في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2022، بمجرد توقيع اتفاقيات الائتلاف بين حزب بنيامين نتنياهو الليكود، وحزبي الصهيونية الدينية اليمينية المتطرفة والقوة اليهودية، نشرت مجموعة المستوطنين في مجلس يشع ملاحظة سعيدة على فيسبوك. أعلنت المجموعة بعد تهنئة الجميع: "شكر خاص لممثلينا الذين تعاونوا مع مسؤولي مجلس يشع طوال المفاوضات". وأضافت: "بعون الله سوف تُشكَّل قريباً حكومة جديدة، وسوف تواجه تحديات تطوير البناء والحفاظ على الأراضي في يهودا والسامرة"، في إشارة للضفة الغربية المحتلة.
ووجه رئيس مجموعة كارني شومرون، وهي مجموعة استيطانية أخرى ذات نفوذ، ملاحظة مماثلة، حيث قال لقناة Ynet TV الإسرائيلية، إن أول شيء يجب أن يفعله زعيم الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، وزعيم "القوة اليهودية" إيتمار بن غفير في السلطة، هو تطبيق القانون الإسرائيلي على "يهودا والسامرة"، على حد قوله. وأضاف: "لأكثر من 55 عاماً لم تُتَّخَذ أي قرارات. حان الوقت لضم يهودا والسامرة بنفس الطريقة التي تم بها ضم مرتفعات الجولان".
هل تضم حكومة نتنياهو المتطرفة الضفة الغربية لإسرائيل؟
تقول الكاتبة الإسرائيلية ليلي جاليلي في موقع Middle East Eye البريطاني، إن هذه التعليقات تحكي قصة كبيرة. فهي لا تكشف فقط عن نطاق انخراط مجموعات المستوطنين في مفاوضات تشكيل الحكومة، ولكنها تتيح أيضاً لمحة عن الضغط المستقبلي الذي ستضعه على السياسيين الذين لا يزال البعض يسميهم "ممثلين" لهم.
ومع ذلك، فإن كلمة "ممثلون" هي الكلمة الخاطئة لهؤلاء الأشخاص. حكومة "شباب التلال" الاستيطانية هذه لا تمثل ناخبيها، إنها وجه الجزء الأكثر تطرفاً فيهم.
الإسرائيليون المصابون بالصدمة من اليسار والوسط واليمين يحاولون بالفعل معرفة كيف ستؤثر حكومة اليمين المتطرف على حياتهم اليومية، لكنها ليست فقط طبيعة إسرائيل التي تنوي تغييرها، إنها حجم الدولة أيضاً. بمعنى: ضم الأراضي الفلسطينية.
وتقول جاليلي إنه نادراً ما يُذكَر مصطلح "الضم" هذه الأيام، سواء من قبل التحالف القادم أو المعارضة المنكوبة والمنهمكة في قضايا أخرى مشتعلة. مضيفة أنه "قرار واع بدافع الخوف من رد الفعل الدولي"، ويمكن للتحالف الجديد أن يرفض بسهولة بعض المظاهرات التي نظمها مئات أو حتى الآلاف من اليساريين المرهقين القلقين بحق من تدمير النظام القضائي الإسرائيلي. أما التعامل مع الإدانات الدولية أو حتى العقوبات فهذه قصة مختلفة تماماً.
كيف سيكون شكل الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية؟
بحسب الكاتبة الإسرائيلية "قد لا يخيف ذلك سموتريتش أو زعيم حزب "القوة اليهودية" إيتمار بن غفير، لكنه بالتأكيد يرعب نتنياهو. إنه يدرك تماماً أنه لا يستطيع استعداء المجتمع الدولي، وبشكل أكثر تحديداً العالم العربي، بشأن القضية النووية الإيرانية، والخيار العسكري الإسرائيلي لمكافحتها".
في ظل هذه الظروف يبدو استخدام تعبير "تطبيق السيادة" أكثر تفضيلاً من "الضم". فتماماً كما استُبدِلَت الدعوة الشائنة "الموت للعرب" وحل محلها شعار بن غفير "الموت للإرهابيين"، استُبدِلَت الدلالة السلبية للضم أحادي الجانب عن قصد، وحلت محلها عبارة تعتبر "أكثر شرعية" لدى الإسرائيليين.
لكن من منظور قانوني، يمثل الاثنان الشيء نفسه، في مقابلة إذاعية أخيرة، ادعت النائبة عن الصهيونية الدينية سمحا روتمان، أنه لا يمكنك ضم أراض كانت شكلاً من أشكال "الأرض الحرام" بدلاً من ذلك، يمكنك- ويجب- تطبيق السيادة قانوناً.
ورغم أن الوزراء الإسرائيليين قلما يذكرون ذلك، فإن جميع القوانين والاتفاقيات الائتلافية تعني الضم.
أكثر العلامات إثارة للقلق هي نقل وحدتين من الجيش مكلفتين بإدارة الاحتلال إلى المسؤولية الكاملة لحزب سموتريتش من خلال منصب وزاري في وزارة الدفاع. وتحكم الوحدتان، وهما الإدارة المدنية وكاغوت (منسقة أنشطة الحكومة في الأراضي) كل الحياة المدنية في المنطقة "ج" من الضفة الغربية، وهي الـ60% التي تديرها إسرائيل بالكامل. ويشمل ذلك حركة الأشخاص والبضائع بين غزة وإسرائيل والضفة الغربية.
كيف سيؤدي ذلك لتوسيع حركة الاستيطان بالضفة الغربية؟
تقول جاليلي إن منح المسؤولية عن هذه الوحدات لسموتريتش لا يسمح له فقط بتوسيع المستوطنات وفرض سلطات ضد الفلسطينيين، ولكنه أيضاً يقيد حركة سكان غزة داخل وخارج القطاع.
سيلعب هذا الوزير المعين حديثاً دوراً مركزياً في كل ما يتعلق بإدارة حياة الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، بما في ذلك تخطيط الأراضي والترخيص للبؤر الاستيطانية غير القانونية. بعبارة أخرى: ضم فعلي للمنطقة "ج" مع تفوق سموتريتش، المناصر لسيادة اليهود، باعتباره الحاكم الأوحد للأراضي المحتلة.
حتى أولئك اليساريون الذين يزعمون أن الضم الفعلي قد نُفِّذَ بالفعل، يعترفون بأنه ينذر بتغيير جذري في السياسة ويؤدي إلى تعميق الفصل العنصري. هذه خطوات أولية نحو الضم الكامل للمنطقة، لقد اختُبِرَ ذلك من قبل وفشل تحت ضغط دولي، وعلى عكس القوة الفظة لمحاولات الضم السابقة، فإن النهج الجديد تكتيكي وسوف يسوَّق باعتباره تغييرات إدارية، بحسب جاليلي.
"الضم السريع"
هذه هي الخطوات الأولى للضم الفعلي. يعرِّف أودي ديكيل، العميد السابق ونائب مدير معهد دراسات الأمن القومي، هذا التغيير الأخير على أنه تحول من "الضم الزاحف" إلى "الضم السريع".
يقول مسؤولون كبار سابقون في الإدارة المدنية الإسرائيلية إنهم يتوقعون أن يقوم سموتريتش بضم الضفة الغربية. وقال مسؤول سابق لصحيفة Haaretz الإسرائيلية: "سوف يطبق سموتريتش الضم بلا شك".
يوافق يهودا عتصيون على ذلك بكل تأكيد، ولا يأمل في أكثر منه، كان عتصيون عضواً في الحركة اليهودية السرية التي شاركت في مؤامرة تفجير قبة الصخرة، وهو الآن ناشط يميني متطرف ومؤسس مجموعة مكرسة للسماح بالصلاة اليهودية في المسجد الأقصى، والمعروفة باسم جبل الهيكل.
لقد شارك شخصياً في وضع "قائمة الرغبات" لمجموعات المستوطنين التي سُلِّمَت إلى سموتريتش وبن غفير، أثناء مفاوضاتهما مع نتنياهو. وفي حديثه إلى موقع Middle East Eye البريطاني هذا الأسبوع، بدا متفائلاً بشأن نوايا بن غفير فيما يتعلق بالمسجد الأقصى.