لا يقتصر الانقسام في ليبيا بين حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المكلفة من مجلس النواب بطبرق برئاسة فتحي باشاغا، على الجانب السياسي، بل يمتد ليشمل جوانب أخرى بما فيها العسكرية.
خريطة النفوذ في ليبيا.. مَن يسيطر على ماذا؟
ويتركز الصراع على مناطق النفوذ والسيطرة بين حكومتي الدبيبة وباشاغا، في المنطقة الغربية، بينما تخضع المنطقتان الشرقية والجنوبية لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المتحالف مع باشاغا، والذي أجرى تفاهمات مؤخراً مع حكومة الدبيبة بشأن النفط.
وتغيّر الولاءات والتحالفات بين الكتائب الليبية أمر شائع، بحسب تقرير لوكالة الأناضول، لذلك ليس من المستبعد أن تتغير خريطة السيطرة والنفوذ تبعاً لذلك.
أولاً: المنطقة الغربية (إقليم طرابلس)
وتمثل منطقة تنافس حقيقية، بالنظر إلى أن كلاً من الدبيبة وباشاغا ينحدران من نفس المدينة (مصراتة)، ويتنازعان للسيطرة على نفس المنطقة التي تحتوي على العاصمة، وما تضمه من مقرات حكومية وممثليات دبلوماسية ومؤسسات سيادية، ناهيك عن مدن رئيسية أخرى.
1ـ طرابلس: خاضعة بشكل شبه كامل لسلطة حكومة الدبيبة، التي تتبع لها عدة كتائب، على غرار قوة حماية الدستور والانتخابات، وجهاز دعم الاستقرار، في قلب العاصمة، وكتيبة رحبة الدروع في تاجوراء بالضاحية الشرقية للعاصمة، وكتيبة فرسان جنزور بالضاحية الغربية لطرابلس ببلدية جنزور.
أما حكومة باشاغا، فتحظى بدعم كتيبة النواصي، ببلدية سوق الجمعة وسط العاصمة، لكن تم تحجيم مناطق نفوذها وسيطرتها بعد تأمينها دخول باشاغا إلى العاصمة، وما أعقب ذلك من اشتباكات أجبرته على الخروج منها.
2ـ مصراتة: (200 كلم شرق طرابلس) وتضم أقوى كتائب المنطقة الغربية، حيث تتبع قوة العمليات المشتركة، المتخصصة في محاربة الإرهاب، حكومة الدبيبة، بينما انحازت كتيبة حطين ولواء المحجوب لباشاغا، وتفضل أغلبية كتائبها الحياد، لتجنب حرب أهلية بالمدينة.
3ـ الزاوية: (50 كلم غرب طرابلس)، وتشهد انقساماً بين كتائب تدعم حكومة الدبيبة، وعلى رأسها قوة البحث الجنائي، ومجموعة مسلحة يقودها حسن بوزريبة، نائب جهاز دعم الاستقرار، شقيق وزير داخلية حكومة باشاغا، التي بدأت موازين القوى تميل إليها في المدينة، خاصة بعد إقالة مصطفى صنع الله، من رئاسة مؤسسة النفط، وتحرك مجموعات مسلحة داعمة له نحو طرابلس للضغط على حكومة الدبيبة.
4ـ الزنتان: (170 كلم جنوب غرب طرابلس) وخاضعة بالكامل لسيطرة كتائب أسامة الجويلي، القائد السابق لغرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، المتحالف مع حكومة باشاغا، وتوجد بها قوات خامدة موالية لحفتر، لم تنسحب من المدينة عند هزيمتها في صائفة 2020، وحظيت بغطاء قبلي.
5- ورشفانة: هي منطقة منبسطة تقع بين جبل نفوسة وطرابلس، وتضم عدة بلدات أبرزها العزيزية (45 كلم جنوب غرب طرابلس)، وتخضع لسيطرة "الكتيبة 55″، بقيادة معمر الضاوي، الموالي للجويلي.
6- بلدات الأمازيغ: وتتوزع على الجبل الغربي، على غرار: نالوت، ويفرن، وكاباو، وجادو، وجميعها موالية لحكومة الدبيبة، ولها مجالس عسكرية صغيرة مسلحة بأسلحة خفيفة ومتوسطة، وتسيطر على معبر وازن/الذهيبة الحدودي مع تونس.
7- الساحل الغربي: وعلى رأسها صرمان وصبراتة وزوارة، بالإضافة إلى الزاوية، والواقعة على الطريق الساحلي الرابط بين طرابلس والحدود التونسية، وتدين بالولاء لحكومة الدبيبة، خاصة مدينة زوارة (الأمازيغية) القريبة من معبر راس جدير الحدودي، أما صرمان وصبراتة، فدورهما محدود، والقوات المسيطرة عليهما يقودها اللواء صلاح الدين النمروش، الذي أعلن الحياد، رغم تبعيته لحكومة الوحدة.
ثانياً: المنطقة الشرقية (إقليم برقة)
تسيطر عليها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المتحالفة مع حكومة باشاغا، التي لا تملك سلطة فعلية بالمنطقة، إلا بتنسيق مع الأولى، وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، الذي يملك بعض النفوذ السياسي والقبلي، في طبرق ومدن وبلدات أقصى الشرق الليبي إلى الحدود مع مصر.
إلا أن دعم حفتر لباشاغا، أصبح محل شك، نظراً لأن الحكومة المكلفة من مجلس النواب لم تمارس مهامها فعليا من طرابلس، ولم تتمكن من تحصيل الميزانية من المصرف المركزي، ولم تحظَ بالاعتراف الدولي، منذ تكليفها في مارس/آذار الماضي.
وإنهاء غلق الحقول والموانئ النفطية من المناطق التي يسيطر عليها حفتر بعد إقالة حكومة الوحدة، مصطفى صنع الله، من رئاسة مؤسسة النفط، وتعيين شخصية معروفة بقربها من حفتر بدلاً منه، مؤشر على احتمال تغير التحالفات.
ثالثاً: المنطقة الجنوبية (إقليم فزان)
على غرار المنطقة الشرقية، تخضع غالبية مدن فزان وبلداته لسيطرة قوات حفتر، وبالأخص مدينة سبها مركز الإقليم (750 كلم جنوب طرابلس) ولا تملك حكومة باشاغا في هذه المنطقة أيضاً سلطة فعلية دون موافقة حفتر.
بالمقابل، تملك حكومة الدبيبة، نفوذا محدودا في مناطق انتشار الطوارق بين مدينتي أوباري وغات، التي تتواجد بينهما وحدات عسكرية صغيرة للفريق علي كنه، التابع لحكومة الوحدة، وأيضاً في بلدة مرزق، في أقصى الجنوب القريبة من الحدود التشادية، والخاضعة لسيطرة قبائل التبو.