تُجمع الحكومة والمعارضة الإسرائيليتان على وقف الاتفاق الدولي مع إيران بشأن برنامج طهران النووي، ولكن الموضوع نفسه تحوّل إلى مادة دسمة في الدعاية الانتخابية الإسرائيلية.
وقبل أسابيع من الانتخابات المقررة في 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وجّه زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الاتهام لرئيس الوزراء الحالي يائير لابيد، بالتراخي في الرد على التوجّه الأمريكي لتوقيع اتفاق مع إيران.
لابيد ردّ بمهاجمة أداء نتنياهو لدى توقيع الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة باراك أوباما، الاتفاق النووي الأول مع إيران عام 2015.
ومؤخراً بات لابيد يفاخر بأن حكومته نجحت في إقناع الإدارة الأمريكية بعدم التوقيع على الاتفاق، مسجّلاً نقطةً لحسابه في الانتخابات القادمة.
التأخير لمصلحة الانتخابات!
وفي الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية، الأحد، قال لابيد: "لاحقاً لِما قام به الطرف الأمريكي، أعلنت الدول الأوروبية أمس أن الاتفاق النووي مع إيران ليس على وشك التوقيع عليه، وأن الملفات الإيرانية المفتوحة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليست على وشك الطي".
وأضاف: "بالتعاون مع رئيس الوزراء البديل نفتالي بينيت ووزير الدفاع بيني غانتس، تقوم إسرائيل بحملةٍ دبلوماسية ناجحة لصدّ الاتفاق النووي ولمنع رفع العقوبات عن إيران. هذا العمل لم ينتهِ بعد، والطريق لا يزال طويلاً، ولكن هناك مؤشرات إيجابية".
تصريحات لابيد جاءت بعد تحرّك إسرائيلي حثيث باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية، لحثّها على عدم توقيع الاتفاق مع إيران.
وسادت توقعات في إسرائيل بأن توقيع الولايات المتحدة الأمريكية الاتفاق، سيمثّل ضربة لرئيس الوزراء الإسرائيلي لابيد في سعيه للبقاء في الحكم.
وكان نتنياهو حوّل الاتفاق الإيراني إلى عنوان بارز في دعايته الانتخابية، بعد أن سادت تقديرات نهاية أغسطس/آب بأن الولايات المتحدة الأمريكية على وشك أن توقع الاتفاق.
وقال في تغريدةٍ على تويتر في حينه: "لديّ رسالة واضحة إلى طهران: في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني سنجلب لإسرائيل قيادة قوية وحازمة ستضمن أنه ودون اتفاق، لن تمتلك إيران أبداً أسلحة نووية".
وتنفّست الحكومة الإسرائيلية الصعداء عندما توصلت إلى استنتاج بأن الإدارة الأمريكية لن توقع الاتفاق مع إيران قبل الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي في نوفمبر/تشرين الثاني وبعد الانتخابات الإسرائيلية.
شمّاعة المناكفات الانتخابية
في حديث خاص للأناضول، رأى إيمانويل فريمان، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية، أن الموضوع الإيراني بات عاملاً مؤثراً بالانتخابات الإسرائيلية، سواء لناحية إبرام أو عدم إبرام اتفاق أو حتى توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لمنشآت إيرانية قبل الانتخابات.
وقال: "فيما يتعلق بإبرام أو عدم إبرام اتفاق نووي مع إيران، فإن السؤال هو: مَن هو الأقدر على القيام بشيء ما حياله؟ فكرئيس وزراء وحكومة ما الذي تقوم به أو تنوي القيام به لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية؟".
وأضاف: "أعتقد أننا رأينا الكثير في الإعلام عما قام به لابيد في مواجهة الاتفاق النووي، وما قام به نتنياهو حينما كان رئيساً للوزراء، وتبادل تصريحات عن الأنجع بينهما في منع الاتفاق".
ولفت فريمان إلى أن "الأنباء التي بدأت تتواتر عن أن الاتفاق قد يؤجّل، سيتم استخدامها كنقطة نجاح لصالح لابيد".
وقال إن هذه الأنباء "تظهر أن لابيد كان قادراً على التأثير على صانعي القرار في الولايات المتحدة الأمريكية عندما تعلّق الأمر بالاتفاق، وعدم توقيعه الآن يظهر أنه في فترة نتنياهو لم يتمكن من منع الولايات المتحدة الأمريكية من التوقيع (عام 2015)".
وأضاف: "لقد ضغط نتنياهو كثيراً، ولكن في النهاية فإن الضغط الإسرائيلي لم ينجح في منع الإدارة الأمريكية من التوقيع على الاتفاق الأول".
وتابع: "إذا ما تم بالفعل تأجيل التوقيع على الاتفاق، فقد يتم استخدام هذا الأمر من قبل لابيد للقول: لقد تمكنت، من خلال علاقاتي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، من الحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتحقيق ما نريد بطريقة مختلفة".
وأشار فريمان إلى أنه "يتعيّن علينا الانتظار لنرى ما إذا كان الاتفاق سيوقّع أو لا يوقع قبل الانتخابات الإسرائيلية".
وقال: "إذا تمّ توقيعه قبل يوم الانتخابات فإنه سيستخدم كأداة لانتقاد لابيد، حيث سيقول نتنياهو: في عهدك تم التوقيع على الاتفاق، لقد فشلت وأنت لا تملك الخبرة في منع الولايات المتحدة الأمريكية من المضيّ قدماً في توقيع الاتفاق، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على وضع إسرائيل الأمني".
عمل عسكري لأهداف انتخابية!
غير أن فريمان أشار إلى أنه "علينا أيضاً أن ننظر إذا ما لم يجر حتى 1 نوفمبر/تشرين الثاني أيّ عمل ضد المنشآت النووية الإيرانية".
وقال: "لا يمكن استبعاد قيام إسرائيل بعمل (عسكري)، فنحن نسمع في الأسابيع الأخيرة سيلاً من التصاريح الإسرائيلية بأننا سنمنعهم من امتلاك السلاح النووي، ولن نسمح لهم أبداً بامتلاكها، وأن كلّ الخيارات على الطاولة".
وأضاف: "إذا ما تمّ التحرّك فعلاً، فإن هذا سيمثل تغييراً كبيراً جداً للعبة بما يتعلق بالانتخابات، وسيحوّل الموضوع إلى عنصر رئيسي في قرارات الناخبين".
وعكست الاستطلاعات الأخيرة للرأي العام في إسرائيل، تحسناً طفيفاً في وضع حزب "هناك مستقبل" الذي يقوده لابيد، ولكن دون أن تصل كتلة الحكومة الحالية أو كتلة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو إلى 61 صوتاً المطلوبة لتشكيل حكومة.
ويتعيّن على من يشكل الحكومة أن يحصل على ثقة 61 نائباً على الأقل بالكنيست المؤلّف من 120 مقعداً.
وقال فريمان: "إذا ما نظرت إلى استطلاعات الرأي العام الأخيرة، يبدو أنه منذ تولّي لابيد رئاسة الحكومة وتعامله مع ملفات أمنية عديدة بما فيها إيران وحزب الله والموضوع الفلسطيني، فإنه عزز مواقعه، ويبدو أن قوة حزبه تصعد".
وأضاف المحاضر في الجامعة العبرية: "أعتقد أن جزءاً أساسياً في ذلك هو أن قسماً متزايداً من الناس يرون أن لابيد مؤهلٌ حينما يتعلق الأمر بالأمن، فقد رأينا مظاهر قوة لا سيّما ما يتعلق بالتعامل مع الملف الإيراني، وهذا يعززه في استطلاعات الرأي العام".