تعد المعارك في أوكرانيا بمثابة سيناريو لشكل الحروب في المستقبل، فلقد كشفت هذه الحرب عن العديد من الأسلحة الجديدة التي قد تصبح عماد الجيوش الحديثة، بل إن الدروس التي تقدمها، للقادة العسكريين في العديد من الدول، دفعتهم إلى التفكير في تطوير أسلحة لم تُعرف من قبل في ساحات المعارك.
وفي الوقت ذاته فإن حرب أوكرانيا بمثابة مقبرة للعديد من الأسلحة التي كانت أساسية في الجيوش ولكن ثبتت عدم فعاليتها.
وتعد الحرب الروسية الأوكرانية أكبر حرب أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على هذه الحرب، فإنها بالنسبة للخبراء العسكريين وقادة الجيوش، بمثابة مختبر لا يقدر بثمن لمعرفة تكتيكات الحروب ومعمل حي لتقييم قدرات الأسلحة الجديدة، كما دفعت طرفي النزاع إلى تبني ابتكارات وتقنيات جديدة بهدف تحقيق الانتصار.
ويزيد من أهمية هذه الحرب في الدراسات العسكرية أنها تمثل ساحة تنافس بين مدرسة الأسلحة والقتال السوفييتية التي تتبعها روسيا وإلى حد ما أوكرانيا، ومدرسة القتال الغربية عبر الأسلحة والخبرات والتقنيات التي تقدمها دول الناتو لكييف.
بل لا تخلو الحرب من تأثيرات مدارس أخرى مثل التركية، حيث قدمت أنقرة طائرات مسيرة لكييف، وإيرانية، كما تفيد تقارير غربية بأن طهران زودت موسكو بطائرات مسيرة، وحتى الآن ليست هناك تقارير عن تزويد الصين لروسيا بأسلحة، ولكن الطائرات الصينية المسيرة المدنية يعتقد أنها تستخدم بشكل ما في الحرب.
وأظهرت هذه الحرب أن هناك أسلحة كان يعتقد أنها بمثابة القوة الضاربة للجيوش، ولكن تبين عدم فعاليتها في الحروب الحديثة، مثل مدافع الهاوتزر المجرورة وطائرات الدعم الجوي القريب سواء المروحية منها أو ثابتة الأجنحة، والدبابات، السلاح البري الأكثر أهمية منذ قرن، يبدو أنه يتعثر في حرب أوكرانيا.
في المقابل، أدت حرب أوكرانيا إلى إظهار أهمية بعض الأسلحة الجديدة التي كانت قد دخلت بصورة محدودة في معارك خلال السنوات الأخيرة، ولكنها لم تخض من قبلُ حرباً واسعة النطاق بين جيشين حديثين مثل روسيا وأوكرانيا.
فلقد رفع الصراع في أوكرانيا الطائرات المسيرة والحرب الإلكترونية والليرز إلى مرتبة الأسياد الجدد للحروب، حسبما ورد في تقرير لموقع Popular Mechanics الأمريكي.
كما تبينت الأهمية الكبيرة لبعض الأسلحة القديمة مثل الصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للدروع وللطائرات.
أبرز الأسلحة الجديدة التي يجب على الجيوش الرهان عليها في حروب المستقبل
في هذا التقرير نعرض عدداً من الأسلحة الجديدة أو التي لم تكن مستخدمة على نطاق واسع وأثبتت كفاءتها في حرب أوكرانيا، الأمر الذي يرجح أن استعمالها سيشهد توسعاً في الحروب المستقبلية.
كما يتضمن التقرير أسلحة مستقبلية جارٍ تطويرها لكنها لم تستخدم من قبل في الحروب، حيث أثبتت المعارك الأوكرانية أنها قد تكون حيوية بالنسبة لجيوش المستقبل.
1- الطائرات المسيرة تشارك لأول مرة في قتال الجيوش القوية
استُخدمت الطائرات المسيرة على نطاق واسع من قبل عدد من الجيوش في السنوات الماضية، مثل الجيش الأمريكي بالعراق وأفغانستان، وجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية، إضافة لاستخدامها من قبل إيران والميليشيات التابعة لها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وكذلك ضد أهداف سعودية سواء من قبل الحوثيين أو الهجوم الذي تقف وراءه إيران والذي استهدف منشأة شركة أرامكو السعودية عام 2019، وأوقف إنتاج نحو 5% من النفط العالمي لعدة أشهر.
كما استخدمتها تركيا وحلفاؤها بكثافة ضد حزب العمال الكردستاني وكذلك ضد حلفاء روسيا في ليبيا وسوريا وأرمينيا.
ولكن كان يعتقد أن الطائرات المسيرة صالحة فقط في الحروب منخفضة الكثافة، وليس الحروب ضد الجيوش الحديثة التي يتوافر لديها أنظمة دفاعية قوية.
وحتى الحرب بين أرمينيا وأذربيجان كانت بين جيشين يمكن وصفهما بأنهما أقل من المتوسط، وليست لديهما أنظمة دفاعية جوية قوية أو طائرات مقاتلة فعالة بعدد مؤثر.
وفي العملية العسكرية التركية بإدلب عام 2019، التي نشبت بعد هجوم نظام الأسد على المعارضة السورية الحليفة لأنقرة، كاد الجيش التركي، حسب تقارير غربية، يدمر جيش نظام الأسد، بواسطة المدفعية والطائرات المسيرة، حيث كانت أول حرب في التاريخ يفرض فيها جيش (الجيش التركي) هيمنة جوية بواسطة الطائرات المسيرة، لأنه لم يستطع استخدام طائراته المقاتلة المأهولة وصواريخه المضادة للطائرات، بسبب سيطرة موسكو على أجواء محافظة إدلب السورية.
ولكن حتى هذه الحرب نُظر إليها على أنها ليست مقياساً موثوقاً به، لاستخدام الطائرات المسيرة ضد جيوش حديثة، لأن جيش النظام السوري، رغم أنه جيش كبير من حيث العدد، فإنه جيش عتيق جداً في أسلحته ونظم تدريبه واعتمد دوماً على دعم القوات الجوية الروسية والميليشيات الشيعية الموالية لإيران في عملياته العسكرية الصعبة.
ولكن حرب أوكرانيا يبدو أنها قدمت دليلاً على أن الطائرات المسيرة يمكن استخدامها في الحروب الحديثة، بل ضد جيش قوي جداً كالجيش الروسي المشهور بدفاعاته الجوية ومقاتلاته القوية.
فلم يسبق في تاريخ الحروب أن شهدنا استخدام الطائرات بدون طيار بهذا الشكل المُكثَّف الذي تُستخدَم به في أوكرانيا؛ إذ يعتمد الروس والأوكرانيون، على حد سواء، على الطائرات غير المأهولة لتحديد مواقع العدو وتوجيه ضربات مدفعيتهم الفتَّاكة.
وميزة الطائرات المسيرة في رخص تكلفتها وأنها لا تسبب خسائر بشرية لمن يستخدمها إذا سقطت، كما أن كثيراً منها يصعب على الرادارات اكتشافه من الطائرات العادية، لأنها مصنوعة من مواد غير معدنية، كما يصعب على أنظمة الرصد الحراري اكتشافها، لأن كثيراً من المسيرات محركاتها كهربائية وبالتالي انبعاثاتها الحرارية محدودة مقارنة بالطائرات العادية.
وحققت طائرات بيرقدار التركية نجاحاً كبيراً لصالح الأوكرانيين، خاصة في الشهور الأولى للحرب، لدرجة أن الأوكرانيين ألفوا لها أغنية، وتواصل دول أوروبية جمع تبرعات لشراء طائرات بيرقدار لصالح الجيش الأوكراني.
لكن بعد أشهر من القتال، استُنزِفَت أساطيل الطائرات دون طيار لدى كلا الجانبين، وهما الآن يتسابقان لتصنيع أو شراء ذلك النوع من الطائرات دون طيار المتقدمة والمقاوِمة للتشويش الذي يمكن أن يوفر ميزة حاسمة، كما يقول تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.
وأفادت تقارير بأن أداء البيرقدار قد تراجع أمام تعزيز روسيا أنظمتها الدفاعية الجوية، ولكن قد يرجع ذلك أيضاً إلى تقليل الأوكرانيين استخدامها، لأن تركيا الوسيط الوحيد في النزاع حالياً، توقفت عن تزويد كييف بها وتكتفي بتقديم الطائرات التي دفع ثمنها عبر تبرعات أوروبية شعبية.
ولكن الولايات المتحدة تزود أوكرانيا بالطائرات المسيرة الأمريكية الصنع، وسبق أن صرَّح مسؤول أوكراني بارز، في يوليو/تموز، بأن العدد الذي تحتاجه كييف من الطائرات المسيرة ضخم. وقال إنَّ أوكرانيا تسعى مبدئياً لشراء 200 طائرة مُسيَّرة عسكرية من حلف الناتو، لكنَّها تحتاج 10 أضعاف ذلك.
فيما قال البيت الأبيض، إن روسيا تحصل أو حصلت بالفعل على مئات الطائرات المسيرة الإيرانية.
وحتى لو بدأ أحد الجانبين في إسقاط العديد من الطائرات المسيرة للطرف الآخر، تظل حقيقة أنها ليست مأهولة، وأنها رخيصة التكلفة مقارنة بالطائرات المأهولة تجعلها سلاحاً لا يمكن الاستغناء عنه حالياً.
ويتوقع أن تعمد العديد من الدول لتطوير طائرات مسيرة أكثر قدرة على مراوغة الرادارات والأنظمة الدفاعية وأطول في المدى والحمولة.
2- الأسلحة المضادة للرادارات والإلكترونيات تصيب العدو بالعمى
كانت إحدى الميزات الرئيسية لروسيا على أوكرانيا في بداية الحرب تفوقها في مجال الحرب الإلكترونية. لطالما أعطت روسيا الأولوية للقدرة على بث إشارات تشويش قوية قادرة على التدخل في رادارات الخصم ونظام تحديد المواقع العالمي واتصالات ساحة المعركة.
ولكن تزعم تقارير الغربية أن قدرات الحرب الإلكترونية الروسية تشوش على اتصالات الجيش الأوكراني، ولكن تضعف قدرات الجيش الروسي نفسه؛ نظراً إلى أنه يبث إشارات الراديو الخاصة به.
في صيف عام 2022، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بصواريخ AGM-88 HARM. تم الكشف عنها فقط بعد أن عرضت القوات الروسية لقطات لزعنفة ذيل أحد هذه الصواريخ في أوائل أغسطس/آب 2022.
يعد هذا الصاروخ المتقدم الموجه المضاد للإشعاع، أحد الصواريخ القليلة المتاحة التي يمكنها استهداف أنظمة رادار العدو.
لا تمتلك الطائرات التي تعود إلى الحقبة السوفييتية والتي تمتلكها كييف بنية الكمبيوتر لقبول أسلحة الناتو القياسية، ويعتقد أن أوكرانيا قد عدلت طائراتها السوفييتية الصنع لإطلاق هذه الصواريخ، يضاف لذلك أن هناك مؤشرات على تلقيها مساعدة لتوجيه الصواريخ من طائرات الناتو، إضافة لمعلومات من أجهزة استخبارات غربية.
هذا الصاروخ يفترض أنه عبر تدميره الرادارات الروسية قد يجعل قوات موسكو صماء وعمياء.
في المستقبل، سيتم إطلاق صواريخ أصغر من عربات مدرعة وستصطاد مركبات العدو التي تنبعث منها إشعاعات كهرومغناطيسية، من أجهزة التشويش إلى الرادار.
3- قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة يبدو أنه ليس هناك ما يوقفها
تعتبر المصادر الغربية أن نجم الصراع الأوكراني هو نظام المدفعية الصاروخي عالي الحركة الذي قدمته الولايات المتحدة لكييف والمعروف باسم (HIMARS) والموجه بالليزر.
يتكون هيمارس من نظام إطلاق صواريخ قابل لإعادة التحميل ومركّب على هيكل شاحنة متوسط الحجم. يمكن له الانتقال بسرعة إلى موقع إطلاق، وإطلاق ستة صواريخ GMLRS دقيقة التوجيه بمدى يصل إلى 43 ميلاً أو أكثر، ثم التراجع لتجنب نيران العدو المضادة للبطارية.
تتفوق بطاريات هيمارس كثيراً على المدفعية الأنبوبية التقليدية، بما في ذلك مدافع الهاوتزر ذاتية الدفع.
تستخدم أوكرانيا حالياً نظام هيمارس لضرب أهداف روسية عالية القيمة خلف خطوط الروس؛ لحرمان قوات الخطوط الأمامية من الإمدادات والدعم المدفعي. حتى أواخر يوليو/تموز 2022، دمرت أنظمة هيمارس الأوكرانية 50 مستودع ذخيرة روسيّاً، حسب التقارير الغربية.
لا تمتلك المدفعية التقليدية مدى لتدمير هذه المدفعية، ولا توجد حالياً أسلحة، على الأقل في الجانب الروسي، يمكنها إسقاط صواريخ GMLRS، حسب موقع Popular Mechanics.
وتمتلك دول قليلة خارج الناتو صواريخ دقيقة التوجيه، لكن نجاح أنظمة هيمارس وصواريخ GMLRS يعني أن معظم الدول ستمتلكها على الأرجح في غضون عقد أو أقل.
وإضافة إلى هذا النظام الأمريكي، فإن استخدام الطائرات المسيرة وأنظمة الرصد بالليزر لتوجيه قذائف المدفعية يوفر قدرات إضافية للمدفعية لدى الجانبين، حسبما تظهر مقاطع فيديو.
فلقد ثبت أن المدفعية الروسية تصبح أكثر فاعلية عند ربطها بطائرات بدون طيار، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
كما تستخدم المدفعية الأوكرانية ذخيرة "كفيتنيك" شبه النشطة الموجهة بالليزر عيار 152 ملم لضرب القوات المسلحة الروسية، حيث حققت كييف على مدى العقود القليلة الماضية قفزة كبيرة في تطوير وإنتاج الصواريخ والقذائف الموجهة، وساهمت الخلفية السوفييتية للبلاد، فضلاً عن المهارات والقدرات المكتسبة بعد الاستقلال والدعم الفني الغربي، في ظهور أسلحة صاروخية جديدة من مختلف العيار والغرض.
في السنوات الأخيرة، قدمت أوكرانيا العديد من الأسلحة الموجهة بالليزر مثل صواريخ Barrier وCorsar و Skif ATGMs ومجمع Stugna-P المحمول المضاد للدبابات وصواريخ Kombat وKonus عالية الدقة الموجهة.
كما تلقت أوكرانيا كميات كبيرة من الذخيرة الموجهة بالليزر من دول غربية إضافة للولايات المتحدة وضمنها قذائف مدفعية إضافة لمدفعية متطورة.
وهناك ميزات أخرى لأنظمة المدفعية الغربية الموجهة التي قدمها الغرب لكييف مثل Archer السويدي وقيصر الفرنسي، منها استقلاليتها ورد فعلها السريع، حيث يمكنها الذهاب إلى موقع والبدء في إطلاق النار وفي غضون بضع دقائق الانطلاق إلى مخبأ قبل أن يحدد العدو موقعه ويوجه نيراناً مضادة للبطارية ضد هذه البنادق، وهي مناورة باتت أساسية في الحرب الأوكرانية، ومفيدة لكييف التي تملك سلاح مدفعية أقل بكثير من الروسي.
4- الطائرات المسيرة الصغيرة الاستطلاعية جندي مجهول في الحرب
نالت الطائرات المسيرة التركية من طراز بيرقدار تي بي 2 وطائرات سويتش بليد الانتحارية الأمريكية الكثير من الثناء من الأوكرانيين، ولكن لا يتم التركيز على طائرات الاستطلاع وتحديد الأهداف المسيرة، التي مكنت كييف من إجراء الاستطلاع على طول خط المواجهة، ورصد القوات والمعدات الروسية، وتوجيه نيران المدفعية عن بعد.
الحرب الروسية الأوكرانية ليست الحرب الأولى التي تستخدم طائرات بدون طيار رباعية المروحيات في مهام المراقبة، لكنها ستكون الحرب التي اشتهرت بها.
استخدم الجيش الأوكراني، على وجه الخصوص، طائرات بدون طيار صغيرة، غالباً ما تُصنع للاستخدام المدني، لمنح القوات البرية القدرة على التحقق من محيطها واستهداف القوات الروسية مع تقليل المخاطر إلى الحد الأدنى.
تمكن هذه الطائرات بدون طيار وحدات صغيرة مثل مستوى الفصيلة (تضم ما يتراوح بين 30 و40 جندياً) من القضاء على عنصر المفاجأة لأي قوة معادية، خاصة تلك التي تقوم بتشغيل المركبات المدرعة.
يمكن لطائرة صغيرة بدون طيار غير مزعجة مع بصريات رقمية حديثة ورابط بيانات آمن أن تمنح حتى أصغر وحدة قتالية رؤية قوية لساحة المعركة، والقدرة على النظر لمسافة ميل أو أكثر خلف خطوط العدو.
تجربة الطائرات بدون طيار الصغيرة في ساحة المعركة في أوكرانيا تعني أن جيوش الناتو، والجيش الصيني سوف يتبنون هذه المقاربة جميعاً بحلول عام 2030.
5- الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية.. سلاح إيلون ماسك غير القاتل
جلبت طائرات الهليكوبتر الأوكرانية التي كانت تحلق في مهمات خطيرة إلى مدينة ماريوبول إمدادات من الأسلحة المضادة للدبابات، ولكنها جلبت أداة غير قاتلة ولكنها مفيدة جداً في الحرب، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
إنه جهاز استقبال الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية من شركة سبيس إكس ستارلينك التي يترأسها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك.
أثبت جهاز الاستقبال أنه شريان الحياة للقوات العسكرية والمدنيين الأوكرانيين المحاصرين في مصنع صلب آزوفستال (استولت عليه القوات الروسية في نهاية المطاف).
سمح جهاز الاستقبال، المتصل مباشرة بالأقمار الصناعية، للمستخدمين بتجاوز خدمة الهاتف الخلوي التي تضررت بسبب الحرب والإنترنت الأرضي؛ معززاً الروح المعنوية للمدنيين، وسمح للحكومة الأوكرانية بإخبار العالم بالحصار والعمل كدعامة للاتصالات العسكرية الأوكرانية.
يواجه الجيش الأمريكي مشكلة متزايدة في النطاق الترددي للإنترنت، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى توجيهه لأكبر قدر ممكن من حركة المرور العسكرية الآمنة عبر أقل عدد ممكن من الأقمار الاصطناعية.
هذا يجعل النظام عرضة في زمن الحرب لعدد قليل من الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية.
في المقابل، أطلقت شركة سبيس إكس آلاف الأقمار الصناعية الخاصة بها، وهي شبكة أقل أماناً، ولكنها أكثر مرونة من شبكة الجيش الأمريكي.
في حين أن Starlink قد لا تكون آمنة بما يكفي للتعامل مع الاتصالات العسكرية الحساسة، فمن شبه المؤكد أنها ستلهم إصداراً من الدرجة العسكرية بالنسبة للجيش الأمريكي.
ستمزج هذه النسخة أمان الأقمار الصناعية العسكرية الحالية مع تغطية ستارلينك الواسعة، مما يسمح لها بالبقاء على قيد الحياة بعد فقدان العشرات من الأقمار الصناعية لعمل العدو.
6- أنظمة الدفاع ضد المدفعية والمسيرات بواسطة الليزر
ليس لروسيا في الواقع ميزة كمية كبيرة في عدد الجنود مقارنة بأوكرانيا (لأنها لم تعبئ جيشها بالكامل، ولم ترسل سوى جزء من جيشها إلى هناك)، لكن لديها الكثير من المدفعية، التي تولد الكثير، حيث تتمتع المدفعية الروسية بميزة قوة نيران تزيد على 3 لواحد للأوكرانيين، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
مع طول أمد الحرب توسعت روسيا في استخدام أسلحة غير موجهة وأسلحة غير "ذكية" أي ليست دقيقة التوجيه، على شكل قذائف هاون ومدافع هاوتزر وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة وصواريخ كروز للهجوم الأرضي.
الأسلحة الموجهة والذكية مكلفة ومعقدة، ويعتقد أن مخزون روسيا، وهي دولة متوسطة الدخل من الناحية الاقتصادية، أقل من مخزون الولايات المتحدة، كما أن الحرب طالت أكثر من توقعات الروس والأمريكيين على السواء، وعلى الأغلب أكثر من توقعات الأوكرانيين أنفسهم، مما أدى في الأغلب لتهديد المخزونات الروسية من الأسلحة الذكية، وزاد الطين بلة بالنسبة لموسكو، الحظر الغربي على تصدير المنتجات عالية التقنية لروسيا التي يعتقد أنها تعتمد على مكونات تقنية غربية وصينية في تصنيع العديد من أسلحتها المتقدمة.
وتتحول حرب أوكرانيا تدريجياً إلى حرب مدفعية مع توقف التوغل الروسي، وعدم نجاح أوكرانيا في شن هجوم مضاد واسع النطاق لاستعادة أراضيها رغم التقارير الغربية والأوكرانية المتواترة التي تتحدث عن هذا السيناريو.
ووفقاً للتقارير الغربية، فإن مدافع الهاوتزر الروسية تطلق 20 ألف قذيفة يومياً في المتوسط ، مقارنة بـ 6000 قذيفة أطلقتها أوكرانيا. ولا تزال كييف تخاطر باستنفاد إمداداتها من قذائف 152 ملم ذات المعايير السوفييتية أسرع مما تفعله روسيا.
ويعتقد أن قذائف المدفعية الروسية مسؤولة الآن عن حوالي 80٪ من الخسائر الأوكرانية البشرية، والأرقام على الجانب الروسي على الأرجح قريبة.
تاريخياً، كان هناك القليل من الأنظمة الدفاعية المضادة لقنابل المدفعية، بخلاف تدمير المركبات التي تطلقها.
في السنوات الأخيرة، ركزت الولايات المتحدة ودول مثل إسرائيل، على الليزر كوسيلة لحماية الجيوش في الميدان.
ويحتوي الليزر، الذي يتم تشغيله بواسطة مولد ديزل، على ذخيرة غير محدودة تقريباً، لا تنفد إلا بنفاد مصدر الطاقة، ويمكنه استهداف وتدمير تهديدات متعددة بسرعة في ثوانٍ.
ويستعد الجيش الأمريكي لإطلاق نسخة من مركبة المشاة القتالية من طراز Stryker مزودة بسلاح ليزر دفاع جوي أسقط قذائف الهاون بالفعل أثناء اختبار تجريبي.
يقول تقرير Popular Mechanics إن اكتساب الجيش الأمريكي القدرة على إسقاط صواريخ المدفعية القادمة وقذائف الهاوتزر الكبيرة هي مجرد مسألة وقت.
وليس هناك تقارير عن أن أوكرانيا لديها مثل هذه الأسلحة، ولكن يعتقد أن الحرب أظهرت أهميتها وستدفع الجيوش المختلفة للتوسع بها.
وفي شهر مايو/أيار 2022، قال نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف إن روسيا تنشر أسلحة الليزر في أوكرانيا، وعلى وجه الخصوص، نظام الليزر Zadira القادر على ضرب أهداف على مدى 5 كيلومترات من خلال حرقها عبر التأثير الحراري بدلاً من استخدام الصواريخ المكلفة ضد الطائرات المسيرة.
ولكن المصادر الأوكرانية والغربية تقلل من هذه التقارير، وقال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون": "ليس لدينا أي مؤشر على استخدام الليزر، على الأقل الليزر المسلح".