جاء إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة، أن سفيرها لدى إيران سيستأنف عمله، بعد أكثر من ست سنوات خفّضت خلالها أبوظبي مستوى العلاقات الدبلوماسية مع طهران، ليلقي الضوء على تاريخ العلاقة المعقدة بين الإمارات وإيران.
فالإمارات هي الدولة العربية التي كانت أحد قادة التحالف الخليجي المناهض لطهران مع السعودية والدولة التي تحتل إيران جزرها الثلاث، وفي الوقت ذاته هي الدولة العربية الأكثر صلة بإيران اقتصادياً، وكذلك لم تنقطع الاتصالات بينهما على المستوى الأمني، حتى في أوقات كانت هناك شكوك في تنفيذ طهران هجمات ضد أهداف إماراتية.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (وام)، الأحد 21 أغسطس/آب 2022، إن "سفيرها لدى إيران، سيف محمد الزعابي، سيعود إلى طهران خلال الأيام القادمة، في إطار الحرص على تعزيز علاقاتها مع إيران، وتنفيذاً للقرار السابق برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير".
وأضافت أنه "في 26 يوليو/تموز 2022، جرى اتصال هاتفي بين الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، وحسين أمير عبد اللهيان وزير خارجية إيران في هذا الشأن".
وخفضت الإمارات مستوى العلاقات مع إيران، بعد أن قطعت السعودية علاقتها بطهران في يناير/كانون الثاني 2016، عقب اقتحام محتجين إيرانيين السفارة السعودية في طهران؛ اعتراضاً على إعدام الرياض رجل دين شيعياً بارزاً.
تاريخ العلاقة المعقدة بين الإمارات وإيران
يعود تاريخ العلاقة بين الإمارات وإيران إلى ما قبل استقلال دولة الإمارات، وهو جزء من العلاقة المعقدة بين إيران ومحيطها العربي، خاصةً دول الخليج.
فمحاولة الإمبراطوريات الفارسية لم تتوقف منذ التاريخ القديم لبسط سيطرتها ونفوذها على منطقة الخليج، ولكن هذا حدث بنجاح قليل أو بفشل ذريع في الأغلب، ولم تؤد السيطرة الاستعمارية الفارسية في بعض الأوقات على الساحل الشرقي للجزيرة العربية، إلى تغيير التركيبة السكانية للجزيرة العربية، بل حدث العكس.
العرب سيطروا على جنوب إيران الذي ما زال يتحدث العربية
على مدار قرون هاجرت القبائل العربية من الساحل الشرقي للجزيرة العربية إلى الساحل الإيراني للخليج (الذي يختلف الطرفان على تسميته عربياً أم فارسياً)، وأسست إمارات عربية في جنوب غربي إيران مثل إمارة بنو كعب الشهيرة في الجنوب الإيراني والتي ظلت دولة مستقلة حتى عشرينيات القرن العشرين.
كما أكسبت الهجرة العربية منطقة جنوب غربي إيران طابعاً سكانياً عربياً، حيث مثّل العرب أغلبية السكان في منطقة الأحواز الجنوبي على ساحل الخليج العربي، والأحواز الشمالي المتاخمة للعراق، وإن كان يُعتقد أن التركيبة السكانية قد تغيرت في منطقة الأحواز الجنوبي تحديداً، من جراء سياسة التفريس الإيرانية.
فرغم وجود دول قوية في إيران عادة، فإن نفوذها في أغلب العصور لم يكن كبيراً في ساحل الخليج العربي، بل حتى كان ضعيفاً في عصور كثيرة بالساحل الإيراني للخليج الذي كان معزولاً عن بقية البلاد بالجبال، ومفتوحاً على شرق الجزيرة العربية عبر مياه الخليج.
"القواسم" فرضوا سيطرتهم على الجزر والساحل الفارسي
وخلال فترات كثيرة فرضت القبائل العربية هيمنتها على مياه الخليج وجزرها وأحياناً سواحلها، من ذلك قبائل القواسم التي كانت مواطنها في بعض مناطق الإمارات الحالية، حيث فرضت هذه القبائل نفوذها على الجزر الثلاث الإماراتية التي تحتلها إيران حالياً؛ طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
وخلال العقدين الأولين مـن القـرن التاسـع عشـر تحديداً، فرض القواسم سـيطرتهم علـى السـاحل العماني والساحل الفارسي وعلى عدد من الجزر في الخليج العربي، قبل أن تدمرهم الإمبراطورية البريطانية وتفرض سيطرتها على المنطقة، وتخضع منطقة الإمارات الحالية لنفوذها.
إيران تستغل مجيء البريطانيين للمنطقة
وإثـر تراجـع قـوة القواسـم تمكـن الإيرانيـون مـن احـتلال مـا لم يتمكنوا مـن السـيطرة عليـه إبان حكم القواسم، فاحتلوا ميناء "لنجه" سـنة 1887، وهو ميناء على الساحل الجنوبي الغربي لإيران وكان خاضعاً للسيطرة العربية لفترة طويلة.
كما استولى الإيرانيون علـى جزيـرة (صـبري) بعـد ذلـك، و(هنجـام)، لكن حاكم الشارقة التي كانت رأس الخيمة جزءاً مـن إمارتـه، كان صاحب السـيادة علـى الجزر الثلاث التي تحتلها إيران الآن (طنـب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى).
وتعددت محاولات إيران لضم الجزر، واستغلت فرصة ضعف النفوذ البريطاني خلال ستينيات القرن العشرين في وقت لم تكن الإمارات العربية المشكّلة لدولة الإمارات الحالية قد استقلت أو توحدت.
ففي عام 1965، أرسلت الحكومـة الإيرانيـة موظفيها إلى جزيـرة أبـو موسـى لإصدار دفاتر الجنسـية الإيرانيـة لسكانها، كمـا وضعـت الحكومـة الإيرانيـة حامية عسكرية فيهـا تمهيـداً للسيطرة علـى جـزر أخـرى مثـل جزيرتـي ( بنـي نمي) و(صـبري)، ليدخل ذلـك فـي المشـروع الإيـرانـي الرامي إلى إقامة حاميات بجميـع الجـزر التـي تـدّعي حكومـة الشاه محمـد رضـا بهلـوي ملكيتهـا لهـا مثـل جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى وغيرهما.
وبالفعل قامـت قِطـع مـن الأسطول الإيراني في مارس/آذار 1964، باحتلال جزيـرة أبو موسـى عسكرياً، الأمر الذي أثار ردود فعـل واسعة فـي أرجاء الـوطن العربـي، فاضطرت وزارة الخارجيـة الإيرانيــة إلى الزعم بأن "عملية إنـزال الجيش الإيراني فــي هــذه الجــزر كــانت مجرد مناورة حربيـة طارئة اشـتـرك فيهــا الأسطولان الإيراني والأمريكي، ولـيس القصـد مـنها الاحتلال للجزيرة، وأن القـوات الإيرانيـة ستنسحب بعد 20 يوماً من إجراء المناورات".
ثم قررت إيـران منـذ عـام 1968، احتلال الجـزر العربيـة الـثلاث تزامناً مـع إعـلان الحكومـة البريطانيـة الانسحاب مـن منطقـة الخليج العربـي خـلال ثـلاث سـنوات وتحت ادعاء الحاجة لملء الفـراغ الـذي سـينجم عـن هـذا الانسحاب، وصاحب ذلـك تأكيدات الولايـات المتحـدة الأمريكية والدول الغربية على ضرورة إيجاد قــوة موالية للغرب لسد الفراغ والحيلولة دون قيام القــوى العربية التحررية (في إشارة إلى التيارات والحكومات العربية ذات التوجهات القومية الاشتراكية) بأي نشـاط في المنطقة.
فشلت محاولات تسوية النـزاع، وازداد الوضع تعقيداً بعـد الاحتلال الإيراني للجزر عـام 1971 وفرض سياسة الأمر الواقع علــى الدولـة الجديدة.
وعلى الرغم من هذا الاحتلال، كانت دولة الإمارات بعد استقلال إماراتها وتوحُّدها راغبة في الإبقـاء على العلاقات الطيبة مع إيران من منطلق الاعتبارات الإقليمية، حسب بحث لصبا حسين مولى، من الجامعة المستنصرية بالعراق، حول تاريخ العلاقات بين الإمارات وإيران.
وهكذا رغم توتر العلاقات السياسية، بقيت الروابط الثقافية والتجارية بين دولة الإمارات وإيران على درجة عالية مـن التميز، فقـد كانت إمارة دبي، شـريكاً تجاريـاً مهمـاً لإيران، وذلك حينما حلت دبي محل ميناء لنجة كأكبر ميناء في جنوب الخليج، وازدادت أهمية دبي الاقتصادية لإيران مع تطور الإمارة الكبير اقتصادياً، وكذلك مع تزايد مشكلات طهران مع العالم ومحيطها إثر الثورة الإيرانية واندلاع الحرب العراقية الإيرانية.
الثورة الإيرانية تدفع دول الخليج لتأسيس مجلس التعاون
شكل قيام الثورة الإسلامية في إيران، ثم اندلاع حرب الخليج تحدياً كبيراً لدول الخليج العربية.
قبل قيام ثورة إيران، كان التناقض الأساسي بين دول الخليج وإيران تناقضاً قومياً، وما يتعلق بمطامع إيران في دول المنطقة، والتي برزت واضحة في احتلالها لجزر الإمارات الثلاث فور استقلال البلاد عن بريطانيا ومطالب إيرانية بضم البحرين، ولكن إيران تحت حكم الشاه كان يجمعها مع دول الخليج التحالف مع الغرب، والقلق من التوجهات العروبية الاشتراكية والشيوعية، وجعل ذلك إيران تلعب دوراً في إخماد تمرد عروبي يساري في سلطنة عُمان بموافقة دول الخليج.
ولكن بعد الثورة الإيرانية أصبح التناقض الإيراني الخليجي تناقضاً مزدوجاً، التناقض القومي التقليدي، وتناقض أيديولوجي، عبر ميل إيران في عهد الخميني إلى تصدير الثورة، واتهام دول الخليج بالتبعية لأمريكا، والأخطر محاولة استغلال الأقلية الشيعية لإثارة القلاقل، ثم جاء اندلاع الحرب العراقية الإيرانية ليضيف خطراً عسكرياً جراء المواجهات العسكرية الإيرانية العراقية التي امتدت للخليج؛ خاصة في ظل النشاط البحري الإيراني بالخليج والذي سيصل ليس فقط للسفن الحاملة للنفط العراقي، بل لسفن مملوكة لدول الخليج التي اتهمتها إيران بدعم العراق في مواجهتها.
ولذا خلال السنوات الأولى لمجلس التعاون الخليجي كانت إيران هي العنوان الأبرز، كما ظهر في القمة الأولى التي عُقدت بأبوظبي 25-26 مايو/أيار 1981، بدعوة من رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واتفق خلالها قادة دول الخليج رسمیاً على إنشاء مجلس التعاون لدول الخلیج العربية، وقاموا بالتوقيع على النظام الأساسي للمجلس وأن تكون مدينة الرياض بالسعودية مقراً دائماً للمجلس.
اختلاف في النهج تجاه إيران بين دبي وأبوظبي
ولكن داخل الإمارات ظل هناك فارق بين دبي المنفتحة تجارياً على إيران، وأبوظبي المتوجسة منها.
وظهرت الخلافات في هذا الملف بين أبوظبي ودبي بشكل واضح خلال الحرب الإيرانية-العراقية، حيث كانت الإمارات بها "معسكران"، إذ قادت دبي "مجموعة واضحة الحياد" (مع الشارقة وأم القيوين)، بينما اتبعت أبوظبي مسار مجلس التعاون الخليجي المؤيد للعراق (إلى جانب إمارات رأس الخيمة وعجمان والفجيرة).
إضافة إلى التجارة توجد بدبي جالية إيرانية نشطة وممثلة حتى في المؤسسات الحكومية وضمن ذلك المؤسسات الأمنية.
فلدى الإمارات علاقات أعمال وتجارة مع إيران تعود لأكثر من قرن من الزمان، ودبي من سبل اتصالها الرئيسية بالعالم الخارجي منذ فترة طويلة.
وأدت الاختلافات الجوهرية بين أبوظبي ودبي إلى تعقيد العلاقات الثنائية بين الإمارات العربية المتحدة وإيران، حيث إن نهج أبوظبي أقرب للموقف السعودي المناهض لطهران، في حين ينظر قادة دبي "إلى علاقتهم مع إيران من خلال عدسة تجارية، مقدِّمين العلاقات التجارية على العلاقات السياسية".
ولكن بدلاً من أن تكون هذه مشكلة، فإن هذه المواقف المتباينة بين الإمارتين الرئيسيتين أعطت دولة الإمارات بعض المساحة للمناورة داخل بنية الأمن الإقليمي للخليج. وقد سمحت لها هذه المواقف بالفعل بتنفيذ سياسات تختلف عن سياسة جارتها الكبرى السعودية دون أن يبدو أنها تتحدى وجهات نظرها. ولعل أفضل ما يوضح ذلك هو تقليص الإمارات علاقاتها مع إيران، وليس قطعها، عندما قطعت السعودية والبحرين والسودان العلاقات مع إيران أوائل عام 2016 عقب الهجمات على السفارة السعودية في طهران.
ولكن بصفة عامة بعد إنقاذ أبوظبي دبي من أزمتها المالية، أخذت الإمارات تدريجياً تتحدث بصوت واحد، هو "صوت أبوظبي" في تعاملاتها وخلافاتها مع طهران.
وعملت أبوظبي بهدوء على تقليص العلاقات الاقتصادية لإمارات معينة مع إيران، وضمن ذلك دور دبي كمركز مالي للشركات الإيرانية التي تخرق العقوبات.. وإن كان ذلك محدود النجاح، حسب معهد دول الخليج العربية في واشنطن.
وازداد التوتر بين إيران والإمارات، بسبب دور الأخيرة في حرب اليمن، حيث كانت قائدة الانتصار الرئيسي الذي حققه التحالف على الحوثيين في عدن، إضافة إلى تأثير صعود ترامب المعادي لطهران والصديق الوثيق للرياض وأبوظبي على تشجيع البلدين على سياسة أكثر صلابة تجاه طهران.
ذروة التوتر
انعكس ذلك على توتر العلاقات بين الإمارات وأبوظبي، حيث يعتقد أن طهران نفذت هجمات تخريبية على أهداف إماراتية (لم تعلن إيران مسؤوليتها ولا اتهمتها الإمارات) كرسالة تهديد مبطنة للدولة الخليجية.
ففي 12 مايو/أيار 2019، أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية، أن 4 سفن شحن تجارية من عدة جنسيات (لم تحددها) تعرضت لعمليات تخريبية قرب مياهها الإقليمية، قبالة ميناء الفجيرة البحري.
وبعدها بأيام، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إنها "تعتقد أن الحرس الثوري الإيراني مسؤول بشكل مباشر عن هجوم الفجيرة الذي استهدف سفناً قبالة الإمارات".
وقال ديفيد هيرست، رئيس تحرير Middle East Eye البريطاني، إنه قبل أيام من هجوم الفجيرة تم استهدافُ بئر نفطٍ إماراتية في الخليج، وإن الأضرار كانت محدودة، ومثله مثل الألغام التي استهدفت السفن في الفجيرة كان الغرض هو إرسال رسالة، حسبما نقل عن مصدرٍ إماراتيٍّ مطلع.
كما تعرضت الإمارات في فترات تالية لعدة هجمات حوثية رغم انسحابها من اليمن (وإن كان مازال لديها نفوذ كبير به).
ورغم امتلاك الإمارات قوة عسكرية ذات كفاءة وكبيرة بالمعيار الخليجي، فإنها دولة تعتمد على السياحة والنقل واللوجستيات، مما يجعل لديها بنك أهداف شديد الحساسية لأي عمليات تخريبية إيرانية أو حوثية حتى لو لم تكن مدمرة.
ومع استمرار حرب اليمن بلا جدوى، وهي أحد ملفات الخلافات بين الإمارات وإيران، بدأت أبوظبي تسحب قواتها من اليمن، وكان ذلك بداية أو جزءاً من تغيير كبير في السياسة الإماراتية نحو تحجيم أو إنهاء الخلافات مع بعض القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا وبعد ذلك قطر، وتقليل الجوانب العسكرية والأمنية في مشروعها بالمنطقة والعودة لتعزيز شبكة العلاقات التجارية والاقتصادية التي ميزت الإمارات على مدار العقود الأخيرة.
وعلى الأرجح، حفز هذا التغيير في نهج الإمارات فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران تحديداً، الهجمات على شركة أرامكو السعودية العملاقة والتي أوقفت نحو 5% من إنتاج النفط العالمي، ونفذتها مجموعة من الطائرات المسيرة وصواريخ كروز والتي يعتقد أن إيران تقف وراءها، وجرى هذا الهجوم، دون رد فعل أمريكي يذكر.
أضيف إلى ذلك هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حليف الإمارات والسعودية المقرب، والذي كان يتخذ نهجاً متشدداً تجاه طهران، وانتخاب جو بايدن الذي وعد بإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وتقليل التورط الأمريكي في منطقة الخليج والشرق الأوسط برمته.
زيارة مفصلية لمستشار الأمن القومي الإيراني
وهكذا بعد عداء وتنافر على مدى سنوات بين الجانبين اللذين يقفان على طرفي نقيض من قضايا جيوسياسية بالمنطقة، بدأت الإمارات في التواصل من جديد مع طهران في 2019 (على مستوى المسؤولين الأمنيين) بعد وقوع هجمات في الخليج وعلى مواقع الطاقة بالسعودية، في ظل توتر تصاعَد عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني.
في مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021، وصل مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات الشيخ طحنون بن زايد، إلى العاصمة الإيرانية طهران بدعوة رسمية من أمين مجلس الأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني، وشكلت هذه الزيارة نقطة مفصلية في تاريخ العلاقات بين الإمارات وإيران.
وقال مصدر إيراني لـ"عربي بوست" آنذاك: "إن شمخاني كان مُصراً خلال الزيارة على مناقشة الضمانات اللازمة التي من شأنها طمأنة إيران بأن العلاقات بين الإمارات وإسرائيل لن تهدد الأمن القومي الإيراني".
وبحسب المصدر ذاته، فإن الطرفين الإيراني والإماراتي قد اتفقا على توسيع التعاون بينهما من أجل حملات إعادة الإعمار في سوريا التي مزقتها الحرب منذ عشر سنوات، واتفقا على عودة الشركات الإيرانية لدبي.
وبدا الإماراتيون خلال الزيارة يسعون إلى تحسين العلاقات مع إيران بغض النظر عن مصير الاتفاق النووي، حسبما قال مسؤول حكومي إيراني آخر آنذاك لـ"عربي بوست".
كما بدأت السعودية، العام الماضي، التحرك صوب تحسين العلاقات مع إيران بعقد خمس جولات من المحادثات المباشرة حتى الآن عبر وساطة عراقية.
وجاء ذلك في وقت تراقب فيه دول خليجية عربية من كثب، جهود إحياء الاتفاق النووي الموقع في 2015، والذي تعتبره معيباً؛ لعدم تطرقه إلى برنامج إيران الصاروخي وسلوكها في المنطقة.
وعينت الكويت هذا الشهر أول سفير لها في إيران منذ 2016. وكانت الكويت قد تضامنت مع السعودية واستدعت سفيرها في طهران عام 2016 عقب الهجوم على السفارة السعودية بإيران، ولكن الكويت أبقت على العلاقات في إطار سياسة خارجية متوازنة.
وعلى الرغم من أن الرياض وأبوظبي تريدان وضع حد لمساعي طهران لبسط النفوذ والهيمنة في المنطقة وتقييد برنامجها النووي والصاروخي، فإنهما يريدان أيضاً احتواء التوتر مع طهران وإعطاء الأولوية للملف الاقتصادي للبلدين.
وتبادل بعض المسؤولين البارزين من الإمارات وإيران مؤخراً المكالمات الهاتفية والزيارات، وضمن ذلك وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي قام برحلة إلى الإمارات، للمشاركة في مراسم تشييع جنازة رئيس الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في مايو/أيار الماضي.
وسبق أن قالت الإمارات إن دول الخليج العربية يجب أن تشارك في "الدبلوماسية الجماعية"، الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية المبرم عام 2015.
ولكن يبدو أن اقتراب الولايات المتحدة من التوصل لاتفاق مع إيران لإحياء خطة العمل المشتركة المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني، شجع دول الخليج على تحسين العلاقات مع طهران، حتى لو لم يكونوا راضين عن مسار المفاوضات النووية.