يطور الأمريكيون طائرة فضاء من شأنها التقل بين الفضاء الخارجي وأجواء الأرض، كما يعتقد أنها ستكون قادرة على نقل المعدات العسكرية والجنود لأي مكان في الأرض في نحو 3 ساعات فقط، ولكن المفارقة أن تصميم هذه الطائرة الرائد مسروق في الأصل من روسيا.
ويسعى الجيش الأمريكي لتطوير ما يعرف باسم عمليات التسليم الفضائية عالية السرعة، حسبما ورد في تقرير لموقع space.com.
ويقول مسؤولو القوات الجوية الأمريكية إنه "مع تقدم صناعة الطيران والفضاء وزيادة وتيرة عمليات الإطلاق الفضائي منخفض التكاليف، فإن فرص قدرة النقل الفضائي على أن يكون بديلاً للنقل الجوي العادي تزداد بشكل كبير.
الجيش الأمريكي وناسا يراهنان على طائرة فضاء Dream Chaser
وفي هذا الإطار، وقّع البنتاغون اتفاقية مع شركة Sierra Space، مُطوِرَة مكوك Dream Chaser؛ لتطوير مركبة فضاء تكون بمثابة طائرة فضاء لمهام النقل العسكرية. والهدف هو تطوير مركبة يمكنها نقل الأشخاص أو البضائع لأي مكان على الأرض، أو إلى بعض المواقع في الفضاء، في غضون ثلاث ساعات، حسبما ورد في تقرير لمجلة Popular Mechanics الأمريكية.
وأعلنت شركة Sierra Space -وهي فرع من الشركة متعهدة الدفاع Sierra Nevada الأمريكية- عن الشراكة في وقت سابق من هذا الشهر على موقعها على الإنترنت. وكتبت الشركة: "سوف يتعاون الطرفان في استكشاف النقل الفضائي بصفته وسيلة جديدة للتسليم الأرضي العالمي من نقطة إلى نقطة للمواد والأفراد، وبديلاً ومكملاً للأنماط الجوية والبرية والسطحية التقليدية". وتغطي الاتفاقية أيضاً تقييم طائرة الفضاء الجديدة Dream Chaser من تطوير Sierra Space لتستخدمها وزارة الدفاع الأمريكية.
وأجرت طائرة الفضاء Dream Chaser عدة رحلات تجريبية أولية بالفعل.
وبرغم أنَّ مكوك Dream Chaser محدود السعة من حيث كمية البضائع التي يمكن نقلها، لكن من المحتمل أن تصبح الإجراءات والتكتيكات التي سيتم تطويرها في هذا المشروع أساس النقل الفضائي العسكري لعقود قادمة.
ماذا يعني مفهوم الطائرة الفضائية؟
ومفهوم الطائرة الفضائية يقصد به مركبة أو طائرة قادرة على التحليق في أجواء الأرض والفضاء والانتقال بينهما، وغالباً ما يتم إطلاقها بواسطة الصواريخ، فيما تهبط في المحيط عند انتهاء رحلتها لتتم إعادة استخدامها.
وهناك طائرة فضاء أمريكية واحدة بدون طيار حالياً هي: X-37B، والتي يشك الروس أنها قاذفة نووية سرية تستطيع إلقاء قنبلة من الفضاء، بينما يقول الأمريكيون إنها تستخدم في إجراء اختبارات فضائية.
وتستطيع X-37B التحليق في كل من الجو والفضاء، ويتم تشغيلها من قبل القوة الفضائية الأمريكية، وإطلاقها بواسطة مركبات إطلاق مثل الصواريخ.
أطلقت طائرة الفضاء X-37B في مايو/أيار 2022، خلال مهمتها السادسة، اختبار نظام الطاقة الشمسية الذي يحصد الطاقة من الفضاء وينقلها إلى الأرض باستخدام الليزر وقبل ذلك بقيت في الفضاء لتسجيل رقم قياسي لمدة 780 يوماً.
ولكن هناك تصميمات مقدمة من القطاع الخاص الأمريكي لطائرات الفضاء، بما في ذلك Sierra Nevada Dream Chaser ومركبة Unity التابعة لشركة Virgin Galactic، وقد سبق أن طارت طائرة Unity إلى الفضاء.
طائرة Dream Chaser سوف تنقل الإمدادات لمحطة الفضاء الدولية
وDream Chaser هي طائرة فضائية مأهولة/غير مأهولة في قالب مكوك فضائي أي يمكن تسييرها آلياً أو بواسطة طيار بشري.
وبمساعدة وحدة الشحن المتوفرة Shooting Star، يمكنها نقل ما يصل إلى 12000 رطل (5443 كيلوغراماً) من البضائع إلى الفضاء.
وأبرمت شركة Sierra Nevada عقداً مع وكالة ناسا لإرسال 7 بعثات لإعادة الإمداد إلى محطة الفضاء الدولية، بدءاً من عام 2023.
وقد منح الترخيص لطائرة Dream Chaser النقل البشري؛ مما يعني أنها مصممة بقوة كافية تسمح بحمل البشر إلى الفضاء. وستكون النسخة المأهولة المستقبلية قادرة على حمل ما يصل إلى سبعة أشخاص.
كيف سرق الأمريكيون هذا التصميم الرائد من الروس؟
تستند طائرة الفضاء Dream Chaser إلى مفهوم طائرة الفضاء HL-20 التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، التي تعتمد بدورها على تصميم الطائرة الفضائية BOR-4 التابعة للاتحاد السوفييتي السابق، والأخيرة طائرة فضائية غير مأهولة تم بناء العديد منها بين عامي 1982 و 1984 وطارت بسرعات تصل إلى 25 ماخ، وصممت لتهبط بالمظلة إلى نقطة الهبوط في المحيط لاستعادتها من قبل البحرية السوفييتية.
وتتضمن مفاهيم الطائرات الثلاث جميعها مركبة تشبه المكوك بجسم مسطح وأطراف جناح مقلوبة. وصُمِمَت Dream Chaser للركوب فوق صاروخ إلى الفضاء ثم الالتقاء بمحطة فضائية في مدار أرضي منخفض أو الانزلاق إلى مدرج للهبوط على الأرض.
وتعود جذور هذا التصميم برمته إلى طائرة الفضاء السوفيتية BOR-1 التي تم اختبارها لأول مرة في عام 1969، والتي كانت مستمدة من مفهوم طائرة الفضاء السوفييتية من طراز MiG-105 السوفييتية الذي ظهر عام 1965.
واصل السوفييت سلسلة من الرحلات التجريبية التي أدت إلى طائرة الفضاء BOR-4 ، وبدأت في الطيران في عام 1980.
على الرغم من أنهم تخلوا عن مفهوم BOR لطائرتهم الفضائية (اختاروا بدلاً من ذلك مركبة Buran المدارية المشتقة من المكوك)، استمر المهندسون السوفييت في ذلك. استخدام السيارة كوسيلة لاختبار نظام الحماية الحرارية في المركبة المدارية "بوران".
في يونيو/حزيران 1982، استحوذت رحلة تجريبية لمركبة BOR-4 على انتباه مجتمع الاستخبارات الأمريكية. تم إطلاق الصاروخ الذي يحمل طائرة الفضاء BOR-4 من ميدان اختبار الصواريخ Kapustin Yar في أستراخان بجنوب روسيا، وسقطت في المحيط الهندي، خلال استرداد السوفييت للطائرة، حلقت طائرة استطلاع عسكرية أسترالية فوق الموقع والتقطت صوراً لطائرة الفضاء السوفييتية.
أرسل الأستراليون هذه الصور إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، التي لجأت إلى مركز لانغلي للأبحاث التابع لوكالة ناسا الفضائية الأمريكية لفهم الطائرة بشكل أفضل.
باستخدام الصور، أعاد مهندسو مركز لانغلي بناء BOR-4 وبدأوا اختبار المركبة في نفق للرياح، ووجدوا أن أجنحتها المائلة تمنح المركبة ثباتاً جيداً، كما أن شكلها يوفر قدرة استثنائية على الدوران والانزلاق.
لهذه الأسباب لجأ البنتاغون للقطاع الخاص
حتى بعد أن أوقف الاتحاد السوفييتي طائرة الفضاء BOR-4 بعد انتهاء مشروع مكوك الفضاء بوران الذي كانت الطائرة مرتبطة به، ظل الأمريكيون مهتمين بالفكرة خاصة بعد حادث مكوك الفضاء تشالنجر عام 1986، حيث أرادت ناسا تصميم مركبة عودة طارئة أبسط تستطيع توصيل رواد الفضاء إلى الأرض بطريقة آمنة.
وظلت الطائرة الفضائية القابلة لإعادة الاستخدام فكرة خامدة لأكثر من عقد من الزمان قبل أن تتم إعادة الاهتمام بها قبل سنوات.
كان البنتاغون حريصاً على استغلال فوائد صناعة الفضاء التجارية. وعلى الرغم من أنَّ الجيش يدرس نقل الأشخاص والمعدات بواسطة المركبات الفضائية لأكثر من نصف قرن، لكن العملية لم تثبت فاعليتها إلا الآن. إذ لا تؤدي المنافسة بين الشركات المختلفة إلى عمليات إطلاق أسرع وأكثر استجابة فحسب، بل تعرض أيضاً خفض تكلفة كل رطل من البشر والبضائع تنقله إلى المدار.
ستنقل المعدات في أقل من ربع الزمن الذي تستغرقه الطائرات الحالية
إذا كان بإمكان Dream Chaser حقاً أداء مهام عسكرية لنقل البضائع (وفي وقت ما الأشخاص) إلى أي مكان على الكوكب في غضون ثلاث ساعات، فهذا أسرع بكثير من النقل البحري العسكري، الذي قد يستغرق أسابيع، أو النقل العسكري الجوي بطائرة مثل C-17 Globemaster III الذي يستغرق أكثر من 15 ساعة للوصول إلى أقاصي العالم.
ويبلغ حجم Dream Chaser ربع حجم مكوك الفضاء الأصلي، كما أنَّ حمولته الصغيرة نسبياً تجعل نقل الأفراد العسكريين والبضائع العسكرية غير عملي في جميع الظروف باستثناء الظروف غير العادية.
وتكمن القيمة الحقيقية في صفقة البنتاغون وشركة Sierra Nevada في أنَّ الجانبين سيعملان على تحديد كيفية عمل المركبات الفضائية الأكبر والأقوى من حيث المبدأ في المستقبل غير البعيد. إضافة إلى ذلك، بمجرد أن ينتقل صاروخ إلى منطقة أزمة ويفرغ الذخيرة والأسلحة والقوات البشرية التي تشتد الحاجة إليها، كيف يعود؟ كل هذه الأشياء لا بد من حلها إذا أصبح الفضاء وسيلة نقل للجيش الأمريكي.