يكثف الرئيس الأمريكي جو بايدن من تنقلاته الانتخابية قبل المعركة المصيرية مع الجمهوريين، التي ستبدأ في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، على تجديد نصف مقاعد مجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ.
ويحاول بايدن بزيارته لنيومكسيكو وكاليفورنيا وإلينوي وبنسلفانيا كمحطات أخيرة، أن ينقذ الديمقراطيين من خطر هزيمة "شبه محققة"، ومن سيطرة جمهورية على مفاتيح صنع القرار في البلاد. وفي المعسكر المضاد، خاطب دونالد ترامب أنصاره بقوله "استعدوا… سأترشح على الأرجح" لانتخابات 2024 الرئاسية.
هل ينجح بايدن في إنقاذ الديمقراطيين من الهزيمة؟
وفيما وصفها باللحظة الحاسمة بالنسبة إلى الديمقراطية الأمريكية، حاول بايدن، الخميس، 3 نوفمبر 2022، إنقاذ الديمقراطيين من الهزيمة في الانتخابات النصفية، حيث يُمضي بايدن الكثير من الوقت في حملته الانتخابية في مناطق تُعتبر معاقل الديمقراطيين – مثل كاليفورنيا – ما يشير إلى اعتماد الحزب سياسة دفاعية.
من جهته، انتقل الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، الذي لا يزال يتمتع بقبضة قوية على الحزب الجمهوري، إلى مرحلة الهجوم. وخلال تجمع في ولاية أيوا لم يُبقِ ترامب الكثير من الشكوك في ما يتعلق بخططه السياسية، وقال لمؤيديه "سأترشح على الأرجح" للانتخابات. وأضاف: "استعدوا، هذا كل ما يمكنني قوله. سوف نستعيد أمريكا، والأهم من ذلك، في العام 2024 سوف نستعيد بيتنا الأبيض الرائع".
وأضاف ترامب أنه "في غضون ذلك سيكون 2022 العام الذي سنستعيد فيه الكونغرس، وسوف نستعيد مجلس الشيوخ".
تُرجّح استطلاعات الرأي فوز الجمهوريين بمجلس النواب، وربّما مجلس الشيوخ. حالياً، يحظى الديمقراطيون بغالبية ضئيلة في المجلسَين، لكن الحزب خسر شعبيّته بسبب سخط شعبي من التضخم المرتفع، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وأكد بايدن في خطاب ألقاه في واشنطن، مساء الأربعاء، 2 نوفمبر/تشرين الثاني أن المنافسة القادمة تتجاوز كونها مجرد سياسات انتخابية، مشيراً إلى أن مئات المرشحين الجمهوريين لمناصب في جميع أنحاء البلاد انضموا إلى نظرية المؤامرة الكاذبة لليمين المتطرف التي يقودها ترامب، ومفادها أن الانتخابات الرئاسية عام 2020 كانت مزوّرة.
ترامب يعود مجدداً كأقوى شخصية في معسكر الجمهوريين
عاد ترامب ليبرز كأقوى شخصية في الحزب الجمهوري، حيث يتوقع كثيرون إعادة ترشحه عام 2024، على الرغم من خضوعه للتحقيق بتهمة الاحتفاظ بوثائق سرّية جداً في منتجعه بفلوريدا، وتعرّضه للمساءلة مرّتين خلال ولايته الرئاسية.
ولا يزال ترامب، الذي يثير الانقسامات، ويعد "بطلاً" في نظر ملايين الأمريكيين، في الطليعة على لائحة المرشحين الرافضين لنتيجة الانتخابات. ومن المقرر أن يقيم تجمعاً انتخابياً له في ولاية أيوا.
مع انتقاد المحافظين للإدارة الأمريكية بشأن التضخم والجريمة والهجرة غير الشرعية، استخدم بايدن (79 عاماً) في خطبه الأخيرة لمهاجمة ترامب وأنصاره، واصفاً إياهم بأنهم يطرحون تهديداً أكبر على البلاد.
وقال بايدن: "هناك مرشحون يتنافسون على مناصب من كل المستويات في أمريكا… لا يلتزمون قبول نتائج الانتخابات التي يخوضونها".
وأضاف أن هدفهم كان اتباع نهج ترامب ومحاولة "تخريب النظام الانتخابي"، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 300 جمهوري ينكرون نتائج الانتخابات يشاركون في السباقات الانتخابية في كل أنحاء البلاد هذا العام.
وتابع "لقد شجعوا على العنف وترهيب الناخبين والمسؤولين عن الاقتراع" بعد أقل من عامين على قيام حشد من أنصار ترامب بالهجوم على مبنى الكابيتول، في محاولة لإلغاء نتيجة انتخابات عام 2020. وقال "هذا هو السبيل إلى الفوضى في أمريكا. إنه أمر غير مسبوق وغير قانوني ومنافٍ لقيم أمريكا".
الجمهوريون: سنعيد وضع أمريكا على المسار الصحيح
في أعقاب هجوم عنيف على زوج رئيسة مجلس النواب الديمقراطية، نانسي بيلوسي، زاد بشكل كبير من مخاوف الخطاب السياسي المشحون، حض بايدن الأمريكيين على الاتحاد دفاعا عن الديمقراطية. وأوضح: "علينا أن نقف صفاً واحداً لنبذ العنف السياسي وترهيب الناخبين. نقطة على السطر".
وبعد 22 شهراً على الهجوم على مبنى الكابيتول، أظهرت استطلاعات الرأي أن الناخبين الأمريكيين أكثر اهتماماً بالأوضاع الاقتصادية.
ويقول أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم في المسح الذي أجرته جامعة كوينيبياك، إن أسعار الغاز والسلع الاستهلاكية هي القضية الاقتصادية الأكثر إلحاحاً بالنسبة إليهم.
ورداً على خطاب بايدن، اتهم زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفين مكارثي الرئيس برفض "معالجة مخاوف الأمريكيين الرئيسية".
وكتب مكارثي على تويتر: "بعد 6 أيام، سيفوز الجمهوريون بشكل مقنع وسيساعدون في إعادة وضع أمريكا على المسار الصحيح".
النظام الديمقراطي الأمريكي على المحك
وينكر أو يشكك أكثر من نصف المرشحين الجمهوريين للانتخابات النصفية الأمريكية، سواء للكونغرس أو للمناصب الرئيسية في الدولة، بشرعية نتائج الانتخابات الرئاسية في 2020، ما يثير مخاوف من تحديات جديدة ستختبر مدى صلابة النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية من عدمها.
وبالرغم من إقصاء رجل الأعمال الملياردير من منصات التواصل الاجتماعي، فإن تداول "الأخبار الكاذبة" لم يتوقف. فحسب مركز الإعلام الاجتماعي والسياسة بجامعة نيويورك، شارك مرشحون جمهوريون للكونغرس خلال هذه السنة على صفحاتهم في فيس بوك، عدداً معتبراً من الروابط لمصادر إخبارية غير موثوقة بحجم أكبر مما كان عليه في 2020.
إلى جانب ذلك، استقرت "ذي بيغ لاي" ("الكذبة الكبرى"، والتي تزعم أن انتخابات 2020 قد سُرقت) في أذهان كثير من الناس بشكل ملحوظ. هذا فيما يواصل دونالد ترامب، الذي لا يستبعد الترشح مرة أخرى في 2024، في الترويج لها. حتى إن 70% من مؤيديه الجمهوريين يصدقونه. كما باتت "الكذبة الكبرى" شائعة بين المرشحين الجمهوريين للانتخابات النصفية، وهم معززون بشرعية انتخابهم في الانتخابات التمهيدية داخل معسكرهم. ويحمل هؤلاء، المرشحون والأنصار على حد سواء، حالياً في الولايات المتحدة لقب "ناكرو الانتخابات" أو "أولئك الذين ينكرون الانتخابات".
وقد عمّق الاعتداء الذي طال زوج نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي وزعيمة الديمقراطيين، بعد أن هاجمه متسلل إثر اقتحام منزلهما في كاليفورنيا، المخاوف على الديمقراطية الأمريكية وعودة شبح العنف بالتزامن مع الانتخابات النصفية.