أوشك اليميني المتطرف إيتمار بن غفير على الانشقاق عن حزب "الصهيونية الدينية"، ليخوض الانتخابات المقبلة بقائمة خاصة تحمل اسم "قوة يهودية"، قبل تدخل زعيم حزب "الليكود" اليميني رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو.
استضاف نتنياهو نهاية أغسطس/آب زعيم "الصهيونية الدينية" المتشدد بتسلئيل سموتريتش، وبن غفير في منزله في قيساريا (شمال)، قبل أن يُعلنا قرارهما إعادة خوض الانتخابات في 1 نوفمبر/تشرين الثاني ضمن قائمة موحدة.
وجاء تدخّل نتنياهو بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي العام أن خوض الحزبين الانتخابات منفصلين، سيقلل من عدد المقاعد التي سيحصلان عليها بالكنيست (البرلمان)، وبالتالي سيخفض عدد مقاعد كتلة الأحزاب المتحالفة معه.
ولأن نتنياهو بحاجة إلى كل صوت للوصول الى عتبة 61 مقعداً من أصل مقاعد الكنيست الـ120 لتشكيل حكومة، فإنه اعتبر تدخله ضرورياً.
وفي 29 أغسطس/آب، غرَّد سموتيرتش بصورة له مع بن غفير وكتب: "متحدون بكل قوتنا في طريق النصر، بعون الله".
وتحالُف سموتريتش وبن غفير "الصهيونية الدينية" هو جزء من القوة الداعمة لعودة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة، والتي تضم أيضاً حزبي "شاس" و"يهودوت هتوراه" اليمينيّين.
ولكنّ استطلاعات الرأي العام تُشير إلى أن معسكر نتنياهو سيحصل على 59 مقعداً بمقابل 55 مقعداً لمعسكر الحكومة الحالية، فيما أن القائمة المشتركة، وهي تحالف 3 أحزاب عربية، ترفض دعم أي من المعسكرين.
قرار سموتريتش وبن غفير بعدم الانقسام، سبقه قرار وحدة حزب "أزرق- أبيض" (وسط يمين) برئاسة وزير الدفاع الحالي بيني غانتس وحزب "أمل جديد" اليميني برئاسة وزير العدل جدعون ساعر.
وضمّ غانتس وساعر إليهما الرئيس الأسبق لأركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت ضمن القائمة التي تُطلق على نفسها "الوحدة الوطنية".
وغانتس هو شريك رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد زعيم حزب "هناك مستقبل"، ولكنّ كليهما يطمح لرئاسة الحكومة القادمة.
وفيما أن من غير الواضح إذا ما كانا سيعودان للشراكة ما بعد الانتخابات القادمة، فإن كليهما يستبعدان الشراكة مع نتنياهو في حكومة واحدة.
والانتخابات القادمة هي الخامسة في غضون 4 أعوام، نجح خلالها نتنياهو مرة واحدة بتشكيل حكومة لم تدُم طويلاً بالشراكة مع غانتس.
ومع اقتراب الانتخابات، تتعالى بعض الأصوات للوحدة بين حزب "العمل" الوسطي، وحزب "ميرتس" اليساري، فيما لم يتضح إذا ما كانت هذه الأصوات ستنجح فعلاً في تحقيق الوحدة.
لكنّ زعيمة "العمل" ميراف ميخائيلي، لوّحت الخميس بالملاحقة القانونية لعدد من الإسرائيليين الذين نشروا إعلاناً الأسبوع الماضي، يدعو لخوض "العمل" و"ميرتس" الانتخابات ضمن قائمة موحدة.
غير أن الوحدة لا تفيد دائماً وهذا ما حصل تحديداً مع حزب "يمينا" اليميني الذي كان يتزعمه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت الذي قرر اعتزال الحياة السياسية، وتزعم الحزب خلفاً له، وزيرة الداخلية أياليت شاكيد، فيما انشق عن الحزب وزير الأديان ماتان كهانا الذي انضم إلى حزب "الوحدة الوطنية" برئاسة غانتس.
فمن أجل ضمان النجاح بالانتخابات، أعلنت شاكيد عن تحالف حزبها "يمينا" مع حزب "ديرخ آرتس" برئاسة وزير الاتصالات يوعز هندل، ضمن تحالُف أُطلق عليه اسم "الروح اليهودية".
ولكنّ استطلاعات الرأي العام، التي نشرت في الأسابيع الأخيرة، تشير إلى أن "الروح اليهودية" لن يتمكن من تخطي نسبة الحسم، البالغة 3.25 بالمئة من أعداد الناخبين.
وفي حال نجح "الروح اليهودية" بتخطي نسبة الحسم فإن ذلك سيصب، على الأرجح، في صالح نتنياهو.
خلافات وانشقاقات في الأحزاب العربية
وفي مقابل التحالفات في المعسكر اليميني الإسرائيلي، فإن الخلافات وربما الانشقاقات، تُلقي بظلال قاتمة على الأحزاب العربية.
فبعد أن كانت 4 أحزاب عربية تخوض في العادة الانتخابات ضمن قائمة موحدة، فإنها خاضتها في انتخابات 2021 ضمن قائمتين هي: القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة، والقائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس.
والقائمة المشتركة تتكون من الأحزاب: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والقائمة العربية للتغيير، والتجمع الوطني الديمقراطي.
ودعمت القائمة العربية الموحدة الحكومة الإسرائيلية الحالية، في سابقة هي الأولى من نوعها، فيما عارضتها القائمة المشتركة.
وفي حين لم توجد مؤشرات على عودة الوحدة ما بين مكونات القائمة المشتركة والقائمة العربية الموحدة، فإن التجمع الوطني الديمقراطي يلوّح بخوض الانتخابات القادمة منفصلاً عن القائمة المشتركة.
وتتوقع استطلاعات الرأي العام التي نشرت في الأسابيع الأخيرة، حصول القائمة المشتركة على 5 إلى 6 مقاعد مقابل حصول القائمة العربية الموحدة (برئاسة عباس) على 4 مقاعد.
وفي انتخابات عام 2020 حصلت القائمة المشتركة، عندما ضمت الأحزاب الأربعة، على 15 مقعداً بعد أن كانت قد حصلت في انتخابات 2019 على 13 مقعداً.
تحالفات لكسر التعادل والجمود
ويرى محمد مجادلة، المحلل السياسي في القناة 12 الإسرائيلية، أن التحالفات تأتي على خلفية محاولة كسر التعادل بين معسكر نتنياهو ومعسكر غانتس ولابيد.
ويقول مجادلة للأناضول: "هذه التحالفات تهدف في كل معركة انتخابية لاستقطاب المزيد من الأصوات، أو لاجتذاب أصوات من معسكر إلى المعسكر الآخر".
واستدرك: "ولكن كما نرى من استطلاعات الرأي، فإنه رغم هذه التحالفات لا يوجد نجاح حقيقي فعلياً في كسر حالة التعادل أو الجمود السياسي في إسرائيل".
ويكمل: "على سبيل المثال، فإن التحالف بين غانتس وساعر هو تحالف غريب أيديولوجياً، لأن غانتس مثلاً يؤمن بالتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، والمقابل فإن ساعر من أبرز المنظّرين لما يسمى (وحدة أراضي إسرائيل)".
وقال: "لذلك فإنه على الصعيد الأيديولوجي فإن هذا التحالف غريب، ولكن على الصعيد الانتخابي، فإن الهدف منه فعلياً هو اجتذاب الأصوات من اليمين المعتدل".
وفيما يتعلق بالأحزاب العربية يعتبر مجادلة أن "هناك حالة من القصور في قراءتها للخارطة السياسية الإسرائيلية، فبدلاً من أن تتحد وتمنع نتنياهو من تشكيل حكومة خطيرة على العرب والفلسطينيين بمشاركة بن غفير وسموتريتش، نرى أن هناك ميلاً لتقسيم المُقسّم وذلك بسبب خلافات ليست جوهرية".
وقال: "بينما تحاول الأحزاب اليهودية أن ترفع من قوتها، فإن الأحزاب العربية تذهب بالاتجاه المغاير تماماً باتجاه الانقسام".
وأضاف: "الانقسام يؤدي إلى أمرين: الأول انخفاض نسبة التصويت وبالتالي خفض نسبة تمثيل العرب بالكنيست، والثاني العزوف عن الموضوع السياسي أصلا من قبل المواطنين العرب في إسرائيل".
وتابع: "الأمر الثاني، لا يقل خطورة عن خفض التمثيل؛ لأنه في نهاية المطاف فإن القضية الأولى للمواطنين العرب هو النضال السياسي وهذه السياسة تؤدي إلى الإحباط في أوساط المواطنين العرب".
وما لم ينجح أي من المعسكرين في تشكيل حكومة، فمن غير المستبعد أن تعود إسرائيل الى صناديق الاقتراع مجدداً.