انتشار نزلات البرد بأنواعها المتعددة إحدى العلامات المرتبطة بفصل الشتاء في مصر، لكن ما قصة "الفيروس المخلوي التنفسي" المنتشر هذه الأيام بين الأطفال، ووصل الأمر إلى حد مطالبات بتعطيل الدراسة لاحتواء التفشي؟
وزارة الصحة والسكان المصرية وجهت تحذيرات من انتشار الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي، والتي تصيب عدداً كبيراً من الأطفال، بعد انتشار حالات الإصابة بين أطفال المدارس بشكل لافت، وظهور دعوات على منصات التواصل تطالب بتعديل الدراسة، لكن وزارة التربية والتعليم نفت أن يكون هناك مثل هذا الإجراء.
نزلة برد أم عدوى كورونا؟
منذ تفشي وباء كورونا حول العالم قبل نحو ثلاث سنوات، وبصفة خاصة خلال فصل الشتاء، يتعامل كثير من المصريين مع حالات البرد أو عدوى كورونا خفيفة الأعراض بنفس الطريقة تقريباً، خصوصاً أن فحوصات كوفيد-19 مكلفة مادياً في بلد يعيش فيه نحو نصف سكانه، البالغ عددهم أكثر من 110 ملايين نسمة، في مستوى أو تحت خط الفقر، وتعاني البلاد من أزمة ديون متفاقمة.
لكن خلال الأيام القليلة الماضية، ومع تفشي نزلات البرد القاسية بين الأطفال، أجرى قطاع الطب الوقائي في مصر مسحة على عدد من الأطفال المصابين بأعراض الجهاز التنفسي، أظهرت أن 73% من الحالات هي إصابة بالفيروس المخلوي التنفسي، أو الفيروس الغدي، بحسب وسائل إعلام محلية.
وتحدث الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، حول هذا الفيروس المنتشر بين الأطفال، مطالباً بإجراء مسحات للتأكد من حالة الإصابة هي عدوى كورونا أو فيروس تنفسي آخر، بحسب تقرير لموقع Egypt Independent.
وقال حسني إنه من الضروري جداً بالنسبة للمصابين أن "يستريحوا تماماً"، مضيفاً أنه لا بدَّ من "اتخاذ إجراءات احترازية" للتصدي للتفشي: "توجد حالات إصابة بالفيروس المخلوي التنفسي وأساس العلاج في هذه الحالات هو الراحة والالتزام بالإجراءات الاحترازية، مع التغذية السليمة والتهوية الجيدة. وإذا كان الطفل متعباً فالأفضل ألا يذهب للمدرسة حتى لا يُعدي الآخرين".
وتناولت جميع وسائل الإعلام المحلية، من محطات تلفزة وإذاعة ومواقع، قصة انتشار الفيروس المخلوي التنفسي في مصر، وتحدث خبراء من الطب الوقائي ومتحدثون باسم وزارة الصحة بشأن كيفية العلاج والوقاية حتى تتم محاصرة التفشي، وسط تأكيدات على أن الوضع تحت السيطرة ولم يصل إلى مرحلة وبائية تستدعي اتخاذ إجراءات صارمة، مثل تعطيل الدراسة.
ما أعراض الإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي؟
تتشابه أعراض الإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي كثيراً مع الأعراض التي تظهر عند إصابة الشخص بنزلات البرد المعتادة. فالفيروس يصيب الجهاز التنفسي ويسبب التهابات في الرئتين والقصبة الهوائية والحلق.
وهو فيروس شائع الانتشار بشدة، خصوصاً بين الأطفال الرضع وحتى سن 5 سنوات وتظهر أعراض العدوى بهذا الفيروس خلال 4 إلى 6 أيام من الإصابة بالفيروس. ولا تختلف أعراضه كثيراً بين الأطفال أو الأشخاص البالغين. وتشمل هذه الأعراض سيلان الأنف أو احتقانه، والسعال الجاف، وارتفاعاً خفيفاً في درجات الحرارة. ومن أعراض العدوى أيضاً ظهور التهابات في الحلق والعطس والصداع.
لكن قد تنتقل العدوى بالفيروس إلى الرئتين والقصبة الهوائية، وفي هذه الحالة تظهر أعراض أكثر حدة مثل التهابات الرئة أو التهابات القصبة الهوائية والحمى، أي ارتفاع شديد في درجات الحرارة، والسعال الشديد وسماع صوت أزيز في الصدر خلال عملية التنفس.
ومن الأعراض الحادة أيضاً صعوبة عملية التنفس نفسها، من شهيق وزفير، مما يجعل التنفس من الوضع راقداً مؤلماً لدرجة أن يفضل المريض الجلوس، كما قد يتحول لون جلد المريض إلى الأزرق (نتيجة لنقص الأوكسجين في الجسم".
والواضح أن الإهمال في رعاية الطفل المصاب بالعدوى في مراحلها الأولى يكون أحد أهم الأسباب في تطور الحالة وظهور الأعراض الأكثر حدة.
وفي هذا السياق، كان الدكتور هاني الناظر، الرئيس الأسبق للمركز القومي للبحوث في مصر، قد ناشد، عبر صفحته على موقع فيسبوك، الأمهات في حالة "إصابة طفلها بأعراض ارتفاع في درجات الحرارة، مع كحة وسيلان في الأنف وعطس، ضرورة إبقائه في المنزل، وعرضه على أقرب طبيب أطفال، وعدم ذهابه للمدرسة حفاظاً على صحته ومنعاً من نقل ونشر العدوى بين زملائه في المدرسة.
ما مدة الإصابة؟ وهل يحتاج المريض إلى البقاء في المستشفى؟
يتعافى المرضى بالفيروس المخلوي التنفسي، بشكل عام، خلال فترة أسبوع إلى أسبوعين من ظهور الأعراض عليهم، لكن الأمر قد يطول بالنسبة للمصاب الذي يعاني من مشاكل صحية أخرى، وبخاصة في جهاز المناعة لديه.
وفي حالة اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والراحة والتغذية الجيدة من لحظة ظهور الأعراض الخفيفة على الطفل، دون أن تتحسن الحالة أو تبدأ الأعراض في التراجع، من المهم جداً عدم الانتظار والتوجه فوراً إلى المستشفى، كما ينصح خبراء الفيروسات في هذا الصدد.
وفي جميع الحالات لا يجب أن تتعامل الأم أو ولي الأمر مع ظهور أعراض على الطفل، مهما كانت خفيفة، ببساطة وعدم استشارة الطبيب مباشرة، لأن أعراض عدوى الفيروس المخلوي التنفسي تتشابه للغاية مع أعراض عدوى كورونا، إضافة إلى تشابهها مع أعراض نزلات البرد الأخرى.
أما بالنسبة للأطفال الذين يعانون من مشاكل صحية في القلب أو مشاكل مزمنة في الرئتين، فلا بدَّ من أخذهم مباشرة إلى المستشفى حتى يظلوا تحت رعاية طبية مستمرة؛ نظراً لخطورة العدوى في هذه الحالات.