قدمت الولايات المتحدة، ولا تزال تقدم، جميع أنواع الأسلحة لأوكرانيا بهدف الصمود أمام الهجوم الروسي، وربما تحقيق انتصار في الحرب، لكن لماذا ترفض إدارة بايدن إرسال طائرات "النسر الرمادي" المسيّرة تحديداً إلى كييف؟
تدفق الأسلحة والمساعدات العسكرية الأخرى على أوكرانيا يحظى بدعمٍ واسع النطاق من الحزبين، رغم أن بعض الجمهوريين أشاروا إلى نيتهم فرض تدقيق أكبر على الإنفاق بمجرد سيطرتهم على مجلس النواب في العام المقبل. بينما لم يشهد الحزب الديمقراطي أي معارضةٍ لموقف الإدارة تقريباً.
ومنذ أن شنّت روسيا هجومها في فبراير/شباط، تمحورت النقاشات المرتبطة بدعم أوكرانيا حول ما إذا كان يجب على الولايات المتحدة والناتو الانخراط في مواجهة موسكو بدرجةٍ أكبر، وهو الأمر الذي رفضه الرئيس الأمريكي جو بايدن مراراً. وتطرقت النقاشات في بعض الحالات إلى مسألة قيام الولايات المتحدة بمنح أنظمة الأسلحة والتقنيات الدفاعية الحساسة لأوكرانيا.
ازدهار صناعة السلاح الأمريكية
نشرت مجلة The Intercept الأمريكية تقريراً بعنوان "هل سيرسل بايدن طائرات مسيرة متقدمة إلى أوكرانيا؟"، رصد الجوانب المتعددة للموقف الأمريكي من تلك الحرب، التي تراها واشنطن في إطار صراع جيواستراتيجي أوسع مع روسيا والصين، وباقي العالم في حقيقة الأمر، فالهدف هو الحفاظ على التفوق الأمريكي في نهاية المطاف.
وفي هذا السياق، شهدت صناعة الحرب عامين كبيرين للغاية، إذ تضافر الهجوم الروسي على أوكرانيا وتصاعد التوترات مع الصين ليُسرّعا من وتيرة الإنفاق العسكري الأمريكي الشرسة بالفعل، وتزيد معها مبيعات الأسلحة والعقود الدفاعية. ولا شك في أن الشهية للأسلحة الأقوى والتقنيات الأكثر تطوراً كانت إيذاناً بعصرٍ ذهبي جديد لصناع الحرب الأمريكيين.
فعلاوةً على المبيعات المباشرة لأوكرانيا، انهمرت العقود على صناعة الحرب لاستبدال الأسلحة التي ينقلها البنتاغون من مخزونه الخاص إلى كييف. ولا عجب في اتجاه صناعة الدفاع لإنفاق أقل قدر من الأموال في الضغط السياسي على الحكومة الفيدرالية، وذلك مقارنةً بأي فترةٍ أخرى منذ حرب العراق، حيث تعيش تجارة الأسلحة فترة ازدهار.
ويمكن القول إن الحرب الأوكرانية منحت صناعة الدفاع فرصةً لاختبار أحدث ابتكاراتها على أرض معركةٍ حقيقية ضد دولةٍ قوية، مع الميزة الجيوسياسية الإضافية التي تتمثل في إضعاف قدرات الحرب واستنزاف مخزون الأسلحة الروسية. وفي الوقت ذاته، أعرب البنتاغون عن تحفظاته الواضحة حيال مدى توسّع هذا الاتجاه على صعيد التقنيات الدفاعية المملوكة للبلاد.
حيث قال مات دوس، مستشار السياسة الخارجية لبيرني ساندرز والباحث الزائر في Carnegie Endowment for Peace: "يجب أن يكون هناك تقييم، لأن الولايات المتحدة زادت أنواع الأسلحة التي تقدمها لأوكرانيا. فهل يمكن لتلك الأسلحة قلب الوضع في ساحة المعركة لصالح أوكرانيا تقديرياً؟ وهل يمكن التحكم في مخاطر هذه الخطوة من ناحية تصورات بوتين؟ إذا كانت إجابة السؤالين هي نعم، فهذا يعني أن أوكرانيا من المحتمل أن تحصل على تلك الأسلحة".
ما قصة مسيّرات "النسر الرمادي" الأمريكية؟
خلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت واشنطن معركةً صامتة تختمر حول مسألة سماح إدارة بايدن لأوكرانيا بشراء طائرات النسر الرمادي "إم كيو-1 سي"، التي ستكون أكثر الطائرات المسيرة المسلحة تقدماً في الحرب الأوكرانية حتى اليوم. إذ تستطيع تلك الطائرات إطلاق أربعة صواريخ هيلفاير عالية القدرة أو ثماني ذخائر ستينغر، وتُمثل الخليفة غير الرسمي لطائرات بريداتور المسيرة التي شاركت في مهمات مكافحة الإرهاب الأمريكية داخل الشرق الأوسط وأفغانستان وإفريقيا، خاصةً في عهد الرئيسين أوباما وترامب.
لكن الفارق بين طائرتي بريداتور (المفترس) وريبر (الحاصد) من ناحية وطائرة النسر الرمادي من ناحيةٍ أخرى يكمن في أن الولايات المتحدة لم توافق على تصدير الأخيرة من قبل مطلقاً، حتى لدول الحلفاء. إذ سيتطلب تصديرها موافقة عددٍ من الكيانات الحكومية، التي تشمل الجهات التنظيمية في وزارتي الخارجية والدفاع.
وعلاوةً على حمولة الأسلحة الكبيرة، تتمتع طائرات النسر الرمادي بتقنية استخبارات واستطلاع متطورة، كما تستطيع البقاء في الجو لمدةٍ تتجاوز 24 ساعة، مما يجعلها سلاحاً مثالياً لفرض رقابةٍ مستمرة على الهياكل التي يُعتقد أنها تؤوي "أهدافاً عالية القيمة"، أو لتنفيذ هجمات بعيدة المدى في مناطق الحرب غير المعلنة أو "مناطق حظر الوصول"، وذلك دون الحاجة لاستخدام الطائرات الحربية أو الصواريخ الجوالة المُطلقة من البحر أو حتى القوات البرية.
لكن الحرب في أوكرانيا تُدار بأسلوب يختلف عن عمليات "القتل المستهدف" التي ميّزت الحرب المزعومة على الإرهاب، حيث كانت الولايات المتحدة تشارك في حروب غير متكافئة ضد الجهات الفاعلة غير الحكومية.
بينما تمتلك أوكرانيا وروسيا طائرات مسيرة مسلحة يجري استخدامها في المعارك بانتظام. حيث استخدمت أوكرانيا طائرة بيرقدار التركية المسيرة، التي تُعتبر نسخةً أرخص وأكثر عرضةً للخطر من أفضل الطائرات المسيرة الأمريكية مثل ريبر وبريداتور والنسر الرمادي.
وربما تتمتع بيرقدار بقدرات وقوة نيرانية أقل من نظائرها الأمريكية، لكن أوكرانيا استخدمتها بفاعليةٍ كبيرة ضد القوات الروسية، خاصةً في بداية الصراع، وذلك لاستهداف طرق الإمداد اللوجستي ومواقع المدفعية.
ولا تستخدم روسيا أو أوكرانيا الطائرات المسيرة لتنفيذ عمليات تشبه الضربات الجوية "الجراحية" الأمريكية ضد "الأهداف عالية القيمة". إذ تستخدم روسيا -تحديداً- الطائرات المسيرة بشكلٍ عشوائي، حيث اعتمدت على أسراب من طائرات "كاميكازي" المسيرة ذات الاستخدام الواحد، التي تجري تعبئتها بالمتفجرات لتنفجر عند اصطدامها بأي هدف أو هيكل.
وفي سبتمبر/أيلول، بدأت روسيا في نشر الطائرة المسيرة الإيرانية شاهد-136 ذات الاستخدام الواحد، وذلك لتنفيذ مثل تلك الهجمات ضد أهداف أوكرانية تشمل البنية التحتية المدنية. وزعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مؤخراً، أن موسكو اشترت من إيران 2400 طائرة مسيرة سراً، وتصل تكلفة الواحدة منها إلى 20 ألف دولار وتستطيع التحليق على ارتفاعٍ منخفض بما يكفي لتفادي غالبية أنظمة الرادار. وأقرت إيران ببيع تلك الطائرات المسيرة لموسكو، لكنها زعمت أنها لم تكن مسلحةً بالذخائر وأنها سلمتها قبل بداية الهجوم. كما نفت إيران استمرارها في تزويد روسيا بتلك الطائرات. من ناحيتها أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخراً توقيع عقوبات جديدة ضد شركات إيرانية وإماراتية تزعم أن لها علاقةً بالشحنات المزعومة.
ماذا يريد بايدن من الحرب في أوكرانيا؟
وتكهّن المحللون الدفاعيون بأن روسيا لجأت لطلب الطائرات المسيرة من طهران بسبب تراجع إمداداتها الخاصة بشدة، وذلك على خلفية الهجمات الأوكرانية ولأنها لم تستثمر في تطوير أنظمة طائرات مسيرة متطورة كتلك المستخدمة في الولايات المتحدة. حيث قال فرانشيسكو ساليسيو شيافي في تقريرٍ حديث لمؤسسة Italian Institute for International Political Studies البحثية: "رغم سعيها السابق لتصبح من قوى الطائرات المسيرة الكبرى، تباطأت موسكو في منح الأولوية لتطوير مركباتها الجوية غير المأهولة".
بينما زودت الولايات المتحدة أوكرانيا ببعض طائرات كاميكازي الانتحارية أمريكية الصنع. وتشمل هذه القائمة طائرات الشفرات التي يستخدمها الجيش ومشاة البحرية الأمريكية، ويمكن حملها داخل حقيبة ظهر، وتستطيع تنفيذ هجمات قصيرة المدى ضد الأفراد والمركبات والطائرات الصغيرة. وحصلت أوكرانيا على 700 طائرة شفرات، التي تُعتبر بمثابة صاروخ صغير يمكن التحكم فيه عن بعد، وجرى تصميمها بنموذج يحاكي رؤوس أرض-جو الحربية من طراز جافلن.
كما أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 1800 طائرة مسيرة "انتحارية" من طراز شبح العنقاء، الذي يعمل بطريقةٍ مشابهة لطائرات الشفرات. وعلاوةً على الطائرات المسيرة المسلحة الصغيرة، زوّدت واشنطن نظيرتها كييف بطائرات مسيرة من طراز بوما (الفهد) وسكان إيغل (النسر الماسح) لأغراض المراقبة والاستطلاع. واستخدمت أوكرانيا كذلك بعض المركبات المسيرة الأمريكية تحت الماء لشن هجمات ضد السفن البحرية الروسية.
ولا تتسع طائرات شاهد-136 إلا لحمولة متفجرات تتراوح من 36 إلى 40 كيلوغراماً. بينما يصل سعر طائرة النسر الرمادي إلى 10 ملايين دولار، وتمتلك أنظمةً أكثر تقدماً، ويمكن استخدامها بشكل متكرر ولمسافات أبعد من أي طائرة مسيرة أخرى في الحرب الأوكرانية.
وتستطيع طائرات النسر الرمادي أن تُمكِّن أوكرانيا نظرياً من تنفيذ ضربات جوية في عمق الأراضي الروسية. ولم تُخفِ شركة جنرال أتوميكس المصنعة للطائرة رغبتها في إرسال بعض نسخها إلى أوكرانيا. حيث قال سي مارك برينكلي، المتحدث باسم الشركة: "إذا كنتم تعتقدون أن راجمات الصواريخ هيمارس أحدثت فارقاً في الحرب، فعليكم أن ترسلوا طائرات النسر الرمادي إلى سماء أوكرانيا وستلاحظون الفارق بحق".
ورفضت إدارة بايدن والبنتاغون الموافقة على بيع تلك الطائرات المسيرة لأوكرانيا حتى اليوم، وذلك بدعوى المخاوف حيال احتمالية سقوط إحداها في يد الروس حاملةً معها الأنظمة التقنية المتقدمة، التي تشمل نظام الاستهداف متعدد الأطياف من إنتاج رايثيون.
وأعربت إدارة بايدن كذلك عن مخاوف أخرى من كون الدفاعات الجوية الروسية أكثر تطوراً مما واجهته الطائرات المسيرة في عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية، عندما لم تكن أهدافها من جنود دولةٍ كبرى وجيدة التمويل. فيما قالت جنرال أتوميكس إنها قدمت للبنتاغون ردوداً مفصلة من أجل الاستجابة "للمخاوف المتكررة حيال نقل التقنية".
وشملت تلك الردود مقترحاً بإجراء تعديل تحديثي على طائرات النسر الرمادي لإزالة بعض الأنظمة التقنية ووضع أنظمة أقل حساسية في مكانها، وذلك قبل تسليمها إلى أوكرانيا. وقالت الشركة كذلك إنها طرحت "عدة خيارات لتعزيز قدرة الطائرات على النجاة في أرض المعركة".
للتردد الأمريكي أسباب جيوسياسية
وبدا أن البيت الأبيض بدأ يميل للموافقة على بيع أربع طائرات مسيرة من طراز النسر الرمادي لأوكرانيا خلال الصيف. حيث نقلت رويترز في الأول من يونيو/حزيران أن الإدارة وقّعت بالموافقة على نقل الطائرات، و"تنوي إخطار الكونغرس بعملية البيع المحتملة لأوكرانيا خلال الأيام المقبلة". لكن بعد أسبوعين من ذلك التاريخ، تدخلت إدارة أمن التقنيات الدفاعية في البنتاغون لتعطيل العملية بدعوى مخاوفها حيال التفريط في تقنيات حساسة.
وفي 21 سبتمبر/أيلول، كتبت مجموعة تضم 17 مشرعاً من الحزبين مذكرةً إلى وزير الدفاع لويد أوستن لحثه على تسريع عملية نقل طائرات النسر الرمادي إلى كييف. كما ضغطت شركة جنرال أتوميكس سياسياً من أجل إرسال تلك الطائرات إلى أوكرانيا، وانتقد المتحدث الرسمي باسمها ما وصفه بـ"استجابة الانتظار والترقب التي لا تنتهي" من جانب الإدارة الأمريكية. وصرحت الشركة بأنها عرضت تدريب الجنود الأوكرانيين على طريقة تشغيل الطائرات المسيرة دون أي تكلفة على دافعي الضرائب الأمريكيين.
من ناحيتها واصلت أوكرانيا ضغطها على البيت الأبيض، حيث كتب وزير دفاعها خطاباً في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني للتأكيد على رغبة كييف في شراء أربع طائرات مسيرة. وفي التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني، نقلت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية أن الإدارة لم تتزعزع عن موقفها. وأفادت الصحيفة بأن البيت الأبيض يخشى أن بيع الطائرات المسيرة لأوكرانيا "يمكن أن يؤدي لتصعيد الصراع، وإعطاء موسكو إشارةً بأن الولايات المتحدة تُرسل أسلحةً يمكنها استهداف المواقع الموجودة داخل روسيا". ويذكرنا هذا الموقف بموقف البيت الأبيض في مارس/آذار عندما سعت أوكرانيا لشراء 28 مقاتلة ميغ-29 من بولندا، حيث تردد البيت الأبيض لفترةٍ قبل إلغاء الصفقة في النهاية.
ويواصل أعضاء في الكونغرس، وشركة جنرال أتوميكس، والحكومة الأوكرانية الضغط على إدارة بايدن من أجل تغيير مسارها. لكن أملهم الوحيد يتعلق بما إذا كان البيت الأبيض سيسمح بتمرير الصفقة بنسخة معدلة من النسر الرمادي أم لا. حيث صرح مسؤولٌ في الكونغرس، رفض ذكر اسمه، لشبكة CNN الأمريكية في 14 نوفمبر/تشرين الثاني بأن "هناك بعض التعديلات والتغييرات المحددة والتقنية للغاية التي يُمكن إجراؤها لجعل الصفقة ممكنة على المدى القريب. لكن هذه الأمور تستغرق بعض الوقت وتُعَدُّ معقدةً إلى حدٍ ما". في ما أشارت الإدارة إلى أن القول الفصل سيأتي من جانب أوستن.
وقالت ماري إيلين أوكونيل، أستاذة القانون الدولي في جامعة نوتردام، لموقع إنترسبت إن موقف البنتاغون المرتبط بالمخاطر التقنية يُعَدُّ بمثابة "مؤشر آخر على كون السياسة الأمنية والخارجية الأمريكية عالقةً في أسلوب تفكير الحرب الباردة. كما يُعَدُّ مثالاً جديداً على حالة عدم الاهتمام بالقانون الدولي بعد الحرب الباردة".
وأوضحت أن "التميز أو الأفضلية على صعيد القوة العسكرية وتقنيات الأسلحة هي أمورٌ تعتمد على استمرار التفوق على المنافسين. وهذا أمرٌ مستحيل الحدوث. إذ تمتلك الصين جيشاً دائماً أكبر من الولايات المتحدة بمراحل. كما تمتلك كل جيوش العالم تقريباً طائرات مسيرة. وسيحصل الروس على تقنية طائرات النسر الرمادي سواءً أرسلتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا أم لا. حيث أن تقنيات الأسلحة لا تظل سرية، بل ترفع من وتيرة سباقات التسلح".
بينما نشرت لارا جيكس، مراسلة صحيفة New York Times الأمريكية، مؤخراً مقالاً يتعمق في الكيفية "التي أصبحت بها أوكرانيا بمثابة ساحة اختبارات للأسلحة وأنظمة المعلومات المتقدمة، وطرق استخدامها الجديدة، لدرجة أن المسؤولين السياسيين والقادة العسكريين الغربيين يتوقعون بأنها ستُغيّر شكل الحروب في الأجيال المقبلة".
ولا شك أن حروب الطائرات المسيرة قطعت شوطاً طويلاً منذ إطلاق الولايات المتحدة لأول صاروخ هيلفاير من مسيرة بريداتور التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان. إذ حدث ذلك في يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2001 خلال الليلة الأولى من "عملية الحرية الدائمة"، التسمية الأمريكية لغزو أفغانستان.
ورغم فشل تلك الضربة في اغتيال زعيم طالبان الملا محمد عمر، فإنها مثلت ضربة البداية في السباق العالمي لتطوير ونشر الطائرات المسيرة المسلحة والمتقدمة. وتمتلك أكثر من ثلاثين دولةً طائرات مسيرة مسلحة اليوم، كما جرى استخدامها على نطاقٍ واسع في مختلف الصراعات.
ومع بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، فتحت الولايات المتحدة قناةً لضخ مساعدات ومعدات عسكرية فتاكة بقيمة مليارات الدولار إلى كييف. وصرّح المسؤولون الروس في أكثر من مناسبة، بأنهم لا يقاتلون القوات الأوكرانية فقط، بل يقاتلون "البنية التحتية للناتو" أيضاً.
حيث قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية علنية بنحو 19 مليار دولار لأوكرانيا منذ تولي بايدن المنصب. وشملت تلك المساعدات دبابات، وطائرات مسيرة، وقوارب تعمل بالتحكم عن بُعد، وأنظمة رادار، وتقنيات مراقبة، ومخزوناً هائلاً من البنادق والذخيرة، وجميع أدوات الحرب الحديثة الأخرى تقريباً. وحظيت إدارة بايدن بدعمٍ واسع النطاق في موقفها الأوكراني، بينما اقتصرت معارضة حزم المساعدات العسكرية الضخمة داخل الكونغرس على عددٍ قليل من النواب، وغالبيتهم من الجمهوريين المؤيدين لترامب.
ويوم الثلاثاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني، طلب البيت الأبيض تقديم دعمٍ إضافي لأوكرانيا بأكثر من 37 مليار دولار، مع تخصيص أكثر من 21 مليار منها للعمليات العسكرية والاستخباراتية. وفي حال تمرير ذلك الطلب، فسيعني هذا تقديم حزمة مساعدات تتجاوز قيمتها ضعف إجمالي المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا منذ فبراير/شباط.
وربما يحاول بايدن تمرير الطلب خلال جلسة "البطة العرجاء"، قبيل سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب. بينما تعهّد زعيم الحزب الجمهوري كيفن مكارثي بإنهاء سياسة "الصكّ على بياض" في التعامل مع أوكرانيا، لكنه أوضح لاحقاً أن تصريحه يعني فرض الجمهوريين درجة أكبر من الرقابة والمساءلة على النفقات.