يبدو أنَّ كوريا الشمالية تتجه لبيع ملايين الصواريخ وقذائف المدفعية، إلى حليفتها منذ الحرب الباردة روسيا، بحسب ما كشفته وزارة الدفاع الأمريكية، ويُرجَّح أنَّ الذخائر التي تعتزم كوريا الشمالية بيعها إلى موسكو هي نسخ من أسلحة قديمة تعود إلى الحقبة السوفييتية يمكن أن تناسب منصات الإطلاق الروسية. لكن لا تزال هناك تساؤلات حول جودة الإمدادات ومدى المساعدة الفعلية التي ستوفرها للجيش الروسي.
ما الأسلحة التي ستزود بها كوريا الشمالية روسيا بالضبط؟
بعد فرض عقوبات دولية على روسيا وقيود على صادراتها، اشترت في أغسطس/آب طائرات مُسيّرة إيرانية الصنع قال مسؤولون أمريكيون إنها تواجه مشكلات فنية. بالنسبة لروسيا، تقول صحيفة The Washington Post الأمريكية إنه من المحتمل أن تكون كوريا الشمالية خياراً جيداً آخر للتزود بالذخيرة؛ لأنَّ كوريا الشمالية تحتفظ بمخزون كبير من القذائف، وكثير منها نسخ من تلك التي تعود إلى الحقبة السوفييتية.
ويقول جوزيف ديمبسي، باحث الشؤون العسكرية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إنَّ كوريا الشمالية "قد تمثل أكبر مصدر منفرد خارج روسيا لذخيرة المدفعية القديمة المتوافقة مع ترسانتها، بما في ذلك مرافق الإنتاج المحلية لمزيد من الإمدادات".
فيما يقول "لي إلوو"، الخبير في شبكة الدفاع الكورية في كوريا الجنوبية، إنَّ كلاً من كوريا الشمالية والجنوبية، اللتين تفصلهما الحدود الأكثر تحصيناً في العالم لأكثر من 70 عاماً، تحتفظ كل منهما بعشرات الملايين من قذائف المدفعية. وأشار إلى أنَّ كوريا الشمالية ستبيع على الأرجح قذائف قديمة تريد بدلاً منها أحدث أنظمة إطلاق صواريخ متعددة أو صواريخ متطورة في قواعد جيشها في الخطوط الأمامية.
بدوره، قال أنكيت باندا، الخبير في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إنَّ اعتماد كوريا الشمالية الأكبر على الأسلحة النووية والصواريخ الموجهة قد يزيل أيضاً الحاجة إلى العديد من قذائف المدفعية القديمة غير الموجهة التي كان لها دور بارز في السابق.
لكن بروس بينيت، خبير أمني كبير في فريق أبحاث Rand الأمريكي، قال إنَّ معظم قذائف المدفعية التي ستُرسَل إلى روسيا من المرجح أن تكون ذخيرة للأسلحة الصغيرة، مثل بنادق AK-47 أو رشاشات.
وأضاف بينيت: "لن ترسل الملايين من قذائف المدفعية والصواريخ، هذا أكثر من الاستهلاك المحتمل. لكن يمكن أن تكون الملايين من طلقات الأسلحة الصغيرة".
ما مدى جودة الأسلحة الكورية الشمالية؟
وفقاً لتقييم المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، تمتلك كوريا الشمالية ما يقدر بنحو 20 ألف قطعة مدفعية، بما في ذلك قاذفات صواريخ متعددة في الخدمة، وهو رقم وصفه ديمبسي، الباحث في المعهد، بأنه "أكثر بكثير من أية دولة أخرى في العالم".
ووصفت وسائل الإعلام الحكومية في كوريا الشمالية بنادقها المدفعية بأنها "الذراع الأول لجيش الشعب وأقوى ذراع في العالم"، التي يمكنها تحويل موقع العدو إلى "بحر من النيران".
لكن أنظمة المدفعية القديمة، التي من المرجح توريد ذخائرها إلى روسيا، تتمتع بسمعة سيئة في الدقة.
خلال القصف المدفعي لكوريا الشمالية على جزيرة يونبيونغ في خط المواجهة مع كوريا الجنوبية في عام 2010، الذي أسفر عن مقتل 4 أشخاص، قال بينيت إنَّ 80 فقط من بين 300 إلى 400 قذيفة أطلقتها كوريا الشمالية، أصابت هدفها. وفي تقييمه، قال الخبير الدفاعي لي إلوو إنَّ نحو نصف قذائف كوريا الشمالية التي أُطلِقَت انتهى بها الأمر إلى السقوط في المياه قبل أن تصل إلى الجزيرة.
وقال بينيت: "هذا أداء مدفعي بائس. الروس قد يمرون بالشيء نفسه، وهذا لن يجعلهم سعداء كثيراً".
ويشكك المراقبون في فائدة ذخيرة كوريا الشمالية للحملة الروسية في أوكرانيا، التي يقولون إنها استنزفت الجيش. إذ انتشرت صور لبنادق روسية بفوهات مكسورة على الشبكات الاجتماعية.
ومن غير الواضح مدى خطورة النقص الروسي في الذخيرة. في يوليو/تموز، قال مسؤول دفاعي أمريكي كبير للصحفيين إنَّ روسيا تطلق عشرات الآلاف من قذائف المدفعية كل يوم، ولا يمكنها الاستمرار في ذلك إلى الأبد.
وقال ديمبسي: "بينما من المحتمل أنَّ المخزونات الكبيرة لا تزال موجودة، إلا أنَّ العمليات العسكرية تقوض على نحو متزايد المخزونات المخصصة لحالات الطوارئ لنزاع مستقبلي أوسع".
هل ستحصل روسيا أيضاً على صواريخ شمالية كورية؟
استبعد يانغ أوك، المحلل في معهد الدراسات السياسية في سول Asan Institute، أن تزود كوريا الشمالية روسيا بصواريخ باليستية تعتبرها حاسمة في استراتيجياتها العسكرية تجاه واشنطن وكوريا الجنوبية.
وإذا قررت كوريا الشمالية إمداد روسيا بالصواريخ، فستحتاج إلى إرسال منصات إطلاقها أيضاً؛ لأنَّ روسيا ليس لديها قاذفات لصواريخ سكود وغيرها من صواريخ كوريا الشمالية. وقد طوّرت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً ذا كابل نووي شديد المناورة، والذي من المحتمل أنه مصمم على غرار صاروخ إسكندر الروسي. لكن شين جونغ وو، الخبير العسكري في منتدى الدفاع والأمن الكوري في سيول، يقول إنَّ الصاروخين يختلفان من حيث الحجم.
هناك عدد من العناصر التي يمكن أن توفرها كوريا الشمالية لروسيا، بالنظر إلى أنَّ البلدين يشتركان في أنظمة أسلحة تعود إلى الحقبة السوفييتية. وقال مون سيونج موك، المحلل في معهد كوريا الجنوبية لأبحاث الاستراتيجية الوطنية، إنَّ نوع الذخيرة التي ستوفرها كوريا الشمالية لروسيا "من المرجح أن تكون قديمة وفي مكان ما على وشك الانتهاء".
ما الذي يمكن أن تحصل عليه كوريا الشمالية في المقابل؟
في مقابل الأسلحة، من المرجح أن تريد كوريا الشمالية الغذاء والوقود والمواد الأخرى من روسيا؛ لأنَّ كوريا الشمالية تجد صعوبة في شراء مثل هذه البضائع من الخارج بسبب عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على خلفية برنامجها النووي.
ويرجح أنكيت باندا، الخبير في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أنَّ الاستفادة التي ستعود على كوريا الشمالية ستكون في شكل تحويلات نقدية من روسيا، أو ربما مزيد من التساهل الروسي في عدم فرض عقوبات أخرى على بيونغ يانغ، بما في ذلك نقل المواد اللازمة لتطوير برامج الصواريخ في كوريا الشمالية.
ووفقاً للخبير الأمني بروس بينيت، فإنَّ كوريا الشمالية سترغب في تعويضها بالوقود. وقال إنه بالنسبة لأسلحتها الأكثر تقدماً، قد تسعى للحصول على تقنيات أسلحة متطورة من روسيا، بما في ذلك تلك التي تحتاجها في تجربتها النووية المتوقعة، وهي الأولى من نوعها منذ 5 سنوات.