرات بدون طيار TB2 ما بين مليون إلى مليوني دولار لكل منها.
كيف استخدم الجيش التركي البيرقدار بطريقة قضت على الأنظمة الدفاعية الروسية الصنع؟
خلال الحروب في إدلب وليبيا، والقوقاز، استخدم الجيش التركي وحلفاؤه طائرات بيرقدار المسيرة في البداية لتدمير الأنظمة الدفاعية والرادارات للخصوم (التي كان أغلبها روسي الصنع)، وبعد التخلص منها تعمل البيرقدار بحرية أكبر دون خوف من الإسقاط أو التشويش.
ولكن الأمر مختلف في أوكرانيا، فبعد أن استقر الروس في مواقعهم الدفاعية بعد وقف هجماتهم، نشروا أعداداً هائلة من الأنظمة الدفاعية الجوية (لدى روسيا أكبر نظام دفاع جوي في العالم)، والرادارات وأنظمة التشويش التي كانت معدة يوماً لمحاربة الولايات المتحدة.
وفي الوقت ذاته، فإن أوكرانيا لديها عدد محدود وغير قابل للزيادة من البيرقدار، الأمر الذي يصعب عليها استخدام أعداد كافية منها لمهمة التخلص من الأنظمة الجوية الروسية لفتح طريق للهجوم على الأهداف البرية.
وتلقت أوكرانيا حوالي 50 طائرة بدون طيار من طراز تي بي2 أغلبها قبل بدء الغزو الروسي، وليس هناك تقارير مؤكدة عن تقديم تركيا التي تعتبر الوسيط الوحيد بين روسيا وأوكرانيا لطائرات بيرقدار بعد بداية الحرب، باستثناء تقارير عن جمع تبرعات شعبية في دول أوروبا الشرقية لشراء البيرقدار لصالح أوكرانيا (وقد يكون تسليمها المحتمل يتم عن طريق دول أوروبا الشرقية).
وقال بينديت إنه بينما أصبحت الطائرات بدون طيار الأوكرانية أقل فاعلية في هذه المرحلة الجديدة من الحرب، فإن روسيا زادت أسطولها من الطائرات المسيرة، خاصة لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، كما استوردت أعداداً كبيرة من الطائرات المسيرة الإيرانية الأقل دقة ولكنها رخيصة.
والسبب في ذلك أن الأوكرانيين يفتقرون إلى الأسلحة اللازمة لإسقاط الطائرات المسيرة الروسية.
وقال أحد الجنود الأوكرانيين لصحيفة صنداي تايمز البريطانية: "لا يمكننا رؤية الطائرات الروسية بدون طيار، لكن يمكنهم رؤيتنا. الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله هو الاختباء".
تحييد الطائرات المسيرة أثَّر على المدفعية الأوكرانية
وأدت عملية التشويش الروسية في حرب أوكرانيا لحملة قمع إلكتروني للطائرات الأوكرانية المسيرة، وهذا أدى بدوره إلى إضعاف إحدى أكبر مزايا كييف في الأشهر الأولى من الحرب.
إذ اعتمد الأوكرانيون على معلومات استخباراتية فائقة -قدمتها إلى حد كبير الطائرات بدون طيار- لجعل ترسانتهم المدفعية الأصغر أكثر دقة من ترسانة روسيا الأكبر من المدافع الكبيرة وقاذفات الصواريخ.
لكن الحرب الإلكترونية للروس منعت تلك الطائرات بدون طيار من التنقل والتواصل – وحرمت الأوكرانيين من الدقة التي كانوا يعتمدون عليها.
أوضح المحللون ميخايلو زابرودسكي وجاك واتلينج وألكسندر دانيليوك ونيك رينولدز في دراسة أجراها المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن أن "هزيمة الدقة التي وفرتها الطائرات المسيرة لأوكرانيا كانت أمراً حاسماً لنجاة الوحدات العسكرية الروسية".
منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تشكو من التشويش الروسي في الدونباس
في مؤشر على قوة عمليات التشويش الروسية، أشارت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي راقبت الحشد العسكري لموسكو قبل غزو فبراير/شباط، إلى نشر عدد كبير من أنظمة الحرب الإلكترونية في شرق أوكرانيا الذي تحتله روسيا.
تضمنت أنظمة استخبارات إشارات TORN وSB-636 Svet-KU التي يمكنها تحديد الوحدات الأوكرانية من خلال تتبع إشاراتها اللاسلكية، RB-341V Leer-3s التي تجمع بين طائرات Orlan-10 التي تحمل حمولات تشويش خلوية مع موقع قيادة على KamAZ-5350 شاحنة، R-934B Sinitsa التشويش اللاسلكي و R-330Zh Zhitels التي تحجب روابط الأقمار الصناعية.
أصبحت قوة الحرب الإلكترونية الروسية في إقليم الدونباس قوية لدرجة أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا كانت تكافح من أجل إبقاء طائراتها المسيرة في الهواء.
أبلغت المنظمة عن زيادة حادة في عمليات التشويش الروسية في عام 2021، حيث عانت الطائرات المسيرة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تداخلاً في الإشارات في 16٪ من الرحلات الجوية في فبراير/شباط من ذلك العام، و28٪ في مارس/آذار و58٪ في أبريل/نيسان.
لماذا تأخرت روسيا في استخدام أنظمة التشويش؟
تعمل الأنظمة بشكل أفضل عندما يكون لدى مشغليها متسع من الوقت لإعداد وتنسيق الوظائف المختلفة. وهذا هو السبب في أن عمليات التشويش الروسية كانت مؤثرة للغاية في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، حيث احتلت القوات الروسية والانفصالية نفس المواقع تقريباً خلال معظم السنوات السبع بين عام 2015 والسنوات الحالية.
وهذا هو السبب أيضاً في أن التشويش الروسي لم يعمل جيداً في الأسابيع القليلة الأولى بعد هجوم الروس في فبراير/شباط، حيث هاجمت الكتائب الروسية المواقع الأوكرانية ثم تراجعت بسرعة كبيرة للغاية لم تمكن عمليات التشويش الروسية من مواكبة حركة القوات.
بدأ ذلك يتغير أخيراً في مارس/آذار 2022 وأبريل/نيسان 2022، حيث انتهت القوات الروسية من الانسحاب من مقاطعة كييف في وسط أوكرانيا وبدأت عملية إعادة تمركز في الشرق.
طيارو المقاتلات الأوكرانية أول من شعروا بالتغيير، وهكذا نظم الروس صفوفهم
كان الطيارون المقاتلون في سلاح الجو الأوكراني أول من شعر بآثار التشويش الروسي المتصاعد، حيث بدأت قوت الحرب الإلكترونية الروسية نشر مجمعاتها. ووجد الطيارون الأوكرانيون أن اتصالاتهم الجو- أرض، والجو – الجو غالباً ما تتعرض للتشويش، ويتم قمع معدات الملاحة الخاصة بهم وتعطل الرادارات الخاصة بهم، حسبما كتب زابرودسكي وواتلينج ودانيليوك ورينولدز.
وسرعان ما انتشرت أجهزة التشويش الروسية على الأرض في الشرق.
مع تركيز الجهود على دونباس، أنشأت كتائب الحرب الإلكترونية الروسية نحو 10 مجمعات لكل 13 ميلاً من الجبهة.
لاحظ محللو معهد الخدمات المتحدة للدراسات العسكرية "RUSI" (أقدم معهد للدراسات الفكرية العسكرية في بريطانيا) أن هذه المجمعات عطلت بشكل فعال الملاحة على طول الجبهة، ووجهت الهجوم المدفعي والإلكتروني ضد الطائرات الأوكرانية المسيرة والمأهولة".
إليك أكثر المسيرات تضرراً
واعتمد الأوكرانيون على نوعين رئيسيين من الطائرات المسيرة للعثور على القوات الروسية وتوجيه قذائف المدفعية ناحيتها طائرة مسيرة مروحية صغيرة الحجم؛ وطائرات مسيرة أكبر ثابتة الجناحين مثل Bayraktar TB-2 التركية الصنع.
كتب زابرودسكي وواتلينج ودانيليوك ورينولدز أن متوسط العمر المتوقع للطائرة المروحية الرباعية المسيرة حوالي ثلاث رحلات، و"كان متوسط العمر المتوقع للطائرة المسيرة ثابتة الجناحين حوالي ست رحلات" و"بشكل إجمالي، يمكن القول إن حوالي ثلث مهام الطائرات بدون طيار كانت ناجحة".
ولكن الأمر تغير بعد تعزيز عمليات التشويش الروسية، فمن بين آلاف الطائرات بدون طيار التي امتلكها الأوكرانيون في فبراير/شباط 2022، تم إطلاق النار أو تحطم 90٪ بحلول الصيف، وفقاً لمحللي RUSI، أجبر هذا السلطات في كييف على مناشدة حلفاء أوكرانيا الأجانب من أجل استبدال هذه الطائرات.
وكان واضحاً أن الخسائر أكبر في الطائرات المسيرة المروحية.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة قلقة بنفس القدر من أن روسيا قد تكون قادرة على ضرب طائرات المسيرة الأمريكية من نوع Gray Eagle التي تريدها كييف، حيث تخشى الولايات المتحدة أيضاً من أن ينتهي الأمر بهذه الطائرات في أيدي خبراء التكنولوجيا العسكرية الروسية.
عمليات التشويش التي نفذتها موسكو أضرت بالمسيرات الروسية أيضاً!
إن انتهاء الحملة الصيفية بشكل سيئ بالنسبة للجيش الروسي لا يغير حقيقة أن عمليات التشويش الروسية كانت فعالة.
نفذت قوات الحرب الإلكترونية ما طلبه منها الجيش الروسي: ملأت الهواء بالضوضاء الإلكترونية.
ويقول تقرير مجلة Forbes الأمريكية إن عمليات التشويش الروسية ناجحة للغاية.
والمفارقة أن عمليات التشويش أثرت سلباً على عدد من الطائرات المسيرة الروسية، وأشار فريق RUSI إلى أن "الروس عانوا بشدة من تأثير هذه الأنظمة الملحوظ على قواتهم".
إليك شكل المعركة القادم بين المسيرات وأنظمة التشويش، ومتى تتفوق الطائرات بدون طيار؟
وأظهرت معركة الطائرات المسيرة بأوكرانيا أنه للتصدي لهذا الخطر القادم من السماء ستكون الجيوش بحاجة إلى نظام دفاع جوي متعدد الطبقات ومتعدد المدى مع خيارات قتل صلبة وخفيفة للتعامل، حسبما يقول رئيس الأركان بسلاح الجو الهندي.
وأضاف "مع ذلك، لا يمكن التوصل إلى استنتاجات نهائية إلا بعد أن يصبح السياق والظروف برمته واضحين"، حسبما نقل عنه موقع Eurasian Times الهندي.
بالطبع لم تتوقف عمليات الطائرات المسيرة في الحرب الأوكرانية، ولكنها أصبحا أقل وتيرة وأكثر انتقائية، فلقد أفادت تقارير أوكرانية بأن طائرات بيرقدار دمرت معدات عسكرية روسية بقيمة 26.5 مليون دولار، بما في ذلك ثماني دبابات، في ثلاثة أيام، من 31 أغسطس/آب إلى 2 سبتمبر/أيلول.
وقال الجيش الأوكراني إن طائرات Bayraktar TB2 المزودة بأسلحة قنابل عالية الدقة ضربت دبابات القتال الروسية الرئيسية وعربات القتال المدرعة والمركبات العسكرية خلال الهجوم الأوكراني في الجنوب.
وتظهر تطورات العمليات في أوكرانيا بما في ذلك الأخيرة أن الطائرات المسيرة تحتفظ بفاعلية عالية في المعارك المتحركة أو الديناميكية التي لا تستطيع فيها كتائب الحرب الإلكترونية التي تقوم بعمليات التشويش ملاحقة القوات البرية، مما يجعلها فريسة سهلة للطائرات المسيرة، بينما تصبح الطائرات المسيرة أقل مناعة أمام أنظمة التشويش، والأنظمة الدفاعية في الجبهات الثابتة.
ويمكن القول إن عمليات التشويش الروسية الإلكترونية الواسعة أدت لتحويل الطائرات المسيرة من سلاح بتار لا يقهر إلى سلاح قابل للانتصار أو النكوص حسب ظروف المعركة، مع ملاحظة أنه نادراً ما يمتلك جيش في العالم بنية تشويش ضخمة كالجيش الروسي الذي كان يجهز قواته دوماً لمحاربة الأمريكيين كما أنه لديه تجربة أليمة مع طائرات بيرقدار التي قصفت حلفاءه بلا هوادة في أرمينيا وليبيا وسوريا، مما جعله الجيش الأكثر خبرة مع الطائرات المسيرة.
الجولة القادمة بين السلاحين ستتوقف على هذه العوامل
وفي الأغلب، سيطلق النجاح الجزئي لعمليات التشويش الروسية موجة من عمليات التطوير في التكتيكات والمعدات من قِبل مصنعي ومشغلي الطائرات المسيرة.
كما يجب ملاحظة أن الطائرات المسيرة التركية والأمريكية الصنع ليست الفئة الأعلى لدى واشنطن أو أنقرة، فالأخيرة تنتج طائرات أكبر ومزودة برادارات متقدمة أمثل أكينجي وإنكا، إضافة لتطوير مقاتلة مسيرة تقارب سرعتها سرعة الصوت (قد تكون أسرع من الصوت في النسخ اللاحقة).
وستصبح الحرب سجالاً بين المدافعين على الأرض وبين الطائرات المسيرة، وسيتوقف الأمر بشكل كبير على التكتيكات العسكرية والأنظمة المضادة للتشويش التي سيستخدمها مشغلو الطائرات المسيرة إضافة للتقنيات التي سيضيفها المصنعون.