المرشحون لتولي قيادة الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي، لديهم علاقات وثيقة مع إسرائيل، وهو أمر قد يؤدي ليس لمشكلات مع الفلسطينيين فقط، بل قد يؤدي لخلافات مع الجناح التقدمي بالحزب الديمقراطي الرافض لسياسات الاحتلال الإسرائيل.
فمع تنحي رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ستيني هوير من منصبيهما القياديين، ورغبة مسؤول الانضباط الحزبي الديمقراطي جيمس كليبيرن في فعل الشيء نفسه، بدأت الأنظار في التطلع إلى الحرس الجديد الذي سيخلفهم، الذي يبدو أن كثيراً منهم حلفاء لإسرائيل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.
ومن شبه المؤكد أن يخلفهم في مناصبهم الكبيرة كل من النائب حكيم جيفريز، والنائبة كاثرين كلارك، والنائب بيت أغيلار، ويُعتبر هؤلاء النواب من الأسماء المفضلة لدى الكيانات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة منذ وقتٍ طويل.
تقول الصحيفة إنهم سيحاولون بالتأكيد إبقاء علاقة التجمع الديمقراطي مع إسرائيل بعيدةً عن عناوين الأخبار، وخاصةً في ظل زيادة أعداد التقدميين الذين يستعدون لتولي المناصب واقتراب تولي اليمين المتشدد لزمام الحكومة الإسرائيلية.
قيادة الديمقراطيين بمجلس النواب بعد بيلوسي يتصدرها عضو يرفض مقاطعة إسرائيل
ويُعَدُّ جيفريز، رئيس التجمع الديمقراطي في مجلس النواب، المرشح الأبرز لخلافة نانسي قيادة الديمقراطيين بمجلس النواب، حيث انتُخِب عضواً للكونغرس في نيويورك عام 2012 بعد هزيمة خصمه الرئيسي المثير للجدل تشارلز بارون، الذي كان عضواً سابقاً في حزب الفهود السوداء ويعتبر إسرائيل أكبر منظمة إرهابية في العالم.
وأصبح جيفريز (52 عاماً) من أشد مؤيدي إسرائيل منذ توليه المنصب، حيث أدان حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات باعتبارها عنيدةً ومؤذية، كما رفض دعوات فرض شروط على المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل.
ويزور جيفريز إسرائيل باستمرار منذ توليه المنصب ضمن الوفود المرتبطة بلجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)، والتي كان آخرها في فبراير/شباط الماضي. ورفض بشدةٍ خلال رحلته الأخيرة تقرير منظمة العفو الدولية الذي اتّهم إسرائيل بالفصل العنصري، كما انتقد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الذي أدلى بالاتهامات نفسها.
وكان جيفريز من المتحدثين الديمقراطيين الرئيسيين في مؤتمر سياسة أيباك لعام 2020 بواشنطن، بعد أن اختار العديد من المرشحين الرئاسيين عدم الحضور لأسباب أيديولوجية.
وهو خصم للمرشحين التقدميين المؤيدين لحقوق الفلسطينيين
ويُعرف جيفريز بأنه لا ينظر للأمور بعين الديمقراطيين اليساريين، وذلك منذ خططت النائبة ألكساندريا أوكازيو-كورتيز لتجنيد منافسين رئيسيين للإطاحة به من منصبه.
كما اشتهر بدعمه لإليوت إنغل في محاولته الفاشلة للتفوق على منافسه التقدمي جمال بومان في الانتخابات التمهيدية لعام 2020، خلال منافسةٍ بين إنغل المؤيدٍ العتيد لدولة الاحتلال وبين بومان الشاب الذي يسعى لتعديل الحوار الدائر عن القضية الفلسطينية-الإسرائيلية في الكونغرس.
وفي أعقاب فوز بومان، قال جيفريز إنه يتمنى أن يتبنى بومان موقفاً أكثر تأييداً لإسرائيل. ولا شك أن احتضانه للديمقراطيين الوسطيين تجلّى أكثر من خلال دعمه لنائبة ولاية أوهايو شونتيل براون ضد المرشحة التقدمية نينا تيرنر. حيث سلّط الضوء على دعم شونتيل لليهود آنذاك.
وبلغ جيفريز ذروة محاولاته في التصدي للتقدميين عندما أطلق لجنة العمل السياسي، الفريق الأزرق Team Blue، التي تستهدف دعم النواب الذين يشغلون المناصب ضد منافسيهم اليساريين.
واتهم "اليسار المتشدد بالفشل في الإقرار بأن الترامبية واليمين المتطرف هما العدو الحقيقي"، وليس التيار الديمقراطي الرئيسي. مما عرضه لانتقادات الأعضاء التقدميين في التجمع. كما حمّل التقدميين من قبل المسؤولية عن تنفير الناخبين في المناطق المتأرجحة.
لكن جيفريز دعم الاتفاق النووي مع إيران عام 2015. كما كان من بين وفد المشرعين الذين زاروا إسرائيل مع نانسي عام 2018، وطالبوا رئيس وزراء الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو بالإفراج عن 280 من طالبي اللجوء الذين رفضوا ترحيلهم إلى إفريقيا.
ولطالما كان جيفريز حليفاً للجالية اليهودية في منطقة الكونغرس الثامنة بنيويورك. ولعب دور الواجهة للعلاقات بين ذوي البشرة السمراء واليهود، كما دعم جهود مكافحة عداء السامية في جميع أرجاء المدينة. وتتألف منطقة جيفريز من عددٍ كبير من المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفييتي. يُذكر أنه انتقد بشدة جهود إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية من جانب الجمهوريين، لأنها "قطعت الارتباط التاريخي" بين الأحياء اليهودية في مانهاتن وبروكلين بنيويورك.
كاثرين كلارك انتقدت إلهان عمر وهاجمت خريطة تكشف عن داعمي الاحتلال
تشغل كاثرين كلارك مقعداً في الكونغرس عن ولاية ماساتشوستس، وهي مساعدة رئيسة مجلس النواب الحالية، ومرشحة لتتبوء مكانة بارزة في قيادة الديمقراطيين بمجلس النواب.
وكانت كاثرين كلارك مشاركةً في وفود أيباك (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية) التي زارت إسرائيل. وأدانت كاثرين، إلى جانب جيفريز، تصريحات النائبة الديمقراطية إلهان عمر في عام 2019 بأن دعم المشرعين الأمريكيين لإسرائيل "يتعلق بالمال في الأساس" (والتي اعتذرت عنها إلهان عمر).
وخلال العام الماضي، أدانت كاثرين (59 عاماً) بشدة مشروع التخطيط، الذي يمثل مبادرة من جماعة ناشطة في بوسطن لرسم خريطة "بالمؤسسات المحلية الداعمة لاحتلال فلسطين".
وقالت كاثرين لموقع Jewish Insider الأمريكي: "يُعتبر وضع تخطيط لانتشار المواطنين، والمدارس، والمنظمات، والأكاديميين اليهود أمراً مقلقاً. كما يذكرنا بتاريخٍ خطير من تحديد هوية اليهود وتعقُّبهم. ومن المحتمل أن تؤدي هذه الخرائط إلى تحفيز الهجمات ضد الجالية اليهودية. وأنا أدين معاداة السامية بشدة، وأطلب بقوةٍ أن يجري إلغاء هذه الخريطة".
كما قدمت كاثرين مشروع قانون تحديث الأمن على الإنترنت الذي أثنت عليه المنظمات المراقبة لمعاداة السامية، باعتباره أداةً قوية تستهدف مكافحة الكراهية والتحرش عبر الإنترنت لأنهما عادةً ما ينطويان على عداءٍ للسامية.
بيت أغيلار يحظى بدعم جماعة "أغلبية ديمقراطية من أجل إسرائيل"
أما أغيلار المرشح ليصبح مسؤول الانضباط الحزبي للديمقراطيين في مجلس النواب، فكان من بين أعضاء لجنة مجلس النواب التي حققت في أحداث الكابيتول التي جرت يوم السادس من يناير/كانون الثاني عام 2021.
كما أنه نائب رئيس التجمع الديمقراطي مع إسرائيل وكان من بين أعضاء اللجنة الأربعة الذين حصلوا على دعم أيباك في الدورة الماضية.
ويُعتبر أغيلار (43 عاماً) أعلى المرشحين ذوي الأصل الإسباني تصنيفاً داخل الكونغرس. كما حظي بدعم جماعة "أغلبية ديمقراطية من أجل إسرائيل"، فضلاً عن دعمه لشونتيل ضد نينا في الانتخابات التمهيدية.
توترات مع الجناح التقدمي للديمقراطيين
وستركز قيادة الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي على العمل كحزب أقلية داخل مجلس النواب، وإدارة التوترات مع الجناح التقدمي المتنامي داخل الحزب.
ومن المرجح أن تسعى الأغلبية الجمهورية لوضع تشريعات ستلوي يد الديمقراطيين في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وستشمل تلك التشريعات احتمالية تقليص المساعدات المالية للفلسطينيين، وإعادة تعريف ماهية اللاجئ الفلسطيني، ومهاجمة موقف الأمم المتحدة من دولة الاحتلال، ومكافحة حركة المقاطعة لإسرائيل.