في وقت سابق من هذا العام، هاجمت إسرائيل مطار دمشق، بعدما تحدثت عن نقل إيران صواريخ وأسلحة إلى العاصمة السورية على متن رحلات مدنية. وتقصف إسرائيل باستمرار شحنات نقل الأسلحة الإيرانية من مصانع صواريخ أرضية ودقيقة في سوريا، لكن الرحلات الجوية التجارية إلى مطار مدني لم تكن المسار الأساسي لتسليم هذه الأسلحة.
برياً، يكون المسار المباشر من إيران إلى حزب الله ووكلائه السوريين عبر الحدود العراقية السورية بالقرب من التنف، حيث يراقب وجود عسكري أمريكي صغير نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ويعمل كحصن ضد عمليات نقل الأسلحة الإيرانية. وتُجبَر إيران على اتخاذ طرق أقل مباشرة لنقل أسلحتها، بما في ذلك عبر بلدة أبو كامل الحدودية، التي تراقبها المخابرات الإسرائيلية في لعبة القط والفأر القاتلة بين إيران وإسرائيل، كما يقول تقرير لصحيفة The Hill الأمريكية.
هل تستهدف إسرائيل مطار بيروت الدولي؟
الآن، صار مطار بيروت الدولي على رادار إسرائيل؛ لأنَّ إيران نقلت أسلحة على متن رحلات مدنية لتزويد وكيلها حزب الله، الذي يسيطر على المطار والحكومة اللبنانية، بالأسلحة. وبحسب تقرير مفتوح المصدر لمنظمة الأبحاث الإسرائيلية Alma أنشأت إيران مصانع أسلحة دقيقة بالقرب من مطار بيروت، ووضعت عمداً منشآت عسكرية وأسلحة بالقرب من مناطق مدنية، كما أظهرت الصور الجوية لـAlma مصانع أسلحة بجوار شركة غاز ومدرسة في المنطقة.
وتقول صحيفة "ذي هيل" قد يؤدي استهداف مطار بيروت إلى إثارة غضب إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي، خوفاً من إلقاء الحكومة اللبنانية الهشة في مزيد من الفوضى. ومع ذلك، فإنَّ مصدر القلق الأكبر يكمن في أنَّ هجوماً إسرائيلياً على مطار بيروت قد يشعل مواجهة أكبر بين إسرائيل ووكلاء إيران. كما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية: "الضربات [الإسرائيلية] على أرض الوطن لحزب الله يمكن أن تؤدي إلى أعمال انتقامية من حزب الله، الذي لديه قوة نيران كبيرة موجهة إلى إسرائيل؛ ما يضعها أمام معضلة".
وتقول الصحيفة الأمريكية إنه يجب على إدارة بايدن أن تحول جهودها الدبلوماسية إلى حالة تأهب قصوى، لمعرفة ما إذا كان لا يزال لديها نفوذٌ مع الأقليات الأخرى في سوريا- السُّنّة والدروز والمسيحيون- الذين لا يريدون أن يتحول لبنان مرة أخرى إلى ساحة معركة.
بموافقة حزب الله، توسطت الولايات المتحدة في اتفاق بحري بين لبنان وإسرائيل، الشهر الماضي، الذي كان يُعتقَد أنه تنازل إسرائيلي لتجنب المواجهة مع حزب الله بشأن حقول الغاز المتنازع عليها. ويمكن أن يتعرض هذا الاتفاق ووقفه المؤقت لإطلاق النار للخطر إذا قصفت إسرائيل مطار بيروت.
هل حزب الله مستعد لمواجهة جديدة مع إسرائيل؟
تلقى حزب الله قصفاً في عام 2006، في حرب لبنان الثانية، التي استغرق التعافي منها سنوات، وقد لا يكون قلقاً ولا مستعداً لخوض معركة أخرى. ويعتبر حزب الله نفسه القوة الفعّالة الوحيدة ضد الإسرائيليين، بعد تحييد الجيش اللبناني.
لكن حزب الله يشعر بالقلق من أن يلقي الشعب اللبناني باللائمة عليه في الضربات الإسرائيلية ضد البنية التحتية المدنية الموجودة بجوار منشآت حزب الله العسكرية، التي تتضمن شحنات الأسلحة صواريخ دقيقة التوجيه؛ ما قد يضعف هيمنته على الحكومة، بحسب "ذي هيل".
من جانبه، يتمتع حزب الله باستقلالية محدودة، لأنه يتبع تعليمات طهران. يتبع الشيعة اللبنانيون في حزب الله أوامر المرشد الأعلى لإيران، وفق مبدأ ولاية الفقيه. بعبارة أخرى، يعود الأمر إلى آية الله علي خامنئي، وفيلق الحرس الثوري الإسلامي التابع له، لتحديد مدى التصعيد الذي يريدونه مع إسرائيل.
ويعتقد الكثيرون أنَّ إيران ليست مستعدة لتفعيل نشاط حزب الله بالكامل، لكن هناك نظرية أخرى مفادها أنهم قد يرحبون بحرب لبنانية لصرف الانتباه عن الاحتجاجات المستمرة في شوارع إيران.
"الحرب بين الحروب"
وتسمى المعركة بين إسرائيل وإيران في لبنان وسوريا بـ"الحرب بين الحروب". وتهدف إيران إلى تقوية حزب الله، وخلق وجود إيراني دائم في سوريا، ثم زعزعة استقرار الأردن والضفة الغربية المحتلة لتطويق إسرائيل في "حلقة نار". وتريد إيران الجمع بين ذلك وامتلاك أسلحة نووية لحصار إسرائيل في خانة الهزيمة الكاملة، كما تقول الصحيفة الأمريكية.
لكن المؤكد هو أنَّ إسرائيل، في ظل أية حكومة يمينية أو يسارية، لن تسمح لإيران بتأسيس وجود دائم في سوريا، وستفعل ما يلزم لإبطاء نقل الأسلحة المغيرة لقواعد اللعبة إلى حزب الله في لبنان. وتراقب إسرائيل أيضاً الميليشيات الإيرانية المتغلغلة داخل الجيش العراقي، وتهاجمها بانتظام في الأراضي العراقية.
في النهاية، تقول الصحيفة إنه "يجب على إدارة بايدن ألا تنتظر حتى فوات الأوان، وأن تستخدم دبلوماسيها الرفيع المستوى، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لإقناع إيران بالتوقف عن استخدام مطار بيروت لنقل الأسلحة. وبافتراض أنَّ إيران أعطت موافقتها لحزب الله على إتمام صفقة ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، فقد تحقق الدبلوماسية ذلك". بينما قد تؤدي مواجهة جديدة بين إسرائيل وحزب الله على جبهة ساكنة منذ عام 2006 إلى قَلب الوضع في الشرق الأوسط.