في الوقت الذي يستعد فيه اليميني المتطرف إيتمار بن غفير لتولي منصب وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي المقبلة، التفتت الأنظار إلى مرشده الروحي وحليفه الحاخام دوف ليئور بسبب المخاوف من التأثير المحتمل لأفكاره الإرهابية والمتطرفة في سلوك الحكومة الجديدة.
من هو الحاخام المتطرف دوف ليئور؟
يقول تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني إن ليئور من دعاة الإبادة العرقية للمسلمين العرب، وهو الزعيم الروحي لائتلاف "الصهيونية الدينية" اليميني المتشدد بأكمله، والذي يضم 3 أحزاب: "الصهيونية الدينية" و"العظمة اليهودية"، و"نعوم".
فاز تحالف الصهيونية الدينية بـ14 مقعداً في انتخابات الكنيست الإسرائيلي التي أُجريت في مطلع هذا الشهر، أي فاز بعدد مقاعد يتجاوز ما بلغه أي حزب ديني قومي في تاريخ إسرائيل، ما جعله ثاني أكبر كتلة سياسية في الائتلاف الحاكم بعد كتلة رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو. وتخوض تلك الأحزاب حالياً مفاوضات تشكيل الحكومة مع حزب الليكود بزعامة نتنياهو، ويُقال إن كتلة الصهيونية الدينية أخذت تضمن لنفسها السيطرة على عدة مؤسسات رئيسية في الدولة خلال المفاوضات.
حرَّض ليئور الإسرائيليين قُبيل الانتخابات على الإدلاء بأصواتهم لتحالف الصهيونية الدينية، وتحدث في المؤتمر الصحفي الذي عقده التحالف بعد الإعلان عن نتائج الفوز بالانتخابات.
صاحب أكثر الفتاوى تطرفاً في إسرائيل
لطالما كان ليئور صريحاً في آرائه السياسية، وقد روَّج مراراً النظرية القائلة بأن ما يسمى "أرض إسرائيل الغربية" (أي كل فلسطين التاريخية) هي أرض لليهود وحدهم. وهو يدعي أن "أرض إسرائيل الشرقية" (أي المملكة الأردنية اليوم) أرض لليهود أيضاً، فهي وإن كانت أقل قدسية، فهي أرض إسرائيل أيضاً. وقال ليئور إن الانسحاب من أي جزء من "أرض إسرائيل الغربية" إنما هو خطيئة.
يؤيد ليئور بناء المستوطنات غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية، ولا يقر للفلسطينيين بالحق في امتلاك أي أرض.
كان ليئور قد جاء اسمه ضمن الحاخامات الذين أصدروا حكماً بإدانة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إسحاق رابين، بالخيانة وأهدروا دمه؛ لأنه وقع اتفاقية أوسلو للسلام، ما أسفر عن مقتله عام 1995 على يد متطرف يهودي.
هدد إيتمار بن غفير، زعيم حزب "العظمة اليهودية، بإيذاء رابين في مقابلة تلفزيونية أجراها آنذاك، ومع ذلك لم توجه إليه تهمة؛ لأنه كان قاصراً، إلا أن تعصبه اليميني كفلَ له صداقة دائمة مع ليئور بعد ذلك.
ولليئور فتاوى متطرفة عديدة، فهو يبيح قتل المدنيين الفلسطينيين من نساء وأطفال وشيوخ خلال العمليات العسكرية ضد نشطاء الفصائل الفلسطينية، مؤكداً أن قتل المدنيين من الفلسطينيين مباح لحماية الجنود الإسرائيليين ومنع تعرضهم لخطر الموت. كما يدعو الحاخام المتطرف لاستخدام أجساد الأسرى الفلسطينيين في إجراء التجارب الطبية.
ومن فتاواه المثيرة للجدل، هي تحريم استخدام اليهود لشبكة الإنترنت والهواتف الذكية، واصفاً مستخدميها بـ"الضائعين في بحر الأوهام وعديمي المسؤولية والفاقدين السيطرة على أنفسهم".
السفاح غولدشتاين من تلاميذه
كان ليئور حاخام مستوطنة "كريات أربع" غير القانونية داخل مدينة الخليل المحتلة بين عام 1987 وعام 2015. وكان تلميذه باروخ غولدشتاين من فتح النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي بالخليل عام 1994، وقتل 29 فلسطينياً. وصف ليئور تلميذه غولدشتاين بعد ذلك بأنه "أقدس من كل ضحايا الهولوكوست".
في عام 2011، أعرب ليئور كتابةً عن دعمه لكتاب "توراة الملك"، وهو كتاب عنصري يؤيِّد الإبادة الجماعية من تأليف الحاخامين يتسحاق شابيرا ويوسف إليتزور، وقد حثَّا فيه على قتل الأطفال غير اليهود قبل بلوغهم سن الرشد، لكي لا يكبروا ويكونوا سبباً في هلاك اليهود.
فتحت شرطة الاحتلال تحقيقاً ضد الحاخام ليئور بدعوى التحريض، وأصدرت مذكرة توقيف بحقه حين رفض المثول والإدلاء بشهادته. فحشد أنصار اليمين المتطرف من المستوطنين وغيرهم احتجاجات واسعة النطاق ضد مذكرة التوقيف، ثم وافق ليئور في النهاية على الحضور لمركز الشرطة، وجلس إليهم مدة ساعتين، وسرعان ما أُطلق سراحه دون توجيه اتهامات.
أثناء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في يوليو/تموز 2014، أصدر ليئور فتوى دينية تُبيح إبادة قطاع غزة بأكمله، وتعفي الجنود الإسرائيليين من واجب التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين، "فلا بأس في قتل المدنيين الأبرياء وإبادة غزة".
أثارت الفتوى بعض الغضب في أوساط اليسار الإسرائيلي، ودعا معارضون إلى فتح تحقيق آخر ضده، لكن السلطات الإسرائيلية تجاهلت تلك الدعوات. ولم يكتف ليئور بذلك، بل زاد تصريحاً بمواقفه المتشددة، وقال في مؤتمر عقده في سبتمبر/أيلول من ذلك العام (2014): "اليسار يريد أن يمنح العرب نظاماً ديمقراطياً. إن دراية العرب بالنظام الديمقراطي كدرايتي بركوب الإبل. ففي السعودية، يمكن لصاحب المتجر أن يترك متجره مفتوحاً لأن من يجرؤ على السرقة تُقطع يده. هذه اللغة الوحيدة التي يعرفها العرب".
وقال ليئور في ذلك المؤتمر إن أرض إسرائيل يجب "تطهيرها من العرب". وعلى الرغم من فداحة ما ورد في هذا البيان، فإن الشرطة لم تفتح تحقيقاً معه قط.
يشيد بهجمات "داعش" في أوروبا
وفي عام 2015، أشاد ليئور بالهجمات التي شنها "تنظيم الدولة الإسلامية- داعش" في باريس وأسفرت عن مقتل 137 شخصاً، وقال: "الفاسدون في أوروبا الملطخة بلعنة الدماء يستحقون ما وقع بهم لما فعلوه بشعبنا قبل 70 عاماً".
حثَّ ليئور يهود الولايات المتحدة على التصويت لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016. وبعد فوز ترامب بالرئاسة، عيَّن ديفيد فريدمان، صديق ليئور، سفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل. وتبرع فريدمان بالمال لمنظمة "كومميوت" اليهودية الإسرائيلية، التي كان ليئور الحاخام الرئيسي فيها.
يحتفي ليئور بالحاخام المتطرف الراحل مئير كهانا، وقد شارك بكلمة إطراء له في مراسم إحياء ذكراه. وعلى الرغم من أن كاهانا مؤسس حركة "كاخ" اليمينية المتطرفة التي صُنفت منظمة إرهابية في عدة دول، منها إسرائيل نفسها، فإن ليئور وقف متحدثاً عند نصبه التذكاري وإلى جانبه عضو الكنيست بن غفير، والأخير نفسه كان عضواً في حركة كاخ.